لقاء الباب المفتوح [53]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الثالث والخمسون من اللقاء المسمى بلقاء الباب المفتوح، وهو اللقاء الرابع لشهر شوال عام (1414هـ)، ونتكلم يسيراً على ما تبقى من سورة الأعلى.

تفسير قوله تعالى: (قد أفلح من تزكى)

قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15].

(أفلح) مأخوذ من الفلاح. والفلاح: كلمة جامعة، وهو: الفوز بالمطلوب والنجاة من المهروب، فهي كلمة جامعة لكل خير، دافعة لكل شر، وقوله: مَنْ تَزَكَّى [الأعلى:14] مأخوذ من التزكية وهو التطهير، ومنه سميت الزكاة زكاة؛ لأنها تطهر الإنسان من الأخلاق الرذيلة؛ أخلاق البخل والشح، كما قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103].

إذاً: تَزَكَّى [الأعلى:14] أي: تطهر، ومن أي شيء يتزكى؟ أولاً: من الشرك بالنسبة لمعاملة الله، فيعبد الله مخلصاً له الدين، لا يرائي، ولا يسمِّع، ولا يطلب جاهاً ولا رئاسة فيما يتعبد به الله عز وجل، وإنما يريد بهذا وجه الله والدار الآخرة، تزكى في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث لا يبتدع في شريعته، لا في الاعتقادات ولا الأقوال ولا الأفعال، وهذا التزكي بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وهو اتباعه من غير ابتداع، لا ينطبق تماماً إلا على الطريقة السلفية طريقة أهل السنة والجماعة ، الذين يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على الطريقة السلفية، الذين لا يبتدعون في العبادات القولية ولا العبادات الفعلية شيئاً في دين الله.

تجدهم يتبعون ما جاء به الشرع ويقفون عند حدود ذلك، خلافاً لما يصنعه بعض المبتدعة في عباداتهم كالأذكار المبتدعة، إما في نوعها وإما في كيفيتها وصفتها، وإما في أدائها، كما يفعله بعض أصحاب الطرق من الصوفية وغيرهم.

كذلك يتزكى الإنسان في معاملة الخلق، بحيث يطهر قلبه من الغل والحقد على إخوانه المسلمين، فتجده دائماً طاهر القلب يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، لا يرضى لأحدٍ أن يمسه سوءاً، بل يود أن جميع الناس سالمون من كل شر، موفقون لكل خير، ويفعل كل ما فيه المودة والمحبة، ومن ذلك: إفشاء السلام الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

فالسلام من أقوى الأسباب التي تجلب المحبة والمودة بين المسلمين، وهذا شيء مشاهد، فلو أن رجلاً مرَّ بك ولم يسلم عليك لصار في نفسك شيء منه، وإذا لم تسلم عليه صار في نفسه شيء منك، لكن لو سلمت عليه أنت أو سلم عليك هو لكان ذلك الرباط بينكما، وذلك مما يوجب المودة والمحبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حثه على إفشاء السلام: (وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) وأكثر الناس اليوم إذا سلم يسلم على من يعرف، وأما من لا يعرفه فلا يسلم عليه، وهذا خطأ؛ لأنك إذا سلمت على من تعرف دون غيره لم يكن السلام خالصاً لله، ولكن تسلم على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين حتى تنال بذلك محبة المسلمين لك، وذلك من تمام الإيمان الموصل إلى الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها.

تفسير قوله تعالى: (وذكر اسم ربه فصلى)

قال تعالى: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:15] أي: ذكر اسم الله تعالى بالتعبد له فصلى، ويدخل في ذكر اسم الله: الوضوء مثلاً، فالوضوء من ذكر اسم الله:

أولاً: لأن الإنسان لا يتوضأ إلا امتثالاً لأمر الله.

ثانياً: أنه إذا ابتدأ وضوءه قال: باسم الله، وإذا انتهى قال: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين).

ومن ذكر الله عز وجل: خطبة الجمعة؛ فإن خطبة الجمعة من ذكر الله؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] وعلى هذا فقوله: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّه [الأعلى:15] تشمل الخطيب يوم الجمعة، وقوله فَصَلَّى [الأعلى:15] أي: صلاة الجمعة وغيرها، فهذه الآية تشمل كل الصلوات التي يسبقها ذكر، وما من صلاة إلا ويسبقها ذكر في الغالب؛ حيث يتوضأ الإنسان قبيل كل صلاة فيذكر اسم ربه، ثم يصلي بعد ذلك.

قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15].

(أفلح) مأخوذ من الفلاح. والفلاح: كلمة جامعة، وهو: الفوز بالمطلوب والنجاة من المهروب، فهي كلمة جامعة لكل خير، دافعة لكل شر، وقوله: مَنْ تَزَكَّى [الأعلى:14] مأخوذ من التزكية وهو التطهير، ومنه سميت الزكاة زكاة؛ لأنها تطهر الإنسان من الأخلاق الرذيلة؛ أخلاق البخل والشح، كما قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103].

إذاً: تَزَكَّى [الأعلى:14] أي: تطهر، ومن أي شيء يتزكى؟ أولاً: من الشرك بالنسبة لمعاملة الله، فيعبد الله مخلصاً له الدين، لا يرائي، ولا يسمِّع، ولا يطلب جاهاً ولا رئاسة فيما يتعبد به الله عز وجل، وإنما يريد بهذا وجه الله والدار الآخرة، تزكى في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث لا يبتدع في شريعته، لا في الاعتقادات ولا الأقوال ولا الأفعال، وهذا التزكي بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم وهو اتباعه من غير ابتداع، لا ينطبق تماماً إلا على الطريقة السلفية طريقة أهل السنة والجماعة ، الذين يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم على الطريقة السلفية، الذين لا يبتدعون في العبادات القولية ولا العبادات الفعلية شيئاً في دين الله.

تجدهم يتبعون ما جاء به الشرع ويقفون عند حدود ذلك، خلافاً لما يصنعه بعض المبتدعة في عباداتهم كالأذكار المبتدعة، إما في نوعها وإما في كيفيتها وصفتها، وإما في أدائها، كما يفعله بعض أصحاب الطرق من الصوفية وغيرهم.

كذلك يتزكى الإنسان في معاملة الخلق، بحيث يطهر قلبه من الغل والحقد على إخوانه المسلمين، فتجده دائماً طاهر القلب يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، لا يرضى لأحدٍ أن يمسه سوءاً، بل يود أن جميع الناس سالمون من كل شر، موفقون لكل خير، ويفعل كل ما فيه المودة والمحبة، ومن ذلك: إفشاء السلام الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).

فالسلام من أقوى الأسباب التي تجلب المحبة والمودة بين المسلمين، وهذا شيء مشاهد، فلو أن رجلاً مرَّ بك ولم يسلم عليك لصار في نفسك شيء منه، وإذا لم تسلم عليه صار في نفسه شيء منك، لكن لو سلمت عليه أنت أو سلم عليك هو لكان ذلك الرباط بينكما، وذلك مما يوجب المودة والمحبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حثه على إفشاء السلام: (وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) وأكثر الناس اليوم إذا سلم يسلم على من يعرف، وأما من لا يعرفه فلا يسلم عليه، وهذا خطأ؛ لأنك إذا سلمت على من تعرف دون غيره لم يكن السلام خالصاً لله، ولكن تسلم على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين حتى تنال بذلك محبة المسلمين لك، وذلك من تمام الإيمان الموصل إلى الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
لقاء الباب المفتوح [63] 3391 استماع
لقاء الباب المفتوح [146] 3347 استماع
لقاء الباب المفتوح [85] 3310 استماع
لقاء الباب المفتوح [132] 3288 استماع
لقاء الباب المفتوح [8] 3271 استماع
لقاء الباب المفتوح [13] 3255 استماع
لقاء الباب المفتوح [127] 3114 استماع
لقاء الباب المفتوح [172] 3087 استماع
لقاء الباب المفتوح [150] 3034 استماع
لقاء الباب المفتوح [47] 3029 استماع