شرح ألفية ابن مالك [39]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله:

[والحال قد يجيء ذا تعدد لمفرد فاعلم وغير مفرد].

قوله: (الحال قد يجيء ذا تعدد) يعني: قد يأتي متعدداً، لمفرد ولغير مفرد، ولهذا قال: (لمفرد فاعلم).

وقوله: (فاعلم) يعني: لا تستنكر أن يكون صاحب الحال واحداً وأحواله متعددة.

أما لغير مفرد، فليس فيه استنكار، ولهذا لم يقل: (فاعلم).

ومعنى ذلك: أن الحال قد تجيء متعددة، وقد تكون لمفرد، وقد تكون لجماعة، وقد تأتي واحدة لجماعة، فالأقسام ثلاثة.

قال الله تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ [إبراهيم:33].

هنا الحال واحدة، وصاحبها متعدد، وهو الشمس والقمر.

وقال تعالى: وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ [النحل:12].

الحال واحدة وهي لجماعة: الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم.

فبدلاً من أن يقول: سخر لكم الليل مسخراً، والنهار مسخراً، والشمس مسخرة، والقمر مسخراً، والنجوم مسخرة؛ قال: مسخرات.

ومثال التعدد للمفرد: جاء الرجل راكباً غانماً، فالرجل واحد، والحال متعددة (راكباً غانماً).

قوله: (وغير مفرد) يعني: قد تكون الحال متعددة لجماعة، كل واحد من الجماعة له حال مثل أن تقول: ضرب الرجل قائماً بعيره باركةً، فالحال متعددة وهي: قائماً، وباركاً، وصاحب الحال متعدد أيضاً وهو: الرجل والبعير.

إذا تعددت الحال وتعدد صاحبها ولم يوجد دليل على أن الأولى للأول والثانية للثاني أو العكس مثل: ضرب زيداً عمراً جالساً قائماً، فإن جمهور النحويين يقولون: إن الحال الأولى للثاني، والحال الثانية للأول، ويعللون ذلك بأنه ينبغي أن تكون الحال الأولى للثاني حتى تكون مباشرة له، ونجعل الثانية للأول.

وبعض النحويين يقول بالعكس، وذلك مثلما أننا في البلاغة نجعل المسألة من باب اللف والنشر المرتب، فنجعل الأول للأول والثاني للثاني.

لكن النحويين يقولون: إنك إذا جعلت الأول للأول والثاني للثاني فقد فصلت بين الحال وصاحبها في الموضعين، وإذا جعلت الأول للثاني، والثاني للأول فصلت بين الحال وصاحبها في موضع واحد، ولا ريب أن الفصل بين الحال وصاحبها في موضع واحد أهون من الفصل بين الحالين وصاحبيهما.

الحال باعتبار تعلقها بصاحبها ثلاثة أقسام: تارة تكون مصاحبة، وتارة تكون سابقة، وتارة تكون مستقبلة.

فالسابقة يسمونها ماضية، مثل: جاء زيد أمس راكباً.

والمصاحبة يسمونها حاضرة، مثل: جاء زيد راكباً، والأصل أن تكون الحال مقارنة لصاحبها، أي يكون متلبساً بها.

والحال المستقبلة يسمونها مقدرة، أي: لم تقع بعد، لكنها ستقع.

قال المؤلف رحمه الله:

[ وعامل الحال بها قد أكدا في نحو لا تعث في الأرض مفسداً ].

يعني الحال قد تكون مؤكدة لعاملها، وهذا التأكيد قد يكون مطابقاً للعامل لفظاً ومعنى، وقد يكون مطابقاً للعامل معنى لا لفظاً.

مثال الحال التي تكون بمعنى عاملها دون لفظه: (لا تعث في الأرض مفسداً)، وكأنه يشير إلى قوله تعالى: وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة:60].

العثو معناه: الفساد، فإذاً (مفسدين) مؤكدة لقوله: وَلا تَعْثَوْا ، وكأنه قال: لا تفسدوا، وهذا تأكيد، لكنه بالمعنى دون اللفظ.

وقد تكون مؤكدة لعاملها لفظاً ومعنى، مثل قوله تعالى: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [النساء:79]، فإن (رسولاً) حال من الكاف في قوله: أرسلناك، ومعلوم أن (أرسلنا) من الرسالة، (ورسولاً) من الرسالة.

والحال المؤكدة لا تزيد معنى في الجملة، أما غيرها مثل: ضربت الرجلَ قائماً، فتفيد معنى غير الضرب وهو القيام.

والفائدة من التوكيد التقوية، فإنك تجد الفرق بين قولك: جاء محمد نفسه، وبين قولك: جاء محمد.

وقوله: لا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ كأن النهي عن العثو وقع مرتين.

والحاصل من البيت: الأصل في الحال أن تكون مؤسسة، بمعنى أنها تفيد معنى جديداً، وقد تجيء مؤكدة لعاملها، إما لفظاً ومعنى، وإما معنى فقط، مثال تأكيد اللفظ والمعنى: وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [النساء:79].

ومثال تأكيد المعنى: وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة:60].

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[ وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها ولفظها يؤخر]

أي: إن أكدت جملة فإن عاملها يجب أن يكون محذوفاً؛ وإنما كان كذلك لأننا لو أتينا بالعامل مع أنها مؤكدة للجملة لزم أن نأتي بمؤكد ومؤكد بتأكيد واحد، المؤكَّد الأول عاملها، والمؤكَّد الثاني الجملة، والمؤكِّد واحد وهي الحال، تقول مثلاً: هذا أخوك عطوفاً، فكلمة (عطوفاً) مؤكدة لمضمون قولك: هذا أخوك.

وإن شئت فقل: هذه أمك رحيمة، فكلمة (رحيمة) مؤكدة لجملة: هذه أمك؛ لأن الأم عادتها الرحمة.

أو قل: هذا عدوك حاقداً.

فعلى هذا إذا أكدت الحال جملة وجب أن يكون عاملها محذوفاً؛ لئلا يكون مؤكد واحد لمؤكَّدين، ثم نقدر العامل: أحقه عطوفاً، يعني: أثبته، لأنك إذا قلت: هذا أخوك، فهذا إثبات أنه أخ، فيكون (عطوفاً) حالاً من المفعول في الفعل المقدر، والتقدير: أحقه عطوفاً.

وإنما تحاشى النحويون أن يجعلوا الجملة نفسها هي العامل؛ لأنه سبق لنا أن عامل الحال هو الفعل، أو الوصف، أما الجملة فلا تصلح أن تكون عاملاً، فلهذا قالوا: يجب أن يكون عامل الحال محذوفاً وجوباً.

إذاً: هذا البيت معناه: أن الحال قد تجيء مؤكدة لجملة سابقة، أي: أنها بمعناها، فحينئذ يجب أن يكون عاملها محذوفاً، ومثاله: هذا أخوك عطوفاً، هذا أبوك رحيماً، هذه أمك حانية، وما أشبه ذلك. والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[ وإن تؤكد جملة فمضمر عاملها ولفظها يؤخر]

أي: إن أكدت جملة فإن عاملها يجب أن يكون محذوفاً؛ وإنما كان كذلك لأننا لو أتينا بالعامل مع أنها مؤكدة للجملة لزم أن نأتي بمؤكد ومؤكد بتأكيد واحد، المؤكَّد الأول عاملها، والمؤكَّد الثاني الجملة، والمؤكِّد واحد وهي الحال، تقول مثلاً: هذا أخوك عطوفاً، فكلمة (عطوفاً) مؤكدة لمضمون قولك: هذا أخوك.

وإن شئت فقل: هذه أمك رحيمة، فكلمة (رحيمة) مؤكدة لجملة: هذه أمك؛ لأن الأم عادتها الرحمة.

أو قل: هذا عدوك حاقداً.

فعلى هذا إذا أكدت الحال جملة وجب أن يكون عاملها محذوفاً؛ لئلا يكون مؤكد واحد لمؤكَّدين، ثم نقدر العامل: أحقه عطوفاً، يعني: أثبته، لأنك إذا قلت: هذا أخوك، فهذا إثبات أنه أخ، فيكون (عطوفاً) حالاً من المفعول في الفعل المقدر، والتقدير: أحقه عطوفاً.

وإنما تحاشى النحويون أن يجعلوا الجملة نفسها هي العامل؛ لأنه سبق لنا أن عامل الحال هو الفعل، أو الوصف، أما الجملة فلا تصلح أن تكون عاملاً، فلهذا قالوا: يجب أن يكون عامل الحال محذوفاً وجوباً.

إذاً: هذا البيت معناه: أن الحال قد تجيء مؤكدة لجملة سابقة، أي: أنها بمعناها، فحينئذ يجب أن يكون عاملها محذوفاً، ومثاله: هذا أخوك عطوفاً، هذا أبوك رحيماً، هذه أمك حانية، وما أشبه ذلك. والله أعلم.

الحال قد يكون جملة اسمية أو جملة فعلية

قال المؤلف رحمه الله:

[ وموضع الحال تجيء جمله كجاء زيد وهو ناوٍ رحله ]

نحن قلنا: إننا نحب أن نعرب الأبيات؛ لأنه يعين على فهم المعنى:

موضعَ الحال: ظرف مكان متعلق بتجيء، وهو منصوب على الظرفية لأنه مكان مضمن معنى (في).

وموضع مضاف، والحال مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

تجيء: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.

جملة: فاعل مرفوع بالضمة إلا أنه سُكن لأجل الروي.

كجاء زيد وهو ناو رحلة: كجاء زيد: الكاف كاف التشبيه، وهي حرف جر.

جاء: فعل ماض، ونحن قلنا إن حروف الجر من علامة الاسم، فكيف دخلت الكاف على الفعل الماضي؟

والجواب: أنها داخلة على مجرور محذوف تقديره: كقولك جاء زيدٌ...

وفي وجه آخر أيضاً: أن الكاف حرف جر، وجاء زيدٌ وهو ناوٍ رحلة: كل الجملة مجرورة بالكاف؛ لأن هذه الجملة كلها بمعنى: كهذا المثال.

إذاً: جاء: فعل ماض.

زيد: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

الواو: واو الحال.

هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

ناوٍ: خبر مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة، وأصله: ناوي.

رحلة: مفعول به لاسم الفاعل الذي هو (ناو) والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على زيد.

وجملة (وهو ناو رحلة) في محل نصب على الحال.

يذكر المؤلف رحمه الله أنه قد تجيء الحال جملة. وقد سبق أن الحال مفرد ، فإنه قال: (الحال وصف) والوصف يكون مفرداً، مثل: جاء الرجل راكباً، ولكن قد تكون الحال جملة اسمية أو فعلية.

فيقول المؤلف: (وموضع الحال تجيء جملة) أي: تجيء الجملة في موضع الحال، وإذا جاءت في موضع الحال فإن محلها حينئذٍ هو النصب.

مثالها: (جاء زيدٌ وهو ناوٍ رحلة)، لو أنك غيرت هذه الجملة إلى اسم وقلت: جاء زيدٌ ناوياً رحلةً، لصح ذلك، إذاً: جملة (وهو ناو رحلة) في محل نصب على الحال.

مثال آخر: جاء الرجل وهو مسرعٌ، يعني: والحال أنه مسرع.

أقبل الرجل والشمس طالعة:

أقبل الرجل: فعل وفاعل.

والشمس: الواو للحال، والشمس مبتدأ.

طالعة: خبر المبتدأ.

والمعنى: أقبل الرجلُ والحال أن الشمس طالعة.

وقال تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187] المعنى: لا تباشروهن والحال أنكم عاكفون في المساجد. وأمثلة هذا كثيرة؛ لكن المؤلف يقول:

[ وذات بدء بمضارع ثبت حوت ضميراً ومن الواو خلت ].

نحن قلنا قبل قليل إن الجملة التي تقع حالاً تكون اسمية، ومثالها: جاء زيدٌ وهو ناوٍ رحلة. وتكون فعلية، والفعلية يكون فعلها ماضياً أو مضارعاً أو فعل أمر، والأمر لا يتأتى إلا على تقدير كما سيأتي.

ما يشترط في جملة الحال إذا كان فعلها مضارعاً مثبتاً

والمهم أنه إذا جاءت الجملة الفعلية حالاً وفعلها مضارع فإما أن يكون مثبتاً وإما أن يكون منفياً؛ فإن كان مثبتاً فقال المؤلف:

(وذات بدءٍ بمضارع ثبت) بمعنى: مثبت. (حوت ضميراً ومن الواو خلت) أي: حوت ضميراً يعود على صاحب الحال، يعني أنه يجب أن تشتمل على ضمير يعود على صاحب الحال، ولا تقترن بالواو, ولهذا قال: (ومن الواو خلت).

إعراب البيت:

وذات: مبتدأ مرفوع وهو مضاف.

بدءٍ: مضاف إليه مجرور.

بمضارع: جار ومجرور.

ثبت: فعل ماض. والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو، أي: المضارع، وجملة (ثبت) في محل جر صفة لمضارع.

حوت: فعل ماض. والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هي يعود على (ذات بدء).

ضميراً: مفعول به منصوب.

وجملة (حوت ضميراً) هي خبر المبتدأ (ذات).

ومن الواو خلت: الواو حرف عطف. من الواو: جار ومجرور متعلق بقوله (خلت).

خلت: فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.

ومعنى البيت: إذا كانت الجملة الحالية فعلاً مضارعاً مثبتاً فإنه يجب فيها أمران:

الأول: أن تشتمل على ضمير يعود على صاحب الحال.

والثاني: أن لا تقترن بها الواو.

مثال ذلك: جاء الرجلُ يجر ثوبه.

جاء الرجل : فعل وفاعل.

يجر: فعل مضارع مثبت، والفاعل ضمير مستتر.

ثوبه: مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.

وجملة (يجر ثوبه) في محل نصب على الحال.

فجملة الحال مثبتة، وفيها ضمير يعود على صاحب الحال، والضمير هو الهاء من (ثوبه) وصاحب الحال هو (الرجل).

إذا قلنا: جاء الرجل يجر زيد ثوبه، فإذا كان الضمير في (ثوبه) يعود على الرجل ففيها ضمير يعود على صاحب الحال فتصح. أما إذا قلنا: جاء الرجل يجر زيدٌ ثوبه، أي: ثوب نفسه فإن هذه الجملة لا تصلح أن تكون حالاً، وذلك لأنه ليس فيها ضميرٌ يعود على صاحب الحال، وصارت كل جملة منفصلة عن الأخرى.

ما يشترط في جملة الحال إذا كان فعلها مضارعاً مثبتاً مقترناً بالواو

ثم قال المؤلف:

[ وذات واو بعدها انو مبتدا له المضارع اجعلن مسندا ]

ذات: مبتدأ وهو مضاف.

واو: مضاف إليه مجرور بالكسرة.

بعدها: بعد: ظرف مكان، وهو مضاف.

وها: ضمير مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.

انو: فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الياء. والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.

مبتدا: مفعول به منصوب.

وجملة (انو مبتدا) في محل رفع خبر المبتدأ (ذات).

له: جار ومجرور.

المضارع: مفعول به مقدم للفعل (اجعلن) وهو المفعول الأول.

اجعلن: اجعل: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، والنون حرف توكيد والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت.

مسنداً: مفعول به ثان للفعل (اجعلن).

تقدم أنه إذا أتت الحال فعلاً مضارعاً مثبتاً فإن الواجب أمران: أن تحتوي على الضمير، وأن تخلو من الواو؛ لكن أحياناً تأتي الجملة الحالية فعلاً مضارعاً وفيها الواو؛ فماذا نصنع؟

يقول المؤلف: (وذات واو)، يعني: إذا جاءت الجملة الحالية فعلاً مضارعاً مقترنة بالواو فإنه يمكن التخلص من هذا الإشكال فيقول: (بعدها انو مبتدأ) أي: اجعل ما بعد الواو مبتدأ، لتكون الجملية اسمية لا فعلية؛ مثال ذلك أن تقول: أقبل المجرمُ وأصك وجهه، أو: أقبل المجرم ويغطي وجهه.

فجملة (يغطي) فعل مضارع مثبت ومع ذلك جاءت الواو، فنقدر مبتدأ لتكون الجملة اسمية، فالتقدير: أقبل المجرم وهو يغطي وجهه، وحينئذ تكون الجملة اسمية، والجملة الاسمية الحالية لا بأس أن تبتدأ بالواو.

وقوله: (لها المضارع اجعلن مسندا).

يعني: اجعل هذا المضارع مسنداً للمبتدأ الذي تقدره، ومعنى (مسنداً) خبراً له؛ لأن الخبر مسند إلى المبتدأ، فإنك إذا قلت: الرجل قائم، فقد أسندت القيام إلى الرجل، فيكون هذا الفعل المضارع المثبت مسنداً إلى الضمير المبتدأ الذي نويته.

خلاصة الأبيات الثلاثة:

القاعدة الأولى من البيت الأول: أن الحال تجيء جملة إما اسمية وإما فعلية.

القاعدة من البيت الثاني: إذا كانت الحال جملة فعلية فعلها مضارع مثبت وجب فيها أمران: اشتمالها على الضمير، وخلوها من الواو.

القاعدة الثالثة من البيت الثالث: إذا أتت الجملة الحالية فعلاً مضارعاً مثبتاً مقروناً بالواو وجب أن نقدر مبتدأً تكون هذه الجملة خبراً له؛ لئلا تنخرم القاعدة الثانية.

إذا قلت مثلاً: دخلت على زيدٍ يصلي، فمحل يصلي من الإعراب هو النصب على الحال.

لكن إذا كانت الجملة هكذا: دخلت على زيدٍ ويصلي، وجب أن نقدر مبتدأً، فنقول: التقدير: وهو يصلي، لأجل أن لا تكون الجملة فعلية فعلها مضارع وتقترن بالواو. والله أعلم.

حكم جملة الحال إذا كانت بغير المضارع المثبت

يقول المؤلف رحمه الله:

[ وجملة الحال سوى ما قدما بواو أو بمضمر أو بهما ]

(جملة الحال): يعني الحال الذي يقع جملة (سوى ما قدما)، والذي قُدم هو المضارع المثبت.

فيدخل فيما ذكره هنا الماضي، والمضارع المنفي، والجملة الاسمية، ويدخل في ذلك فعل الأمر لكن الحال مقدر له.

يقول عن هذه الجملة (سوى ما قدما): (بواو وبمضمر أو بهما) يعني تكون بالواو وتكون بالضمير وحده، وتكون بالواو والضمير.

فالمعنى: إذا وقع الحال جملة غير المضارع المثبت جاز أن تقترن بالواو دون الضمير، وبالضمير دون الواو، وبالضمير والواو جميعاً.

والجملة غير المضارع المثبت هي:

أولاً: المضارع المنفي.

ثانياً: الماضي.

ثالثاً: الجملة الاسمية.

رابعاً: الجملة الطلبية، لكن الطلبية يقدر لها، ولا يصح أن يتم بها الكلام.

الأمثلة: مثال المضارع المنفي: أقبل الرجل لا يلوي على أحد.

ويجوز: ولا يلوي على أحد.

ومثال الماضي: أقبل الرجلُ قد ضحك أبوه.

ويجوز: أقبل الرجل وقد ضحك أبوه.

ومثال الاسمية: زارني والشمس طالعة. فهذه مقرونة بالواو.

ومثال اقترانها بالضمير: جاء الرجل هو صاحبي.

أما اقترانها بهما فأن تقول: جاء الرجل وهو صاحبي.

وإذا قلت: جاء زيد وعمرو قائم، فهذه مقرونة بالواو دون الضمير.

ومثال المضارع المنفي: جاء زيد لم يضحك. فهذه مقترنة بالضمير.

وإذا قلت: جاء زيد ولم يضحك. فهذه مقترنة بالواو والضمير.

وجملة الأمر نقدر فيها، فتقول: أقبل الرجل اضربه، أي: مقولاً فيه اضربه.

وجملة الحال لابد فيها من شيء يربطها، فلو قلت: جاء زيد عمرو قائم، لم يصلح. وكذلك: جاء زيد الشمس طالعة.

إعراب البيت:

وجملة: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. والحال: مضاف إليه مجرور.

سوى: أداة استثناء منصوبة بفتحه مقدرة منع من ظهورها التعذر، وهي مضاف.

ما: اسم موصول بمعنى الذي مبني في محل جر مضاف إليه.

قدما: فعل ماض مبني للمفعول، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو. والجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

بواو: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (وجملة الحال).

او بمضمر: معطوف على قوله (بواو).

أو بهما: معطوف أيضاً.

إذا وقعت الحال غير مضارع مثبت جاز اقترانها بالواو وحدها أو بالضمير وحده أو بهما جميعاً.

قال المؤلف:

[ والحال قد يحذف ما فيها عمل وبعض ما يحذف ذكره حظل ]

الحال: مبتدأ مرفوع.

قد: قد إذا دخلت على الماضي فللتحقيق، أو على المضارع فللتقليل، وقد تكون للتحقيق. وهي حرف لا محل له من الإعراب.

يحذف: فعل مضارع مبني للمفعول مرفوع.

ما: اسم موصول مبني في محل رفع نائب فاعل.

فيها: جار ومجرور متعلق بقوله (عمل) الآتي.

عمل: فعل ماض مبني على الفتح سكن لأجل الروي، والفاعل ضمير مستتر يعود على (ما). وجملة (عمل) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.

وبعض: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وهو مضاف.

ما: اسم موصول بمعنى الذي، في محل جر مضاف إليه.