لقاء الباب المفتوح [93]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الثالث والتسعون من لقاء الباب المفتوح والذي يتم يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة عام (1415هـ) وحيث إن هذا اللقاء هو آخر لقاء في هذا العام، وأنه أعقب موسم الحج؛ فإننا نهنئ أنفسنا وإياكم بما منَّ الله به على المسلمين في هذا العام من الحج الهادئ الذي تم فيه أداء النسك على الوجه الأتم، وعلى أكمل راحة ولله الحمد، لا من جهة الجو والطقس حيث كان بارداً في الليل ومقبولاً في النهار ولا سيما في يوم عرفة حيث أظل الله المسلمين بالغمام.

ثم إننا نشكر الله سبحانه وتعالى أن أمضينا من أعمارنا عاماً كاملاً، نرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون قد استفدنا منه وانتهزنا فرص العمر؛ وذلك لأن العمر لحظات ودقائق وأيام تمضي سريعاً وتزول جميعاً، والسعيد من عمرها بطاعة الله عز وجل، وليس للإنسان من عمره إلا ما أمضاه بطاعة الله، أما ما لم يمضه في طاعة الله فهو إما خسارة وإما عقوبة وإثم، فالناس بالنسبة لزمانهم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

قسم استغل وقته في طاعة ربه

قسم أمضى زمانه في طاعة ربه حتى في العادات التي اعتادوها من أكل وشرب ولباس ودخول وخروج وغير ذلك إذا ابتغى به وجه الله أثابه الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) فهؤلاء هم الرابحون الذين استغلوا الوقت ولم يمض عليهم ساعة من الزمن إلا ولله تعالى فيها طاعة من هؤلاء البررة الأطهار.

قسم أمضى عمره في معصية الله تعالى

القسم الثاني: عكس ذلك من أمضى عمره في معصية الله عز وجل وفي اللهو والسهو والترف الذي فيه التلف حتى ضاع عليه العمر وندم ولات ساعة مندم، تجده يُمضي عمره في غير ما يرضي الله عز وجل، وإذا أتى بالطاعة أتى بها على الوجه الذي لا يقرب منه، بل ربما يأتي بالطاعة على وجه العادة فقط اعتاد أن يفعل هذا الشيء فصار جبلة له وطبيعة دون أن يقصد به وجه الله وهذا أيضاً خاسر غاية الخسران والعياذ بالله.

قسم خلط عمره بأعمال صالحة وسيئة

القسم الثالث: من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، فصار لهم نصيباً من حياتهم ولكنه ليس النصيب الأكمل، ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرص العمر قبل أن ينتهي عمره وهو لا يشعر فيضيع عليه الوقت.

كم من إنسان أمَّل أملاً بعيداً، وعُمراً مديداً ولكن حال بينه وبين ذلك غيب المنون فاقتنصته الآجال، وصار بعد الوجود إلى الزوال، ولنا أسوة فيما يقع من الحوادث التي نشاهدها أحياناً ونسمع بها أحياناً تتكرر كل يوم أو كل أسبوع أو كل شهر يلبس الإنسان ثوبه، ويزر إزاره بيده، ثم لا يفك هذا الإزار إلا الغاسل والإنسان على سرير غسله. يدخل السيارة فاتحاً الباب مغلقاً على نفسه ثم لا يخرج منها، بل يخرج ميتاً جنازة، وفي هذا عبر لمن اعتبر نسأل الله يجعلنا وإياكم من المعتبرين.

أما فيما يتعلق في ختام هذا العام فإنه ينبغي للإنسان أن يحاسب نفسه وأن ينظر ماذا قدم في هذا العهد .. ماذا قدم لنفسه إن كان مسرفاً فليستعتب وليتب إلى الله عز وجل (والتائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وإن كان محسناً فليحمد الله عز وجل وليسأل الله الثبات على ذلك، ويجب أن يبعد عن نفسه الغرور والعجب بما أنعم الله عليه من نعمة الإسلام وفعل الخيرات، لأنه إذا أُعجِبَ وغُرَّ بنفسه دخل في قول الله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17].

فنسأل الله تعالى أن يجعل لنا ولكم من أعمالنا نصيباً نتقرب به إلى الله عز وجل، وألا يجعل ما علمنا وبالاً علينا إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

قسم أمضى زمانه في طاعة ربه حتى في العادات التي اعتادوها من أكل وشرب ولباس ودخول وخروج وغير ذلك إذا ابتغى به وجه الله أثابه الله عز وجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعله في فم امرأتك) فهؤلاء هم الرابحون الذين استغلوا الوقت ولم يمض عليهم ساعة من الزمن إلا ولله تعالى فيها طاعة من هؤلاء البررة الأطهار.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3395 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3350 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3315 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3293 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3275 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3259 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3116 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3090 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3037 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3033 استماع