ما زِلْتُ أطّرِقُ المَنازِلَ بالنّوَى
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ما زِلْتُ أطّرِقُ المَنازِلَ بالنّوَى | حَتّى نَزَلْتُ مَنَازِلَ النُّعمانِ |
بالحيرة البيضاء حيث تقابلت | شُمُّ العِمَادِ، عَرِيضَة ُ الأعطَانِ |
شَهِدَتْ بفضْلِ الرّافِعِينَ قِبابَها | وتبين بالبنيان فضل الباني |
ما ينفع الماضين إن بقيت لهم | خطط معمرة بعمر فان |
ورأيت عجماء الطلول من البلى | عن منطق عربية التبيان |
باق بها حظّ العيون وإنما | لا حظّ فيها اليوم للآذن |
وعرفت بين بيوت آل محرق | مأوَى القِرَى وَمَوَاقِدَ النّيرَانِ |
ومناط ما اعتقلوا من البيض الظبا | وَمَجَرَّ مَا سَحَبُوا مِنَ المُرّانِ |
وَرَأيتُ مُرْتَبطَ السّوَابقِ للمَهَا | ومعاقل الآساد للذؤبان |
الهَاجِمِينَ عَلى المُلُوكِ قِبَابَهُم | وَالضّارِبِينَ مَعَاقِدَ التّيجَانِ |
وَكَأنّ يَوْمَ الإذْنِ يَبرُزُ مِنهُمُ | أسد الشرى وأساود الغيطان |
وَلَقَدْ رَأيْتُ بدَيْرِ هِنْدٍ مَنزِلاً | ألِماً مِنَ الضّرّاءِ وَالحِدْثَانِ |
أغضَى كمُستَمعِ الهَوَانِ تَغَيّبَتْ | أنْصَارُهُ، وَخَلا مِنَ الأعْوَانِ |
بالي المعالم أطرقت شرفاته | إطرَاقَ مُنجَذِبِ القَرِينَة ِ عَانِ |
أوْ كَالوُقُودِ رَأوْا سِمَاطَ خَليفَة ٍ | فَرَمَوْا عَلى الأعْنَاقِ بالأذْقَانِ |
وذكرت مسحبها الرياط بجوه | مِنْ قَبلِ بَيعِ زَمانِهَا بزَمَانِ |
وبما ترد على المغيرة دهيه | نَزْعَ النَّوَارِ بَطيئَة َ الإذْعَانِ |
أمَقاصِرَ الغِزْلانِ غَيّرَكِ البِلَى | حَتّى غَدَوْتِ مَرَابِضَ الغِزْلانِ |
وملاعب الأنس الجميع طوى الردى | منهُم، فصِرْتِ مَلاعبَ الجِنّانِ |
من كل دار تستظلّ رواقها | أدمَاءُ، غَانِيَة ٌ عَنِ الجِيرَانِ |
وَلَقَدْ تَكُونُ مَحَلّة ً وَقَرَارَة ً | لأغر من ولد الملوك هجان |
يطأ الفرات فناءها بعبابه | وَلهَا السُّلافَة ُ مِنْهُ وَالرُّوقانِ |
ووقفت أسأل بعضها عن بعضها | وَتُجيبُني عِبَرٌ بِغَيرِ لِسَانِ |
قدحت زفيري فاعتصرت مدامعي | لو لم يؤل جزعي إلى السلوان |
ترْقى الدّموعُ وَيرْعوِي جزَعُ الفتى | وينام بعد تفرق الأقران |
مسكية النفحات تحسب تربها | برد الخليع معطر الأردان |
وَكَأنّمَا نَشَرَ التِّجَارُ لَطِيمَة ً | جرت الرياح بها على العقيان |
ماءٌ كجيبِ الدّرْعِ تَصْقُلُه الصَّبا | وَنَقاً يُدَرّجُهُ النّسِيمُ الوَاني |
حلل الملوك رمى جذيمة بينها | وَالمُنذِرَينِ، تَغايُرُ الأزْمَانِ |
طَرْداً، كدأبِ الدّهرِ في طرْد الأُلى | وَالَى الحَفائِظَ في بَني الدّيّانِ |
نَعَقَ الزّمانُ بجَمعِهِمْ عن لَعلَعٍ | وَأقَضّ مَنزِلَهُمْ عَلى نَجرَانِ |
وَكآلِ جفنَة َ أزْعَجَتهُمْ نَبوَة ٌ | نَقَلَتْ قِبابَهُمُ عَنِ الجَوْلانِ |
وَعَلى المَدائنِ جَلجَلَتْ برِعادِها | عَركاً لكَلكَلِها عَلى الإيوَانِ |
وإلى ابن ذي يزن غدت مرحولة | نَفَضَتْ حَوِيّتَها عَلى غُمدانِ |
قصفت قنا جدل الطعان وثوّرت | بَعدَ الأمَانِ بِعَامِرِ الضَّحْيَانِ |
زَفَرَ الزّمَانُ عَلَيهِمُ، فتَفَرّقوا | وَجَلَوْا عَنِ الأوْطارِ وَالأوْطانِ |