بِعَاداً لمَنْ صَاحَبتُ غَيرَ المُقَوَّمِ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
بِعَاداً لمَنْ صَاحَبتُ غَيرَ المُقَوَّمِ | وَبُعداً لِكُلّ الرّيّ إلاّ مِنَ الدّمِ |
إذا ظُلَمٌ لَمْ أمضِ فِيهَا عَزِيمَة ً | فساعة ليلي مثل حول مجرّم |
ومن شغفي بالطّعن أغدو وذابلي | إذا قَلّ جُرْمٌ مَالَ بي في التّجَرّمِ |
وما أنا ممن يقبل الطّعم قلبا | ولم تعلم الأرماح من أين مطعمي |
سَأُقْدِمُ لا مُستَعظِماً مَا لَقِيتُهُ | تَوَسّعَ لي في الرّوْعِ أوْ ضَاقَ مَقدمي |
فَقَدْ فَجَعَ المَاضِي لَبيداً بِأرْبَدٍ | وَعُزّيَ قَبْلي مَالِكٌ مِنْ مُتَمِّمِ |
وعزم أعاطيه العوالي وحاجة | رَمَيتُ بِها ما بَينَ أرْضٍ وَمَنْسِمِ |
وَلَيْسَ الفَتَى إلاّ الّذِي إنْ رَأيْتَهُ | رَأيتَ غَنيّ النّفسِ في ثَوْبِ مُعدِمِ |
قَلِيلُ مُقَامٍ بَينَ أهْلٍ وَثَرْوَة ٍ | كَثيرُ طُلُوعٍ بَينَ وَادٍ وَمَخرَم |
أَمطلّع يومي عليَّ ولم أخض | دماء الأعادي بالوشيج المقوّم |
ولم أجهد السيف الطويل نجاده | أمامَ الظُّبى ، وَالنّقعُ بالنّقعِ يَرْتَمي |
وليس شفاء النّفس إلا مثقف | يعد ليوم بالغبار ملثم |
وكم ليَ مِنْ رَمّاحَة ٍ تُزْعجُ الحَصَى | بِوَابِلِهَا في مَعْلَمٍ بَعدَ مَعلَمِ |
إذا اللَّهُ لمْ يَنصُرْ حُسامي عَلى العِدا | فما أنا إلاّ عرضة المتهضّم |
وَإن هوَ نَجّى من فَمِ المَوْتِ مُهجتي | نَجَوْتُ، وَإلاّ كُنتُ أوّلَ مَطعَمِ |
أبيت ولي في كلّ أرضٍ عزيمة | تُزَعزِعُ أعْنَاقَ المَطِيّ المُحَزَّمِ |
ومستوصيات بالذميل كأنّما | يدارس إذآب الجديل وشدقم |
تَرَى كُلّ حَمْرَاءِ المِلاطِ كَأنّمَا | تَخَلّجَ في آمَاقِها عِرْقُ عَندَمِ |
بخُفٍّ كَشِدقِ الأعلَمِ استُصْعبتْ به | على ظِلّ عُنقٍ ذي عَثانينَ مُرْجِمِ |
كان الغلام الضرب في الرحل ريشة | خفت فوق زور من ظليم مصلم |
إذا أوْجَسَتْ حِسَّ القَطيعِ وَرَاءَها | ألاحت بخيشوم كريم وملطم |
تَخَيّلَ من فَضْلِ الزّمامِ ابنَ رَملَة ٍ | لَهُ نَهَشَاتٌ في مكانِ المُخَطَّمِ |
طَلَعْنَ عَلى لَيْلٍ بِنَا وَوَصَلْنَهُ | بِأبْلَجَ لَمّاعِ الجَوَاشِنِ مُعْلَمِ |
ومن جعل القلب الجري دليله | فَكُلّ ظَلامٍ عِندَهُ غَيرُ مُظلِمِ |
بليت وأبلاني زماني بعصبة | يَخوضُونَ بي في كلّ غَيبٍ مُرَجَّمِ |
مَذاييعُ للسّرّ المَصُونِ، وَليتَهُمْ | أذاعُوهُ طَلْقَ البُرْدِ لَمّا يُنَمْنَمِ |
قَليلُ حَدِيثٍ مارِقٍ غَيرُ مُكثِرٍ | وبدءُ مقال وارد من متمم |
زَمَانُ الأذَى عِشْ فيهِ تُشْجَ بأهلِه | وتغض على ذل ومتْ فيه تعظم |
على أنّني لا غالبُ الرّأيِ بالهَوَى | وَلا قائِلٌ للشّوْقِ إنْ ضَلّ يَمّمِ |
وَلا قاطِعٌ بالظّنّ ما كُنتُ وَاصِلاً | وربّ مغيظ قاطع بالتّوهّم |
وإنيّ مماآلف بالجد باخل | بثَغرِي فَما يَدرِي امرُؤٌ أينَ مَبسمي |
فراق من الأحباب أمضى من الرّدى | وَأقطَعُ للأقْرَانِ مِنْ غَرْبِ مِخذَمِ |
لك الله من واد توركنّ عرضه | وَنَقّبْنَ فيهِ عَنْ عَرَارٍ وَعِظلِمِ |
يُبَارِينَ نَفّاحَ الخُزَامَى عَشِيّة ً | بأطْيَبَ مِنْ رِيحِ الخُزَامَى وَأنْعَمِ |
أُغَالِبُ دَمعي ثمّ يَغلِبُ جَارِياً | ومن لم يسلْ دمعاً على الحبِّ يظلم |
وما ذكرتك النّفس إلاّ وضمها | إلى القلبِ باع الموجع المتألّم |
خَليليّ لَيسَ الدّمعُ عَنّي بِدافِعٍ | وُلُوعَ غَرَامٍ كَالحَرِيقِ المُضَرَّمِ |
وهل أنا إلاَّ ربّ نفسٍ معارة | وَقَلْبٍ مُعَارٍ للجَوَى وَالتّألّمِ |
إذا ما جوادي مرّ بي في ديارها | تقاضى زفيري دائباً بالتّحمحم |
أحِنُّ، وَلا يُرْمَى حَنيني بِتُهْمَة ٍ | وأدنو ولا يُعزى دنوي بمأثم |
وَما مَنظَرُ الحَسنَاءِ عِندي برَائِقٍ | ولا نَيلُها وَالقُرْبُ عِندي بِمَغْنَمِ |
إلى كَمْ تَصَبّاني الغَوَاني، وَبَيْنَهَا | وبيني عفاف مثل طود يلملم |
وَإنّي لمَأمُونٌ عَلى كُلّ خَلْوَة ٍ | أمين الهوى والقلب والعين والفم |
وغيري إلى الفحشاء إن عرضت له | أشَدُّ مِنَ الذّؤبانِ عَدواً على الدّمِ |
وَمَنْ كانَ إنْعَامُ الوَزِيرِ حَبِيبَهُ | أغار الغواني بين بكر وأَيّم |
أبِيتُ بهَا هادي الحَشا في نَوَائِبٍ | يبيتُ لها غير بقلبِ مقسم |
وَحيدَ العُلَى لا يَنتَجي غَيرَ نَفْسِهِ | إذا عنّ خطبٌ أو دنا يوم مغرم |
وَمُنْتَصِرٍ يَرْعَى بحِلْمٍ حُقُودَهُ | ويطرد أضغان العدا بالتّكرم |
إذا عَظُمَ الطّلاّبُ لمْ يَثْنِ كَفَّهُ | وَإنْ طالَ نُطقُ القَوْمِ لمْ يَتَجَهّمِ |
يزم إلى العافين أعناق ماله | وَمَالُ رِجَالٍ مُقْرَمٌ لَمْ يُخَطَّمِ |
كثير ارتياحِ القلبِ في عقبِ جوده | إذا جَائِدٌ ألقَى يَداً في التّنَدّمِ |
سرِيعٍ، إذا داعي الطّعانِ دَعَا بِهِ | غَدا طاعِناً قَبلَ العِدا في التّلَوّمِ |
وما همّ إلاَّ قعقعَ البيض بالظّبا | وَرَدّ القَنا يَجرِي على كلّ مِعصَمِ |
وَلا رَكْزَ إلاّ أنْ تُمِيرَ زِجَاجُهَا | عَوَامِلَهَا فَضْلَ النّجيعِ المُحَرَّمِ |
وكلّ صباح شاحب من عجاجة ٍ | وشائع برد بالعوالي مسهم |
إذا عنّ جود قيل دُفاع وابل | وَإنْ عَنّ رَوْعٌ قيل: تَقحيمُ ضَيغَمِ |
يشن وجوه البيد في كلّ مسلك | بجرّ العوالي والرّعيل المسوّم |
فَعالٌ جريٌّ لا يزالُ مدافعاً | إلى المجدِ طلاَّعاً إلى كلِّ معظم |
وَلَكِنّهُ بِالعِزّ وَالمَجْدِ وَالعُلَى | أحقّ وأولى من سماءِ بأنجمِ |
أتته ولم يمددْ يداً في طلاّبها | وَما انقادَ مَن قادَ العَوَالي بمَخطَمِ |
ولو لم يقرّ الغابطون بمجده | أقرّوا على رغم بفضلِ التّقدّم |
وما كذبُ الحسّاد للبدر ضائراً | وَلَيسَ يَضُرّ الذّمُّ غَيرَ المُذَمَّمِ |
وَحَيٍّ حِلالٍ قد ذَعَرْتُ بِكُبّة ٍ | من الخيل لا ترعى ذماماً لمحرم |
على حينَ حاصَرْتُ الظّلامَ إلَيْهِمُ | بأرعن يردي في الحديدِ المنظم |
وَما افْتَرّ يَوْمٌ قَطُّ إلاّ لَقِيتُهُ | بِوَجْهٍ جَليٍّ، أوْ بِكَفٍّ مُغَيِّمِ |
إذا مَارِقٌ لاقَاكَ غَضّ عِنَانَهُ | وَرَدّ أظَافِيرَ القَنَا لَمْ تُقَلَّمِ |
وربّ نسيب للرّماح مغامر | حفيف الشّوى عاري الجناحين أعلم |
ذا هُزّ يَوْماً للغِوَارِ رَأيْتَهُ | أنَمّ إلى الأرْوَاحِ مِنْ كُلّ لَهْذَمِ |
يسرّك في فلّ الصّوارم والقنا | ويرضيك في ردّ اللّهام العرمرم |
لَهُ رِيقَة ٌ تَجْرِي بِمَا شَاءَ رَبُّهُ | كمَا حَالَ سُمٌّ بَينَ أنْيَابِ أرْقَمِ |
أماليء أيام النّدى كلّ عارض | وماليء أيام الوغى كلّ ملجم |
تَهَنّ قُدُومَ المِهرَجَانِ، فَإنّهُ | إلَيكَ عَلى الأيّامِ يُنمَى وَيَنتَمي |
وما زار هذا العيد إلاّ صبابة | إليك بقلبٍ طامح الوجد مغرم |
أتَى يَستَفيدُ الجُودَ منكَ وَيَجتَلي | محاسنه من ثغرك المتبسّم |
فَلا عارَ أن تَستَنجدَ الكأسَ رَاحَة ٌ | أضرّ بها حمل الجراز المصمم |
أرَاكَ بِعَينٍ لا يَسُوءُكَ لَحظُهَا | وَأرْعَاكَ بالوُدّ الذي لَمْ يُذَمَّمِ |
وفي نظري عنوان ما بين أضلعي | وَرُبّ لَحَاظٍ نَائِبٍ عَنْ تَكَلُّمِ |
وكم نظرة تستوهب القول من فمي | تُكَلّفُ نُطقي في جَوَابِ المُكَلَّمِ |
ولستُ ولو خادعتني عن مطالبي | مطاوع عذّالي عليك ولوّمي |
وَأكْرَمُ مَأمُولٍ وَأشْرَفُ مَاجِدٍ | جوّاد متى يندبْ إلى الجود يقدم |
أُعيذُكَ أنْ تُظمي فتًى كانَ طَرْفُهُ | عَقيداً لبَرْقِ العَارِضِ المُتَرَنِّمِ |
ومن غرَّه مالٌ رضي ببشاشة | وَعادِمُ مَاءٍ قَانِعٌ بالتّيَمّمِ |
ألا إنّ شِعرِي فيكَ يَبقَى وَغَيرُهُ | تَطِيرُ بِهِ أيْدِي اللّيَالي وَتَرْتَمي |
وتعقد طرفي منك في كلّ نظرة | طَلاقَة ُ بَدْرٍ بالمَعَالي مُعَمَّمِ |
وَلَوْلاكَ ما فاقَتْ ببَغدادَ نَاقَتي | وَلا كُنتُ إلاّ لاحِقاً بالمُقَطَّمِ |
وَأوْلى بِلادٍ بالمُقَامِ مِنَ الدُّنَا | بِلادٌ مَتَى يَنزِلْ بهَا الحُرُّ يَغنَيمِ |
مَدَحْتُ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، وَإنّهُ | لأشرف مأمول وأعلى مؤمَّم |
فأوسعني قبل العطاء كرامة | وَلا مَرْحَباً بالمَالِ إنْ لَمْ أُكَرَّمِ |
وإني إذا ما قلت في غير ماجد | مديحاً كأنّي لائك طعم علقم |
وَإنّ رَجَائي زَيْنَ مِلّة ِ هَاشِمٍ | لَنُعمَى ، وَحَسبي من جَوَادٍ وَمُنعمِ |
فَكُنْ شَافِعي يَوْماً إلَيْهِ لَعَلّهُ | يَرِيشُ العَوَاري مِن نِبالي وَأسهُمي |
أغَارُ عَلى عَلْيَائِهِ مِنْ مُقَصِّرٍ | يَقُولُ وَلمْ يُرْزَقْ مَقَالي وَلا فَمي |
فَإنْ شَاءَ فَالوَسْمُ الذي قَد عَرَفتُه | مُبِينٌ لِعَينِ النّاظِرِ المُتَوَسِّمِ |