ألا كمْ تُسْمَعُ الزمن العتابا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا كمْ تُسْمَعُ الزمن العتابا | تخاطبه ولا يدري الخطابا |
أتطمع أن يرد عليك إلفاً | ويُبقي ما حييت لك الشبابا |
لم تَرَ صرفه يُبْلِي جديداً | ويتركُ کهلَ الدُّنْيا يَبابا |
وإن كان الثواءُ عليك داءُ | فبرؤك في نوى ً تمطي الركابا |
وهمّك همّ مرتقبٍ أموراً | تسيحُ على غرائبها اغترابا |
وإن أخا الحزامة من كراه | كَحَسوِ مُرَوّعِ الطيرِ الثِّغابا |
فتى ً يستطعمُ البيضَ المواضي | ويستسقي اللهاذم لا السحابا |
فصرِّفْ في العُلَى الأفعالُ حزْماً | وعزماً إن نحوتَ بها الصوابا |
وكن في جانبِ التحريضِ نارا | تزيدُ بنفحة ِ الرِّيحِ التهابا |
فلم يمهِ الحسام القين إلاّ | ليصرفَ عند سلَّتهِ الرِّقابا |
ولاترغبْ بنفسك عن فلاة | تخالُ سَرَابَ قَيْعَتها شَرَابا |
فكم ملكٍ ينالُ بخوضِ هلكٍ | فلا يُبهِمْ عليك الخوْفُ بابا |
وقفتُ من التناقضِ مُستريبا | وقد يقفُ اللبيبُ إذا استرابا |
كأن الدهر محسنه مسيءٌ | فما يجزي على عمل ثوابا |
ولو أخذَ الزّمان بكفّ حرّ | لكان بطبعِهِ أمْرا عُجابا |
يَجُرّ عليّ شُرْبُ الراحِ هَمّاً | ويورثُ قلبيَ الشدُوُ اكتئابا |
وفي خُلُق الزّمان طباعُ خُلْفٍ | تُمرِّرُ في فمي النُّغَبَ العذابا |
وقد بدلت بعد سراة قومي | ذئاباً في الصحابة لا الصحابا |
وألفيتُ الجليس على خلافي | فلسْتُ مجالِساً إلاَّ كِتابَا |
وما العنقاء أعوزُ من صديق | إذا خبثُ الزمانُ عليك طابا |
وما ضاقَتْ عليَّ الأرضُ إلاَّ | دَحَوْتُ مكانها خُلُقاً رحابا |
سأعتسِفُ القفارَ بِمُرْقِلاَتٍ | تجاوزنِي سباسِبَها انْتهابا |
تخالُ حديث أيديها سراعاً | حثيث أنامل لقطت حسابا |
وتحسب خافق الهادي وجيفاً | يظن زمام مخمطه حبابا |
وأسري تحتَ نَجمٍ من سناني | إذا نجمٌ عن الأبصار غابا |
وإن المَيْتَ في سَفَرِ المعالِي | كمن نال المُنى منها وآبا |
ويُنجدني على الحدثان عضْبٌ | يذلل قرعه النوبَ الصعابا |
يمانٍ كلما استمطرْتُ صوْباً | به من عارض المهَجات صابا |
كأن عليه نارَ القين تذكي | فلولا ماءُ رونَقِهِ لذابا |
كأن شعاعَ عين الشمس فيه | وإن كان الفِرِنْدُ به ضبَابا |
كأن الدهر شيبهُ قديماً | فما زال النجيع له خضابا |
كأن ذبابهُ شادي صبوحٍ | يحرّك، إن ضربتُ به رقابا |
وكنّا في مواطنِنِا كِراماً | تعافُ الضيم أنفسنا وتابى |
ونطلع في مطالعنا نجوماً | تعدّ لكلّ شيطان شهابا |
صبرنا للخطوب على صرُوفٍ | |
ولم تَسْلمْ لنا إلا نفوسٌ | وأحسابٌ نُكَرِّمها احتسابا |
ولم تخْلُ الكواكب من سقوطٍ | ولكن لا يُبلّغها الترابا |