لقاء الباب المفتوح [210]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء العاشر بعد المائتين من لقاءات الباب المفتوح, التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو اليوم العاشر من شهر ربيع الأول عام (1420هـ).

من عادتنا أن نتكلم في أول اللقاء على تفسير شيء من القرآن الكريم, أما اليوم فنخصص هذا اللقاء بالكلام عن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

فنقول: من المعلوم أنه يجب على كل مسلم أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأنه لا يؤمن أحد حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين, ولا يمكن التأسي الكامل بالبدن والقلب إلا بمحبته؛ لأن المحبة هي الدافع والمانع, ولهذا تجد الرجل إذا أحب شخصاً اقتدى به في أقواله وأفعاله لأنه يحبه, فلا يتم الإيمان إلا بتقديم محبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كل أحد من البشر, وهذا أمر مفروغ منه لا يمتري فيه شخصان, ولا ينتطح فيه عنـزان.

وهل من محبته أن يقام احتفال بمولده؟ الجواب: لا. ليس من محبته, وإن كان بعض الناس تحمله محبة الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يقوم بهذا الاحتفال, ويقول: إني فعلت هذا محبة للرسول صلى الله عليه وسلم, هذا قد يقع من بعض الناس, ولكن حقيقة المحبة تنافي ذلك؛ لأن حقيقة المحبة: أن تلتزم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم, كما قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] فجعل الميزان لمحبة الله عز وجل اتباع النبي صلى الله عليه وسلم, إذاً: الميزان في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباعه, فمن قال إنه يحبه ولم يتبعه لم يكن صادقاً في هذه الدعوى.

حكم الاحتفال بالمولد

فلننظر الآن هذا الاحتفال متى كان؟ وهل هو مطابق للواقع؟ وهل هو مطابق للشرع؟ حتى يتبين حكمه، ويجب على المرء أن يعمل بما يقتضيه الدليل.

أما بالنسبة للواقع فإنه لا يصح من الناحية التاريخية؛ لأنه لم يثبت أن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في اليوم [12] من ربيع الأول, بل الثابت حسب العملية الحسابية الفلكية أنه كان في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول, وليس في اليوم الثاني عشر, وحينئذٍ يبطل الاحتفال بهذا اليوم من الناحية التاريخية.

ثم نقول: إذا ثبت اليوم الذي ولد فيه، فهل لنا فائدة من ولادته قبل أن يكون رسولاً يهدي الناس إلى الحق؟ لا. ولهذا قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً [آل عمران:164] ما قال: إذ وُلِدَ فيهم رسول! قال: إِذْ بَعَثَ [آل عمران:164] فالنعمة إنما هي في الحقيقة ببعث الرسول عليه الصلاة والسلام لا بولادته؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، بل قال الله له: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52] فلم يكن نبياً ولا رسولاً إلا بعد بعثته صلى الله عليه وسلم, أما قبل ذلك فليس نبياً ولا رسولاً, فالاحتفال لو قدر أن هناك احتفالاً لكان ببعثته لا بمولده, ومن المعلوم أن أول ما نزل عليه القرآن نزل في شهر رمضان ليس في شهر ربيع.

من الناحية الشرعية لا يثبت هذا الاحتفال, بل هو من البدع, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار, لا يثبت؛ لأن طريق ثبوت كون الأمر مشروعاً الكتاب أو السنة أو عمل الصحابة, فهل في الكتاب الأمر أو الندب للاحتفال بمولده؟ لا يوجد, هل في السنة ذلك؟ لا يوجد, غاية ما هنالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: (ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل علي فيه) وهذا تنويه بفضل يوم الإثنين, لا بفضل الولادة, فهذا اليوم كان يوماً مباركاً حصلت فيه هذه الأمور, فكان صيامه مشروعاً.

هل ورد من عمل الصحابة أنهم يحتفلون بمولده؟ الجواب: لا. هل كان ذلك في عهد التابعين لهم بإحسان؟ الجواب: لا. هل هو في عهد تابع التابعين؟ الجواب: لا. فمضت القرون الثلاثة كلها لم تحتفل بهذه البدعة.

حدثت في القرن الرابع الهجري عن حسن نية أو عدم حسن نية, لكنها بدعة, شيء لم يندب الله إليه في الكتاب, ولم يفعله الرسول, ولا الخلفاء من بعده, ولا الصحابة, ولا التابعون لهم بإحسان, ولا تابعوهم, فكيف يأتي آخر هذه الأمة فيعمل به؟

ثالثاً: إذا قالوا: إن هذا قربة إلى الله لأننا لا نتجاوز أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ونذكر مناقبه وفضائله؟ فالجواب أن نقول: لو كان خيراً لسبقونا إليه, هل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وأصحابه والتابعون وتابعوهم جاهلون بهذه القربة أو عالمون؟! إن قيل: إنهم جاهلون فقد رموا بالجهل وهذا قدح فيهم، وادعى هذا أنه أهدى من الرسول وأصحابه؛ لأنه وفق للحق وهم لم يوفقوا له, وإن قيل: إنهم غير جاهلين، قيل: إذاً: هم كاتمون مستكبرون لم يبينوا هذا للأمة, ولم يعملوا به؛ فهم لعدم بيانهم للأمة كاتمون للحق, ولعدم العمل به مستكبرون عن الحق, أي إنسان يجرؤ أن يقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام كاتم أو مستكبر؟! لا يجرؤ أحد, هؤلاء يلزم من بدعتهم هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون جاهلاً بأنها من الحق, وإما كاتماً بيان ذلك للناس، وإما مستكبراً عن العمل بها, كل هذا باطل! لا يمكن لمؤمن أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم به, لكنه لازم البدعة.

ثم نقول: هل الدين كَمُل بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام أم لا؟ الجواب: كمل, قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] أكملت لكم دينكم! هذه البدعة التي يدعي مبتدعوها أنها من الدين تستلزم أن يكون الدين لم يكمل بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام بقي عليه البدعة هذه, وهذا يلزم عليه فضيعة عظيمة, وهي تكذيب قول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] لأنه على حد فعل هؤلاء لم يكمل الدين, فيكون الدين ناقصاً حتى جاء هؤلاء وابتدعوا هذه البدعة وأكملوه بها, فإن قالوا: لا. إن الدين كامل ونحن لم نأتِ بشيء إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر مناقبه, وإحياء ذكراه, نقول: هذا غير صحيح؛ لأن المعروف من هذه الاحتفالات أن فيها الغلو العظيم الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام, وأنهم يترنمون بقول البوصيري يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:

يا أكرم الخلق! ما لي من ألوذ به     سواك عند حلول الحادث العمم

فما تقولون في هذا البيت؟ إذا قال: ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم؛ كالخسف والعواصف والصواعق والأمراض والحروب, ما لي من ألوذ به سواك!! وهذه الجملة كما تعلمون حصر (ما لي سواك) أين الله؟! مقتضى هذا البيت أن لا إله يستغاث به, (ما لي سواك عند حلول الحادث العمم).

إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي     عفواً وإلا فقل يا زلة القدم

فإن من جودك الدنيا وضـرتها     ومن علومك علم اللوح والقلم

(الدنيا) هي ما نعيش فيه (وضرتها) الآخرة, هذا من جود الرسول عليه الصلاة والسلام وليس كل جود إلا منه, فماذا بقي لله؟!! لا شيء, ما دام الدنيا والآخرة من جود الرسول إذاً: الله ما له سبب فيها!

فإن من جودك الدنيا وضـرتها     ومن علومك علم اللوح والقلم

أيضاً من علومه علم اللوح والقلم, هل الرسول يعلم ما في اللوح المحفوظ؟ لا. وهذا تكذيب لقول الله تعالى: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ [الأنعام:50] فالمسألة خطيرة, خطيرة جداً جداً, ولولا أنها استمرئت عند بعض الناس الذين يستعملونها لكانت فادحة عند كل إنسان.

ثم نقول: إذا كنتم تقولون: إن ذلك إحياء لذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم, فهل أنتم لا تذكرونه إلا في هذه الليلة؟ إن كنتم كذلك فمعناه أنه ليس لكم عمل صالح, وليس لكم أذان ولا تشهد ولا ذكر عند الوضوء ولا غيره, لأن ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام في كل وقت وحين, الأذان فيه ذكر الرسول: أشهد أن محمداً رسول الله, الصلاة فيها ذكر للرسول في التشهد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, بل كل عبادة فيها ذكر الرسول, لأنه لا تصح العبادة إلا إذا كان فيها الإخلاص والمتابعة, المتابعة لابد أن تشعر أنك في عملك هذا التعبدي تابع للرسول عليه الصلاة والسلام, وإذا شعرت هذا الشعور، هل يكون هناك ذكرى أم لا؟ نعم يكون هناك ذكرى, وعلى كلامهم لا ذكرى للرسول إلا في هذه البدعة, سبحان الله! أنتم تذكرون الرسول في كل المجالات, كل عمل صالح يذكرك بالرسول.

من مفاسد الاحتفال بالمولد

من مفاسد هذه البدعة: أن الذين يفعلونها ولا سيما العوام منهم يعتقدون أنها شريعة وأنها شرعية, ويلومون من لم يفعلها, وحينئذٍ يكون المعروف منكراً والمنكر معروفاً, لأن الذين يقيمون هذه الاحتفالات يلومون الذين لا يقيمونها, يقولون: هؤلاء لا يحبون الرسول! أيهما أشد محبة الذي يتبعه ولا يبتدع في دينه ما ليس منه, ويكون متأدباً مع الله ورسوله, فلا يتقدم بين يديه ولا يشرع ما لم يشرعه, أم المحافظ على الدين الذي لا يقوم لله بأي عبادة إلا إذا كانت مشروعة؟ الثاني لا شك, لذلك يجب على طلبة العلم أن يبينوا للناس أن هذا منكر, وأن حضوره لا يجوز, وأن البدعة لا تزيده من الله إلا بعداً, وكما قال أحد السلف : وما ابتدع قوم بدعة إلا حرموا من السنة مثلها, وصدق, كل بدعة تحرم الإنسان من السنة مثلها, لأن كل بدعة يقابلها سنة, فإذا كانت فعلية صارت السنة ترك هذا الفعل, وحينئذٍ يهدم من السنة ما يقابل البدعة, فعلى طلبة العلم أن يبينوا هذا للناس وأن يقولوا: إن حقيقة المحبة ثمرتها حقيقة الاتباع.

نسأل الله أن يهدي إخواننا المسلمين إلى ابتاع السنة وطرح البدعة, وأن يفتح القلوب لذكر الله عز وجل, والاطمئنان به, إنه على كل شيء قدير.

فلننظر الآن هذا الاحتفال متى كان؟ وهل هو مطابق للواقع؟ وهل هو مطابق للشرع؟ حتى يتبين حكمه، ويجب على المرء أن يعمل بما يقتضيه الدليل.

أما بالنسبة للواقع فإنه لا يصح من الناحية التاريخية؛ لأنه لم يثبت أن ولادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في اليوم [12] من ربيع الأول, بل الثابت حسب العملية الحسابية الفلكية أنه كان في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول, وليس في اليوم الثاني عشر, وحينئذٍ يبطل الاحتفال بهذا اليوم من الناحية التاريخية.

ثم نقول: إذا ثبت اليوم الذي ولد فيه، فهل لنا فائدة من ولادته قبل أن يكون رسولاً يهدي الناس إلى الحق؟ لا. ولهذا قال الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً [آل عمران:164] ما قال: إذ وُلِدَ فيهم رسول! قال: إِذْ بَعَثَ [آل عمران:164] فالنعمة إنما هي في الحقيقة ببعث الرسول عليه الصلاة والسلام لا بولادته؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، بل قال الله له: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52] فلم يكن نبياً ولا رسولاً إلا بعد بعثته صلى الله عليه وسلم, أما قبل ذلك فليس نبياً ولا رسولاً, فالاحتفال لو قدر أن هناك احتفالاً لكان ببعثته لا بمولده, ومن المعلوم أن أول ما نزل عليه القرآن نزل في شهر رمضان ليس في شهر ربيع.

من الناحية الشرعية لا يثبت هذا الاحتفال, بل هو من البدع, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار, لا يثبت؛ لأن طريق ثبوت كون الأمر مشروعاً الكتاب أو السنة أو عمل الصحابة, فهل في الكتاب الأمر أو الندب للاحتفال بمولده؟ لا يوجد, هل في السنة ذلك؟ لا يوجد, غاية ما هنالك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: (ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأنزل علي فيه) وهذا تنويه بفضل يوم الإثنين, لا بفضل الولادة, فهذا اليوم كان يوماً مباركاً حصلت فيه هذه الأمور, فكان صيامه مشروعاً.

هل ورد من عمل الصحابة أنهم يحتفلون بمولده؟ الجواب: لا. هل كان ذلك في عهد التابعين لهم بإحسان؟ الجواب: لا. هل هو في عهد تابع التابعين؟ الجواب: لا. فمضت القرون الثلاثة كلها لم تحتفل بهذه البدعة.

حدثت في القرن الرابع الهجري عن حسن نية أو عدم حسن نية, لكنها بدعة, شيء لم يندب الله إليه في الكتاب, ولم يفعله الرسول, ولا الخلفاء من بعده, ولا الصحابة, ولا التابعون لهم بإحسان, ولا تابعوهم, فكيف يأتي آخر هذه الأمة فيعمل به؟

ثالثاً: إذا قالوا: إن هذا قربة إلى الله لأننا لا نتجاوز أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ونذكر مناقبه وفضائله؟ فالجواب أن نقول: لو كان خيراً لسبقونا إليه, هل النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وأصحابه والتابعون وتابعوهم جاهلون بهذه القربة أو عالمون؟! إن قيل: إنهم جاهلون فقد رموا بالجهل وهذا قدح فيهم، وادعى هذا أنه أهدى من الرسول وأصحابه؛ لأنه وفق للحق وهم لم يوفقوا له, وإن قيل: إنهم غير جاهلين، قيل: إذاً: هم كاتمون مستكبرون لم يبينوا هذا للأمة, ولم يعملوا به؛ فهم لعدم بيانهم للأمة كاتمون للحق, ولعدم العمل به مستكبرون عن الحق, أي إنسان يجرؤ أن يقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام كاتم أو مستكبر؟! لا يجرؤ أحد, هؤلاء يلزم من بدعتهم هذه أن النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون جاهلاً بأنها من الحق, وإما كاتماً بيان ذلك للناس، وإما مستكبراً عن العمل بها, كل هذا باطل! لا يمكن لمؤمن أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم به, لكنه لازم البدعة.

ثم نقول: هل الدين كَمُل بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام أم لا؟ الجواب: كمل, قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] أكملت لكم دينكم! هذه البدعة التي يدعي مبتدعوها أنها من الدين تستلزم أن يكون الدين لم يكمل بوفاة الرسول عليه الصلاة والسلام بقي عليه البدعة هذه, وهذا يلزم عليه فضيعة عظيمة, وهي تكذيب قول الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3] لأنه على حد فعل هؤلاء لم يكمل الدين, فيكون الدين ناقصاً حتى جاء هؤلاء وابتدعوا هذه البدعة وأكملوه بها, فإن قالوا: لا. إن الدين كامل ونحن لم نأتِ بشيء إلا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر مناقبه, وإحياء ذكراه, نقول: هذا غير صحيح؛ لأن المعروف من هذه الاحتفالات أن فيها الغلو العظيم الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام, وأنهم يترنمون بقول البوصيري يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:

يا أكرم الخلق! ما لي من ألوذ به     سواك عند حلول الحادث العمم

فما تقولون في هذا البيت؟ إذا قال: ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم؛ كالخسف والعواصف والصواعق والأمراض والحروب, ما لي من ألوذ به سواك!! وهذه الجملة كما تعلمون حصر (ما لي سواك) أين الله؟! مقتضى هذا البيت أن لا إله يستغاث به, (ما لي سواك عند حلول الحادث العمم).

إن لم تكن آخذاً يوم المعاد يدي     عفواً وإلا فقل يا زلة القدم

فإن من جودك الدنيا وضـرتها     ومن علومك علم اللوح والقلم

(الدنيا) هي ما نعيش فيه (وضرتها) الآخرة, هذا من جود الرسول عليه الصلاة والسلام وليس كل جود إلا منه, فماذا بقي لله؟!! لا شيء, ما دام الدنيا والآخرة من جود الرسول إذاً: الله ما له سبب فيها!

فإن من جودك الدنيا وضـرتها     ومن علومك علم اللوح والقلم

أيضاً من علومه علم اللوح والقلم, هل الرسول يعلم ما في اللوح المحفوظ؟ لا. وهذا تكذيب لقول الله تعالى: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ [الأنعام:50] فالمسألة خطيرة, خطيرة جداً جداً, ولولا أنها استمرئت عند بعض الناس الذين يستعملونها لكانت فادحة عند كل إنسان.

ثم نقول: إذا كنتم تقولون: إن ذلك إحياء لذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم, فهل أنتم لا تذكرونه إلا في هذه الليلة؟ إن كنتم كذلك فمعناه أنه ليس لكم عمل صالح, وليس لكم أذان ولا تشهد ولا ذكر عند الوضوء ولا غيره, لأن ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام في كل وقت وحين, الأذان فيه ذكر الرسول: أشهد أن محمداً رسول الله, الصلاة فيها ذكر للرسول في التشهد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, بل كل عبادة فيها ذكر الرسول, لأنه لا تصح العبادة إلا إذا كان فيها الإخلاص والمتابعة, المتابعة لابد أن تشعر أنك في عملك هذا التعبدي تابع للرسول عليه الصلاة والسلام, وإذا شعرت هذا الشعور، هل يكون هناك ذكرى أم لا؟ نعم يكون هناك ذكرى, وعلى كلامهم لا ذكرى للرسول إلا في هذه البدعة, سبحان الله! أنتم تذكرون الرسول في كل المجالات, كل عمل صالح يذكرك بالرسول.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3391 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3347 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3310 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3288 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3271 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3255 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3114 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3087 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3034 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3029 استماع