يُمضي لك السيفُ ما تَنْويهِ والقلمُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يُمضي لك السيفُ ما تَنْويهِ والقلمُ | ويستقلّ برضوى همَّكَ الجَمَمُ |
لو شئتَ أغناكَ جدّ عن محجَّلة ٍ | شعارُ فرسانها الإقدام والقحمُ |
تحطَّمُ السمرَ في الأبطال إن طَعَنَتْ | وساقَها للمنايا سائقٌ حُطمُ |
لكنّ عزمك عن حزم يثُور به: | بالقَدْحِ يَظْهَرُ ما في الزندِ ينْكتِم |
وليس يدرك نفساً منك صابرة ً | فيما يسوم العدا منه الرّدى سأم |
وإن أرضكَ لو ألقى تعزّزها | منها رغاما على أرض العدا رغمُوا |
هذا الأجمّ رَمَتْهُ حَمَّة ٌ بشبا | عزمٍ أباحَ حِماهُ فهو مُهتضَمُ |
ووجهتْ نحوه بالنصرِ جيشَ وغى | ببحره ظلّ وجهُ الأرض يلتطم |
طِرفٌ جموحٌ على الرُّواض من قِدَمٍ | فلا الشكائمُ راضتهُ ولا الخُزُم |
أضحتْ سيوفك في تجريدها عوضاً | عليه، من حكماتٍ فيه تحتكمُ |
أجدتَ بالقهر عن علمٍ رياضتهُ | ففعلهُ ما تُريكَ الكفُّ والقدم |
أحلّ منك ركوباً ذلُّ شِرّتِهِ | وكلُّ مَلْكٍ عليه ظهرُهُ حَرَم |
حصنٌ بَنَتهُ لِصَونِ الملك كاهنة ٌ | وأُفْرِغَتْ فيه من تدبيرها الحِكَمُ |
على الحُصون مُطِلّ في مهابته | تلك البغاثُ وهذا الأجدل القرم |
كأنَّهُ من بروجِ الجوّ منفرِدٌ | فنظرة ٌ منه فوق الأرض تغتَنَمُ |
وأعينُ الخلقِ منه كلمت نظرتْ | على العجائب بالألحاظ تزدحمُ |
كالأبلقِ الفردِ لم يَركنْ إلى طمعٍ، | لفتحه قبلها، عُربٌ ولا عجمُ |
أو ماردٍ في غرامٍ من تمرّدهِ | بمثلِهِ العُصْمُ في الأطواد تعتصم |
يشمّ زَهْرَ الدراري الزُّهرِ من كَثَبٍ | بين البروج بعرنينٍ له شمم |
وهو الأجمَّ، ولكن لو يُناطِحُهُ | طودٌ، لنكّبَ عنه، وهو منثلم |
كانت مغانية في صَدْرِ الزمان لكمْ | وللأسود الضواري ترجعُ الأجم |
زَارَتْ روادة فيه كلُّ داهية ٍ | بمثلها من عُداة ِ الحقّ تنتقم |
ذاقوا به كلّ ضيقٍ لا انفساحَ له | تصافنوا فيه طرقَ الماء واقتسموا |
جهّزتَ حزماً إليهم كلَّ ذي لجبٍ | تُحمّ بالضرب هنديّاتُهُ الخذم |
عَرَمْرَمٌ مُقْدم الفرسانِ تَحْسَبُهُ | سَيْلاً يُحَدثُ عمَّا فَجّرَ العَرِم |
تعلو الأسودُ رياحاً يطّردنَ به | تنهى وتؤمر في أفواهها اللجم |
والحربُ تحرق حوليه نواجذها | ناشتهُ بالعضّ حتى كاد يُلتهم |
من كلّ ماضي شبا الكفّينِ قسورة ٍ | بالعيشِ في لهواتِ الموت يقتحم |
ما جاء في درعه يعدو بحدّته | إلا وأشْبَهَ منه لبدة ً غمم |
ولا مجانيقَ إلا ضُمرٌ جُعلتْ | صخورها حولها الأبطال والبهم |
ترمي قلوبهم بالرعب رؤيتها | كما يروعُ نياماً بالردى الحلم |
كأنَّما الحصنُ من خوفٍ أحَاطَ بهم | عليهم، وهو المبنيّ، مُنْهَدِم |
ومعلماتِ طَلُوعِ النّبْعِ حيثُ لها | في نَزْعِهِنّ بألحانِ الردى نَغَم |
كأنما تسمُ الأعداءَ أسهمها | من الردى بسماتٍ، ويحَ من تَسم |
تطيرُ بالرّيش والفولاذ واردة ً | من النحور حياضاً ماؤهنّ دم |
فإن خَشوا غَرَقاً عُنْوانُهُ بَلَلٌ | هلاّ خشوا را جمات حَشْوُها ديم |
من كل عارض نبلٍ غير منقشعٍ | في القطر منه شرارُ الموت يضطرم |
حتى إذا أصبحوا جرْحى وقد طمعتْ | في أكلِ قتلاهمُ العقبانُ والرخمُ |
نادَوْا بعفوك عنهم فاستجابَ لهمْ | على إساءتِهم من فعلكَ الكرم |
أفضْتَ طولاً عليهم بالندى نِعَماً | من بعد ما واقعَتْهُمْ بالرّدى نقم |
ولو تَمادَوْا على الرأي الذميمِ ولم | يُسلّموا لك أمرَ الحصن ما سلموا |
إنّ الصوارم في فتح الحصون لها | ضربٌ به تُختَلى الأجياد والقمم |
إنّ ابن يحيى عليّاً بدرُ مملكة ٍ | لِصيدِ آبائهِ الإقدامُ والقدم |
ساسَ الأمورَ فشِعبُ الكفرِ مفترقٌ | بالبأس منه، وشِعبُ الدينِ ملتئم |
محاولٌ في كميّ الروع طعنته | نجلاء يشهق منها بالحمام فم |
معظَّمُ الجود في الأمْلاكِ، لَذَّتُهُ | في بذل مالٍ لهم من بذله ألم |
لا يتقّي العُدْمَ في وِرْدٍ ولاَ صَدرٍ | مَنْ صافحت كفَّه من كفّه ذِمَم |
وليس يشكو حَرُورا لَذْعُهُ وَهَجٌ | مَنْ مَدّ ظلاًّ عليه باردا، عَلَم |
وما وجدتُ عليلاً عنده أملي | فهو الكريمُ، على العلاَّتِ، لا هرم |
قد أشْرَبَ الله في قلبي محبّتهُ | فشبّ في مدحه طبعي وبي هَرَم |
يا واحدَ الجود والبأس الذي اتفقتْ | بلا اختلافٍ على تفضيله الأمم |
زدْ زادك الله في صون الهدى نظراً | إنّ الصليب ليشقى منك والصنم |