قُمْ هَاتِها من كف ذاتِ الوِشاحْ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
قُمْ هَاتِها من كف ذاتِ الوِشاحْ | فقد نعى الليل بشير الصباح |
واحلل عُرى نومكَ عن مقلة ٍ | تمقلُ أحداقاً مِراضاً صحاح |
خلِّ الكرى عنكَ وخذْ قهوة ً | تُهدى إلى الروح نسيم ارتياح |
هذا صبوحٌ وصباحٌ فما | عُذركَ في ترك صبوح الصباح |
باكر إلى اللذات واركب لها | سوابقَ اللهو ذوات المراح |
من قبل أن تَرْشُفَ شمسُ الضحى | ريقَ الغوادي من ثُغُورِ الأقاح |
أو يطويَ الظلُّ بساطاً إذا | ما بَرِحَ الطلّ له عَنْ بَرَاح |
يا حبذا ما تبصر العين من | أنجمِ راح فوقَ أفلاك راح |
في روضة ٍ غنّاءَ غَنَّتْ بها | في قُضُبِ الأوْراقِ وُرْقٌ فِصَاح |
لا يعرفُ الناظر أغصانها | إذا تثنت من قدود الملاح |
كأنَّ مفتوتَ عَبيرٍ بها | مُطَيَّبٌ منه هُبُوبُ الرِّياح |
من كل مقصور على رنة ٍ | لو دمعت عينٌ له قلت: ناح |
أو ساجعٍ تحسب ألحانه | من مكل ندمان عليه اقتراح |
إنْ قيل بُدلتْ نغمة ٌ | منه كأن الجدّ منها مُزاح |
يا صاحِ لا تصحُ فكم لذة ٍ | في السكر لم يدرِ بها عيش صاح |
واركب زماناً لا جماحٌ له | من قَبْلِ أنْ يحدثَ فيه الجماح |
قلتُ لحادينا وكأسُ السرى | دائِرة ٌ من كَفّ عَزْمٍ صُرَاح |
والعيس في شرّة ِ إرقالها | تلطم بالأيدي خدودَ البطاح |
لا تُطمعِ الأنضاء في راحة ٍ | وإن وصلنا بغدوٍّ رواح |
من كلّ مثل الغَرْبِ مَمْلُوءَة ٍ | أيناً فما تنشطُ عند امتياح |
فهي سخياتٌ وإن خلتها | بما أنالَتْ من ذميلٍ شحاح |
تمتحُ بالأرَسانِ أرْمَاقَهَا | إلى الرشيد الملك المستماح |
إنَّ عُبيدَ الله منه انتَضَت | يمانيَ البأسِ يمينُ السّماح |
ملكٌ به تُختمُ أهلُ العلى | إذا بَدا فبأبيهِ افتتاح |
وعمّ منهُ الذلُّ أهلَ الخنى | وعمّ منهُ العزُّ أهلَ الصلاح |
مستَهدِفُ المعروفِ سمحٌ، لهُ | عِرضٌ مصونٌ، وثناءٌ مباح |
يخفض في المُلكِ جناحَ العُلى | لم يَرْفَعِ القَدْرَ كخفضِ الجَناح |
تمهر أرواح العدى بيضُهُ | إذا أرادتْ من حروبٍ نكاح |
فكلما غنّتهُ في هامهم | أبْقَتْ على إثْرِ الغناءِ النّياح |
كمْ ليلة ٍ أشرقَ في جُنحها | بخضرم الجيش إلال الصباح |
تسري بها عقبانُ راياتِهِ | مهتَدياتٍ بنُجومِ الرّماح |
حوائِماً تحسبُ في أُفْقِهِ | مَجّرة َ الخَضْراءِ ماءً قراح |
كأنها والريح تهفو بها | قلوبُ أعدائِكَ يومَ الكِفاح |
كمْ مأزقٍ أصدرتْ عن أسدهِ | حُمراً خياشيم القنا والصفاح |
يفتح في سَوسان لباتهم | بنفسج الزرق شقيق الجراح |
كأنّ أطرافَ الظُّبَى بَينَهمْ | تفلقُ فوقَ الهامِ بيضَ الأداح |
أقبلتَهُمْ كلّ وجيهيَّة ٍ | تضيق العُمرَ خطاها الفساح |
كأنما ترشح أبصارها | بما اغتذته من ضرب اللقاح |
لولاك يا ابن العزّ من يَعْرُبٍ | لم تلج الآمال باب النجاح |
ولا تَلْقَى الفوزَ إذ سوهموا | بنو القوافي من مُعَلَّى القداح |
فانعم بعيدٍ قد أتى ناظماً | كلُّ لسانٍ لك فيه امتداح |
فقد أرتنا في ابتذال اللهى | كفُّكَ أفعالَ المدى في الأضاح |