تجويد الحرف المشدد وخاصة الميم والنون المشددتين
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
تجويد الحرف المشددوخاصة الميم والنون المشددتين
اعلم أن الحرف المشدد هو في الحقيقة حرفان أولهما ساكن وثانيهما متحرك، ولذلك يقوم مقام حرفين في وزن الشعر، فيجب على القارئ أن يبينه، حيث وقع ويعطيه حقه لأنه إذا فرط في تشديده حذف حرفًا من تلاوته - ويتأكد الاعتناء ببيان ذلك إذا لقى الحرف المشدد حرف يماثله نحو "حق قدره - والحق قل - وظللنا عليهم"، فإن البيان في ذلك آكد ونحوه لزيادة الثقل لاجتماع ثلاثة أمثال.
ولصعوبة ذلك أشار الإمام السخاوي في نويته بقوله رحمه الله:
وبين الحرف المشدد موضحًا
مما يليه إذا التقى المثلان
كاليم ما والحق قل ومثال ظللنا
لكيما يظهر الإخوان
وإذا كان الحرف المشدد راء وجب على القارئ أن يشدد الراء تشديدًا بالغًا ويخفي تكرارها، فإخفاء التكرير يحتاج إلى شدة لصق اللسان على الحنك الأعلى.
وإذا كان الحرب المفخم لاما في اسم الله عز وجل نحو "قال الله" وشبهه وجب على القارئ أن يظهر التشديد ليظهر التفخيم في اللام، وليس في كلام العرب لام أظهر تفخيمًا وأشد تعظيمًا من اللام في اسم الله عز وجل لأنه مفخم لإرادة التعظيم والإجلال وذلك إذا كان قبل اللام فتح أو ضم.
وتشديد الحرف المشدد عند الوقف عليه أبلغ من تشديده في الوصل لأن الوقف عليه أبلغ من تشديده في الوصل لأن الوقف عليه فيه صعوبة على اللسان فيجب بيان تشديده نحو "مستمر ومن طرف خفي، هم العدو" ونحو ذلك ا.هـ بتصرف وإن كان الحرف المشدد ميمًا أو نونًا وجب إظهار الغنة والشدة حيث وقعتا في وسط الكلمة أو في آخرها وحروف الغنة المشددة قسمان: (متصل ومنفصل).
فالمتصل هو: عبارة عن النون والميم المشددتين مع فتحة أو كسرة أو ضمة في كلمة واحدة لا يمكن فصلها عن بعضها فصوره ست وهي:
1- النون المشددة المفتوحة في كلمة نحو: "إنَّ".
2- النون المشددة المكسورة في كلمة نحون "إنّي".
3- النون المشددة المضمومة في كلمة نحو: "جانٌ".
4- الميم المشددة المفتوحة في كلمة نحو: "أمّا".
5- الميم المشددة المكسورة في كلمة نحو: "فلأم".
6- الميم المشددة المضمومة في كلمة نحو: "وأمٌّه".
وأما حرف الغنة المشدد المنفصل فهو: ما كان من كلمتين إذا اجتمعتا وجب التشديد والغنة وإذا افترقتا ذهب التشديد والغنة وصوره ست أيضًا وهي:
• صور الإدغام بغنة الكامل الأربعة نحو (إن نحن، أمنة نعاسًا، من مال، هدى من).
• والميم الساكنة التي بعدها ميم نحو ﴿ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ ولام التعريف التي بعدها نجو: (الناس).
وأما الكلام عن الغنة فيتلخص في بيان تعريفها ومخرجها ومقدارها ومراتبها.
فأما الغنة لغة: صوت يخرج من الخيشوم، واصطلاحًا: صوت لذيذ مركب في جسم النون - ولو تنوينًا - والميم.
أما محلها: ففي النون والميم لا في غيرهما من الحروف، والنون أغن من الميم ويلحق بالنون التنوين.
مخرجها: وأما مخرجها فهو الخيشوم وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم.
وأما مقدارها في جميع أحوالها فحركتان فقط: كالمد الطبيعي.
مراتب الغنة: وأما مراتبها فست:
1- أقواها المشدد المتصل بصورة الست.
2- ثم المشدد المنفصل بصوره الست.
3- ثم المدغم الناقص ومنه إدغام النون الساكنة في اللام والراء عند من أبقى الغنة فيهما، ومنهم حفص عن عاصم في أحد الوجهين عنه من طريق طيبة النشر.
4- ثم المخفي ويشمل أنواعه الثلاثة الإخفاء الحقيقي والإخفاء الشفوي والإقلاب لأن بعد القلب إخفاء للميم المقلوبة وكذلك عند الغين والخاء في قراءة أبي جعفر المدني.
5- ثم المظهر ويشمل الإظهار الحلقي والشفوي[1].
6- ثم المتحرك المخفف[2].
كيفية أداء الغنة:
أما كيفية أدائها فإنها تؤدي غنة سلسلة في نطقها وإخراجها من غير تمطيط ولا لوك ومن غير زيادة ولا نقص عن مقدارها المحدد لها.
ومن تمام كيفية أدائها إتباعها لما بعدها من الحروف تفخيمًا وترقيقًا - على العكس من ألف المد التي تتبع ما قبلها من الحروف تفخيمًا وترقيقًا - وقد أشار صاحب لآلئ البيان إلى كيفية أداء الغنة مع حكم ألف المد بقوله: (وتتبع الألف ما قبلها والعكس في الغن ألف).
كما أشار صاحب السلسبيل الشافي إلى أداء الغنة بقوله:
وفخم الغنة إن تلاها
حروف الاستعلاء لا سواها
وقد أشار صاحب التحفة إلى حكم الميم والنون المشددتين بقوله:
وغن ميمًا ثم نونًا شددا
وسم كل حرف غنةٍ بدا.ا.ه
والله أعلى وأعلم
[1] ومن الساكن المظهر أيضاً « يس والقرآن - ن والقلم - طسم» فاتحة الشعراء والقصص عند من أظهر النون في ذلك كله، أما عند من أدغمهما على القاعدة في اللفظين الأولين وعلى خلافهما في اللفظ الأخير فمن قبيل المدغم بالغنة الناقص في المرتبة الثالثة في اللفظين الأولين - ومن قبيل المدغم بالغنة التامة في المرتبة الأولى لاستكمال التشديد فيه في اللفظ الأخير - وبالنسبة لحفص عاصم فإنه يظهر في اللفظين الأولين وجهاً واحداً من الشاطبية وفي أحد الوجهين عنه من الطيبة يدغم اتفاقاً مع المدغمين في اللفظ الأخير - والمدغمون فيه هم كل القراء إلا حمزة وأبا جعفر.
فتأمل ا.هـ.
[2] أما مقدارها في المرتبتين الأخيرتين هما: الساكن المظهر والمتحرك المخفف - فالثابت فيهما من الغنة أصلها فقط.