خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/142"> الشيخ ابو بكر الجزائري . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/142?sub=113"> هذا الحبيب يا محب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
هذا الحبيب يا محب 87
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد:
ها نحن في آخر أحداث السنة السابعة ومن آخر أحداثها: [سرية ابن أبي العوجاء ] وهي سرية بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين المجاورين لدعوتهم إلى الإسلام، فإن أبوا قاتلهم؛ عملاً بقول الله تعالى من سورة التوبة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [التوبة:123] ينصرهم ويؤيدهم ويفتح عليهم.
وهذه الآية ثابتة راسخة لم تنسخ، ولا يتأتى أن نقول إنها نسخت أبداً؛ إذ سورة التوبة من آخر ما نزل وكلها أحداث جسام، وقد نفذ رسول الله هذا الأمر وقاتل من حوله -والدائرة تتسع- إلى أطراف الجزيرة حتى دخلت كلها في الإسلام، وقبضه الله إليه، ثم قام من بعده أصحابه بهذه الرسالة، فما هي إلا فترة لم تتجاوز الربع قرن حتى كان الإسلام في الأندلس ومن وراء نهر السند، عملاً بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة:123].
قال: [ولما رجع صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء -وذلك في شهر ذي الحجة-] تلك العمرة التي خرج فيها مع ألف وأربعمائة رجل ليعتمر، ومكة تحت سلطان قريش الكافرة، فلما انتهى به السير إلى مقربة من البلد الحرام، وعلمت قريش بخروجه صلى الله عليه وسلم ورجاله، جهزت جيشها وخرجت لاستقباله، لتمنعه من دخول مكة بدون رضاها، ثم تم صلح يسمى بصلح الحديبية ومن بنوده: أنه يأتي في العام المقبل يعتمر هو ورجاله، على أن تخلي لهم قريش مكة ثلاثة أيام، وتم هذا بالفعل، وأصبحت هذه العمرة تسمى بعمرة القضاء؛ إذ الأولى ما تمت وتحلل صلى الله عليه وسلم ورجاله بالذبح، وكل من أحرم بعمرة أو حج ولم يشترط، وحال بينه وبين الاعتمار أو الحج حائل -عجز- فإنه لا يتحلل إلا بذبح شاة، أو يشترك بسبع بعير أو بقرة، ومن عجز بالكلية صام عشرة أيام، وكانت هذه العمرة -عمرة القضية- في السنة السابعة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب أنهم يغزون قريشاً ولا تغزوهم، فقال: ( الآن نغزوهم ولا يغزونا )؛ لأنهم حاصروا المدينة بجيوش جرارة من أسفل ومن فوق، ولكن الله ردهم خائبين بعد خمس وعشرين ليلة، فأرسل عليهم ريحاً اقتلعت الخيام ورمت بها في العراء، وأكفأت القدور، فعرفوا أنه لا محالة من الهرب، فأذن مؤذنهم -رضي الله عنه- أبو سفيان أن عودوا إلى دياركم، وبعد الكرب، والحزن، والألم، والجوع، والبرد الذي عانى منه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الآن نغزوهم ولا يغزونا ).
إذاً: [بعث سرية عليها ابن أبي العوجاء السلمي ] هذه السرية كانت في شهر ذي الحجة [في خمسين فارساً] على خيولهم [بعثهم إلى بني سليم، وكان لهم عين] أي: كان لبني سليم جاسوس بالمدينة، عرف أن السرية أُمرت بالخروج، فأرسل يُعلم إخوانه بذلك [فذهب إليهم فأخبرهم بقدوم السرية عليهم] يعني: انتبهوا يا بني قومي! سرية بكذا فارس قد أرسلت إليكم [لدعوتهم إلى الإسلام فتهيئوا للقتال، ودفع دعوة الإسلام، فلما انتهى إليهم رجال السرية] وهم خمسون فارساً [ودعوهم إلى الإسلام، رشقوهم بالنبل ولم يسمعوا قولهم] ما قبلوا الدعوة [وقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه، فرموهم ساعة، وجعلت الإمدادات تتلاحق] من المشركين [وتحدق بهم من كل جانب، وقاتل أفراد السرية قتالاً شديداً حتى قتل عامتهم، وأصيب أميرهم بجروح كثيرة إلا أنه تحامل حتى وصل المدينة مع من بقي معه من المسلمين] واستشهاد في سبيل الله خير من هذه الحياة الهابطة؛ لأنهم ذهبوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعيّن عليهم قائداً وأميراً فقاتلوا حتى كتب الله لهم السعادة بالشهادة، فهنيئاً لهم.
قال: [نتائج وعبر] كما هي عادتنا مع كل حادثة نذكر ما فيها من فوائد لو كنا نعي ونحفظ ونطبق، لكن قلوبنا خربة.
[إن لهذه المقطوعة من السيرة العطرة نتائج وعبراً هي:
أولاً: وجوب الدعوة إلى الله تعالى والتحمل والصبر في سبيلها] وجوب الدعوة إلى الله ليعبد وحده؛ فيسعد الناس بعبادته ويكملوا، وهذه هي أول النتائج: وجوب الدعوة إلى الله تعالى والتحمل والمرض والموت والصبر في سبيلها.
ولعل هناك من يقول: يا شيخ! لم لا يدعو المسلمون الآن إلى الله؟! ألأنهم لا يملكون الصواريخ والطائرات النفاثة والأجهزة العامة والخاصة، فهم عاجزون، لا يستطيعون أن يرسوا سفنهم الحربية على شاطئ من شواطئ البلاد الكافرة؟!
فأقول: إذاً: نبحث عن طريقة نستطيع بها أن نبلغ دعوة الله، ولعل هناك من يبلغ ما أقول، أو أنه ليس فينا من يبلغ؟! أو يقول: هذا الشيخ لا ندري كيف عقله؟! فأقول: والله الذي لا إله غيره ما زال هذا الوجوب قائماً إلى اليوم، ويجب على المسلمين أن يدعوا إلى الله، ليؤمن به ويُعبد، فيظفر الإنسان في الدنيا ويسعد في الآخرة، وإنما الذي أريد أن يبلغ العلماء والحكام هو:
أن الله -والحمد لله- فتح علينا العالم بأسره، فوالله ما نحن في حاجة إلى طائرات قتال، ولا إلى سفن حربية، أبداً.. فالعالم مفتوح بين أيدينا، من فتحه؟ الله بسننه وتدبيره في خلقه، فأمريكا الجبارة في شمالها وجنوبها المآذن ترفع الأذان، والجيوش الأمريكية لا يوجد جيش إلا وفيه مسلم يؤذن ويصلي.. وبريطانيا شبه إسلامية، وفرنسا فيها ثلاثة آلاف مسجد، وألمانيا ذات المخ العظيم فيها عشرات المساجد.. إذاً: لسنا في حاجة أبداً إلى أن نغزوا، فقد فتح الله الديار أمامنا.
الطريق -وبلغوا إن استطعتم- أنه يجب حتماً علينا معاشر المسلمين أن نكوّن لجنة عليا للدعوة الإسلامية، يشارك فيها كل إقليم من أقاليم المسلمين، وكل قطر من أقطارهم، وكل دولة من دولهم، صغيرة أو كبيرة، غنية أو فقيرة؛ حتى تكون الأمة كلها قد شاركت وأسهمت في ذلك الخير، هذه اللجنة وليكن مقرها المدينة النبوية -وهي مقر الخلافة الإسلامية- تبعث برجالها من أهل الخبرة إلى اليابان، وإلى الصين، وإلى شرق أوروبا، وإلى غربها، وإلى أمريكا وإلى كل مكان .. وتطلب منهم أن يقوّموا ويعرفوا الجماعات الإسلامية في تلك البلاد: أعدادها ومساجدها، ومدارسها، ومراكزها، ثم يأتون ويضعون خريطة أمام اللجنة العليا، يقولون: إن اليابان فيها كذا مسجداً، والصين فيها كذا، وكذا فيه كذا..
ومن ثم تقوم اللجنة التي يشارك فيها كل مؤمن بدرهم أو دينار سنوياً أو شهرياً، وتكون لها خزانة مالية لا نظير لها؛ إذ شارك فيها ألف مليون مسلم، وفي سرّية كاملة، ونحن الآن نتكلم بأعلى أصواتنا؛ لأننا لا نخاف أن يعلم العدو عنا شيئاً، لكن عندما تبتدئ اللجنة تعمل في الظلام؛ حتى لا ينزعج الشرق ولا الغرب، ولا يلوي أحد رأسه.
فإذا عرفت اللجنة العليا هذه الإحصائيات بدأت بإرسال علماء ربانيين إلى كل بلد من تلك البلاد حسب عدد مساجدها ومراكزها، وتقوم بتجهيز تلك المراكز وإعدادها، وتهيئتها للدعوة، وتبعث بالكتاب الموحِد الذي لا يفرق بين المسلمين، حتى تصبح تلك الجماعات على قلب رجل واحد، فلا مذهبية، ولا طائفية، ولا فرقة أبداً، ولكن قال الله وقال رسوله، واللجنة العليا هي التي تزود تلك الجماعات بالكتاب الرباني الجامع غير المفرق، الهادي غير الضال.. وتنفق الأموال على إنشاء المساجد وتوسعتها، وتأخذ في تهذيب تلك الجماعات، فتصبح الجماعة الإسلامية كأنها أنوار في الصدق، والولاء لله والرسول، والحب، والتعاون، والطهر، والصفاء، والأخلاق الفاضلة، والآداب السامية ..
والله لا يمضي ربع قرن إلا تضاعف عدد المسلمين؛ لأن الناس يدخلون في الإسلام إذا شاهدوا الإسلام الحقيقي كيف هو، ليس فيه أبداً خداع، ولا غش، ولا كذب، ولا فساد، ولا خبث، وينجذبون حسب سنة الله عز وجل، ولو يستمر هذا الوضع فيمكن بين وقت وآخر أن نسمع أن الدولة الفلانية أصبحت دولة إسلامية، وحكمها مسلم.. وهكذا.
هذا الواجب أوجبه الله تعالى بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً [التوبة:123] ونحن نقاتلهم؛ ليفتحوا لنا الباب لندخل ونعلّم، لا لنقتلهم، ولا لنسلب أموالهم؛ إذ كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلوا بحدود دولة يراسلون أهلها: هل تدخلون في الإسلام؟ فإن قالوا: نعم، هنئوهم ودخلوا وعلّموهم، وإن قالوا: لا، نبقى على ديننا، قالوا: أفسحوا لنا المجال نعلم إخوانكم، فإن قالوا: تفضلوا، دخلوا في ذمتنا ونعلمهم، ولا قتال إلا إذا رفضوا الإسلام وقبول الدعوة، والآن الدعوة ليست مرفوضة أبداً، بل مقبولة في كل جانب.
[ثانياً: خطر العيون والجواسيس أيام الحروب] أما إذا ليس ثمة حرب والبلاد في سلم فلا يضر وجودهم، لكن خطرهم إذا كانت الحرب معلنة، والقتال دائر [ووجوب الحذر منهم] كل مؤمن يفتح عينيه ويتفطن، فلولا العين التي رأت الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل ما كان ليتحمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الهزيمة.
[ثالثاً: بيان شجاعة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر أهل الإيمان وعظيم صبرهم وتحملهم].
قال: [أهم أحداث هذه السنة غير الغزوات والسرايا
من أهم الأحداث والوقائع عدا الغزوات والسرايا التي كانت في سنة سبع من الهجرة ما يلي:
أولاً: رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع
ثانياً: زواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث الهلالية
تدبير من هذا؟ تدبير الله، ولا يقدر عليه إلا هو، وميمونة بنت الحارث هي خالة عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
ثالثاً: قدوم حاطب بن أبي بلتعة من عند المقوقس
ونذكر في هذه الحادثة شيئاً يذكرنا برحمة الرسول صلى الله عليه وسلم: فعندما وضع الطفل بين يديه وهو يلفظ أنفاسه دمعت عينه، وقال: ( العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب تبارك وتعالى )، وإبراهيم الآن عند جده إبراهيم عليه السلام، كما أن كل من مات من أطفال المسلمين عنده.
رابعاً: قضاء الرسول وأصحابه عمرتهم التي منعوا من إتمامها سنة ست من الهجرة
[أولاً: رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع ] وتقدم لنا وعلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له بنت يقال لها: زينب ، زوّجها في مكة -وأمها هي خديجة - وأن زوجها أبو العاص بن الربيع كان كافراً، وشاءت أقدار الله أن يأتي في قافلة من قوافل قريش للتجارة بالشام، ولما كان في طرف المدينة استقبله رجالات الحبيب صلى الله عليه وسلم فأخذوا أمواله مقابل الأموال التي أخذوها منهم في مكة، فجاء مختبئاً وكلم زوجته من وراء حجاب، وقال لها: اشفعي لي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوسطت وشفعت له وأجارته، وأجاره الحبيب صلى الله عليه وسلم، ثم ذهب -وهو رئيس القافلة- عائداً إلى مكة حتى رد عليهم أموالهم وقال لهم: أبيت أن أعلن عن إسلامي حتى لا تقولوا: أسلم ليأخذ أموالنا، وعاد إلى المدينة ورد الرسول صلى الله عليه وسلم إليه زوجته زينب رضي الله عنها، وكان لها طفلة تأتي إلى المحراب، فيحملها صلى الله عليه وسلم ويصلي بها.
[ثانياً: زواجه صلى الله عليه وسلم بـميمونة بنت الحارث الهلالية ] في عمرة القضاء، وذلك عندما دخلوا مكة بناء على الصلح المبرم، وعقد عليها بعد نهاية العمرة، بعدما طاف وسعى وتحلل، ثم أتاه بها مولاه إلى سرف، ودخل بها هناك، وهي آخر من مات من نساء الرسول صلى الله عليه وسلم، وماتت بسرف حيث بنى بها صلى الله عليه وسلم هناك ودفنت.
تدبير من هذا؟ تدبير الله، ولا يقدر عليه إلا هو، وميمونة بنت الحارث هي خالة عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
[ثالثاً: قدوم حاطب بن أبي بلتعة من عند المقوقس ملك الأقباط بمصر ومعه مارية القبطية أم إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرين، وقد أسلمتا] أي: الجاريتين [في طريقهما إلى المدينة] حاطب بن أبي بلتعة بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس يعرض عليه الإسلام كما تقدم، وبعث معه بكتاب، فما كان من هذا الملك إلا أن أكرم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث معه بجاريتين، والنبي صلى الله عليه وسلم تسرى بـمارية القبطية وأنجبت له ولداً سماه إبراهيم ، وتوفي وهو رضيع.
ونذكر في هذه الحادثة شيئاً يذكرنا برحمة الرسول صلى الله عليه وسلم: فعندما وضع الطفل بين يديه وهو يلفظ أنفاسه دمعت عينه، وقال: ( العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب تبارك وتعالى )، وإبراهيم الآن عند جده إبراهيم عليه السلام، كما أن كل من مات من أطفال المسلمين عنده.
[رابعاً: قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرتهم التي منعوا من إتمامها سنة ست من الهجرة] هذه الحادثة في سنة سبع بعد أن قضوا عمرتهم التي منعوا منها في العام الماضي، وبحسب الاتفاقية أنهم يأتون في العام المقبل ويعتمرون، وبالفعل أخلت لهم قريش مكة ثلاثة أيام، ولما تزوج الحبيب بـميمونة قال: ( هل لكم أن تحضروا مأدبة نقيمها لكم؟ ) قالوا: لا نريد طعامك، واخرج من بلادنا في الوقت المحدد! إنها العنجهية!!
والآن مع السنة الثامنة، وتبقى التاسعة والعاشرة ثم نفارق الحبيب صلى الله عليه وسلم، فما بقي على وفاته إلا سنتان وأربعة أشهر.
قال: [أحداث السنة الثامنة من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
ودخلت السنة الثامنة من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول أحداثها:
[سرية غالب ] والسرية: المجموعة تسري بالليل في الظلام.
قال: [وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الليثي الكلبي إلى بني الملوح، فلقيه في مسيره الحارث بن البرصاء الليثي ] والأبرص المصاب بالبرص [فأخذه أسيراً] أخذه القائد أسيراً [فقال: إنما جئت لأسلم] أراد أن يخرج من الأسر فقال: إنما جئت لأسلم [فقال له غالب : إن كنت صادقاً فلن يضرك رباط ليلة] يعني: إذا كنت صادقاً في أنك جئت لتسلم فلا تتألم، ولتبق مربوطاً عندنا ليلة [وإن كنت كاذباً استوثقنا منك. ووكل به بعض أصحابه] قال: راقبوه هو عندكم الليلة [وقال له] للوكيل [إن نازعك فخذ رأسه] أي: إذا أراد أن يقاتلك فاقتله [وأمره بالمقام إلى أن يعود، ثم ساروا] وتركوه [حتى أتوا بطن الكديد فنزلوا بعد العصر، وأرسلوا جندب بن مكيث الجهني ربيئة لهم] والربيئة: الطليعة من الجيش؛ يكشف لهم عن أحوال المشركين.
[قال: فقصدت تلاً هناك] التلّ: الجبل الصغير، وقصده ليكتشف ما هي المنطقة، وما فيها [يطلعني على الحاضر] في المنطقة [فانبطحت عليه] على ذلك التل [فرآني رجل منبطحاً، فأخذ قوسه وسهمين، فرماني بأحدهما فوضعه في جنبي، فنزعته ولم أتحرك] يعني: باق على الأرض [ثم رماني بالسهم الثاني فوضعه في رأس منكبي، فنزعته ولم أتحرك، فقال الرامي: أما والله لقد خالطه سهماي، ولو كان ربيئة لتحرك] يعني: لو كان بعثه قومه ليطلع علينا لكان قد تحرك.
قال: [فأمهلناهم حتى راحت مواشيهم واحتلبوا، فشننا عليهم الغارة، فقتلنا منهم واستقنا منهم النعم، ورجعنا سراعاً، وأتى صريخ القوم، فجاءنا ما لا قبل لنا به، حتى إذا لم يكن بيننا إلا بطن الوادي من قديد، بعث الله من حيث شاء سحاباً ما رأينا قبل ذلك مطراً مثله، فجاء الوادي بما لا يقدر أحد أن يجوزه، فلقد رأيتهم ينظرون إلينا ما يقدر أحد أن يتقدم.
وكان شعارنا في هذه السرية: أمت أمت، وكنا بضعة عشر رجلاً].
وهنا لطيفة وهي: أن هذا المشرك حلف بالله، فقال: والله لقد خالطه سهماي! وكثير من المسلمين اليوم لا يحلفون بالله، ما السبب؟ كانت العرب لها صلة بإسماعيل باني البيت مع إبراهيم عليهما السلام، فما زالوا يعرفون الله ويؤمنون به رباً وإلهاً، وإنما دخل عليهم الشرك بدعاته، ومنهم: عمرو بن لحي الذي أتى بالأصنام من الشام، فبقوا على ذلك يحلفون بالله عز وجل، أما اليوم فقد أفسد العدو على المسلمين قلوبهم، وجعلهم يعبدون الأولياء بدل الله عز وجل، فلهذا يذبحون الذبائح وينذرون النذور، ويحلفون بسيدي فلان وفلان، وقد قلت غير ما مرة حادثة لا تنسى وهي:
لما أصبح أهل بعض المناطق لا يثقون باليمين بالله، تجد أحدهم يسرق شاتك ويحلف بالله سبعين مرة أنه ما سرقها ولا يبالي! فماذا يصنع القاضي في المنطقة؟ أصبح القاضي يستحلفهم بالأولياء، لا يحلفهم بالله، فيأتي ويقول: قُل: وحق سيدي فلان سبع مرات ما أخذت كذا .. فيخاف ولا يفعل، أما إذا قال له: احلف بالله، فإنه يحلف سبعين مرة، ولا يبالي.
ومن العجائب: أن أحدهم لما خاصم أخاه، وانتصر عليه؛ لأنه حلف بالباطل وأعطاه القاضي حقه، قال له: امش واحلف عند السيد فلان، فمشى معه، فلما أدخل رأسه في كوة الضريح ليحلف أخرج أخوه عصا وضربه على رأسه، وتركه يتشحط في دمه وراح، فلما سألوه ما وقع: قال: ضربه سيدي فلان؛ لأنه حلف به كاذباً!!