دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
دَعَوَتُ فؤادي لِلسُّلُوِّ فما أجدى | وظلَّ يخالُ الغيَّ في وجده رشدا |
وما أنا من سلمى وسعدى بمأرب | فلا سلمتْ سلمى ولا سعدت سعدى |
أقمتُ بأرضٍ غير أرضي وموطني | وما لي في أفنائها أنيقٌ تحدى |
وأنفقتُ أيامي على غير طائل | فلا منهلاً عذباً ولا عيشة رغدا |
وما اخترطت غير القتاد يدي بها | وغيري جنت من شوكها يده الوردا |
تؤخرني الأيّام عّما أريده | فلم تكتسب شكراً ولم تكتسب حمدا |
وقد قذفتني في البلاد يد النوى | فلم أُبْقِ غوراً ما وطئت ولا نجدا |
نوى ً جمعتني بعد حين بأحمد | سأوسعها شكراً وأحمدها حمدا |
من المكرمين الوفد طبعاً وقلّما | رأيتُ بهذا العصر من يكرم الوفدا |
قريب من الحسنى سريع إلى الندى | وما برحت إذ ذاك أيدٍ له تندى |
ومستجمع للجود إمّا دعوته | دعوت مجيباً قد تهيّأ وکعتدا |
إذا مُدّت الأيدي إليه أمدَّها | بجدوى يمين تورثُ الأبحرَ المدّا |
كما أنّ جدوى كفِّه يورث الغنى | وقد يورث العلياء والعزَّ والمجدا |
يلين لعافيه وإنْ كان قد قسا | زمانٌ على عافيه بالعسر وکشتدا |
له هممٌ في المعضلات تخالها | كسمر القنا طعناً وبيض الظبا حدا |
يجرّدها في كلّ أمرٍ حلاحلٍ | يقدّ بهنّ الخطب يومئذ قدا |
يحل بها عقد الشدائد كلّها | فهل مثله من وُلّي الحلَّ والعقدا |
يرى غاية الغايات وهي خفية ٌ | كما قد يرى خيط الصباح إذا امتدا |
يضيىء لنا منه شهاب إذا دجا | دُجى ً من خطوب في الحوادث وکسودّا |
فنحن أناس لا يشقّ غبارهم | وأحمرة لا تلحق الضمّر الجردا |
وهيهات ما بين الثريا إلى الثرى | ألا إنّ فيما بين جمعهما بعدا |
ترى نفثات السّحر في كلماته | وتجني بأيدي السمع من لفظه شهدا |
سانٌ كحدّ السيف أو كجنابه | به مفحم للخصم ألسنة ً لدا |
وهاهو في حدّ الكلام وهزله | يصوغ من الألفاظ ما يشبه العقدا |
أماناً من الأيام أمسى ولاؤه | يلاحظ وقد الكلّ من يده الرفدا |
وها أنا منه حيث طاشت سهامها | لبست به عن كلّ نائبة سردا |
وأشكر منه أيدياً تخجل الحي | ويترك حرَّ القوم إحسانُه عبدا |
عليَّ له فضل قديم وأنعمٌ | إذا عدِّدتْ لا أستطيع لها عدا |
وأسدى من المعروف ما هو أهله | إليَّ وكم من نعمة منه قد أسدى |
سأقضي ولن أقضي له حق شكره | وإنْ أعجزَ العبَد القضاءُ فما أدّى |
وأُهدي ثنائي ما استطعت لمجده | وما غيره عندي لعلياه ما يهدى |