دعوى تحرير المرأة


الحلقة مفرغة

الحمد لله المستحق للحمد والثناء؛ أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأسأله السعادة في الدارين، وأعوذ به من حال أهل الشقاء؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن سيدنا ونبينا عبد الله ورسوله، أفضل الرسل وخاتم الأنبياء؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه البررة الأتقياء؛ والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الناس! أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله -رحمكم الله- ما استطعتم، واستدركوا بالتوبة والأعمال الصالحة ما أضعتم؛ فربكم سبحانه خلقكم لتعبدوه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لتشكروه.

أيها المسلمون! يظن بعض الناس أن بعض الأمم وعجزها يرجع إلى ضعفها الصناعي أو عجزها العسكري أو نقصها الاقتصادي وأن الأمة الضعيفة لو ملكت هذا أو ذاك سادت ثم صادت!

وهذا عند النظر والتفكر فكر فيه عوج، ونظر فيه خلل، يعشى بصر صاحبه أن يبصر الشلل العضوي في أجهزة تلك الأمة الخلقية، وملكاتها النفسية، وانهزامها الداخلي في فكرها وعقلها وتبعيتها وفغرها أفواهها إعجاباً وبلاهة.

ولقد يروعك إن كنت مخلصاً ناصحاً ذا بصيرة نافذة، وأنت تتلمس العيوب والأخطاء وأسباب الضعف والتخلف، يروعك انتشار أخلاقيات بين الناس دون مبالاة، بل يصحبها إغماض شديد ممن ينصبون أنفسهم مفكرين في المجتمع، ومثقفين في أوساطه، إغماض منهم عن هذه الأخلاقيات المفضوحة، من إضاعة الأمانات، والتحلل من المسئوليات، وعدم إتقان العمل، والالتفاف حول المآرب الشخصية، ونسيان المبادئ الكبرى والحقوق العامة، وانتشار اللغو واللغط والكسل والإهمال، وتضييع الأوقات في غير المجدي والمفيد، واستقصاء المرء في طلب ما يرى أنه من حقوقه، واستهتاره وإهماله في أداء ما لزمه ووجب عليه، وتقاعسه عن الكمال كالعامة وهو من القادرين، ينضم إلى ذلك فقدان الرفق في القول والعمل، وشيوع القسوة في التعامل، والمبالغة في الخصام والعداء، والتحاكم إلى قشورٍ يطل من ورائها الرياء والمجاملات الكاذبة، ويدركك العجز وأنت تُعدد هذا الكم الهائل من النقائص والمثالب.

أيها الإخوة! إن كثيراً مما يتحاور فيه أبناء الأمم الضعيفة، من المنتسبين إلى الفكر والثقافة والرأي، والخوض في أمور المجتمع من النساء والرجال، كاتبين وكاتبات، ومتحدثين ومتحدثات.. إن كثيراً من حواراتهم لا يُساعد على تقييم خلق أو تهذيب سلوك، إن كثيراً من القراءات المتاحة للناس بلاءٌ تختنق الفضائل في ضجته، وتذوب الأخلاق في أزمته.

ماذا تقول لأناس يهشون لمنكر، ويودون لو نبت الجيل في حمأته؟

وماذا تقول لأناس تمتلئ سطورهم مقتاً للأصيل من أصولهم والمجيد من تراثهم؟! اتباع الهوى أرجح عندهم من اتباع العقل، وبريق التقدم الكاذب أقوى من سلطان الدين والشرائع.

ولهؤلاء قدرة عجيبة في إلباس أهوائهم وشهواتهم ثوب الحق والعمومية، وتحقيق مآربهم باسم الوطنية والمصلحة الاجتماعية.

أيها الإخوة! لا يقال هذا الكلام جزافاً، وإن من الأمثلة الماثلة والشواهد الحية على هذه الطروحات والتناولات في بعض المؤلفات والكتابات، وفي بعض البلدان الإسلامية حديثهم الذي لا يكل عن المرأة وشئونها، وحقها وحقوقها، والمصارعة من أجلها كما يقولون أو كما يصورون.

والموضوع -أيها الإخوة- يحتاج إلى تجلية، ويحتاج إلى النظر في بواعث الموضوع في كثير من أقطار الدنيا بزعم تحرير المرأة وإعادة حقوقها إليها.

أيها الإخوة! وفي عودةٍ إلى أصول الموضوع وجذوره وبواعثه ومثيراته؛ لا بد من التذكير بالتاريخ الذي تنبعث منه دعوة هؤلاء.

إن تاريخ الحركة النسوية، أو الحركة الأنثوية -كما يُعبرون- مذهب جيء به لكي يفرض ويسود العالم كله، ويحل محل العقائد والأديان والمذاهب، سماوية أو غير سماوية، إن هذا المذهب النسوي جارٍ على النهج الذي اختطه الغرب العلماني لنفسه حينما تخلَّى عن الدين، وابتدع عقائد ومذاهب من الوجودية ، والعقلانية ، والشيوعية ، والاشتراكية ، والتنويرية ، والنفعية ونحوها، وكلها مذاهب تنطلق من رفض الوحي، وإنكار الله جل في عُلاه، وتجعل الإنسان إله نفسه ومُشرِّع حياته، وأغلب هذه الحركات قد تساقطت واندثرت، وأصبحت حديثاً في الغابرين.

إن الحركة النسوية حركة قامت على أنقاض تلك الحركات، مستخدمة في ذلك مبادئها، قامت على ما يسمونه تحطيم المنطلق، ويريدون به هز الأسس الفكرية، والمبادئ الأساسية، التي يقوم عليها المجتمع، ونسفها من أجل إقامة ما يُريدون من أفكار هدَّامة، قامت على الشعور بالذاتية المنعزلة المتمردة، والتي تتخذ من معاداة الرجل حرباً مستعرةً، وتعاملُه كجنس شيطاني شرِّير، قامت على أن بناء المجتمع على الفرد وليس على الأسرة والعائلة؛ ولهذا فإن الحديث والخطب والسياسات التي ترسم للمجتمعات عندهم والأمم هناك تُبنى على الفرد، ولم يعد للعائلة ولا للأسرة شأنٌ يُذكر في خضم دراستهم، فالفرد بفرديته هو المقصود، رجلاً كان أو امرأة، وهكذا تبدَّلت المفاهيم والقيم، وشاعت هذه الحرية التي يزعمونها وينادون بها ويتبنونها، فصارت المرأة لا تعني زوجة ولا أماً لا أختاً ولا بنتاً، ولم يعد الرجل أخاً أو أباً أو ابناً، ليس هناك انتشار وثيق لهذا الكيان العائلي، بل أصبح وأصبحت زملاء دراسة، وأصدقاء عمل، وخلائل وأخدان، ولم يعد ينظر في الحساب إلى الزواج، وإقامة البيوت، فغرائزهم ملباة دون مسئوليات تُلقى على العواتق والكواهل، وكلٌ حر في التناقل بين أحضان من يشاء.

إن هذه الحركة النسوية نشطت في قلب القيم، وعكس المفاهيم، وارتبطت بمصالح مادية وإعلامية وتيارات اجتماعية؛ تُعادي الدين والعقائد، وتُروج للإلحاد والإباحية والشذوذ الجنسي... وهكذا يتجسد مفهوم تحرير المرأة في منهجهم عبر صنع امرأة مشاكسة عدوانية محاربة لجنس الرجال، قد تقبل من التعاليم السائدة ما تراه يُكرس لها حقوقها، ولكنها ترفض ما ترى أنه واجبات أو مسئوليات، إنها ليست دعوة إلى تحرير المرأة كما يزعمون؛ ولكنها دعوة إلى تحرير الوصول إلى المرأة.

انعتقوا من كل الروابط والقيم، والمسئوليات الأسرية، والحقوق الاجتماعية، وحولوا العلاقات العائلية إلى وظيفة رتيبة أشبه بمحاضن تفريخ، عزف الرجال عن الزواج لوجود السبل المحرمة، يشبعون من خلالها غرائزهم دون تحمل لما يترتب على الزواج الشريف من أعباء ومسئوليات.

أيها الإخوة: لقد أصبحت الحركة النسوية مذهباً ومبدأً يُكافح عنه أناس، يعقدون له المؤتمرات والندوات، ويمتطون من أجله صهوات المنظمات والهيئات من حقوق الإنسان وغيرها.

ومع الأسف -أيها الإخوة- فإن هذه المبادئ لا يُناجي بها، ولا يُدافع عنها، ولا يتحمس لها في كثير من بلاد المسلمين إلا النُّخب العلمانية ذات الهيمنة على مجريات الفكر في بلادها.

إن المعشش في عقول هؤلاء: أن التقدم العلمي، والسباق التقني، لن يتحقق إلا على أنقاض الفضيلة والإيمان، والالتزام بأحكام الإسلام، وإنها الهزيمة النفسية، والانكسار الداخلي، وحينما يُبتلى المرء بذلك؛ فإنه يفقد القُدرة على التمييز بين الحق والباطل.

إن الداعين والداعيات إلى تحرير المرأة على الطريقة العلمانية في أوطان المسلمين إنما ينشدون محالاً من الأمر، فهم وهن في عناء مستمر في سبيل الوصول إلى مركب يجمع لهم الخير والشر والحق والباطل في آن واحد.

إن الإسلام الذي جاء من عند الله شاملاً كاملاً كما جاء واضحاً جلياً لا يمكن أن يمتطى بمثل هذه الأساليب، إنهم يحاولون بأيدي مرتعشة التوفيق بين أهوائهم وانهزامهم، وتطويع بعض النصوص الشرعية.

والحق أن المسألة دائرة بين أمرين لا ثالث لهما: إما الإسلام كله، أو التبعية المنهزمة، إنهم في نظرتهم يريدون أن تكون المرأة نداً للرجل، ومماثلاً له، ومناوئاً له، ومتصارعاً معه، وفي نظر ديننا هي: شقيقة الرجل ووشقه ومتممه، وهو متممها، هو رجل محتفظ برجولته، وهي امرأة متميزة بأنوثتها، المرأة في مسلكهم آلت إلى سلعة في سوق النخاسين، في دُور الأزياء وعروضها، وغانية في سوق الملذات والشهوات، يستعبدها الرجل الذي يزعم تحريرها، يستمتع بها؛ لأنه لا يريد حريتها، ولكنه يريد حرية الوصول إليها، وفي نظر ديننا لا يجوز أن يكون تأمين العيش ومكافحة الفقر ومحاربة الجهل على حساب العرض والشرف، وفي ضياع الشرف ضياع العالم لو كانوا يعقلون: وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [المائدة:103].

ليس من حقوق المرأة في ديننا حق الزنا، وحق الحمل من سفاح، وحق الشذوذ والسحاق، وليس من حقها أن ترفض الدين وأحكامه، وتقول: إنه متخلف ومعادٍ للمرأة وقيد على حريتها، حقوق المرأة مقرونة بمسئوليتها في الأمومة ورعاية الأسرة.

حقوق المرأة تُؤخذ وتُمارس من خلال الحشمة والأدب، محوطة بسياج الإيمان بالله في أمة واحدة متكاتفة متآلفة، وليست متنازعة متصارعة: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195]، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97].

أما المرأة عندهم ذات الحقوق: فهي المتمردة على بيتها وأطفالها وشئون منزلها؛ لأنهم يقولون: إن ربة البيت داخل بيتها ذات عمل لا مردود له.

ويقولون: إن خدمتها في بيتها مجانية وعملها في بيتها عمل غير منتج؛ فالتحرير لا يتم إلا بالتدمير: تدمير الأسرة وتدمير القيم؛ ألا شاهت الوجوه وسُدت الأفواه!

تربية النشء وحفظ الكرامة والاستقرار العائلي والهدوء النفسي ليس له مردود وغير منتج! هكذا قاس قائسهم وقدر مقدرهم.. ألا: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [المدثر:19] ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [المدثر:20].

أيها الإخوة! وإنكم لتعلمون ويعلم كل عاقل منصف أن المرأة التي أخرجوها من خدرها وقرارها المكين مهما تحدثوا عنها، وأعطوها ومنحوها، ودافعوا عنها؛ فقد جعلوها في الصفوف الخلفية في الأهمية والقدرة والمرتب والطاقة، مهما أبلت وبذلت من جهد وعرق وساعات عمل، لماذا فعلوا ذلك؟ لأن موازينهم مادية بحتة، وأصحاب رءوس الأموال وأرباب المصانع والمتاجر لا يؤمنون إلا بالنفعية، وما دام أن المرأة خرجت من بيتها، واحتاجت إلى العمل، فلماذا لا تستغل ويحقق فائض الربح من خلالها؟ ومن ثم كان لزاماً على المرأة المسكينة أن تواجه وحدها وبمفردها جفاف هذا المجتمع وغلظة هذا التعامل، أصبحت الضحية الأولى التي تنعكس عليها تناقضات ذلك المجتمع وعلومه، فهي راكضة بائسة تركض في مبدأ حياتها لتتعلم، ثم تركض لتعمل وتكسب وتعيش، ثم تركض وراء الأزياء ولفت الأنظار لعلها تجد من يلتفت إليها بلا عقد ولا ميثاق غليظ، وهكذا تعيش حاضراً لا طعم له، ومستقبلاً مكشراً تلقي بنفسها بين فكيه وحيدة منبوذة، وما هي إلا إفرازات البيوت الخربة، والمسئوليات الضائعة حين ألقاها الرجال عن كواهلهم، فهل ينبه لذلك الغافلون؟! ويا ليت فئات من القوم يعلمون! وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله الذي يقول الحق وهو يهدي السبيل، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأعوذ به من الزيغ والتبديل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وأشهد أن سيدنا ونبينا عبد الله ورسوله أمر بالصدق والعفاف وكل خلق جميل، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه كل بكرة وأصيل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:-

أيها الإخوة! هذا هو نداء التحرير عندهم، مبادئ علمانية مادية، أغرقت الإنسانية في الضياع والرذيلة والعبثية، وأَدَّت إلى فقد الإنسان المعاصر للقيمة والهدف والغاية، لقد أصبح تائهاً ضائعاً بين مبادئ وأفكار، ونظريات وفلسفات، كلها تصب في بوتقة المادية والشهوانية بكل صورها وأبعادها وألوانها، وليعلم من لا يعلم أن الباقي هو نداء الفطرة التي فطر الله الناس عليها، إنه نداء الفطرة الذي يقول: إن الرجل يبحث عن المرأة التي تعمر البيت بوجودها وحركتها وعملها، وليست المرأة التي تملأ المعامل والمصانع والمكاتب والشوارع، وتخلف وراءها بيتاً يفترسه الفراغ والخراب.

إنه نداء الفطرة الذي يقول: إن المرأة تبحث عن الرجل الكريم الشريف الذي يقف إلى جانبها في مسار حياتها، شابة وامرأة وسيدة محترمة، هو سكنٌ لها وهي سكن له، وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189]، إنها أم بنيه وبناته، يرعاها ويرعى أولادها ويصل رحمها، وليس هو الرجل الذي يعجب بها لحظة خاطفة، ومتعة عابرة، ثم ينبذها إلى غير رجعة، هذا هو النداء، وما عدا ذلك فزيف وتصنُّع وجهلٌ وعمى وظلم وإفك مبين.

بلاد الحرمين وتعليم المرأة

وبعد -أيها الإخوة- فمن أراد مثالاً حياً، وطريقة تُحتذى، جمعت بين تعاليم الإسلام وآداب الدين، واستوعبت المفيد من القديم والجديد؛ فلينظر إلى النموذج الذي تتبعه بلاد الحرمين الشريفين من الحفاظ على المرأة بحشمتها، مع توفير كل الإمكانات الممكنة، تعليماً وعملاً في طريق المنظمة المنتظمة، فلهن ميادينهن ومجالاتهن في التعليم والعمل والإدارة، ميادين تتمكن منها المرأة أن تُعطي العطاء المطلوب، مجتنبةً الويلات التي يُعاني منها المستسلمون والمتخاذلون والمخذولون بصرخات التحريم الكاذبة الكافرة الماكرة، لم يكن ذلك هنا لولا توفيق الله سبحانه، ثم التوجه المخلص والصادق والمدروس من القيادة حفظها الله، والقائمين على شئون المرأة -وفقهم الله- تعليماً وعملاً، منطلقاً من هدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

إنه التنظيم والترتيب الذي يحفظ البلاد وأهلها من الانزلاق في أوحال الاختلاط وأخطاره المريضة، ولا نزال -ولله الحمد- نرى آثاره الخيرة طهراً وعفةً ونقاءً، ولن ترضى هذه البلاد بغير هذا المنهاج بديلاً، مهما نعق الناعقون، واستبطن المستبطنون.

بارك الله في الجهود، وسدد الخُطى، وهدى إلى الحق والطريق المستقيم.

ألا فاتقوا الله -رحمكم الله- واستمسكوا بآداب دينكم، ثم صلوا وسلموا على نبي الرحمة والهدى، نبيكم محمد المصطفى، فقد أمركم بذلك ربكم جلّ وعلا، فقال عز قائلاً عليماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، واخذل أعداء الملة والدين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة، وأيده بتأييدك، وأعزه بنصرك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين.

اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمةً لرعاياهم، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً غدقاً سحاً مجللاً تغيث به العباد، وتسقي به البلاد، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد، واجعل اللهم ما أنزلت لنا قوةً على طاعتك وبلاغاً إلى حين.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.