جلا محياكَ عن أبصارنا الرَّمدا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
جلا محياكَ عن أبصارنا الرَّمدا | وقرّبَ الله من مرآكَ ما بَعُدا |
وجاءَ يحملُ منكَ الطِّرْفُ أربَعَة ً: | البدرَ والطودَ والدّأماءَ والأسَدا |
تكادُ تبذُلُ عَينُ المرءِ أسْوَدَها | في نظرة ٍ منك تنفي الهم والكمدا |
كلٌّ مسرٌّ بوجه في أسرَّته | نورٌ إذا ما رماهُ أكبرٌ سجدا |
ظباكَ بالرد عن دين الهُدى انفردت | وأنتَ ما زلتَ بالإنعامِ منفردا |
ليثٌ تخالُ سيوفاً في براثنه | وتحسبُ الزعف منه الشعر واللبدا |
كأن أجفانه في الحرب قد وردت | مع الدماء من الهندي ما وردا |
لشدّة ِ البأسِ في يمناه، ضربته | إن أُسكِرَ السيفُ منها بالنجيع شدا |
وللرديني يَوْمَ الطّعنِ عالية ٌ | تلوكُ بين حشا الضرغامة ِ الكبدا |
فالدينُ معتمدٌ منه على ملك | يمسي ويضحي على الرّحمن معتمدا |
كأن شهبَ رجومٍ في أسنته | يُردي بها من طغاة ِ الكفر من وردا |
وكلَّما عَقد الرّاياتِ معتزماً | حَلجتْ أياديه من آرائه عُقَدا |
شهمٌ صبورٌ إذا ما القرمُ زاحمه | مزاحماً في كفاحٍ ظنّهُ أُحُدا |
وقُرحٍ بكماة ِ الرّوع مُقْدَمة ٍ | كأنهنّ سعالٍ تحملُ الأُسدا |
إذا تبينُ سماءٌ عن عجاجتها | كانت لهم سهرياتُ القنا عمدا |
من كل ذِمْرٍ من الفولاذ غاصَ به | يُجمدُ القرُّ منهُ فوقه زبدا |
يَسْطو بعضبٍ إذا ما هَزّ مَضْرِبَهُ | يومَ الضّرابِ لعيني ساهِدٍ رَقَدا |
لا يشرب الروحَ من جثمان ذي زردٍ | حتى يرى الحدّ منه يأكلُ الزّردا |
أسلتَ سيلَ نجيع من عداكَ بهم | في الأرض منهم فغادرت الثرى عَمِدا |
يا مَنْ عليه مَدارُ المكرماتِ ومَنْ | بِعَدْلِهِ كلّ مضطرّ له سُنِدا |
طارتْ إليكَ بنو الآمالِ وانتشقت | من ذكركَ الندَّ واستشفين منك يدا |
فما انحرفت براجٍ عن بلوغ منى ً | ولا تركتَ لصادٍ بالعطاء صدا |
لا نأي لي بتنائي السير عن بلدي | فقد رضيتُ بحمصٍ بعدهُ بلدا |
بُدلتُ من معشري الأدنين معشرها | لا فرّقَ الله فيما بيننا أبدا |
وكم حوى التُّرْبُ دوني من ذوي رحمي | وما مقَلْتُ لِبُعْدِي منهمْ أحدا |
ولم يسرني من مثواك موتُ أبي | وقد يقلقل مَوْتُ الوالدِ الوَلَدا |
وما سددت سبيلي عن لقائهمُ | لكنْ جعلت صفادي عنهم الصفدا |
وحسنَ برٍّ إذا فاضتْ حلاوتُهُ | على فؤاديَ من حرّ الأسى بردا |