الطفل الإسلامي والطفل الغربي [1]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله: لقد جاءت هذه الشرعية بكل ما يصلح حالنا وما يصلح لنا، وما تركت جزئيةً إلا وأتت فيها بحكم وتوجيه، لقد جاءت هذه الشريعة لإسعاد المجتمع، والأطفال من ضمن المجتمع، وشريحة من شرائحه، أولادنا وأطفالنا لقد اهتمت الشرعية بهم غاية الاهتمام، وانصبت الأحكام والآداب والتوجيهات الشرعية للاهتمام بحال الأولاد والأطفال، ونحن في زمن مع الأسف غابت فيه شمس الشريعة، واندثر فيه العلم وانتشر الجهل، وفشا التقليد الأعمى للغرب، إلا من رحم الله تعالى من خلقه، فصار كثير من الناس يعجبون بالغربيين، ويتكلمون عن طريقتهم في الاهتمام بالأطفال، وعما فعلوه لإسعاد الأولاد، ونسوا ما في شرعيتنا مما جاء بهذا الخصوص.

فتعالوا بنا نعقد المقارنة، ونبين ما في الشريعة مما يتعلق بالأطفال والأولاد، وما عليه الغربيون في هذا المجال، ونبدأ بالشريعة ولابد.

اختيار الزوجة الصالحة

إن رحلة الطفل في الإسلام تبدأ من قبل وجوده، تبدأ من حين البحث عن أم وزوجة صالحة، قال صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) وعن أم ودود ولود، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود).

ويدعو الإنسان قبل وجود الطفل بقوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38] كما كان نبي الله يدعو.

وعند إتيان الزوجة يلاحظ أن الطفل يمكن أن ينتج من الجماع، فهو يقول قبل الوقوع على زوجته: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا.

فإذا وجد الولد، وتخلق في بطن أمه، فلا يجوز إسقاطه ولا قتله، وإذا ولد فهو أشد وأعظم، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31].

فإذا ولد فلا يجوز قتله بحالٍ أبداً، وإذا خاف العيلة والفقر فالله يرزقه، ولما كان يقتله خشية الفقر قدم ذكر رزق الولد أولاً على رزق الأب، فقال: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31] وفي سورة الأنعام قال: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ [الإسراء:31] أي: من الفقر الواقع، فقدم رزق الآباء هنا أولاً، فقال: نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] وقال الله تعالى: إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31] أي: ذنباً عظيماً من أكبر الكبائر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك) رواه مسلم.

تحريم وأد البنات

ولما كان يلحق البعض من العار بالبنات، وكان وأد البنات سنة جاهلية جاءت الشريعة بالتأكيد على تحريمه، وهو من الكبائر قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ [التكوير:8] سؤال توبيخ لمن وأدها بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:9] لا يوجد في الإسلام شيء: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل:58-59].

كانت المرأة عند الولادة تأتي إلى الحفرة ومعها القابلة، فإن كانت أنثى استخرجتها فرمت بها في الحفرة مباشرة، وأهيل عليها التراب، وإن كان ذكراً نجا.

ولما كانت البنات فيهن ضعف، وهنَّ عالة على الأب، ولسن مثل الذكور في القوة والإعانة؛ عوضت الشريعة أبا البنات بأجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدَتهِ -من ماله وغناه- كنَّ له حجاباً من النار يوم القيامة) حديث صحيح.

ولما شقَّت امرأة فقيرة تمرة تصدقت عائشة بها عليها فأطعمتها ابنتيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار) رواه مسلم.

إن رحلة الطفل في الإسلام تبدأ من قبل وجوده، تبدأ من حين البحث عن أم وزوجة صالحة، قال صلى الله عليه وسلم: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) وعن أم ودود ولود، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود).

ويدعو الإنسان قبل وجود الطفل بقوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38] كما كان نبي الله يدعو.

وعند إتيان الزوجة يلاحظ أن الطفل يمكن أن ينتج من الجماع، فهو يقول قبل الوقوع على زوجته: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا.

فإذا وجد الولد، وتخلق في بطن أمه، فلا يجوز إسقاطه ولا قتله، وإذا ولد فهو أشد وأعظم، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31].

فإذا ولد فلا يجوز قتله بحالٍ أبداً، وإذا خاف العيلة والفقر فالله يرزقه، ولما كان يقتله خشية الفقر قدم ذكر رزق الولد أولاً على رزق الأب، فقال: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31] وفي سورة الأنعام قال: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ [الإسراء:31] أي: من الفقر الواقع، فقدم رزق الآباء هنا أولاً، فقال: نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] وقال الله تعالى: إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31] أي: ذنباً عظيماً من أكبر الكبائر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك) رواه مسلم.

ولما كان يلحق البعض من العار بالبنات، وكان وأد البنات سنة جاهلية جاءت الشريعة بالتأكيد على تحريمه، وهو من الكبائر قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ [التكوير:8] سؤال توبيخ لمن وأدها بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:9] لا يوجد في الإسلام شيء: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ [النحل:58-59].

كانت المرأة عند الولادة تأتي إلى الحفرة ومعها القابلة، فإن كانت أنثى استخرجتها فرمت بها في الحفرة مباشرة، وأهيل عليها التراب، وإن كان ذكراً نجا.

ولما كانت البنات فيهن ضعف، وهنَّ عالة على الأب، ولسن مثل الذكور في القوة والإعانة؛ عوضت الشريعة أبا البنات بأجر عظيم، قال صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنات، فصبر عليهن، وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جدَتهِ -من ماله وغناه- كنَّ له حجاباً من النار يوم القيامة) حديث صحيح.

ولما شقَّت امرأة فقيرة تمرة تصدقت عائشة بها عليها فأطعمتها ابنتيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار) رواه مسلم.

حق الطفل جنيناً

لماذا جاءت الشريعة بالسماح بالإفطار للحبلى والمرضع؟ لماذا أجازت الإفطار وجعلت الحبلى والمرضع من أهل الأعذار؟

إن ذلك من أجل مصلحة الولد الجنين الذي في البطن، والولد الذي يرتضع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجني أم على ولد) فلا يجوز أن تتعاطى شيئاً يضعفه أو يشوهه، وينبغي أن تتقوى الحامل لتغذيته في بطنها، وهذا من مسئوليتها.

وتأمل حفظ الشريعة للجنين! تأمل حقوق الجنين في الشريعة بتأجيل إقامة الحد على المرأة الحامل من الزنى حتى تضع حملها.

ولما جاءت المرأة الغامدية فاعترفت عند النبي صلى الله عليه وسلم: (يا نبي الله! أصبت حداً فأقمه عليَّ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها، فقال: أحسن إليها، فإذا وضعت فائتني بها، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة، قالت: ها قد ولدته، قال: اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز ...) الحديث.

وفي رواية: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: إذن لا نرجمها وندع ولدها صغيراً ليس له من يرضعه، فقام رجلٌ من الأنصار وقال: إليَّ رضاعه يا نبي الله! قال: فرجمها) قال العلماء: ولو كان حدها الجلد وهي حامل، لم تجلد بالإجماع حتى تضع.

ومن تعدى على الجنين في بطن أمه فأسقطه، فالحديث في ديته واضح، كما رواه البخاري في المرأتين من هذيل التين اقتتلتا، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فأصابت بطنها وهي حامل، فقتلت ولدها الذي في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فقضى أن دية ما في بطنها غرة عبد أو أمة، فقال ولي المرأة التي غرمت: كيف أغرم يا رسول الله! من لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يُطل! -أي: يهدر ولا يضمن- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا من إخوان الكهان) الكهان الذين يسجعون بمثل هذا السجع.

فإذاً: الجنين إذا اعتدي عليه فسقط فله دية (قيمة عبد) تدفع، قال ابن قدامة رحمه الله: الحامل إذا شربت دواءً فألقت الجنين، فعليها الغرة والكفارة، تدفع الغرة أو قيمة العبد إلى ورثة الجنين، والكفارة عليها أيضاً، قال العلماء: إذا ماتت الحامل وفي بطنها جنين -يا عباد الله! انظروا إلى حقوق الجنين في الشريعة، ولو ماتت امرأة حامل والولد حيٌ يتحرك- قد تجاوز ستة أشهر، يشق بطنها طولاً ويخرج الولد، لقوله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [المائدة:32] ومن تركه عمداً حتى يموت فهو قاتل نفس.

إذاً: يستعمل الأطباء من الوسائل الأسهل لاستخراج ما في بطنها، فإذا كانت امرأة كتابية كافرة، وفيها حمل من زوج مسلم فماتت، فأين تدفن وفي بطنها جنين مسلم؟ تدفن في طرف مقبرة المسلمين، فلا تدفن مع المسلمين؛ لئلا يتأذوا بعذابها، ولا تدفن مع الكفار لئلا يتأذى ولدها المسلم بعذابهم، هذا كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

ومن حفظ الشريعة لحقوق الجنين: أنه إذا مات أبوه مثلاً وهو في بطن أمه لا يدرى ذكر أو أنثى، توأم أو واحد، فإن الورثة يقتسمون بحيث يجعل له النصيب الأوفر ويأخذون هم الأقل احتياطاً، يبنون على أنه أنثى -مثلاً- ويقتسمون، حتى إذا كان ذكراً يكون ماله محفوظاً، الاحتياط من أجل الجنين.

وأما السِقْطُ فإن له أحكاماً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والسقط يصلَّى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة) رواه أبو داود ، وهو حديث صحيح الإسناد.

قال العلماء: إذا نفخ فيه الروح يُغسل ويصلَّى عليه احتراماً للسقط، جاءت به الشريعة، فإذا ولد المولود فإنه يجرى له إجراءات كثيرة في الشريعة.

تأملوا تكريم الشريعة للطفل الذي يولد، جاءت بأشياء تدل على أنه قد حدث أمر مهم، وليس مجرد أرحام تدفع، ولا مجرد ولد خرج، وإنما يحتفى به غاية الاحتفاء، ويكرم غاية التكريم، الشريعة تكرم الطفل من مبدأ أمره، فيحنك؛ بأن تلين التمرة حتى تصير مائعة بحيث تبتلع، ويفتح فم المولود وتوضع فيه، ويدعى له بالبركة، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم

حقه في النسب

ويجب إثبات نسبه لأبيه، فالشريعة تعتني غاية الاعتناء بقضية النسب لما يترتب عليها من الأحكام في المحرمية والميراث والحضانة وأشياء كثيرة تترتب على قضية النسب، فأنساب أولادنا ليست ضائعة في الشريعة، بخلاف أنساب أولادهم من أولاد الزنا وأدعيائه، ومن ينسب إلى غير أبيه بكل سهولة، ومن ينتقل عن أبيه الحقيقي قانونياً في المحكمة لديهم.

أما أولادنا فأنسابهم محفوظة: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5].

ولإثبات النسب جاءت الشريعة بحديث: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فمن ولد على فراشه فهو ولده، وهذا أقوى شيء في الموضوع لا يلتفت إلى غيره، وإذا أقر بالنسب ألحق به، وإذا قامت البينة على النسب فكذلك، بل يستعمل القافة.. الذين يعرفون آثار الأقدام، وتخطيطات الأرجل، والملامح والشبه، لإثبات النسب في حالة تعذر معرفته، ويلحق الولد بأبيه، ولو عرَّض بنفيه فإنه يلحق به، ولو خالف لونه لون أبيه، لحديث الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (ولد لي غلام أسود -يعرض بنفي الولد ولم يصرح- ... الحديث، وفيه قال النبي عليه الصلاة والسلام: فلعل ابنك هذا نزعه عرق، فخرج لجد قديم من أجداده).

والانتفاء من الولد الشرعي كفر كما نص عليه الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى كفراً بامرئ ادعى نسباً لا يعرفه، أو جحده وإن دق) رواه أحمد ، وهو حديث حسن. فإذا جحد إنسان ولده الشرعي اتهمته الشريعة بالكفر تغليظاً لهذه الجريمة.

ولو زنت المرأة وهي على فراش زوجها، فالولد ولده لحديث: ( الولد للفراش ) ما لم ينفه ويتبرأ منه، ولا يجوز له نفيه إلا ببينة وحجة شرعية، فإذا نفى الولد فإنه يلحق بأمه كما جاء في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين الرجل وامرأته، فانتفى من ولدها، ففرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة) رواه البخاري ومسلم .

ولا ينتفي إلا إذا نص على نفيه، كما ذكر ذلك الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، فإن لاعن المرأة من غير أن ينفي الولد، فالولد ولده؛ كل ذلك حفظاً لنسب الولد، وحفظاً لحياته في المستقبل، وحفظاً لمكانته في المجتمع.

حقه في الرضاع

وحق الولد في الرضاع محفوظ، قال الله عز وجل: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ [البقرة:233] قال بعض أهل العلم: هذا أمر في صورة الخبر (يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ) أي: فليرضعن أولادهن، فيجب عليها خصوصاً إذا لم يقبل غير ثديها، وتأثم لو لم ترضعه في هذه الحالة، ولا يفطم قبل السنتين إلا بالتراضي والتشاور بين الأبوين، لقوله تعالى: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ [البقرة:233] فلا يحق لأحد الأبوين أن يتفرد بقرار فطم الولد، تصوروا وتأملوا قضية فطم الولد المتعلقة بتغذيته، ليس الأب حراً فيها ولا الأم، لا بد من قرارٍ مشترك مبني على مصلحة الولد فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ [البقرة:233] وربما يحتاجان إلى مشاورة الطبيب، كل هذا احتياطاً لسلامة الطفل، وتغذيته ومصلحته جاءت به الشريعة، أسمى شريعة.

حقه في التسمي والتكني

ويسميه أبوه، ويختار له اسماً حسناً، وورد تسميته في اليوم الأول، أو السابع، ويجوز قبل السابع وبينهما وبعد ذلك، وفي الحديث: (كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى)، ولا يسمه باسم قبيح، (وقد غير النبي صلى الله عليه وسلم اسم (عاصية) إلى (جميلة) وغيَّر اسم (أصرم) إلى (زرعة)) حديث حسن.

ولإشعار الولد والطفل بالمسئولية وبأنه كبير، ولتزداد ثقته بنفسه، شرعة تكنيته، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا عمير ما فعل النغير) طائر كان الولد يلعب به، وهو أخ صغير لـأنس بن مالك ، وقال: (هذا سنا يا أم خالد) وكانت فتاة صغيرة، تصوروا وتأملوا وتفكروا يا عباد الله! كيف تزرع الشريعة المسئولية في نفس الطفل، وكيف يشعر الطفل بأنه كبير، وكيف يحس بثقله، يا أم خالد! يا أبا عمير ! يا أبا فلان، وهم صغار.

ولتكريم الولد تذبح عقيقته، ينفق من أجل ذلك المال، وينهر الدم في يوم سابعه، تذبح ولا يتصدق بثمنها، ومن فائدتها فك المولود من أسر الشيطان، للحديث: ( كل غلام مرتهن بعقيقته ) فلفك تسلط الشيطان عليه تذبح العقيقة، قال الإمام أحمد رحمه الله فيمن اقترض للعقيقة -استلف واستدان-: رجوت أن يخلف الله عليه، أحيا سنة، شاتان مكافئتان عن الغلام، وتجوز واحدة لحديث (عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً، وعن الجارية -البنت- شاة واحدة لا يمس رأسه بشيء من دمها) وهذه عادة جاهلية قد أبدلتها الشريعة، وجاءت بدهن رأس الولد بالزعفران، وهو ذلك الماء طيب الرائحة، ويحلق رأسه إماطة للأذى عن رأسه، ويتصدق بوزنه ذهباً أو فضة، أو ما يقابلهما من المال.

ويختن الذكر وجوباً؛ وهو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة، بحيث تنكشف كلها مراعاة للولد، ولذكر الولد، ولطهارة الولد، ولجماع الولد في المستقبل، حماية من تراكم الإفرازات ما بين الحشفة والجلد، وكذلك الوقاية من آثار البول، ولا بأس بختان المرأة، لحديث: (إذا مس الختان الختان -فهناك ختان في الرجل وختان في المرأة- فقد وجب الغسل) فإذا دعت الحاجة إلى ختانها، كأن تكون القطعة الزائدة كبيرة فتختن لكن بغير استئصال ولا إنهاك، كما جاء في الحديث الذي حسنه بعضهم من طرقه: (إذا خفتي فأشمي ولا تنهكي -أي: لا تستأصلي- لأنه أحظى للبعل في المستقبل) فإذاً: تختن إذا دعت الحاجة رغم أنف المؤتمر العالمي الأول والثاني للمرأة.

حقه في الحضانة

فماذا عن حق الحضانة للولد، الولد يحتاج إلى حنان وعطف ورعاية، والشريعة قد كفلت ذلك، حضانته حق حتى يستقل بأمره، يحفظ ويوقى من جميع الأضرار والشرور، وجعلت للأم الحضانة في حال انفصال الزوجين؛ لأنها أعرف بتربيته وأقدر على ذلك، وأصبر وأرأف من الأب، ولذلك جاء ذلك منصوصاً عليه في الشريعة، واجبة على الحاضنة ليس لها الحق في التخلي من هذا الواجب، خاصة إذا لم يوجد له حاضنة أخرى من المحارم.

وليس للكافر على المسلم حضانة، فلا تحضن الكافرة مسلماً؛ لأجل أن الإسلام يعلو ولا يعلى، وبالتالي لا يذهب أولاد المسلمين إلى الكنائس يوم الأحد، ولا تختطفهم أمهاتهم، ويعيشوا في بلاد الكفار فيشبوا نصارى أو يهوداً.

وفي حال السفر ينظر في الأصلح للطفل الإقامة أو النقلة، فإذا أراد الحاضن السفر فينظر في مصلحة الولد، وقد بحث العلماء ذلك وبينوه.

وللحضانة ترتيب وليست فوضى، الأم ثم أمهاتها، ثم الأب ثم أمهاته، ثم الجد ثم أمهاته، ثم الأخت من الأبوين، فالأخت لأب، فالأخت لأم، ثم الخالة، ثم العمة، ثم الأقرب فالأقرب، كل ذلك لأجل رعاية الولد وحضانته، وأن يبقى الولد عند أقرب الناس إليه، يرعاه ويحنو عليه.

أطفالنا ليسوا مشردين، أطفال الإسلام في حفظٍ وحماية ورعاية، وحضانة وكفالة، فإذا تزوجت أمه التي انفصلت عن أبيه -زوجها الأول- واشتغلت بحق الزوج الثاني، انتقلت الحضانة عن الأم، لحديث: (أنت أحق به ما لم تنكحي) فتنتقل إلى أمها، وهكذا.

فإذا صار الولد مميزاً كابن سبع سنين، وعقل واستغنى عن الحضانة يُخيَّر بين أبيه وأمه.

يراعى حاجة الولد النفسية، وميله النفسي ورغبته، ويستشار القاضي، فيحضره في المجلس، ويعقد مجلس القضاء، ويشغل القاضي والناس بالحضور، ويسأله: يقول: من تريد؟ اختر، مراعاة لشعور الولد، هذا ابن سبع سنين يخير بين أبيه وأمه، لحديث أبي هريرة : (أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جالس عنده، فقالت: يا رسول الله! إن زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استهما عليه، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ -أي: من ينازعني فيه- فقال النبي صلى الله عليه وسلم للولد: هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به) حديث صحيح، رواه أبو داود .

وهذا التخيير أو القرعة لا يكونان إلا بما يحصل مصلحة للولد، وكان الذي اختاره الولد أصلح له، فإن كانت الأم أصون من الأب وأغير منه؛ جعل الولد عندها، والعكس كذلك.

ولا اختيار للصبي في الحالة التي يختار فيها الأقل مصلحة أو لا مصلحة له، قال ابن القيم رحمه الله: سمعت شيخنا -أي: ابن تيمية - يقول: تنازع أبوان صبياً عند أحد القضاة فخيره بينهما، فاختار أباه، فقالت أمه للقاضي: سله لأي شيء اختار أباه، فسأله، فقال الولد: أمي تبعثني كل يوم للكتاب -مدرسة تحفيظ القرآن- والفقيه -أي: الذي يحفظني ويعلمني- يضربني، وأبي يتركني ألعب مع الصبيان، فقضى به للأم، وقال: أنت أحق به، هي تذهب به للكتاب، وذاك يضيعه ويتركه يلعب في الشارع مع الصبيان، فالأحق هو الأنفع للولد، فتراعى مصلحة الولد.

حق اللقيط واليتيم

وإذا أسلم أحد الأبوين فالولد مع المسلم منهما.

واللقيط إذا وجد ولا يدرى من أبوه، بل وجد ملقى في الشارع أو في مكان ما، فللشريعة فيه أحكام، وللشريعة فيه صيانة، التقاطه فرض على الكفاية، وهو تخليص لآدمي من الهلاك، قال الله: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [المائدة:32].. وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2] ولا إثم أعظم من إثم من أضاع نسمة مولودة، فيجب التقاطه على الكفاية، فلو تركه المسلمون حتى يموت أثموا كلهم، لا ذنب لنفس أن تموت جوعاً أو تأكلها الكلاب، ومن ترك الولد كذلك في برية يموت جوعاً وبرداً أو تأكله الذئاب، فهو قاتل نفس ولا شك.

حدثني بعض الإخوان عن رجل وضع ولداً في أحد الحمامات العامة وذهب، قال: فرآه بعد ذلك بمدة يقول له في المنام: ضيعك الله كما ضيعتني!

وكل ما يوجد مع اللقيط من مال، أو كساء، أو سرير، أو غطاء فهو ملكه، وكل مال له ينفق عليه منه، فإن لم يوجد مال فنفقته على بيت مال المسلمين، ونسب الولد محفوظ لأبيه، ولا يجوز التبني في الإسلام: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [الأحزاب:4] ولذلك لا يجوز لملتقط اللقيط أن ينسبه إلى نفسه، وإنما يجعل له اسماً يسمى به، فيسميه زيداً أو عمراً أو سعيد بن عبد الله بن عبد الرحمن ونحو ذلك.

واليتيم: الولد الصغير الذي فقد أباه دون البلوغ، ماذا جاءت الشرعية بشأنه؟ ما أعظم ما جاءت به: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152].. (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى) يقوم بأموره من النفقة والكسوة، والتأديب والتربية، وليست قضية إنفاق وكسوة فقط، وإنما تأديب وتربية للذي يريد أجر كفالة اليتيم: (أدنِ اليتيم وامسح برأسه، وأطعمه من طعامك؛ يلن قلبك وتدرك حاجتك) حديث حسن لغيره.

فإذا تولى أموال اليتامى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً [النساء:2].. إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النساء:10] اختلاس، تفويت، إهمال، تضييع، ومن السبع الموبقات أكل مال اليتيم.

حق النفقة عليه

من حقوق الأطفال: النفقة عليهم، الشريعة أوجبت على الأب: أن يبدأ بمن يعول، ينفق عليهم حتى يبلغ الذكر، وتتزوج الأنثى (أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله) حديث صحيح رواه مسلم .

قال أبو قلابة : وبدأ بالعيال، وأي رجل أعظم أجراً من رجل ينفق على عياله الصغار؟! يعفهم، أو ينفعهم الله به ويغنيهم (وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت).

نفقة الصغار لا تسقط بالإعسار عند العلماء، ويفرض على الأب القادر أن ينفق على أولاده، وأن يعمل ليكتسب مالاً، ويحبس إذا امتنع، ويرغم على العمل قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7] فإن كان عاجزاً فنفقته على بيت المال، لا يوجد شيء في الشريعة (أولاد من غير نفقة) أو (أطفال من غير مصروف) لابد أن يُوجد لهم مصروف ونفقة.

ومن تكريم الشريعة للطفل: أنها شرعت صدقة الفطرة عنه، فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الصغير والكبير، وتستحب عن الجنين في بطن أمه.

الإسلام يهتم بمشاعر الطفل، العدل بين الأولاد واجب، في الهدايا والألعاب، والعيديات والأعطيات، إلا ما اقتضت المصلحة التفاوت فيه، وما وجد سببه: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).

حقه في التربية

وتربية الولد مسئولية واجبة: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) قال ابن القيم رحمه الله: فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء، من جراء ترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً.

عاتب بعض الآباء ولده في العقوق، فقال الولد: يا أبت! إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً فأضعتك شيخاً، والجزاء من جنس العمل.

النبي عليه الصلاة والسلام كان يغتنم كل فرصة تربوية لأجل الولد، أردف مرة ابن عباس وراءه، قال: (يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك ... الحديث) ولما رأى يد عمر بن أبي سلمة تطيش في الصحفة -إناء الطعام- قال: (يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك).

حقه في الملاطفة والملاعبة

من حقوق الأطفال في الإسلام معانقتهم، وشمهم، وتقبيلهم، وملاعبتهم، وممازحتهم (قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: من لا يرحم لا يرحم) رواه البخاري .

وفيه أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: تقبلون الصبيان فما نقبلهم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟) .. (وكان عليه الصلاة والسلام ينطلق من مسجده إلى العوالي، إلى ظئر إبراهيم مرضعة ولده ليقبله ثم يرجع) والحديث في صحيح مسلم .

وكان يأخذ الحسن بن علي والحسين فيقعدهما على فخذه يلاعبهما ويحملهما.

وحمل أمامة بنت زينب في الصلاة، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.

ومرة أطال السجود حتى خشي الصحابة شراً، فرفع واحد رأسه، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً والولد على ظهره، فلما انتهت الصلاة سألوه وأخبرهم، قال: (إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله).

حق الولد في اللعب، حتى والنبي عليه الصلاة والسلام في الصلاة لا يعجله عن حاجته؛ اللعب واللهو البريء، من حق الطفل أن يلعب وأن يلهو، وأن يشبع رغبته في ذلك، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: يا زوينب ! يا زوينب ! ومج مجة في وجه محمود بن الربيع وهو صغير.

حقه في الحفاظ عليه وعدم لعنه وسبه والدعاء عليه

ولا يجوز الدعاء على الولد، ولا لعنه، ولا سبه، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم، وإذا استجنح الليل فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم) رواه البخاري . من غياب الشمس إلى اشتداد الليل يحجز الأطفال في البيت؛ لأن للجن انتشاراً وخطفة، الشريعة تحافظ على الأولاد وتحفظهم من الشياطين ومن الجن.

ورقية الصبيان في الحديث الصحيح: (مال صبيكم هذا يبكي؟ فهلا استرقيتم له من العين) الرقي بالقرآن والأدعية المشروعة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين .

وكان عليه الصلاة والسلام يشعر الصبيان بأهميتهم، فإذا مر بالصبيان سلم عليهم كما في الحديث الصحيح، لا يقال: ولد، بزر، جاهل، والناس يسمونه جاهل، لكنه كان يسلم عليهم، ومرة شرب وكان عن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال: (يا غلام! أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟ -الرسول صلى الله عليه وسلم يقول للغلام- فقال: ما كنت لأوثر بفضلي منك أحداً يا رسول الله! فأعطاه إياه) إذا أتي بأول الثمر، دعا بالبركة وأعطاه لأصغر الأولاد عنده.

لُعَبُ عائشة كانت موجودة في البيت، وكان يسألها عليه الصلاة والسلام (لما كشف الستر عن بنات عائشة -اللعب- قال: ما هذا يا عائشة ؟ قالت: بناتي، ورأى بينها فرساً لها جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليها؟ قالت: جناحان، قال: فرس لها جناحان؟! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيولاً لها أجنحة، فضحك الرسول صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه).

حقه في العلاج

وعلاج الأطفال واجب على أوليائهم إذا احتاجوا، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة، وعليكم بالقسط) التهاب وقرحة تخرج في حلق الولد، كانوا يدخلون شيئاً ليفقئوها، فنهاهم عليه الصلاة والسلام عن تعذيبهم بالغمز، وقال: (عليكم بالعود الهندي والقسط البحري) وهو شيء يعرفه العطارون، ويمكن سؤالهم عنه، يحك بالماء، ويجعل سعوطاً في أنف الولد، فإذا استنشقه برىء من هذه القرحة بإذن الله.

والصبي المميز يصح أذانه، ويكون إماماً في الصلاة، ويكون صفاً مع رجل آخر (ورفعت امرأة صبياً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر).

هذه بعض حقوق الأطفال في الإسلام، هذا بعض ما جاءت به الشريعة في شأن الأطفال، فهل يوجد أسمى من هذا الدين وأعظم من هذه الشريعة؟! فكفانا انخداعاً بالغرب والشرق، ولنعد إلى هذه الشريعة!

نسأل الله أن يحفظنا وأهلينا وأولادنا من كل سوء، ونسأله عز وجل أن يرزقنا تربيتهم وحسن القيام بشئونهم؛ إنه سميع مجيب قريب.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.


استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة اسٌتمع
اقتضاء العلم العمل 3616 استماع
التوسم والفراسة 3615 استماع
مجزرة بيت حانون 3552 استماع
الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة والموضوعة [2،1] 3501 استماع
اليهودية والإرهابي 3430 استماع
إن أكرمكم عند الله أتقاكم 3430 استماع
حتى يستجاب لك 3397 استماع
المحفزات إلى عمل الخيرات 3377 استماع
ازدد فقهاً بفروض الشريعة 3352 استماع
الزينة والجمال 3341 استماع