خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
أهمية الأدب في حياة المسلم
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله الذي جعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، والحمد لله الذي أنزل علينا هذا الدين، وأنزل فيه الأدب الذي تصلح به الحياة، وهذا الأدب هو من صميم هذا الدين، أمرٌ غفل عنه الكثير من الناس، وهو ضروريٌ للمسلم مع الله سبحانه وتعالى، ومع الرسل ومع الخلق، وضروريٌ له في أحواله حتى لو كان لوحده، فبالأدب يعرف المسلم ما ينبغي أن يكون عليه حاله في طعامه وشرابه، وفي سلامه واستئذانه، وفي مجالسته وحديثه، وفي طرائفه ومزاحه، وفي تهنئته وتعزيته، وفي عطاسه وتثائبه، وفي قيامه وجلوسه، وفي معاشرته لأزواجه وأصدقائه، وفي حله وترحاله، ونومه وقيامه، وغير ذلك من الآداب التي لا حصر لها، ومنها آدابٌ أوجبها الله سبحانه وتعالى على الصغير والكبير، والمرأة والرجل، والغني والفقير، والعالم والعامي حتى يظهر أثر هذا الدين في الواقع، ولا شك أن من جوانب العظمة في هذا الدين هذه الآداب التي جاءت في هذه الشريعة التي تميز المسلمين عن غيرهم، وتظهر سمو هذه الشريعة وكمالها وعظمها.
والدين أدبٌ كله، فستر العورة من الأدب، والوضوء وغسل الجنابة من الأدب، والتطهر من الخبث من الأدب حتى يقف بين يدي الله طاهراً، ولذلك كانوا يستحبون أن يتجمل المرء في صلاته ليقف بين يدي ربه، حتى كان لبعضهم حلةٌ عظيمة اشتراها بمالٍ كثير ليلبسها وقت الصلاة، ويقول: ربي أحق من تجملت له (في صلاتي) وهذا مطلبٌ عظيم، فتعالوا بنا نتعرف إلى معنى كلمة الأدب وإلى بعض ما جاء في النصوص الشرعية حول هذه الكلمة وبعض أقوال العلماء فيها وأنواع الأدب، ثم نتكلم إن شاء الله عن المقصود من هذا الدرس وكيف المسير فيه.
معنى كلمة: الأدب
والأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس سمي أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد ويدعوهم إليها، وجاء في المصباح عن الأدب: تُعلم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق، وقيل: الأدب ملكة تعصم من قامت به عما يشينه.
استعمالات كلمة الأدب في كتب أهل العلم
وقد نثر الفقهاء الآداب على أبواب الفقه، فذكروا في كل باب ما يخصه من الآداب، ففي الاستنجاء مثلاً ذكروا آداب الاستنجاء غير الأحكام الفقهية مما يجوز ولا يجوز، وفي الطهارة كذلك بأقسامها ذكروا آدابها، وفي القضاء ذكروا آداب القضاء في كتب الفقه.
مصنفات العلماء الخاصة بالأدب
آداب الفتيا كتب منها: كتاب آداب المفتي للسيوطي ، وكذلك آداب الأكل للأقفاسي وآداب الأطفال للهيثمي وفي آداب الزكاة كتب، وفي آداب البحث والمناظرة مثل: كتاب الشنقيطي ، وفي الصحبة كتب مثل: كتب الصحبة للسلمي ، وفي آداب العشرة كتب مثل: كتاب أبي البركات الغزي ، وفي التجارة أيضاً آداب التجارة، وآداب الحوار، وآداب الزفاف، وآداب معاملة اليتيم، وآداب الطبيب، وهناك عدة كتب تتكلم في آداب مخصوصة، الكتاب في أدبٍ معينٍ من الآداب.
اصطلاح آخر لكلمة الأدب
إذاً كلمة الأدب المستعملة في اللغة مثل: ما يرتبط بالشعر والنثر الأدب، هذه لفظة مولدة حدثت في الإسلام، أطلقوا على بعض الأشياء المتعلقة باللسان من الشعر والنثر أدباً، فهذا إطلاق في اعتبار لغوي، الأديب بهذا المعنى إطلاقٌ خاص يتعلق باللغة وإصلاح اللسان والخطابة، لاشك أن الأدب في الإسلام أمرٌ مهمٌ جداً، وأنه يحتم على الإنسان المسلم الالتزام بالآداب الشرعية في جميع الأمور.
بعض الآداب في النصوص الشرعية
ومما جاء في النصوص الشرعية في معاني ما يتعلق بالأدب والتأديب قول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث الصحيح: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين فذكر منهم: ورجلٌ كانت له أمةٌ فغذاها فأحسن غذائها، ثم أدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران).
وكذلك فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كل شيءٍ ليس من ذكر الله فهو لهوٌ ولعب إلا أن يكون أربعة، ذكر منها: تأديب الرجل فرسه) ترويضه وتعليمه، والحديث بتمامه: (كل شيءٍ ليس من ذكر الله لهوٌ ولعب إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته، وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الغرضين، وتعليم الرجل السباحة) تعلم السباحة رواه النسائي وهو حديثٌ صحيح.
والأدب بهذه اللفظة جاءت في حديث جابر رضي الله عنه عندما تزوج ثيباً وسأله النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنه تزوج بثيب، فقال عليه الصلاة والسلام: (فهلا تزوجت بكراً تلاعبها وتلاعبك! قال يا رسول الله: توفي والدي، أو استشهد، ولي أخواتٌ صغار، فكرهت أن أتزوج مثلهن فلا تؤدبهن -يعني: أتزوج صغيرة لا تستطيع التأديب- فلا تؤدبهن ولا تقيم عليهن، فتزوجت ثيباً لتقوم عليهنّ وتؤدبهن) رواه البخاري رحمه الله في كتاب الجهاد.
أما الأدب: فقد ذكر ابن فارس رحمه الله أن الأدب دعاء الناس إذا دعوتهم إلى شيء، وسميت المأدبة مأدبةً لأنه يدعو الناس فيها إلى الطعام، والأدب هو الداعي، وكذلك فإن الأدب أمرٌ قد أجمع على استحسانه، وعرفاً: ما جعل خلقه إلى المحامد ومكارم الأخلاق وتهذيبها، وذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب الأدب من صحيح الإمام البخاري رحمه الله، قال: الأدب استعمال ما يحمد قولاً وفعلاً، وعبر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستحسنات (الأمور المستحسنة) وقيل هو تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك، والأدب كذلك مما ورد في تعريفه: حسن الأخلاق، وفعل المكارم.
والأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس سمي أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد ويدعوهم إليها، وجاء في المصباح عن الأدب: تُعلم رياضة النفس ومحاسن الأخلاق، وقيل: الأدب ملكة تعصم من قامت به عما يشينه.
وقال ابن القيم رحمه الله: الأدب اجتماع خصال الخير في العبد، ومنه المأدبة: الطعام الذي يجتمع عليه الناس، فإذاً ففيه معنى الدعاء إلى الشيء والاجتماع عليه، وكذلك يطلق الأدب في اللغة على الجمع، وسمي الأدب أدباً لأنه يأدب الناس، يعني: يجمعهم إلى المحامد، والأدب هو: الخصال الحميدة، أما استعمالات هذه الكلمة في كتب أهل العلم، فإنها تأتي بمعنى خصال الخير مثل: آداب الطعام وآداب الشراب، وآداب النكاح وآداب القضاء، وآداب الفتيا، وآداب المشي، وآداب النوم ونحو ذلك، وللعلماء في هذا مصنفات، ويطلق بعض الفقهاء كلمة آداب على كل ما هو مطلوب سواء كان واجباً أو مندوباً، ولذلك بوبوا فقالوا: آداب الخلاء والاستنجاء، مع أن منها ما هو مستحب ومنها ما هو واجب، فكلمة أدب أو آداب أو أن هذا الشيء من الآداب لا يعني أنه فقط مستحب بل ربما يكون واجباً، ويطلق الفقهاء لفظة أدب بمعنى الزجر والتأديب كما جاء في حديث: (اجعل السوط في البيت فإنه أدبٌ لهم) يعني: لأهل البيت، تعليق السوط في البيت فإنه أدبٌ لهم، وحسنه الشيخ ناصر بطرقه، فإذا قيل: أدبه، بمعنى: عاقبه وزجره (عزره) فهذه من معاني كلمة الأدب كذلك.
وقد نثر الفقهاء الآداب على أبواب الفقه، فذكروا في كل باب ما يخصه من الآداب، ففي الاستنجاء مثلاً ذكروا آداب الاستنجاء غير الأحكام الفقهية مما يجوز ولا يجوز، وفي الطهارة كذلك بأقسامها ذكروا آدابها، وفي القضاء ذكروا آداب القضاء في كتب الفقه.
وصنفت كتبٌ خاصة بالأدب مثل: كتاب: أدب الدنيا والدين للماوردي، ونظم ابن عبد القوي رحمه الله منظومته المشهورة في الأدب والآداب، وشرحها السفاريني رحمه الله، ومن قبله ابن مفلح الذي صنف كتاب الآداب الشرعية ، فإذاً هناك كتب مجموعة في الآداب عموماً، ومن أشهرها الآداب الشرعية لـابن مفلح ، وغذاء الألباب شرح منظومة الآداب المنظومة لـابن عبد القوي والشرح للسفاريني وكتاب أدب الدنيا والدين للماوردي، وهناك كتبٌ تتكلم بشكلٍ مخصوص عن آداب معينة، مثلاً تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم لـابن جماعة رحمه الله، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ، هذه آداب تتعلق بطلب العلم للخطيب البغدادي رحمه الله، أدب الإملاء والاستملاء للسمعاني ، وهو إملاء الحديث وكتابته، كيف يملي المحدث الحديث وكيف يكتبه عنه الطلاب، هذا له آداب، هذا مصنف خاص في أدب الإملاء والاستملاء.
آداب الفتيا كتب منها: كتاب آداب المفتي للسيوطي ، وكذلك آداب الأكل للأقفاسي وآداب الأطفال للهيثمي وفي آداب الزكاة كتب، وفي آداب البحث والمناظرة مثل: كتاب الشنقيطي ، وفي الصحبة كتب مثل: كتب الصحبة للسلمي ، وفي آداب العشرة كتب مثل: كتاب أبي البركات الغزي ، وفي التجارة أيضاً آداب التجارة، وآداب الحوار، وآداب الزفاف، وآداب معاملة اليتيم، وآداب الطبيب، وهناك عدة كتب تتكلم في آداب مخصوصة، الكتاب في أدبٍ معينٍ من الآداب.