نَعِيمُكَ أنْ تُزَفّ لك العُقَارُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نَعِيمُكَ أنْ تُزَفّ لك العُقَارُ | عروساً في خلائقها نفارُ |
فإن مزجت وجدتَ لها انقيادا | كما تنقاد بالهخدع النّوار |
رأيتُ الراح للأفراح قطباً | عليه من الصبوح لها مدار |
إذا ضحكت لمبصرها رياضٌ | بواكٍ فوقها سحبٌ غزار |
كأن فروعها أيدٍ أشارتْ | بأطرافٍ خواتمها قصار |
ولم أرَ قبل رؤيتها سيوفاً | لجوهرهنّ بالهزّ انتثار |
ولا زندا له في الجو قَدْحٌ | مكانَ شرارها همتِ القطار |
وقائدة ٍ إليك من القناني | كميتاً جُلّها في الدنّ قارُ |
تروحُ لسكرها بك في عثارٍ | |
إذا مزجتْ لتعدل في الندامى | تطاير عن جوانبها الشرار |
وقلتُ وقد نظرتُ إلى عُجابٍ | أثغرُ الماء تضحك عنه نار |
تلق مهاه عيشك من مهاة ٍ | وزينتها القلادة ُ والسّوار |
تُمَرّضُ مُقّلَة ً ليصحّ وَجَدٌ | تَوَارَى في الضلوع له أُوَار |
ويفتنُ شَخْصَكَ المرميَّ منها | فتورٌ بالملاحة ِ واحورار |
وخذ ماءً من الياقوت يطفو | له دُرَرٌ مجوَّفة ٌ صغار |
يريك حديقة ً من ياسمينٍ | تفتح وسطها له جلّنارُ |
إذا فتحَ المزاجُ اللونَ منها | مضى وردٌ لها وأتى بَهَار |
فقد طرد الكرى عنَّا خطيبٌ | رفيعُ الصوتِ منبره الجدار |
ورقّ ذَمَاءُ نَفْسِ الليل لمَّا | تَنَفَّسَ في جوانبه النهار |
أدِرْ ذَهَبَ العقار لِنَفْيِ همٍّ | ولا تحزنْ إذا ذهبَ العقار |
فللمعروف في يُمْنى عليّ | غِنى ً لا يُتقى معهُ افتقار |
هو الملكُ الذي اضطربت إليه | بِقَصْدِهِ الخضارمُ والقفار |
ترفّعَ من معاليه محلاَّ | له في سمكهِ الدريُّ جار |
وأعْرَقَ في نجارٍ حميريٍّ | فطابَ الفرعُ منه والنجار |
وما زالوا بأنْواع العطايا | له يمنى تجاودها يسار |
تعمّ الوفدَ من يده أيادٍ | كأنَّ البحرَ من يده اختصار |
ويسمحُ زنده بجذى تلظّى | إذا زندٌ خبا ووهى العفار |
وإن وهبتْ الألوف وهنَّ كثْرٌ | تقدمَ قبلهنَّ الإعتذار |
عظيمُ الجدّ يضرب من ظباه | ويطعن من أسنته البوار |
يسيرُ وخلفه أبطالُ حربٍ | على حوض المنون لهم تَبَار |
إذا أضحى شعارُ الأسدِ شعراً | فمن زردِ الدروع لهم أشعار |
وقد وَسِعَتْهُمُ الحَلَقاتُ منها | وأحمتهنّ للهيجاء نار |
يخوضُ حشى الكريهة منه جيشٌ | نجومُ سمائه الأسَلُ الحرار |
بحيث تغور من قمم الأعادي | جداولُ بالأكفِّ لها انفجار |
إذا لبست سماءٌ منه أرضاً | دجاها فوقه نقع مثار |
تريك قشاعماً في الجوِّ منها | حوائمَ كلما ارتكم الغبار |
حسامُك نورُ ذهنك فيه صَقْلٌ | وعزمكَ في المضاء له غرار |
لقد أضحى على دين النصارى | لدين المسلمين بك انتصار |
حميتَ ذمارهُ برّاً وبحراً | بمرهفة ٍ بها يُحمى الذمار |
أراكَ الله في الأعلاج رأياً | لهم منه المذلة والصغار |
رأوا حربية ً ترمي بنفطٍ | لإخمادِ النفوس له استعار |
كأنَّ المُهْلِ في الأنبوب منه | إلى شيِّ الوجوه له ابتدار |
إذا ما شُكّ نحرُ العلجَ منه | تعالى بالحِمام له خُوَار |
كأنَّ منافسَ البركان فيها | لأهوالِ الجحيم بها اعتبار |
نحاسٌ ينبري منه شواظٌ | لأرواح العلوج به بَوَار |
وما للماءِ بالإطفاءِ حكمٌ | عليه لدى الوقود ولا اقتدار |
فردّ الله بأسهمُ عليهمْ | فربحهُمُ بصفقتهم خسار |
وخافوا من مناياهُمْ وَفَرّوا | فدافَعَ عن نفوسهم الفِرار |
وقد جعلوا لهم شُرعَ الشواني | مع الأرواحِ أجنحة ً وطاروا |
وهل يلقى مصادمة ً حصادهم | جبالاً سحقها لهمُ دمار |
ليهنكَ أنّ ممتنعَ الأماني | لكفّكَ في تناولها اختيار |
لك الفُلْكُ التي تجري بسَعْدٍ | يدورُ به لكَ الفَلَكُ المُدَار |
تهبّ له الرياح مُسَخَّراتٍ | وتسكنُ في تحركها البحار |
ومتا حملته من أنواع طيبٍ | فمدحٌ عرفهُ لك وافتخار |
أمولانا الذي ما زال سمحاً | إليه بكلّ مكرمة ٍ يُشار |
أرى رسمي غدا بيدي كرسم | عفا وعفَتْ له بالمحل دار |
وكانتْ لي شموسٌ ثم أضحت | بدوراً والبدور لها سرار |
وبين سناهما بونٌ بعيدٌ | وذا ما لا يُرادُ به اختيار |
وجدتُ جناحَ عصفورٍ جناحي | فأصبح للعُقابِ به احتقار |
فلي نهضٌ يجاذبني ضعيفٌ | أتنهضُ بي قوادمه القصار |
فرُدّ عليّ موفوراً جناحي | وإلا لا جَنَاحَ ولا مَطَارُ |