اللقاء الشهري [42]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإننا نشكر الله تبارك وتعالى أن من علينا باستكمال شهر صيام رمضان وقيامه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبل منا جميعاً، وأن يعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية وهي أعز ما يكون شأناً وأرفع ما يكون ذكراً.

ولا شك أن الإنسان في شهر رمضان قد آتاه الله تبارك وتعالى قوة على الطاعات، على الصلاة والذكر وقراءة القرآن والصدقة والصيام وحسن الخلق وغير ذلك مما هو معروف لكثير منا، ولكن هل إذا انقضى رمضان انقضى العمل؟ لا ينقضي العمل أبداً إلا بالموت لقول الله تبارك وتعالى: فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [البقرة:132] فأمر الله تعالى أن نبقى على الإسلام إلى الموت، وقال الله تبارك وتعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99] قال الحسن البصري رحمه الله: [إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أمداً إلا الموت، ثم تلا هذه الآية وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]] أي: حتى يأتيك الموت.

والإنسان يعلم أن الزمن يمضي سريعاً ويزول جميعاً، وأنه لن يتقدم إلى الآخرة بالسنة أو بالشهر أو بالأسبوع أو باليوم أو بالساعة بل باللحظة، اللحظة الواحدة كوميض البرق أو كارتداد الطرف تبعدك من الدنيا وتقربك إلى الآخرة، فالعاقل الحازم هو الذي يدين نفسه ويحاسب نفسه ويعمل لما بعد الموت، والعاجز هو الذي أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، فرط في الواجب وقال: إن الله عفو، انتهك المحرم وقال: إن الله غفور، توانى في طاعة الله عز وجل وقال: رحمة الله أوسع من عملي. ولا شك أن هذا عجز وضعف في الهمة.

الأعمال الصالحة في رمضان: صلاة، قيام، ذكر، قرآن.. هل هذه الأعمال انقطعت بانتهاء رمضان؟ لا لم تنقطع.

الصيام

الصيام لم يزل مشروعاً فهناك أيام تصام، ويحصل بصيامها من الثواب والأجر ما يليق بها، فنبدأ أولاً بصيام التابع لرمضان وهي ستة أيام من شوال، هذه الأيام الستة بمنزلة الراتبة التي بعد صلاة الفريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر).

إذاً الصيام مشروع، صيام ستة أيام من شوال سواء صامها الإنسان متتابعة أو صامها متفرقة فإنه يحصل له الأجر، لكن لا شك أنها إذا كانت متتابعة أنها أفضل.

هناك -أيضاً- صيام آخر غير ستة أيام من شوال مثل: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر، والخامس عشر.

صيام يومي الإثنين والخميس مشروع، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم الإثنين والخميس ويقول: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم).

صوم تسع ذي الحجة مشروع؛ لأنه داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصيام لا شك أنه عمل صالح فيدخل في العموم، وبالأخص يوم عرفة لغير الحاج، فإن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.

وهناك -أيضاً- صيام عاشوراء -العاشر من شهر محرم- مشروع، لكن يصام يوم قبله أو يوم بعده، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم.

هناك صوم أوسع من هذا كله وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

إذاً لم نعدم -ولله الحمد- مشروعية الصوم، فالصوم مشروع وباقية مشروعيته.

قيام الليل وذكر الله تعالى

قيام الليل؛ هل انتهى بانتهاء رمضان؟ لا. قيام الليل مشروع كل ليلة لقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79] ولقول الله تعالى في وصف المتقين الذين هم أهل الجنة -جعلني الله وإياكم منهم- قال: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] وقال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:16-17] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ينـزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) كل ليلة، ولهذا ينبغي للإنسان أن يجعل له نصيباً من آخر الليل ولو كان قليلاً، ولا يحقرن شيئاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) لو تجعل لك نصف ساعة من آخر الليل تقوم فيها، تصلي ما شاء الله، وتختم الصلاة بالوتر لكان في هذا خير كثير، وكنت من القائمين بالأسحار، المستغفرين بالأسحار، فلا تحرم نفسك الأجر، قدم النوم نصف ساعة لتستيقظ قبل الفجر بنصف ساعة.

الأذكار، قراءة القرآن ما زالت مشروعة -ولله الحمد- قراءة القرآن مشروعة كل وقت (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات) الذكر مشروع: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة فإنها تكون حرزاً له من الشيطان)، (ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل) (ومن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) ومن قال سبحان الله وبحمده فقد نال ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حول هذه الكلمة حيث قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).

النفقات والصدقات

وأبواب الخير كثيرة: النفقات، والصدقات في كل وقت، حتى ما تأتي به من الطعام لأهلك من الخبز، واللحم، والرز، والفواكه، والبطيخ فإنه صدقة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـسعد بن أبي وقاص : (واعلم أنك لم تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليه -أي: نالك الأجر- حتى ما تجعله في فيّ امرأتك -أي: في فم امرأتك-) فالخير كثير.

أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه: (على كل سلامى من الناس صدقة) والسلامى هي: الأعضاء والمفاصل، وفي الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، كل مفصل عليه صدقة كل يوم، ولكن: أمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، تعين الرجل في دابته فتحملها عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة، وكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل عمل صالح صدقة.. نعمة وخير كثير! لكن الكسل، لذلك أحث نفسي وإياكم على العزيمة الصادقة والنشاط في طلب الخير، والإحسان في عبادة الله، والإحسان إلى عباد الله، وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، ولا تحقرن شيئاً، إن الله عز وجل إذا تصدق العبد بصدقة تعادل تمرة وهي من كسب طيب فإن الله تعالى يأخذها بيمينه ويربيها له كما يربي الإنسان فَلُوّة -يعني: صغار خيله- حتى تكون مثل الجبل، فالخير واسع -ولله الحمد-.

دراستنا الآن، دراسة الطالب في المدرسة هل هو من الخير أو لا؟ ما دام يريد به وجه الله فإنه من الخير، وهو يريد به وجه الله، يريد أن يصل إلى العلم، يريد أن يتبوأ مكاناً قيادياً يقود به الأمة في التعليم، في القضاء، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في التدبير؛ لأننا أصبحنا الآن في وقت لا يمكن أن يكون الإنسان فيه قيادياً حتى يكون معه شهادة، وأنت إذا نويت بهذه الدراسة تحصيل العلم مع الوصول إلى المرتبة القيادية كان في ذلك أجر كثير وخير، ولا ينقص من أجرك شيئاً، فأبواب الخير كثيرة.

الصيام لم يزل مشروعاً فهناك أيام تصام، ويحصل بصيامها من الثواب والأجر ما يليق بها، فنبدأ أولاً بصيام التابع لرمضان وهي ستة أيام من شوال، هذه الأيام الستة بمنزلة الراتبة التي بعد صلاة الفريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر).

إذاً الصيام مشروع، صيام ستة أيام من شوال سواء صامها الإنسان متتابعة أو صامها متفرقة فإنه يحصل له الأجر، لكن لا شك أنها إذا كانت متتابعة أنها أفضل.

هناك -أيضاً- صيام آخر غير ستة أيام من شوال مثل: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان عليه الصلاة والسلام يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، لكن الأفضل أن تكون في أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر، والخامس عشر.

صيام يومي الإثنين والخميس مشروع، كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم الإثنين والخميس ويقول: (هما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم).

صوم تسع ذي الحجة مشروع؛ لأنه داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) والصيام لا شك أنه عمل صالح فيدخل في العموم، وبالأخص يوم عرفة لغير الحاج، فإن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده.

وهناك -أيضاً- صيام عاشوراء -العاشر من شهر محرم- مشروع، لكن يصام يوم قبله أو يوم بعده، وأفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم.

هناك صوم أوسع من هذا كله وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

إذاً لم نعدم -ولله الحمد- مشروعية الصوم، فالصوم مشروع وباقية مشروعيته.

قيام الليل؛ هل انتهى بانتهاء رمضان؟ لا. قيام الليل مشروع كل ليلة لقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79] ولقول الله تعالى في وصف المتقين الذين هم أهل الجنة -جعلني الله وإياكم منهم- قال: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ [الذاريات:17] وقال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة:16-17] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ينـزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) كل ليلة، ولهذا ينبغي للإنسان أن يجعل له نصيباً من آخر الليل ولو كان قليلاً، ولا يحقرن شيئاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) لو تجعل لك نصف ساعة من آخر الليل تقوم فيها، تصلي ما شاء الله، وتختم الصلاة بالوتر لكان في هذا خير كثير، وكنت من القائمين بالأسحار، المستغفرين بالأسحار، فلا تحرم نفسك الأجر، قدم النوم نصف ساعة لتستيقظ قبل الفجر بنصف ساعة.

الأذكار، قراءة القرآن ما زالت مشروعة -ولله الحمد- قراءة القرآن مشروعة كل وقت (من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات) الذكر مشروع: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة فإنها تكون حرزاً له من الشيطان)، (ومن قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل) (ومن قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر) ومن قال سبحان الله وبحمده فقد نال ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حول هذه الكلمة حيث قال: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم).