عنوان الفتوى : التزام قراءة حزب الإمام النووي كل صباح
هل التزام قراءة حزب الإمام النووي كل صباح، بدعة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن الإمام النووي -رحمه الله تعالى- من كبار علماء المسلمين، وقد ألّف كتبًا عديدة في الفقه، وشروح السنة والأحاديث، ومن الكتب التي صنفها: "كتاب الأذكار"، وذكر فيه جملة من الأذكار الواردة في السنة، وقال في مقدمة الكتاب: أرجو أن يكون هذا الكتاب أصلًا معتمدًا. ولم يذكر فيه شيئًا من ذلك الحزب المنسوب إليه.
فمن كان حريصًا على الاقتداء بالإمام النووي، فليقرأ كتابه: الأذكار. وليحافظ على الأذكار النبوية التي أوردها فيه.
وأما ذلك الحزب المنسوب إليه؛ فإنه لا يمكن الجزم بنسبته إليه، بل فيه من الألفاظ التي يبعد أن يقولها الإمام النووي -رحمه الله تعالى-، وهو الفصيح، والعالم بأسماء الله تعالى، كلفظ: حسبي الساتر من المستورين ... خبّأت نفسي في خزائن بسم الله!، وغير ذلك من الكلمات والجمل التي يعلم من قرأ كتب النووي أنها ليست من طريقته، ولا أسلوبه في الكتابة.
ولو فرض أن ذلك الحزب صحيح النسبة إليه؛ فإن هذا لا يجعله وردًا يوميًّا، كأوراد السنة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في مثل هذه الأحزاب المنسوبة للمشايخ: وَالْمَشْرُوعُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ؛ فَإِنَّ الدُّعَاءَ مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ نَهَانَا اللَّهُ عَنْ الِاعْتِدَاءِ فِيهِ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعَ فِيهِ مَا شُرِعَ وَسُنَّ، كَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ.
وَاَلَّذِي يَعْدِلُ عَنْ الدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ إلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحْزَابِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، الْأَحْسَنُ لَهُ أَنْ لَا يَفُوتَهُ الْأَكْمَلُ الْأَفْضَلُ، وَهِيَ الْأَدْعِيَةُ النَّبَوِيَّةُ؛ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ، وَأَكْمَلُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَإِنْ قَالَهَا بَعْضُ الشُّيُوخِ، فَكَيْفَ يَكُونُ فِي عَيْنِ الْأَدْعِيَةِ مَا هُوَ خَطَأٌ، أَوْ إثْمٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ!؟
وَمِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَيْبًا مَنْ يَتَّخِذُ حِزْبًا لَيْسَ بِمَأْثُورٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ حِزْبًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَيَدَعُ الْأَحْزَابَ النَّبَوِيَّةَ الَّتِي كَانَ يَقُولُهَا سَيِّدُ بَنِي آدَمَ، وَإِمَامُ الْخَلْقِ، وَحُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ. اهــ.
وقد كان الإمام النووي -رحمه الله تعالى- يحذّر من البدع في الدين، وقال عن حديث: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ. متفق عليه. وفي لفظ لمسلم: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ، قال: وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع، وَالْمُخْتَرَعَات...
وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه، وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات، وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ. اهـ.
وسبق أن بينا في الفتوى: 205483 أن الأذكار النبوية تغني عن غيرها من الأذكار المبتدعة.
وانظر أيضًا للفائدة الفتاوى: 61655، 140366، 171129، 142979.
والله أعلم.