سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا

مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سَكَبَ الدَّمعَ لها فکنْسَكبا | وقضى من حقِّها ما وجبا |
أربعٌ لولا تباريحُ الهوى | ما جَرى دَمعُك فيها صَببَا |
وجدت فيها السوافي ملعباً | للنّوى فاتَخَذَتْها ملعبا |
مال قينا بوقوف الركب في | ساحة النعمان إلاّ نصبا |
ذكر البُّ وهل ينسى بها | زمنَ اللهو وأيّام الصّبا |
يا رعى الله بها لي قمراً | مُشْرِقَ الطلعة لكنْ غربا |
أمنى ً في أهل منى ً | وقباب الحيّ في وادي قبا |
فلقد كنتُ وكانتْ فتية ٌ | أنجمَ الأفق وأزهار الربا |
ذهب الدهر بهم فامتزجت | فضة الأدمع فيهم ذهبا |
يا خَليلَيَّ وهلاّ شِمْتُما | بارقاً لاح لعيني وخبا |
فتوارى كفؤادي لهباً | ثم أورى زنده والتهبا |
لعبَ الشوق بأحشائي وما | جَدَّ جِدُّ الوَجْد حتى لعبا |
فانشدنْ لي في الحمى قلباً فقد | ضاع مني في الحمى أو غُصبا |
نظرت عيناي أسرابَ المها | نظرة ً كانت لحَيْني سببا |
يومَ أصبتنا إلى دين الهوى | فتعلَّلنا بأرواح الصَّبا |
وعدونا زورة الطّيف أما | آنَ ميعادهمُ واقتربا |
أربُ النفس وحاجات إمرئٍ | ما قضى منهم لعمري أربا |
قَضَتِ الأيام فيما بيننا | إنّنا لم نلقَ يوماً طربا |
وهبَ الدهر لنا لذّته | واسترد الدهر ما قد وهبا |
ومنعنا من أفاويق الطلا | منهلاً كان لنا مستعذبا |
فحدا الحادي لسقيا عهدكم | عارضاً إنْ ساقه البرق كبا |
مقلة ُ الوالع يذري دمعها | وبكى القطر لها وانتحبا |
أمر القلب بصبرٍ فقضى | ودعا الصَّبرَ إليها فأبى |
قلَّما يدعى فيقضي حاجة ً | وإذا ما انتدبوه انتدبا |
والليالي فَلَكٌ يظهر في | كلِّ يوم عجباً مستغرباً |
وكآفاق العلى ما أطْلَعَتْ | كشهاب الدين فينا كوكبا |
فتأمَّل في معاني ذاته | وتفكّر فَتَحدَّثْ عجبا |
هيبة لله في مطلعه | ملأتْ قلب الأعادي رعبا |
يُرتجى جوداً ويُخشى سطوة | رغباً يرجى ويخشى رهبا |
عالم الدنيا وناهيك به | لا يشوبُ العلم إلاّ أدبا |
معربٌ عن فكره الثاقب إنْ | زفَّ أبكار المعاني عربا |
كم تجلَّت فجلتْ أفكاره | عن سنا كلّ عويص غيهبا |
فأرتنا الحقّ يبدو واضحاً | بعد أنْ قاربَ أنْ يحتجبا |
بلسانٍ يفصلُ الأمر به | كَشَبا الصّمصام أو أمضى شبا |
فخُذِ اللْؤلُؤَ من ألفاظِهِ | واجتنِ إنْ شئتَ منها ضربا |
وفكاهاتٍ إذا أوْرَدها | نُظمَتْ فوق الحمّيا حببا |
وكمالات له معجزة | وأحاديثاً رواها نخبا |
أينَ من أقلامه سمر القنا | أينَ من همته بيض الظبا |
وكلامُ راق في السمع كما | قد يروقُ العينَ فيما كتبا |
علويٌّ من أعالي هاشم | هاشم الجود ويكفي نسبا |
صاغه الله لقومٍ أرباً | ولقوم حسدوه عطبا |
لا يزال الدهرَ يَعلو جَدّه | مرتقيها في المعالي رتبا |
فإذا بُوحثَ بالجدّ علا | وإذا غولبَ فيه غَلَبا |
أبلجٌ تحسبه بدرَ الدجى | أو بأضواءِ الصّباح آنتقبا |
ديمة ٌ منهلَّة ِ ما شمتُ في | بارق الآمال منها خلّبا |
ولئنْ أصبَحَ روضي ممحلا | فكم أخضرَّ به وأعشوشبا |
يهنِكَ العيدُ فخذ من لائذٍ | بكم ماكنتُ له مستوجبا |
شاكراً منك العيد يداً | لم أُفاخر بسواها السُّحبا |
فتفضَّلْ يا کبن بنتِ المصطفى | أشرفَ العالمِ أمّاً وأبا |