مؤامرة تمييع الدين [1]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فإننا معشر المسلمين مطالبون شرعاً بالدفاع عن حياض الإسلام، والذود عن هذه الشريعة المطهرة، ولأن ديننا أعز شيء لدينا، وجُبل الإنسان على الدفاع عن أغلى شيء عنده، وعن النفيس مما لديه، فلابد للمسلم أن يضع نُصب عينيه الدفاع عن شريعة الإسلام، وأن يجعل له ذلك وظيفةً، وألا يقصر في القيام في هذا الأمر، يسعى لله بالحجة والبيان، وينافح عن الإسلام، وعندما يكون المسلمون في ضعف يتكاثر الطاعنون، ويرفع أهل الضلال رءوسهم، يريدون النيل من هذا الدين القويم.

ونحن لا ننكر أيها الإخوة! في مرحلة الاستضعاف التي نعيشها أننا نتعرض لحملة شرسة من أعداء الدين، وأن هناك كثيراً من الخراب في الفكر والعقيدة الذي تسلل إلى نفوس بعض المسلمين ممن حملوا معاول الهدم، يشعرون أو لا يشعرون، ولكنك لا يمكن أن تغمض عين البصيرة عن الروابط التي تربط أعداء الدين في الخارج مع أعداء الدين داخلنا وبيننا؛ لأن الإغماض عن ذلك نوع من الغفلة، لا يمكن أن يليق بمسلم صاحب بصيرة.

ومعاول الهدم كثيرة في هذه العقيدة التي هي صامدة في نفوس أبنائها مهما حصل، ومن ذلك أيها الإخوة موضوع خطير جداً يدندن حوله، ويراد تقريره، وهو موضوع التمييع، تمييع عدد من أحكام الدين، وشعائر الدين، وعدد من المسلمات والثوابت في هذه الشريعة المطهرة.

لقد تولى إفك التمييع وهذا المهمة عدد من المنتسبين إلى أهل الإسلام، الذين يتسمون بأسماء المسلمين، ولكنهم في الحقيقة يريدون أن يقلعوا الشريعة حجراً حجراً، وبعضهم يظن أن ما يفعله هو أمر طيب في صالح الشريعة، وبعضهم يفعل ما يفعل عن تعمد واستمداد من أهل الباطل والكفر وصناديده.

وهذا التمييع أيها الإخوة! أمرٌ جد خطير؛ لأنه قد حصل بسببه التباس عند كثير من المسلمين الذين تأثروا بهذه الأفكار المطروحة، وهذا التمييع صار في جوانب متعددة، ولنأخذ بعض الأمثلة تحت بعض العنوانين لنبين ما هو المقصود بقضية التمييع.

إن هؤلاء الطاعنين في شريعتنا، يميعون على سبيل المثال كثيراً من أمور الغيب والعقيدة؛ ولأن عقولهم لا تقبل وجود أشياء غيبية كالملائكة والجن مثلاً؛ لأنهم لا يحسون بها ولا يرونها، فيريدون إنكارها.

ولذلك فإنهم يدندنون حول قضية إمكانية أن يعيش المسلم بسلوك الإسلام دون أن يعتقد ببعض الأمور الغيبية، ويقولون: إن المهم هو فقه الشريعة، وأما فقه العقيدة فإنه مسألة فيها حرية وسعة، وأن المسلم يمكن أن يعيش بسلوك الإسلام، حتى ولو أنكر بعض الرموز والخيالات الموجودة في هذا الدين، يقول محمد أركول من ضُلال هذا العصر: لابد من أن نقر أن الذي حرك القبائل أيام النبي محمد -ونحن نقول: صلى الله عليه وسلم- وهو لم يقل: صلى الله عليه وسلم، هو الإيمان كما ورد في القرآن، والتصورات الأخروية من وعد ووعيد، التي دخلت عقول الناس وجعلتهم يؤمنون بها كحقائق واقعية، وليس كخيال ورموز، ونحن ننظر إليها في هذا العصر كخيال ورموز.

وكذلك يقول حسن حنفي : ألفاظ الجن والملائكة والشياطين ألفاظ تتجاوز الحس والمشاهدة، ولا يمكن استعمالها؛ لأنها لا تشير إلى واقع، ولا يقبلها كل الناس.

وكذلك يرى زكي نجيب محمود : إن الغيب والإيمان به خرافة.

ويقول واحد آخر ممن يحسب على المشيخة والمشايخ، يقول عن إحدى صفات الله تعالى: إن العقائد لا تُخترع ولا تُفتعل على هذا النحو المضحك، عقيدة أن لله رجلاً ما هذا؟! فيريد إنكار القدم أو الساق أو اليد أو الوجه من صفات الرب عز وجل التي أثبتها لنفسه في كتابه سبحانه وتعالى، وقال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27].

وكذلك أثبت صفة القبضة له سبحانه وتعالى، وأثبت صفة اليد له عز وجل، أثبتها له سبحانه، وهو المتصف بها، ونحن لا نعرف إلا ما أخبرنا به في كتابه، وما حدثنا به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الزمر:67].. بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64].

وهذا يقول: هذا سخف، لله كذا، هذا شيء مضحك! استهزاء بصفات الله، والذي قبله يقول: العوالم الغيبية رموز وخيالات، والذي بعده يقول: الشياطين والملائكة ليس لها وجود، لا يقبلها كل عقل، ثم يقولون: فكيف إذاً يلتقي المسلمون الذين يؤمنون بهذه والذين لا يؤمنون، يمكن أن يلتقوا على السلوك الإسلامي، وعلى الأخلاق الإسلامية، أما هذه العقائد والأمور الغيبية فلا يلزم الجميع أن يؤمنوا بها.

سبحان الله! ما هي أول صفة وصف الله بها المؤمنين في سورة البقرة؟ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .. [البقرة:1-3] بل إقامة الصلاة: وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ .. [البقرة:3-4] أعادها وكررها: بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ [البقرة:4] وما فيها من المشاهد الغيبية، من الحوض والصراط والميزان والجنة والنار، وعرش الرحمن وكرسي الرحمن، والمنابر من نور عن يمين الرحمن، وظل العرش: وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة:4] أولئك المؤمنون حقاً أيها الإخوة: أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة:5] فإذا لم يؤمنوا ببعض هذه الأشياء، فليسوا على هدىً من ربهم، وليسوا بالمفلحين، وليسوا هم المؤمنون حقاً.

فهل رأيتم إذاً وتراً من الأوتار الذي يعزف عليها هؤلاء في قضية تمييع هذه الأمور؟

ومن الأشياء التي يريدون التخلص منها معجزات الأنبياء، لماذا أيها الإخوة؟ لأنها غيب، وعقولهم لا تتحمل الغيبيات، عقل فاسد وضيق، لا تتحمل عقولهم الغيبيات، فهذا أحدهم يقول: الذي ادعى أنه يحمل الجمع في الفقه بين القرآن والسنة، وألف كتاباً خطيراً جداً في السنة النبوية، يريد أن يزلزلها وينسف ثوابتاً فيها، يقول: على أنه لا صلة للعقيدة بأن الرسول عليه الصلاة والسلام أظلته غمامة أو كلمه جماد، والرجل الصالح لا يُغمز مكانته إنكاره لهذه الخوارق.

لاحظ معي يقول: إذاً لا صلة للعقيدة بقضية أن الرسول عليه الصلاة والسلام أظلته الغمامة أو كلمه جماد، والرجل الصالح لا يغمز مكانته إنكاره لهذه الخوارق، إذاً يمكن أن يكون الرجل صاحب مكانة في الدين، وهو ينكر هذه الخوارق، والله تعالى هو الذي أيد نبينا صلى الله عليه وسلم بالمعجزات، وهو الذي أعطاها له ردءاً وتأييداً منه سبحانه؛ ليتبين قومه أنه نبي فعلاً ولا يقولوا: كذاب، لقد انشق القمر وأراهم القمر شقين، ورأوا أموراً عجيبة، ورأى أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم من الخوارق ما زاد إيمانهم، ومن المعجزات ما أكد يقينهم وثبتهم: قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260].

فرأوا تكثير الطعام بين يديه، ونبع الماء من بين أصابعه، وتسبيح الأكل وهو يؤكل، وسلم عليه الحجر بـمكة ، فكانت المعجزات تأييداً له ولأصحابه وبرهاناً على نبوته أمام الكفار، ومات صلى الله عليه وسلم وأبقى لنا هذه المعجزة الخالدة، وهي القرآن الكريم.

أيها المسلمون! إن الله عز وجل لا يعجزه أن يؤيد رسولاً من رسله بأن تمشي إليه شجرة أو يحيي له ميتاً، أو يخرج له ناقة من صخرة، أو ينبع الماء من بين أصابعه، أو يرزقه فاكهة الشتاء في الصيف، أو يحا له طائراً قد ذبح وقطّع، فالله يؤيد أنبياءه بالمعجزات، ويعطي الكرامات لأوليائه، وليس ذلك على الله بعزيز، والله على كل شيء قدير، ولما رأى إبراهيم الخليل هذه الطيور التي قطّعت وذبحّت ووزعت على الجبال، ثم دعاها فجاء عنق هذا إلى جسده، ورجلا هذا إلى بقية الجسد وتركبت وطارت إليه، وقال: أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:259] وأن الله عزيز حكم، كما قال ذلك عزير وقالها إبراهيم.

إذاً أيها الإخوة! هؤلاء الذين ينكرون الجن اليوم، ويقولون: إنهم غير موجودين، وإن الصرع لا يمكن أن يحدث، وإن الشياطين ليس لها تسلط على البشر، والله سبحانه وتعالى قد ذكر ذلك بقوله عز وجل: إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة:275] وأن الشياطين تمس الناس، نعم لم يجعل الله لهم سلطاناً عاماً على الإنس يصرعون من يشاءون ويلتقون كيف شاءوا، كلا، إن ذلك يحدث على نطاق ضيق وعدد قليل، ولكنه يحدث، ونقر أنه يحدث، ولا نقول: عقولنا لا تقبل ذلك.

ومن التمييع الذي يمارسه هؤلاء: تمييعٌ في قضية الحكم على المرتدين الذين نطقوا بالكفر، فهذا أحدهم وهو فهمي هويدي يعتذر عن نزار قباني الشاعر الملحد الضال، الذي نطق شعره بالكفر صراحة، فينقل عنه عبارة كفرية واضحة، يقول فيها نزار:

لا تسافر مرة أخرى

لأن الله منذ رحلت

دخل في نوبة بكاء عصبية

وأضرب عن الطعام!

ثم قال: وبعت الله!

هذا الذي قاله الأفاك الأثيم الذي ذهب إلى الله، والله سيتولاه، فماذا قال صاحبنا في الدفاع عنه، يقول: فالكلام الذي صدر عن نزار لا يدخل في إطار إنكار الله بطبيعة الحال، وإن تمنينا أن يتسم حديثه عن الله بالقدر الواجب من الإجلال، إلا أننا نقول: إنه غلب على نزار اعتبار صنعة الشعر، والأوزان والقوافي وكذلك هذه الموهبة، وأطلق العنان للتعبير، فجاء كلامه على ذلك النحو غير المستحب.

غير المستحب!! واحد يقول: بعت، ويقول: نحو غير المستحب!! واحد يقول: إنه سبحانه أضرب عن الطعام! ودخل في نوبة بكاء عصبية! ثم تقول أنت عنه: صنعة الشعر غلبته فجاء الأسلوب غير المستحب! سبحان الله! هذا هو التمييع أيها الإخوة! أن نأتي إلى واحد قد صرح بالكفر الذي لا يوجد أشد منه، ثم نعتذر إليه بأن صنعة الشعر جاءت في كلامه على الأسلوب غير المستحب، وكنا تمنينا أن يأتي بالأسلوب الآخر، وكنا تمنينا أن يحاكم مرتداً وتقطع رقبته، وتمنينا نحن المسلمين، هذا الذي نتمناه في أي واحد يهاجم الله عز وجل أن يحاكم شرعاً بالردة، فإذا أقر ولم يرجع أن تضرب رقبته بالسيف انتصاراً لله تعالى، هذا الذي تمنينا.

نتمنى هدايته ولكن لو لم يهتد، فإذاً ماذا نتمنى؟ أن يقام عليه حد الردة: وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ [الرعد:13] هذا هو الله عز وجل : وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ [الرعد:13] سبحانه وتعالى! هذا رعده وبرقه: وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ [الرعد:13].

من التمييع كذلك: تمييع أحكام الفقه وأصول الإسلام التي جاءت بها الأحكام، فيقول أحدهم وهو محمد عبده في موضوع الوضوء بالكولونيا: ومن أين جاء أن ماء الزهر والورد لا يصح الوضوء به، وماء الكولونيا أحسن شيء للوضوء، فإنه يمنع آثار المرض، قاله في كتاب تاريخ الأستاذ الإمام ، والذي يدافع فيه عن أحد كبار المنافقين في هذا العصر وهو جمال الدين الأفغاني ، وقد ذهبا إلى الله، وليس عندنا علم هل تابا أم لا، فالله يتولاهما، ولا نحكم على مصيرهما في الدار الآخرة، أمرهما إلى الله.

لكن نحن نأخذ العبرة، ونريد أن نعرف ما هي الأساليب التي يمشي بها هؤلاء بين المسلمين، من الذي قال: إن الوضوء بالكولونيا لا يجزئ، فماء الكولونيا أحسن شيء للوضوء.

نقول: الذي قال هم أئمة الدين من فقهاء المسلمين سلفاً وخلفاً، أنه لا يجزئ الوضوء إلا بالماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حدد الطهارة بالماء، وفي حالة فقده يتيمم بالتراب، هذا الذي جاءت به الأحاديث، الماء طهور وبه يتوضأ ويرفع الحدث الأكبر والأصغر، وإذا عدم فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً [النساء:43] ولم يقل: كولونيا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43].

والعاقل والبليغ والمثقف والعامي والفلاح والدكتور كلهم يعرفون معنى لفظة الماء: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً وأي عاقل يفرق بين الماء والعصير، والماء والشاي، والماء والكولونيا، والماء والزعفران، وماء الورد وماء الزهر، كل ذلك بينه فرق بيّن.

موقفهم من الربا

أما الموقف من حكم الربا، فماذا يقولون؟ يقول ذلك الرجل: والفقهاء مسئولون في التشديد على الأغنياء في الربا، فاضطروا الفقراء للاستدانة من الأجنبي، بأرباح فاحشة استنزفت الثروات، ويجّوز بعضهم كما جّوز ذلك جمال الدين الأفغاني الذي قال بجواز الربا المعقول الذي لا يثقل كاهل المديون، ولا يتجاوز في برهة من الزمن رأس المال.

فإذاً جرى على ذلك أذنابهم بعد ذلك بعشرات السنين، ووضحوا قولهم وأصلوه، وقالوا: الربا المعقول، يقول ربنا عز وجل الذي نحن نؤمن بشرعه وقدره، وبما أراده واصطفاه لنا من الشريعة والدين، يقول في القرآن الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة:27] ما بقي ½%، وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] وأنت تقول: ربا معقول! ما هو الربا المعقول؟ الذي نعقله ما جاء في هذه الشريعة، وكل شيء يخالف الشريعة غير معقول وسخيف، وتافه وترهات وباطل، لا يوجد شيء اسمه ربا معقول، هناك في هذه الشريعة شيء قطعي وهو تحريم الربا.

موقفهم من الحدود

ثم انصب كلامهم في تميع الحدود الشرعية بعد الأحكام الفقهية، على قضية حد الردة، وإبطال حد الردة، وأن الإنسان حر إذا غير دينه، يا أخي! إذا غير دينه هو حر، لماذا يقتل؟! كيف يكون حراً في اختياره، ولا حرج عليه ولا تبعة، ونبينا صلى الله عليه وسلم الذي نؤمن به وبشرعه الذي جاء به من عند ربه يقول: (من بدل دينه فاقتلوه) من بدل دينه: أي: الإسلام، وليس من ترك النصرانية واليهودية إلى الإسلام، المقصود واضح من بدل دينه، أي: الشرع الحكيم الصحيح الإسلام والتوحيد (من بدل دينه فاقتلوه) نص في المسألة.

كيف يقال: إن عقوبة الإعدام لا تتناسب مع القرن العشرين، ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين، فيجب إلغاء عقوبة الإعدام.

ولذلك يدندنون في الفضائيات والبرامج التي تبث، في مسألة رجم الزاني المحصن أنها غير صحيحة، ويقولون: لم تُذكر في القرآن، سبحان الله! فقد ثبتت في السنة، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده كما يقول عمر ، وحتى لا يقول قائل، فقد قالها عمر رضي الله عنه قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة قال: أن يأتي أناس يقولون: ما وجدناها في كتاب الله. وجاءوا فعلاً في كثير من الأوقات، وفي هذا الوقت بالذات وقالوا: ما وجدناها في كتاب الله.

فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز والغامدية ، ورجمُت شراحة الهمدانية ، ورجم عمر رضي الله عنه وعلي ، ورجم أبو بكر ، ورجم الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، دلالة على أن ذلك الحكم ليس منسوخاً ولا باطلاً.

الزاني المحصن الذي وطأ وذاق حلاوة الحلال في عقد صحيح إذا زنا وثبت عليه باعترافه أو بأربعة شهود؛ يرجم حداً من الله تعالى.

ثم يقولون: لا يناسب العصر الحاضر، لأنه ليس موجوداً في كتاب الله.

فإذا قلنا لهم: حد السرقة موجود في كتاب الله، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ [المائدة:38] يقول قائلهم: إن الشريعة لا تريد أن يتحول المجتمع إلى أناس مشوهين، هذا مجلود، وهذا مقطوع اليد، وهذا مفقوء العين، وهذا مكسور السن بقضية القصاص، اسجنه وامش، أو أي عقوبة مالية ، فنقول: هذا موجود في كتاب الله: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] موجود، قالوا: هذه همجية لا تصلح في هذا القرن.

وهكذا ترون أيها الإخوة! قضية صب الكلام على تمييع الحدود الشرعية التي أنزلها الله؛ من حد الردة وحد الزنا للمحصن، وحد السرقة، أنهم يريدون إبطال ذلك، وإقناع المسلمين أن ذلك كان في عهدٍ مضى ولا يناسب هذا الزمان.

هذه قليل جداً جداً مما يقولونه في بعض هذه المسائل، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المتمسكين بالحق والدين، ومن الحريصين على تنفيذ شرعه المبين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

أما الموقف من حكم الربا، فماذا يقولون؟ يقول ذلك الرجل: والفقهاء مسئولون في التشديد على الأغنياء في الربا، فاضطروا الفقراء للاستدانة من الأجنبي، بأرباح فاحشة استنزفت الثروات، ويجّوز بعضهم كما جّوز ذلك جمال الدين الأفغاني الذي قال بجواز الربا المعقول الذي لا يثقل كاهل المديون، ولا يتجاوز في برهة من الزمن رأس المال.

فإذاً جرى على ذلك أذنابهم بعد ذلك بعشرات السنين، ووضحوا قولهم وأصلوه، وقالوا: الربا المعقول، يقول ربنا عز وجل الذي نحن نؤمن بشرعه وقدره، وبما أراده واصطفاه لنا من الشريعة والدين، يقول في القرآن الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة:27] ما بقي ½%، وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279] وأنت تقول: ربا معقول! ما هو الربا المعقول؟ الذي نعقله ما جاء في هذه الشريعة، وكل شيء يخالف الشريعة غير معقول وسخيف، وتافه وترهات وباطل، لا يوجد شيء اسمه ربا معقول، هناك في هذه الشريعة شيء قطعي وهو تحريم الربا.

ثم انصب كلامهم في تميع الحدود الشرعية بعد الأحكام الفقهية، على قضية حد الردة، وإبطال حد الردة، وأن الإنسان حر إذا غير دينه، يا أخي! إذا غير دينه هو حر، لماذا يقتل؟! كيف يكون حراً في اختياره، ولا حرج عليه ولا تبعة، ونبينا صلى الله عليه وسلم الذي نؤمن به وبشرعه الذي جاء به من عند ربه يقول: (من بدل دينه فاقتلوه) من بدل دينه: أي: الإسلام، وليس من ترك النصرانية واليهودية إلى الإسلام، المقصود واضح من بدل دينه، أي: الشرع الحكيم الصحيح الإسلام والتوحيد (من بدل دينه فاقتلوه) نص في المسألة.

كيف يقال: إن عقوبة الإعدام لا تتناسب مع القرن العشرين، ونحن على مشارف القرن الواحد والعشرين، فيجب إلغاء عقوبة الإعدام.

ولذلك يدندنون في الفضائيات والبرامج التي تبث، في مسألة رجم الزاني المحصن أنها غير صحيحة، ويقولون: لم تُذكر في القرآن، سبحان الله! فقد ثبتت في السنة، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده كما يقول عمر ، وحتى لا يقول قائل، فقد قالها عمر رضي الله عنه قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة قال: أن يأتي أناس يقولون: ما وجدناها في كتاب الله. وجاءوا فعلاً في كثير من الأوقات، وفي هذا الوقت بالذات وقالوا: ما وجدناها في كتاب الله.

فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز والغامدية ، ورجمُت شراحة الهمدانية ، ورجم عمر رضي الله عنه وعلي ، ورجم أبو بكر ، ورجم الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، دلالة على أن ذلك الحكم ليس منسوخاً ولا باطلاً.

الزاني المحصن الذي وطأ وذاق حلاوة الحلال في عقد صحيح إذا زنا وثبت عليه باعترافه أو بأربعة شهود؛ يرجم حداً من الله تعالى.

ثم يقولون: لا يناسب العصر الحاضر، لأنه ليس موجوداً في كتاب الله.

فإذا قلنا لهم: حد السرقة موجود في كتاب الله، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ [المائدة:38] يقول قائلهم: إن الشريعة لا تريد أن يتحول المجتمع إلى أناس مشوهين، هذا مجلود، وهذا مقطوع اليد، وهذا مفقوء العين، وهذا مكسور السن بقضية القصاص، اسجنه وامش، أو أي عقوبة مالية ، فنقول: هذا موجود في كتاب الله: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38] موجود، قالوا: هذه همجية لا تصلح في هذا القرن.

وهكذا ترون أيها الإخوة! قضية صب الكلام على تمييع الحدود الشرعية التي أنزلها الله؛ من حد الردة وحد الزنا للمحصن، وحد السرقة، أنهم يريدون إبطال ذلك، وإقناع المسلمين أن ذلك كان في عهدٍ مضى ولا يناسب هذا الزمان.

هذه قليل جداً جداً مما يقولونه في بعض هذه المسائل، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المتمسكين بالحق والدين، ومن الحريصين على تنفيذ شرعه المبين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.