مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَلَكْتَ فؤادَ صبِّك في جمالِكْ | فلا تضنِ محبَّك في دلالك |
كئيبٌ من جفونك في سقام | فعالجه وإلاّ فهو هالك |
يرومُ وصالكَ الدَّنفُ المعنى | ولو أَنَّ المنيَّة في وصالك |
تَحرِّمُ وَصْل من يهواك ظُلماً | وتبخلُ فيه حتى في خيالك |
وما ينسى لك المشتاق ذكراً | أيخطر ذكرها يومأً ببالك |
لقد ضاقت مذاهبه عليه | وسُدَّتْ دون وِجْهَتِه المسالك |
مللتُ وما مللتَ عن التجافي | فَلِمْ لا مِلتَ يوماً عن ملالك |
فيا ظبي الصريم وأنت ريمٌ | لكَمْ قُنِصَتْ أُسُودٌ في حبالك |
وإنَّك إنْ حَكَيْت الصَّبَحَ فَرقاً | حكى حظّي الشقيّ سواد خالك |
أقولُ لعاذل بهواك يلحو | أَصَمَّ الله سمعي عن مقالك |
وبين الوجد والسوان بعد | كما بين اتصالك وانفصالك |
تحلُّ دَماً من العاني حراماً | فَهَلاّ كان وَصلُك من حلالك |
وهبنا من زكاة الحسن وصلاً | أما تجب الزكاة على جمالك |
وإنّا في هواك كما ترانا | عطاشى لا تُؤَمِّلنا ببالك |
يُؤَمِّلنا المنى فيك المنايا | ويوقعنا غرامك في المهالك |
وما طمع النفوس سوى تلاقٍ | وقد أطعمتُ نفسي في نوالك |
منعتَ ورودَ ذاك الثّغر عني | فواظمأ الفؤاد إلى زلالك |
أربعَ المالكة ّ بعد ليلى | ضلالاً إنْ صَبَوْتُ لغير ضالك |
سُقِيتَ الريَّ من ديمَ الغوادي | تجر ذيولهن على رمالك |
أُقاسي من ظبائك ما أقاسي | وأعظمُ ماأكابد من غزالك |
ويا قلباً يذوب عليك وجداً | أرى هذا الغرام على وبالك |
يحمّلك الهوى حملاً ثقيلاً | وما کحتملت قلوب كاحتمالك |
ألا فکنشد بذات الضال قلبي | فعهدي أنَّه أضحى هنالك |
ولا تسلك بنا سبل اللواحي | فإنّي في سبيلك غير سالك |
لقد أرشَدْتَ بل أضْلَلْت فيه | فلم أعرف رشادك من ضلالك |
شجيتُ وأنتَ من وجدي خليٌّ | وها حالي ثكلتك غير حالك |
فلا تَحْتَلْ على صَبري بشيءٍ | من العجز اتكَّلت على احتيالك |
ولا تعذل أخا دنفٍ عليه | متى يصغي لقيلك أو لقالك |
يزين صباح ذاك الفرق منه | باسودَ من سواد الليل حالك |
وما لك بالغرام وأنْتَ عدل | تجورُ على المحبِّ مع کعتدالك |
أَيَمْلِكُ بالهوى رقّي وإنّي | شهاب الدين لي بالفضل مالك |
أمحمود الفضائل والسجايا | حَمِدْتُ من الأنام على فعالك |
لقد أُوتيتَ غاية كل فضل | بخوضك في العلوم وباشتغالك |
إذا افتخرت بنو آلٍ بآلٍ | ففخر الدين أنت وفخر آلك |
وأعجبُ ما نشاهد في أحاجي | بديهتك العجيبة وکرتجالك |
وكم أخرستَ منطقيا بلفظ | فأفصحَ عن عُلاك لسانُ حالك |
وفي مرآك للأبصار وحيٌ | ينّبئُنا فديتُك عن جلالك |
وتصقع بالبلاغة والمعالي | أَشدّ على عدوّك من نبالك |
فيا فرع النبوّة طِبْتَ أصلاً | ثمار الفضل تُجْنى من كمالك |
ظفرنا من نداك بما نرجّي | على أَنْ ما ظَفِرنا في مثالك |
وحسُبُك أَنْتَ أَشرفْ مَن عَليها | تشَّرفتِ البسيطة ُ في نعالك |
وكم لله من سيف صقيلٍ | بجوهره العناية في صقالك |
لنا من اسمك المحمود فألٌ | يخبِّرُ سائليك بسعد فالك |
وما أنا قائلٌ بنداك وبلٌ | لأنَّ الوَبْلَ نوعٌ من بلالك |
إذا الأَيام يوماً اظمأَتْنا | وردنا من يمينك أو شمالك |
وإنْ بارزت بالبرهان قوماً | تحامى من يرومك في نزالك |
وكلٌّ منهمُ وله مجالٌ | فما جالت جميعاً فقي مجالك |
تجيبُ إذا سئلتَ بكلِّ فنٍّ | وتعجزهم جواباً عن سؤالك |
وإنَّك أكثر العلماء علماً | ولستَ أقلَّهم إلاّ بمالك |
نعم هم في معاليهم رجال | ولكن لم يكونوا من رجالك |
كمالُكَ لا يرام إليه نَقصٌ | وأينَ البَدْر تمّاً من كمالك |
وما تحكي البدورُ التِمُّ إلاّ | بوجهك وکرتفاعك وکنتقالك |
سجاياك الجميلة خبَّرتنا | بأنَّ الحسن معنى من خصالك |
خلالٌ كلُّها كرمٌ وجودٌ | تجمَّعتِ المكارم في خلالك |
وما في الناس من تَلْقاه إلاّ | ويسألُ من علومكَ أو نوالك |
وتولي في جميلك كلَّ شخصٍ | كأنَّ الخلقَ صارت من عيالك |
لقد أمنتني خوفَ الليالي | وإنّي إنْ بقيت ففي خلالك |
تعالى قدْرُك العالي مَحلاًّ | وعندي أنَّ قَدْرَك فوق ذلك |
وصَفْتُك بالفضائل والمعالي | ولم تَكُ سيّدي إلاّ كذلك |