شرح ألفية ابن مالك [70]


الحلقة مفرغة

عدم دخول الصرف في الحرف وما أشبهه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ التصريف

حرف وشبهه من الصرف بري وما سواهما بتصريف حري

وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا

ومنتهى اسم خمس أن تجردا وإن يزد فيه فما سبعا عدا

وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم

وفِعُلٌ أهمل والعكس يقل لقصدهم تخصيص فعل بفعل

وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن

ومنتهاه أربع إن جردا وإن يزد فيه فما ستاً عدا ].

التصريف: علمٌ يعرف به أحكام الكلمة من حيث التغيير وردها إلى الأصول بزيادة أو حذف.

فهو لا يتعلق بآخر الكلمة، وإنما يتعلق بأوائلها وأواسطها هل فيها تغيير أو لا؟ وكذلك في أوزانها هل فيها زيادة أو نقص.

وفي الحقيقة ليست فائدته كفائدة النحو؛ لأن النحو فائدته عظيمة جداً، لكنه فيه فائدة عظيمة أيضاً، حيث تعرف به حركة الكلمة في أولها وفي وسطها، هذه مثلاً من باب كذا، أو من باب كذا، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

والتصريف لا يدخل على جميع الكلمات؛ ولهذا يقول: ( حرف وشبهه من الصرف بري ).

حرف: مبتدأ.

وشبهه: معطوف عليه.

وبريء: خبر المبتدأ، وساغ الابتداء بالنكرة لأجل التقسيم، وابن مالك يقول: (لا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تفد).

وقوله: (وشبهه)، شبه الحرف نوعان: أحدهما من الأسماء، والثاني من الأفعال، فالذي من الأسماء هو الأسماء المبنية، فكل اسم مبني فهو بريء من التصريف، فمثل: (أنا) لا تستطيع أن تقول وزنها فَعَلَ، (نحن): لا تستطيع أن تقول: وزنها: فَعْلُ، لأن كل اسم مبني فلا تصريف فيه إطلاقاً ولا تجرى فيه الموازين الصرفية.

وأما النوع الثاني: فهو كل جامد من الأفعال فإنه لا يدخل فيه التصريف، مثل: ليس وعسى.

فصارت الأشياء البريئة من الصرف ثلاثة: الحرف، والأسماء المبنية، والأفعال الجامدة.

(وما سواهما بتصريف حري)، يعني: جدير بالتصريف ما سوى الحرف وشبهه، فدخل في ذلك جميع الأسماء المعربة وجميع الأفعال المتصرفة.

لا يدخل الصرف على كلمة حروفها أقل من ثلاثة

قوله: (وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا)

يعني: لا يمكن أن يوجد ما يقبل التصريف وهو أدنى من ثلاثة أحرف أبداً.

المعنى: أن كل ما يقبل التصريف من الأسماء والأفعال فإنه لا يقل عن ثلاثة أحرف، إلا ما غير، يعني: ما دخل فيه إعلال بحذف، فهذا ربما يقل عن ثلاثة أحرف، فمثل: (يد) حرفان ومع ذلك فإنها مما يدخله التصريف، لكن فيها حذف، والحذف هنا ليس سببه قاعدة تصريفية، بل حذف اعتباطاً، أي: نطقت بها العرب هكذا.

وعلى هذا فنقول: كل قابل للتصريف من فعل أو اسم أو حرف فإنه لا يمكن أن ينقص عن ثلاثة أحرف إلا أن يعتريه تغيير، فمثلاً: فِ، فعل أمر قابل للتصريف، لأن أصله ثلاثي (وفي) لكن حذف منه حرفان.

قوله: (ومنتهى اسم خمس إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا)

أي: المجرد من الزيادة في الاسم منتهاه خمس، والمزيد منتهاه سبع، فلا يمكن أن تجد كلمة من الأسماء العربية تزيد على سبعة أحرف أبداً إذا كانت مزيدة، ولا على خمسة إذا كانت مجردة، مثال المجرد الثلاثي: فلس، والرباعي جعفر، والخماسي: سفرجل.

ومثال المزيد إلى سبعة: احرنجام.

قال: (وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم).

غير الآخر يشمل أول الثلاثي وثانيه.

يقول: (افتح وضم واكسر).

فإذا كان الأول والثاني في كل واحد منهما ثلاث لغات في ثلاث حركات، فتكون تسعة أوجه، قال المؤلف: (وزد تسكين ثانيه) فتكون اثني عشر وجهاً؛ لأن تسكين الثاني يكون مع الحركات الثلاث للأول.

إذاً: الاسم الثلاثي يكون له اثنتا عشرة صورة بالنسبة للحركات، في أوله وفي وسطه.

مثال: فتح الأول مع فتح الثاني: قلم.

وفتح الأول مع كسر الثاني: حَذِر.

وفتح الأول مع ضم الثاني: عَضُد.

وفتح الأول مع تسكين الثاني: قَيْد.

وأمثلة ضم الأول مع الحركات الثلاث والسكون: صُرد ودُئِل وعُنُق وقُفْل.

وأمثلة كسر الأول مع الحركات الثلاث والسكون: عِنبْ وإِبِل وحِبْك وعِلْم.

وسيأتي أن فِعُل أهمل، أي: وزن: حِبُك، والعكس يقلك أي: فُعِل، فتكون للاسم الثلاثي عشرة أوزان.

قوله: (وفِعُل أهمل)، يعني: أن العرب لم تنطق بكلمة فِعُل، بل أهملته، ولكن المؤلف ذكره إتماماً للتقسيم والحصر، على أن بعضهم قال: إنه غير مهمل لكنه نادر.

قال: (والعكس يقل)، أي: فُعِل مثل سُئِل.

أي: يقل في الأسماء؛ ولهذا يقول: (والعكس يقل لقصدهم) يعني: لقصد العرب (تخصيص فعل بفُعِل)، يعني: أنهم قل نطقهم بِفُعِل في الاسم؛ لأنهم نقلوا هذا الوزن إلى الفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول، هنا (فعل) ليس المقصود الميزان، إنما المقصود اسم الكلمة، يعني: قصدوا أن يكون فُعِل من خصائص الأفعال.

ثم انتقل المؤلف إلى حكم الفعل الثلاثي، قال:

(وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن).

هذه أوزان الفعل انتقل إليها المؤلف بعد ذكر أوزان الاسم، قال: (وافتح وضم واكسر الثاني) ولم يتكلم عن الأول، لأن الأول مفتوح في الأفعال، والأفعال لا يضم أولها إلا إذا بنيت للمجهول، وقد ذكره بقوله: (وزد نحو ضمن).

وأمثلته: نبدأ بالضم فنقول: عَظُم، ومثال بالكسر: شرب، فرح، ومثال الفتح: وقف وقعد.

وزد نحو ضمن، وهو مضموم الأول مكسور الثاني، ويكون كذلك إذا كان مبنياً للمجهول.

فصارت أوزان الفعل الثلاثي أربعة.

قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: [ التصريف

حرف وشبهه من الصرف برى وما سواهما بتصريف حري

التصريف عبارة عن علم يُبْحَثُ فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك.

ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال، فأما الحروف وشبهها فلا تعلق لعلم التصريف بها.

وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرى

يعني: أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين إلا إن كان محذوفاً منه، فأقل ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف، ثم قد يعرض لبعضها نقص كيد وقل وم الله وق زيداً ].

ومنتهى اسمٍ خمسٌ إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا

الاسم قسمان: مزيد فيه، ومجرد عن الزيادة.

فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقطٌ وضعاً، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف نحو: احر نجام واشهيباب ].

أي: من اشهاب شهيباباً، مثل: احمارَّ يحمارُّ احمراراً.

قال: [ والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطاً في أصل الوضع، وهو: إما ثلاثي كَفلْس، أو رباعي كجعفر، أو خماسي -وهو غايته- كسفرجل].

ما لا يسقط شيء من حروفه هو المجرد، فمثلاً فَلْسْ على وزن فَعْلْ لا يسقط شيء من حروفه، لكن مثلاً إذا قلت: مصطفى، فهذا مزيد، وأصله من الصفوة، فالحروف الأصلية فيه هي الصاد والواو، التي هي الألف المقصورة.

وعلامة الحرف الزائد أن ينطق به في الميزان، وأما الأصل فتكرر له حروف الميزان، مثل جعفر، وزنه: فعلل، وسفرجل، وزنه فعلل.

أما قنديل فزنه: فعليل. إذاً: الياء زائدة في قنديل، وقائم وزنه: فاعل، ما دام نطقت بالألف في الميزان بلفظها فهي زائدة.

أوزان الثلاثي من الأسماء

قوله: (ومنتهى اسم خمس إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا)

أي: المجرد من الزيادة في الاسم منتهاه خمس، والمزيد منتهاه سبع، فلا يمكن أن تجد كلمة من الأسماء العربية تزيد على سبعة أحرف أبداً إذا كانت مزيدة، ولا على خمسة إذا كانت مجردة، مثال المجرد الثلاثي: فلس، والرباعي: جعفر، والخماسي: سفرجل.

ومثال المزيد إلى سبعة: احرنجام.

قال: (وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم).

غير الآخر يشمل أول الثلاثي وثانيه.

يقول: (افتح وضم واكسر).

فإذا كان الأول والثاني في كل واحد منهما ثلاث لغات في ثلاث حركات، فتكون تسعة أوجه، قال المؤلف: (وزد تسكين ثانيه) فتكون اثني عشر وجهاً؛ لأن تسكين الثاني يكون مع الحركات الثلاث للأول.

إذاً: الاسم الثلاثي يكون له اثنتا عشرة صورة بالنسبة للحركات، في أوله وفي وسطه:

مثال فتح الأول مع فتح الثاني: قلم.

وفتح الأول مع كسر الثاني: حَذِر.

وفتح الأول مع ضم الثاني: عَضُد.

وفتح الأول مع تسكين الثاني: قَيْد.

وأمثلة ضم الأول مع الحركات الثلاث والسكون: صُرَد ودُئِل وعُنُق وقُفْل.

وأمثلة كسر الأول مع الحركات الثلاث والسكون: عِنَبْ وإِبِل وحِبُك وعِلْم.

وسيأتي أن فِعُل أهمل، أي: وزن: حِبُك، والعكس يقل أي: فُعِل، فتكون للاسم الثلاثي عشرة أوزان.

قوله: (وفِعُل أهمل)، يعني: أن العرب لم تنطق بكلمة فِعُل، بل أهملته، ولكن المؤلف ذكره إتماماً للتقسيم والحصر، على أن بعضهم قال: إنه غير مهمل لكنه نادر.

قال: (والعكس يقل)، أي: فُعِل، مثل: سُئِل.

أي: يقل في الأسماء؛ ولهذا يقول: (والعكس يقل لقصدهم) يعني: لقصد العرب (تخصيص فعل بفُعِل)، يعني: أنهم قل نطقهم بِفُعِل في الاسم؛ لأنهم نقلوا هذا الوزن إلى الفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول، هنا (فِعْل) ليس المقصود الميزان، إنما المقصود اسم الكلمة، يعني: قصدوا أن يكون فُعِل من خصائص الأفعال.

أوزان الثلاثي من الأفعال

ثم انتقل المؤلف إلى حكم الفعل الثلاثي، قال:

(وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن)

هذه أوزان الفعل انتقل إليها المؤلف بعد ذكر أوزان الاسم، قال: (وافتح وضم واكسر الثاني) ولم يتكلم عن الأول، لأن الأول مفتوح في الأفعال، والأفعال لا يضم أولها إلا إذا بنيت للمجهول، وقد ذكره بقوله: (وزد نحو ضمن).

وأمثلته: نبدأ بالضم فنقول: عَظُم، ومثال الكسر: شرب وفرح، ومثال الفتح: وقف وقعد.

(وزد نحو ضمن) وهو مضموم الأول مكسور الثاني، ويكون كذلك إذا كان مبنياً للمجهول.

فصارت أوزان الفعل الثلاثي أربعة.

كلام ابن عقيل في شرح الأبيات الأولى من باب التصريف

قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: [ التصريف

حرف وشبهه من الصرف بري وما سواهما بتصريف حري

التصريف عبارة عن علم يُبْحَثُ فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك.

ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال، فأما الحروف وشبهها فلا تعلق لعلم التصريف بها.

وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا

يعني: أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين إلا إن كان محذوفاً منه، فأقل ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف، ثم قد يعرض لبعضها نقص كيد وقل وم الله وق زيداً ].

ومنتهى اسمٍ خمسٌ إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا

الاسم قسمان: مزيد فيه، ومجرد عن الزيادة.

فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقطٌ وضعاً، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف نحو: احرنجام واشهيباب ].

أي: من اشهاب اشهيباباً، مثل: احمارَّ يحمارُّ احمراراً.

قال: [ والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطاً في أصل الوضع، وهو: إما ثلاثي كَفلْس، أو رباعي كجعفر، أو خماسي -وهو غايته- كسفرجل].

ما لا يسقط شيء من حروفه هو المجرد، فمثلاً: فَلْسْ على وزن فَعْلْ لا يسقط شيء من حروفه، لكن مثلاً إذا قلت: مصطفى، فهذا مزيد، وأصله من الصفوة، فالحروف الأصلية فيه هي الصاد والفاء والواو، التي هي الألف المقصورة.

وعلامة الحرف الزائد أن ينطق به في الميزان، وأما الأصل فتكرر له حروف الميزان، مثل جعفر، وزنه: فعلل، وسفرجل، وزنه فعلل.

أما قنديل فوزنه: فعليل. إذاً: الياء زائدة في قنديل، وقائم وزنه: فاعل، ما دام نطقت بالألف في الميزان بلفظها فهي زائدة.

أوزان الاسم الثلاثي

قال رحمه الله: [ وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانية تعم ]

العبرة في وزن الكلمة بما عدا الحرف الأخير منها، وحينئذ فالاسم الثلاثي إما أن يكون مضموم الأول أو مكسوره أو مفتوحه، وعلى كل من هذه التقادير إما أن يكون مضموم الثاني أو مكسوره أو مفتوحه أو ساكنه، فيخرج من هذا اثنا عشر بناء حاصلة من ضرب ثلاثة في أربعة، وذلك نحو: قُفْل وعُنُق ودُئِل وصُرَد، ونحو: عْلِم وحِبُك وإِبِل وِعِنَبْ، ونحو: فَلْس وفَرَس وعَضُد وكَبِد ].

قُفْل وعُنُق ودُئِل وصُرَد، جاءت وحدها لأنها مضمومة الأول والثاني بالحركات الثلاث والسكون، قُفْل على وزن فُعْل، عُنُق على وزن فُعُل، دُئِل: فُعِل، صُرَد: فُعَل.

ومع كسر الأول: عِلْم على وزن: فِعْل، حبك على وزن فِعُل، وإبل على وزن: فِعِل، وعِنَب: فِعَل. ونحو فَلْس هذا مفتوح الفاء: فَلْس: فَعْل، فَرَسْ: فَعَلْ، عَضُد: فَعُل، كَبِد: فَعِل.

فهذه اثنا عشر.

قال رحمه الله: [ وفِعُل أهمل والعكس يقل لقصدهم تخصيص فِعْل بفُعِلْ ].

يعني: أن من الأبنية الاثني عشر بناءين أحدهما مهمل والآخر قليل.

فالأول: ما كان على وزن فِعُل بكسر الأول وضم الثاني وهذا بناء من المصنف على عدم إثبات حِبُك.

والثاني: ما كان على وزن فُعِل بضم الأول وكسر الثاني كدُئِل، وإنما قلَّ ذلك في الأسماء لأنهم قصدوا تخصيص هذا الوزن بفِعْل ما لم يسم فاعله كضُرِب وقُتِل.

أوزان الفعل الثلاثي

وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن

ومنتهاه أربع إن جردا وإن يزد فيه فما ستاً عدا

الفعل ينقسم إلى مجرد وإلى مزيد فيه كما انقسم الاسم إلى ذلك، وأكثر ما يكون عليه المجرد أربعة أحرف، وأكثر ما ينتهي في الزيادة إلى ستة.

وللثلاثي المجرد أربعة أوزان: ثلاثة لفَعَل الفاعل، وواحد لفُعِل المفعول.

فالتي لفَعَل الفاعل: فَعَل -بفتح العين- كضَرب، وفَعِل -بكسرها- كشَرِب، وفَعُل -بضمها- كشَرُف.

والذي لفعل المفعول فُعِل بضم الفاء وكسر العين كضُمِن.

ولا تكون الفاء في المبنى للفاعل إلا مفتوحة؛ ولهذا قال المصنف: (وافتح وضم واكسر الثاني) فجعل الثاني مثلثاً وسكت عن الأول، فعلم أنه يكون على حالة واحدة، وتلك الحالة هي الفتح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ التصريف

حرف وشبهه من الصرف بري وما سواهما بتصريف حري

وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا

ومنتهى اسم خمس أن تجردا وإن يزد فيه فما سبعا عدا

وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم

وفِعُلٌ أهمل والعكس يقل لقصدهم تخصيص فعل بفعل

وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن

ومنتهاه أربع إن جردا وإن يزد فيه فما ستاً عدا ].

التصريف: علمٌ يعرف به أحكام الكلمة من حيث التغيير وردها إلى الأصول بزيادة أو حذف.

فهو لا يتعلق بآخر الكلمة، وإنما يتعلق بأوائلها وأواسطها هل فيها تغيير أو لا؟ وكذلك في أوزانها هل فيها زيادة أو نقص.

وفي الحقيقة ليست فائدته كفائدة النحو؛ لأن النحو فائدته عظيمة جداً، لكنه فيه فائدة عظيمة أيضاً، حيث تعرف به حركة الكلمة في أولها وفي وسطها، هذه مثلاً من باب كذا، أو من باب كذا، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

والتصريف لا يدخل على جميع الكلمات؛ ولهذا يقول: ( حرف وشبهه من الصرف بري ).

حرف: مبتدأ.

وشبهه: معطوف عليه.

وبريء: خبر المبتدأ، وساغ الابتداء بالنكرة لأجل التقسيم، وابن مالك يقول: (لا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تفد).

وقوله: (وشبهه)، شبه الحرف نوعان: أحدهما من الأسماء، والثاني من الأفعال، فالذي من الأسماء هو الأسماء المبنية، فكل اسم مبني فهو بريء من التصريف، فمثل: (أنا) لا تستطيع أن تقول وزنها فَعَلَ، (نحن): لا تستطيع أن تقول: وزنها: فَعْلُ، لأن كل اسم مبني فلا تصريف فيه إطلاقاً ولا تجرى فيه الموازين الصرفية.

وأما النوع الثاني: فهو كل جامد من الأفعال فإنه لا يدخل فيه التصريف، مثل: ليس وعسى.

فصارت الأشياء البريئة من الصرف ثلاثة: الحرف، والأسماء المبنية، والأفعال الجامدة.

(وما سواهما بتصريف حري)، يعني: جدير بالتصريف ما سوى الحرف وشبهه، فدخل في ذلك جميع الأسماء المعربة وجميع الأفعال المتصرفة.

قوله: (وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا)

يعني: لا يمكن أن يوجد ما يقبل التصريف وهو أدنى من ثلاثة أحرف أبداً.

المعنى: أن كل ما يقبل التصريف من الأسماء والأفعال فإنه لا يقل عن ثلاثة أحرف، إلا ما غير، يعني: ما دخل فيه إعلال بحذف، فهذا ربما يقل عن ثلاثة أحرف، فمثل: (يد) حرفان ومع ذلك فإنها مما يدخله التصريف، لكن فيها حذف، والحذف هنا ليس سببه قاعدة تصريفية، بل حذف اعتباطاً، أي: نطقت بها العرب هكذا.

وعلى هذا فنقول: كل قابل للتصريف من فعل أو اسم أو حرف فإنه لا يمكن أن ينقص عن ثلاثة أحرف إلا أن يعتريه تغيير، فمثلاً: فِ، فعل أمر قابل للتصريف، لأن أصله ثلاثي (وفي) لكن حذف منه حرفان.

قوله: (ومنتهى اسم خمس إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا)

أي: المجرد من الزيادة في الاسم منتهاه خمس، والمزيد منتهاه سبع، فلا يمكن أن تجد كلمة من الأسماء العربية تزيد على سبعة أحرف أبداً إذا كانت مزيدة، ولا على خمسة إذا كانت مجردة، مثال المجرد الثلاثي: فلس، والرباعي جعفر، والخماسي: سفرجل.

ومثال المزيد إلى سبعة: احرنجام.

قال: (وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم).

غير الآخر يشمل أول الثلاثي وثانيه.

يقول: (افتح وضم واكسر).

فإذا كان الأول والثاني في كل واحد منهما ثلاث لغات في ثلاث حركات، فتكون تسعة أوجه، قال المؤلف: (وزد تسكين ثانيه) فتكون اثني عشر وجهاً؛ لأن تسكين الثاني يكون مع الحركات الثلاث للأول.

إذاً: الاسم الثلاثي يكون له اثنتا عشرة صورة بالنسبة للحركات، في أوله وفي وسطه.

مثال: فتح الأول مع فتح الثاني: قلم.

وفتح الأول مع كسر الثاني: حَذِر.

وفتح الأول مع ضم الثاني: عَضُد.

وفتح الأول مع تسكين الثاني: قَيْد.

وأمثلة ضم الأول مع الحركات الثلاث والسكون: صُرد ودُئِل وعُنُق وقُفْل.

وأمثلة كسر الأول مع الحركات الثلاث والسكون: عِنبْ وإِبِل وحِبْك وعِلْم.

وسيأتي أن فِعُل أهمل، أي: وزن: حِبُك، والعكس يقلك أي: فُعِل، فتكون للاسم الثلاثي عشرة أوزان.

قوله: (وفِعُل أهمل)، يعني: أن العرب لم تنطق بكلمة فِعُل، بل أهملته، ولكن المؤلف ذكره إتماماً للتقسيم والحصر، على أن بعضهم قال: إنه غير مهمل لكنه نادر.

قال: (والعكس يقل)، أي: فُعِل مثل سُئِل.

أي: يقل في الأسماء؛ ولهذا يقول: (والعكس يقل لقصدهم) يعني: لقصد العرب (تخصيص فعل بفُعِل)، يعني: أنهم قل نطقهم بِفُعِل في الاسم؛ لأنهم نقلوا هذا الوزن إلى الفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول، هنا (فعل) ليس المقصود الميزان، إنما المقصود اسم الكلمة، يعني: قصدوا أن يكون فُعِل من خصائص الأفعال.

ثم انتقل المؤلف إلى حكم الفعل الثلاثي، قال:

(وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزد نحو ضمن).

هذه أوزان الفعل انتقل إليها المؤلف بعد ذكر أوزان الاسم، قال: (وافتح وضم واكسر الثاني) ولم يتكلم عن الأول، لأن الأول مفتوح في الأفعال، والأفعال لا يضم أولها إلا إذا بنيت للمجهول، وقد ذكره بقوله: (وزد نحو ضمن).

وأمثلته: نبدأ بالضم فنقول: عَظُم، ومثال بالكسر: شرب، فرح، ومثال الفتح: وقف وقعد.

وزد نحو ضمن، وهو مضموم الأول مكسور الثاني، ويكون كذلك إذا كان مبنياً للمجهول.

فصارت أوزان الفعل الثلاثي أربعة.

قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: [ التصريف

حرف وشبهه من الصرف برى وما سواهما بتصريف حري

التصريف عبارة عن علم يُبْحَثُ فيه عن أحكام بنية الكلمة العربية وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك.

ولا يتعلق إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال، فأما الحروف وشبهها فلا تعلق لعلم التصريف بها.

وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرى

يعني: أنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال ما كان على حرف واحد أو على حرفين إلا إن كان محذوفاً منه، فأقل ما تبنى عليه الأسماء المتمكنة والأفعال ثلاثة أحرف، ثم قد يعرض لبعضها نقص كيد وقل وم الله وق زيداً ].

ومنتهى اسمٍ خمسٌ إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعاً عدا

الاسم قسمان: مزيد فيه، ومجرد عن الزيادة.

فالمزيد فيه هو: ما بعض حروفه ساقطٌ وضعاً، وأكثر ما يبلغ الاسم بالزيادة سبعة أحرف نحو: احر نجام واشهيباب ].

أي: من اشهاب شهيباباً، مثل: احمارَّ يحمارُّ احمراراً.

قال: [ والمجرد عن الزيادة هو: ما بعض حروفه ليس ساقطاً في أصل الوضع، وهو: إما ثلاثي كَفلْس، أو رباعي كجعفر، أو خماسي -وهو غايته- كسفرجل].

ما لا يسقط شيء من حروفه هو المجرد، فمثلاً فَلْسْ على وزن فَعْلْ لا يسقط شيء من حروفه، لكن مثلاً إذا قلت: مصطفى، فهذا مزيد، وأصله من الصفوة، فالحروف الأصلية فيه هي الصاد والواو، التي هي الألف المقصورة.

وعلامة الحرف الزائد أن ينطق به في الميزان، وأما الأصل فتكرر له حروف الميزان، مثل جعفر، وزنه: فعلل، وسفرجل، وزنه فعلل.

أما قنديل فزنه: فعليل. إذاً: الياء زائدة في قنديل، وقائم وزنه: فاعل، ما دام نطقت بالألف في الميزان بلفظها فهي زائدة.