مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا | فليجّرد له الحسامَ الصقيلا |
جعل السيف ضامناً وكفيلاً | لبني المجد فاتخذه مقيلا |
وإذا ما سلكت ثم سبيلاً | فاجعل السيف هادياً ودليلا |
عرّفتكم حوادث الدهر أمراً | كان من قبل هذه مجهولا |
كشفت عن ضمائر تضمر الغدر | وتبدي وفاءها المستحيلا |
وإذا لم تجد خليلاً دفياً | فاعلم أنَّ الحسام أوفى خليلا |
طالما عرّف الزمان بقوم | بدّلتهم خطوبه تبديلا |
لا تبلّ الغليل ما عشت منهم | أو يبلّ الصمصام فيهم غليلا |
وإذا لم يكن لحلمك أهل | فمن الحلم أنْ تكون جهولا |
لا أرى فعلك الجميل بمن لم | يرع عهداً من الجميل جميلا |
رضي الله عنك أغضبت قوماً | ما أرادوا غير الفساد حصولا |
فلبئس القوم الذين أرادوا | بك من سائر الأنام بديلا |
وسعوا في خرابها فاستفادوا | أملاً خائباً وعوناً خذولا |
ويميناً لو يملكوها علينا | تركوها معالماً وطلولا |
إنّما حاولوا أمانيَّ نفس | حملتهم إذ ذاك عبئاً ثقيلا |
ربما غرّت المطامع قوماً | غادرت منهم العزيز ذليلا |
أمَّلوا والمحال ما أمّلوه | سؤدداً عنك فيهم لن يحولا |
لم ينالوا ما نلت من رفعة القدر | ولو جيء بالجيوش قبيلا |
أجمَعوا أمْرَهُم ولله أمرٌ | كان من فوق أمرهم مفعولا |
ثم لما جاؤوا إليكم سراعاً | نزلوا عن مرابض الأسد ميلا |
فعبرتم نهر المجرة مخلين | مكاناً لهم عريضاً طويلا |
نزلوا منزل الشيوخ وتأبى | شفرة السيف أن يكونوا نزولا |
ثم لم يلبثوا خلافك في الدار | كما يشتهون إلاّ قليلا |
رحلتها عنهم سيوف حداد | ورجال تعبي الرجال الفحولا |
إنْ تصادم بها قواعد رضوى | أوشكت في صدامهم أن تزولا |
بذلت نفسها لديك ورامت | منك في بذلها الرضا والقبولا |
كلّما استلت المهندة البيض | أسالت من الدماء سيولا |
فتركت الأعداء ترتقب الموت | منالرعب بكرة وأصيلا |
وملأت الأقطار بالخيل والرَّجل | صليلاً مريعة وصهيلا |
إنّ يوماً عبرت فيه عليهم | فتنادت عنك الرحيل الرحيلا |
هربوا قبل أن يروا صولة الليـ | يث وإن يشهروا دماً مطولا |
يوم كان الفرار أهونَ من أنْ | تستبيح السيوف منها قتيلا |
ذلّ من لا يرى المنيّة عزّاً | في سبيل العلى وعاش ذليلا |
لو أقاموا فيها ولو بعض يوم | لأخذت الأعداء أخذاً وبيلا |
ولأكثرت فيهم القتل والسَّبـ | ـي ومثّلتهم بها تمثيلا |
وتركت النساء ثكلى أيامى | تكثر النوح بعدهم والعويلا |
إنَّ لله حكمة ً حيّرت فيك | |
بلغتك الأقدار ما كنت تبغيه | وكفّت عدوّك المخذولا |
وشفيت الصدور منا فقلنا | صحّ جسم العلى وكان عليلا |
أيّد الله فارس بن عجيل | مثل ما أيّد الإله عجيلا |
وبما رحمةة منالله حلّت | بلغ اليوم آمل مأمولا |
أمِنَ الخائفون في ظلِّ قوم | منع الخطب بأسه أنْ يصولا |
عاد للملك حافظاً ومن | على الناس ستره المسبولا |
كلما كرّ كرّة ً بعد أخرى | بعث الرعب في القلوب رسولا |
ما ثناه عن المكالام ثانٍ | وأبى أن يرى الكريم بخيلا |
يقتفي إثْرَ جَدِّه وأبيهِ | وكذا تتبع الفروع الأصولا |
فهنيئاً لكم معارج للمجد | شباباً تسمونها وكهولا |
رفعة في العلاء أورثتموها | من قديم الزمان جيلاً فجيلا |
والمعالي لا ترتضي حيث شاءت | غير أكفائها الكرام بعولا |
إنَّ أسلافكم إذا خطبوها | جعلوا مهرها قناً ونصولا |
قد بذلتم من النضار سيولا | وجررتم من الفخار ذيولا |
لا تنال العداة منكم مراماً | افيرجون للنجوم وصولا |
كيف تدنو منكم وأنتمْ أسودٌ | ما اتخذتم غير الأسنة غيلا |
فإذا ما ادَّعيتم الفخر يوماً | فكفى بالقنا شهوداً عدولا |
قد خلقتم صبابة في المعالي | صبوة الصب ما أطاع العذولا |
فانتشيتم وللهوى نشوات | فكأني بكم سقيتم شمولا |
لابرحتم مناهلاً ترد العا | فون من عذب وردها سلسبيلا |
وبقيتم مدى الزمان وأبقيتم | حديثاً عن بأسكم منقولا |