حركاتٌ إلى السكونِ تؤول
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حركاتٌ إلى السكونِ تؤول | كلُّ حالٍ مع الليالي تَحُولُ |
لا يصحّ البقاءُ في دار دنيا | ومتى صحّ في النّهَى المستحيل؟ |
والبرايا أغراضُ نبلِ المنايا | وهي أسدٌ، لها من الدهر غيلُ |
كيف لا تسلبُ النفوسَ وتُردي | ولها في الحياة مرعى ً وبيلُ |
ماتَ من قبلِ ذا أبوكَ بداءٍ | أنت من أجْلِهِ الصحيحُ العليل |
وإذا اجتُثّ أصلُ فرعٍ تَبَقّى | فيه ماءٌ من الحياة قليلُ |
ما لنا نتبعُ الأمانيّ هلاّ | عَقَلَتْنَا عن الأماني العقول |
كم جريحٍ تعلّقَ الروحُ منه | بالتمني والجسمُ منه قتيلُ |
وبطيءُ الآمال يسعى بحرصٍ | خطفَ العيش منه حتفٌ عجولُ |
عَميَ الخلقُ عن تعادي خيولٍ | ما لها في الهواءِ نقعٌ مهيلُ |
تنقلُ الناسَ من حياة ٍ إلى مو | تٍ، على ذاكَ مرّ جيلٌ فجيلُ |
وبدهمٍ تمرّ منها وشهبٍ | أمِنَ الليلِ والنهارِ خيول؟ |
سهّلوا من نفوسهم كلّ صعبٍ | فالردى لا يُقبلُ مَنْ يستقيلُ |
واستدلّوا على النفادِ بعاد: | يُذْهبُ الشكَّ باليقين الدّليلُ |
أيّ رزءٍ حكاهُ مقولُ ناعٍ | صَمّ هذا الزمانُ عمّا يقولُ |
فلقد فتّتَ القلوبَ وكادتْ | راسياتُ الجبالِ منه تزولُ |
لم يمتْ أحمد أخو البأسِ حتّى | ماتَ ما بيننا العزاء الجميل |
يومَ قامتْ بفقْدِهِ نائحاتٌ | في لَبُوسٍ من حزنِهنّ يهولُ |
غُمستْ في السواد بيضُ وجوهٍ | فكأن الطلوعَ فيه أفولُ |
وعلى مجلسِ التنعّمِ بُؤسٌ | فبديلُ السماعِ فيه العويل |
وتولّتْ عند التناهي افتراقاً | ومضى ربّهُ الوفيّ الوصول |
أسمعَ الرعدُ فيه صرخة َ حُزْنٍ | ملءُ ليل الحزين فيه أليل |
ودموع السماء في كل أرضٍ | فوق خدّ الثرى عليه تَجُولُ |
وحشا الجوِّ حَشْوَهُ نارُ برقٍ | إنّ في ضلوعه لغليلُ |
أترى الغيثَ باتَ يبكي أخاه | فبكاءُ العُلى عليه طويلُ |
قائدَ الخيلِ بالكماة ِ سِراعَاً | والضحى من قَتَامِهِنّ أصيل |
أيّ فضلٍ نبكيه منكَ بدمعٍ | ساكبٍ، فيه كلّ نفسٍ تسيلُ |
أعفافاً أم نجدة ً كنت فيها | قَسْوَرَ الغيل والكريهة ُ غول |
أم شباباً كأنَّما كان روضاً | ناضرا فاغتدى عليه الذبول |
واكتسَى في ثرى ً تغيّبَ فيه | صدأً ذلكَ الجبينُ الصقيلُ |
كنت كالسيد للعدى ، والمنايا | مقبلاتٌ كأنهنّ سيول |
ولِصَوْبِ السهامِ حَوْلَيكَ وَبْلٌ | لاخضرار الحياة منه ذُبول |
طارَ صرفُ الردى إليك برشقٍ | خفّ، والخطبُ في شَبَاهُ ثقيلُ |
سهمُ غربٍ أصابَ ضيغم حربٍ | خاضَ في العيش منه نصلٌ قتولُ |
هابكَ الموت إذ رآكَ مسحاً | بطلاً، لا يصولُ حيت تصول |
لو بدا صورة ً إليك لأضحى | في ثَرَى القبرِ وهو منكَ بديل |
فَرَمَى عن دُجُنّة ِ النقعِ نحرا | منكَ، والجوّ بالظّلامِ كحيل |
وإذا خاف من شجاع جبانٌ | غالهُ منه جاهداً ما يغولُ |
كنتَ سهمَ البلاءِ يرْفع سهمٌ | فيه للنفسِ بالحمام رسول |
كم جوادٍ بكاكَ غيرَ صبورٍ | فنياحٌ عليكَ منه الصّهيل |
وحسامٍ أطالَ في الجفنِ نوماً | لم يُنَبّهْهُ بالقِرَاعِ الصّلِيل |
أيّها القائدُ الأبيّ عزاءً | فثواءُ المقيم منّا رحيلُ |
وجليلٌ مُصَابُ أحمدَ لكنْ | يُصبرُ النفسَ للجليلِ الجليلُ |