تفسير الربع الثاني من سورة طه
مدة
قراءة المادة :
15 دقائق
.
سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1] الربع الثاني من سورة طه
• الآية 56، والآية 57، والآية 58: ﴿ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ ﴾ يعني أرَيْنا فرعونَ ﴿ آَيَاتِنَا كُلَّهَا ﴾ الدالة على قدرتنا ووجوب توحيدنا وصِدْقِ رسالة موسى ﴿ فَكَذَّبَ ﴾ بها، ﴿ وَأَبَى ﴾ أي امتنع عن قَبول الحق.
♦ ولمَّا رأى فرعون الآيات وشَعَرَ بالهزيمة، أراد أن يَدفعها بالتمويه على الناس، حتى لا يَتَّبعوا موسى في دَعْوته ويَتأثروا بأدلته، فـ ﴿ قَالَ ﴾ لموسى: ﴿ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى ﴾؟ أي أردتَ أن تُخرج المصريين من مصر، وتسكنها أنت وبنو إسرائيل لتستولوا على خيراتها، (وقد قصد بالسحر هنا: العصا واليد)، وقال فرعون: ﴿ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ ﴾ ﴿ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا ﴾ مُحَدّدًا - ليُبارزك فيه السَحَرة - ﴿ لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ ﴾، واجعل مكان المُناظَرة ﴿ مَكَانًا سُوًى ﴾ أي مكاناً مستوياً صالحاً للمبارزة (كأن تكون ساحة كبرى مكشوفة لكل مَن يحضر المناظرة).
• الآية 59: ﴿ قَالَ ﴾ موسى لفرعون: ﴿ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ﴾ أي يوم العيد، حين يَتزيَّن الناس ويقعدون عن العمل (وقد كان ذلك اليوم يوم عيد للمصريين)، ﴿ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ﴾ يعني: وأطلب منكم أن يَجتمع الناس من كل مكان - لحضور المناظرة - وقت الضحى، (وقد اختار موسى يوم العيد ووقت الضحى، لأنه عَلِمَ أنّ اللهَ تعالى سيَنصره على السَحَرة ويُظهِر الحق، فأحَبَّ أن يكون الوقت مناسباً لكثرة المتفرّجين في وَضَح النهار وقبل اشتداد الحر).
• الآية 60: ﴿ فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ ﴾: أي فانصرف فرعون - مِن مجلس الحوار بينه وبين موسى وهارون - في كبرياءٍ وعناد ﴿ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ﴾ أي جَمَعَ سحرته ﴿ ثُمَّ أَتَى ﴾ في الموعد المحدد للمناظرة.
• الآية 61: ﴿ قَالَ لَهُمْ مُوسَى ﴾ أي قال موسى للسَحَرة - واعظاً لهم -: ﴿ وَيْلَكُمْ ﴾ أي احذروا الهلاك، و ﴿ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ بسِحركم المُخادِع (وذلك بأن تقفوا في وجهى، وتزعموا أنّ معجزاتي هي نوع من السحر، وتنصروا ما أنتم عليه من الباطل) ﴿ فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ ﴾: أي حتى لا يُهلككم سبحانه بعذابِ إبادةٍ واستئصال، ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ﴾ أي: وقد خَسِرَ مَن كَذَبَ على اللهِ أو كَذَبَ على الناس.
• الآية 62، والآية 63، والآية 64: ﴿ فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ أي فاختلف السَحَرة فيما بينهم في شأن موسى عندما سمعوا كلامه: (هل صاحب هذا الكلام ساحر أو هو رسولٌ من عند اللهِ حقاً؟)، ﴿ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ﴾: أي تحدّثوا سرًا فيما بينهم ليتفقوا على قولٍ واحد، فـ ﴿ قَالُوا ﴾: ﴿ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ﴾: يعني إنّ موسى وهارون ساحران ﴿ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ﴾: أي يريدان أن يَنفردا بصناعة السحر العظيمة (المثالية) التي أنتم عليها، فبذلك تَخرجوا من أرضكم بإهمال الناس لكم وإقبالهم على سِحرهما، (وقد أرادوا بهذا الكلام إثارة الغيرة والتعصُّب لعاداتهم ومَذهبهم ومَصدر عَيشهم)، إذاً ﴿ فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ﴾: يعني أحكِموا كيدكم مِن غير اختلافٍ بينكم، ﴿ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ﴾ يعني ألقوا ما في أيديكم مرة واحدة، لتَبْهَروا الأبصار، وتغلبوا سِحر موسى وأخيه، ﴿ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ﴾ أي قد فاز اليوم بحاجته مَن عَلا على خَصمه فغَلَبَه وقَهَرَه.
♦ ويُحتمَل أن تكون هذه الجملة: ﴿ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى * فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ﴾ هي مِن قول فرعون وملئه، وقد أرادوا بها تشجيع السَحَرة، عندما رأوا اختلافهم وتأثُّرهم بكلام موسى، واللهُ أعلم.
• الآية 65: ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال السَحَرة: ﴿ يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ﴾ عصاكَ أولاً ﴿ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ﴾.
• من الآية 66 إلى الآية 70: ﴿ قَالَ ﴾ لهم موسى: ﴿ بَلْ أَلْقُوا ﴾ ما معكم أولاً، فألقَوا ما في أيديهم ﴿ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾: أي فتخيَّل موسى - مِن قوة سِحرهم - أنّ حبالهم وعِصيَّهم أصبحتْ حياتٍ تمشي، ﴿ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ﴾ أي فشعر موسى في نفسه بالخوف (مِن أن يُفتَن الناس بالسَحَرة قبل أن يُلقِي العصا)، فـ ﴿ قُلْنَا ﴾ أي قال اللهُ لموسى: ﴿ لَا تَخَفْ ﴾ مِن سِحرهم ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ﴾ يعني أنت الغالب المنتصر عليهم وعلى فرعون وجنوده، ﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ ﴾ يعني: وألقِ العصا التي في يمينك: ﴿ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ﴾ أي تبتلع حبالهم وعِصيَّهم، فـ ﴿ إِنَّمَا صَنَعُوا ﴾ يعني إنّ ما صنعوه أمامك هو ﴿ كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾ أي مَكْر وتخييل ساحر، لا بقاءَ له ولا ثبات، ﴿ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾ أي: ولا يفوز الساحر بمطلوبه حيثُ كان.
♦ فألقى موسى عصاه فبلعتْ ما صنعوا، فلمّا شاهد السَحَرة ابتلاع العَصا لكل حبالهم وعِصِيِّهم: عرفوا أنّ ما جاءَ به موسى ليس سِحراً وإنما هو معجزة سماوية، ﴿ فَأُلْقِيَ السَحَرة ﴾ على الأرض ﴿ سُجَّدًا ﴾ للهِ رب العالمين، نتيجةً لانبهارهم مِن عَظَمة المعجزة، و ﴿ قَالُوا ﴾: ﴿ آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ﴾ (إذ لو كانَ هذا سِحرًا ما غُلِبْنا).
• الآية 71: ﴿ قَالَ ﴾ فرعون مُهَدِّداً السَحَرة - ليَدفع عن نفسه شر الهزيمة -: ﴿ آَمَنْتُمْ لَهُ ﴾ يعني هل صدَّقتم موسى وأقررتم له برسالته ﴿ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ ﴾ بذلك؟ ﴿ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ﴾: يعني إنّ موسى لَعَظيمُكم ﴿ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ﴾ فلذلك اتَّبعتموه، واتفقتم معه على الهزيمة قبل الخروج إلى ساحة المُناظرة، (وقد أراد فرعون بهذا الكلام: التمويه على الناس حتى لا يتَّبعوا السَحَرة ويؤمنوا كإيمانهم).
♦ وقال فرعون للسَحَرة: ﴿ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ﴾ أي بِقَطْع اليد اليُمنَى مع الرجل اليُسرى، أو اليد اليُسرى مع الرجل اليُمنى، ﴿ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ ﴾ - بربط أجسادكم - ﴿ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ﴾ أي على جذوع النخل، وأترككم مُعَلَّقينَ لتكونوا عِبرةً لغيركم، ﴿ وَلَتَعْلَمُنَّ ﴾ أيها السَحَرة ﴿ أَيُّنَا ﴾ :أنا أو رب موسى ﴿ أَشَدُّ عَذَابًا ﴾ من الآخر ﴿ وَأَبْقَى ﴾ أي: وأدوَمُ عقاباً.
• من الآية 72 إلى الآية 76: ﴿ قَالُوا ﴾ أي قال السَحَرة لفرعون: ﴿ لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ﴾: يعني لن نُفَضِّلك ونختارك على ما جاءنا به موسى من الآيات الدالة على صِدقه، ﴿ وَالَّذِي فَطَرَنَا ﴾: يعني ولن نُفَضِّل ألوهيتك المزعومة على ألوهية اللهِ الذي خلقنا، ﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ﴾: أي فافعل ما أنت فاعل بنا، فـ ﴿ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾: يعني إنما سلطانك فقط في هذه الحياة الدنيا، وعذابك لنا سيَنتهي بانتهائها، وأما الآخرة: فسوف يَحكم اللهُ عليك فيها بالخلود في العذاب الأليم.
♦ وأكَّدوا إيمانهم في غير خوفٍ فقالوا: ﴿ إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا ﴾ أي ذنوبنا الماضية ﴿ وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ﴾ في مُعارضة موسى، ﴿ وَاللَّهُ خَيْرٌ ﴾ لنا منك - في جزاءه لمن أطاعه - ﴿ وَأَبْقَى ﴾ عذابًا لمن عَصاه، ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا ﴾ أي كافرًا به: ﴿ فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ ﴾ يُعَذَّب بها، ﴿ لَا يَمُوتُ فِيهَا ﴾ فيستريح، ﴿ وَلَا يَحْيَا ﴾ حياةً يَهنأ بها، ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا ﴾ أي لهم المنازل العالية، وهي ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ أي جنات الخلود التي ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ أي تجري الأنهار من تحت أشجارها وقصورها ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ ﴿ وَذَلِكَ ﴾ النعيم المقيم هو ﴿ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾: أي هو ثواب مَن طَهَّرَ نفسه من الشِرك والمعاصي (وذلك بالإيمان والتوبة والعمل الصالح)، (ولعل هذا الكلام الذي قاله السَحَرة قد تعلَّموه عن طريق الاستماع إلى دعوة موسى وهارون، لأن موسى وهارون أقاما بين المصريين زمناً طويلاً يدعوانهم إلى توحيد اللهِ تعالى والإيمان باليوم الآخر، فلمَّا أيْقَنَ السَحَرة أنّ موسى رسولٌ من عند الله، قالوا هذا الكلام بيقينٍ تام).
• الآية 77، والآية 78: ﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ﴾ أي اخرُج ليلاً ببني إسرائيل من "مصر"، ﴿ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا ﴾: أي فاتِّخِذْ لهم في البحر طريقًا يابسًا، (وذلك بعد أن أمَرَه سبحانه بضرب البحر بعصاه، فانفلق البحر فرقتين، وأصبح هناك طريقاً يابساً في وسط البحر)، وقال اللهُ له: ﴿ لَا تَخَافُ دَرَكًا ﴾ - هذا وعدٌ لموسى بأنه لن يكون خائفاً من فرعون وجنوده أن يلحقوا بهم، ﴿ وَلَا تَخْشَى ﴾ غرقًا في البحر.
♦ فسار موسى ببني إسرائيل وعَبَرَ بهم في البحر، ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ﴾، فلمَّا دخلوا البحر ورائهم: أطبَقَ اللهُ تعالى عليهم البحر ﴿ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ﴾: أي فغمرهم من الماء ما لا يعلمه إلا الله، فغرقوا جميعًا (وذلك بعد أن نجَّى اللهُ موسى وبني إسرائيل).
• من الآية 79 إلى الآية 82: ﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ﴾ بما زيَّنه لهم من الكفر والتكذيب، ﴿ وَمَا هَدَى ﴾ أي: ولم يَهدهم إلى سبيل النجاة، إذ كان يَعِدُهم بقوله: ﴿ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾.
♦ واعلم أنّ قوله تعالى: ﴿ وَمَا هَدَى ﴾ هو تأكيد لقوله تعالى: ﴿ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ ﴾، إذ الشيء يؤكَّد بنفي ضِدّه، وهذا كقوله تعالى عن الأصنام: ﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾.
♦ وقال اللهُ لبني إسرائيل بعد أن نجّاهم: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ ﴾ فرعون، ﴿ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ ﴾: أي وحددنا لكم موعداً - عند الناحية اليُمنَى لجبل الطور بـ "سيناء" - لإنزال التوراة على موسى هِدايةً لكم،
(ولعل المقصود من وَصْف جانب الجبل بـ"الأيمن" أي الناحية اليُمنَى لموسى، لأنّ الجبل ليس له يمين وشمال، واللهُ أعلم).
﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ ﴾ وهو شيءٌ يُشبهُ الصَّمغ وطَعْمُه كالعسل، ﴿ وَالسَّلْوَى ﴾ وهو طائرٌ يُشبه السّمانى، وقلنا لكم: ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾: أي كلوا مِن رِزقنا الطيب، أو: (كلوا من حلال الطعام والشراب)، ﴿ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ ﴾ أي لا يتعدى أحدٌ منكم على حق أخيه في الطعام والشراب، (أو لعل المقصود: لا تكفروا بنعمة اللهِ عليكم، ولا تتركوا شُكره وتَعصوه، ولا تُسرِفوا في تناول الطعام والشراب) ﴿ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ﴾ أي حتى لا يَنزل عليكم غضبي، ﴿ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ﴾: يعني ومَن يَنزل عليه غضبي فقد هَلَكَ وخسر، ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ﴾ مِن ذنبه وشِركه ﴿ وَآَمَنَ ﴾ باللهِ ورُسُله، وبجميع ما أخبر به الرُسُل من الغيب ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ تصديقًا لتَوبته ﴿ ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ أي استقام على ذلك حتى الموت.
[1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي" ، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.
• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.