خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب المواقيت - حديث 741-744
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وأصحابه أجمعين.
نواصل في هذه الليلة المباركة -ليلة الإثنين السادس والعشرين من شهر رجب من عام (1430هـ)- هذه الدروس في شرح كتاب الحج من بلوغ المرام .
عندنا الحديث رقم (723): عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ).
والمصنف يقول: رواه أبو داود والنسائي.
تخريج الحديث
وقد صحح الحديث جمع من أهل العلم, كـالنووي والعراقي والذهبي، وكذلك من المعاصرين الألباني .
وفي الحديث نظر من حيث رفعه؛ فإن هذا الحديث جاء من طريق أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق )، وقد أنكر الإمام أحمد على أفلح بن حميد هذا الحديث وبعض أحاديثه، فهو ممن ينكر عليه ما تفرد به ؛ ولذلك فإن هذا الحديث لا يصح .
و سائر ما ورد فيما يظهر -والله أعلم- ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ) لا يخلو من علة أو من مقال .
ومثله الحديث الذي بعده، وقد ساقه المصنف -رحمه الله- برقم (724)، قال: وأصله عند مسلم من حديث جابر , إلا أن راويه شك في رفعه.
فـمسلم روى حديث جابر في المواقيت أيضاً في الحج، وكذلك أبو عوانة في مستخرجه على مسلم، وابن ماجه وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي، وأحمد رواه في مسنده .
وهذا الحديث -حديث جابر - رواه مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا شك في رفعه، فلا يثبت رفعه إذاً.
وفي رواية ابن ماجه جزم بأنه مرفوع ولم يشك, قال: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن في إسناد ابن ماجه إبراهيم بن يزيد الخوزي , وقد ذكرته أمس، وهو ضعيف بل هو منكر الحديث، فحديث لا يصح .
وكذلك في رواية الإمام أحمد، الإمام أحمد روى حديث جابر نفسه جزماً من غير تردد، ولكن في سند الإمام أحمد أيضاً الحجاج بن أرطأة , وهو ضعيف .
وبناء على ذلك نقول: إن طرق الحديث كلها لا تصح أو لا تثبت، إما أنها ليست صحيحة أو ليست صريحة، فرواية مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر هي أمثل الروايات, ولكن ليس فيها الجزم بالرفع, وإنما قال: أحسبه قال، فهذا ليس مجزوماً به.
ورواية ابن ماجه فيها إبراهيم بن يزيد الخوزي , وهو متروك كما ذكرت، فلا يصح الجزم بالرفع إذاً.
ورواية الإمام أحمد فيها الحجاج بن أرطأة , وهو ضعيف، فلا يصح الجزم إذاً.
وكذلك أيضاً ورد عند البيهقي وفيه عبد الله بن لهيعة , وهو ضعيف .
فلا تصح الأحاديث الواردة بالجزم.
الحديث أخرجه أبو داود في كتاب المناسك, باب: المواقيت، وكذلك أخرجه النسائي والدارقطني والبيهقي والطحاوي في المواقيت.
وقد صحح الحديث جمع من أهل العلم, كـالنووي والعراقي والذهبي، وكذلك من المعاصرين الألباني .
وفي الحديث نظر من حيث رفعه؛ فإن هذا الحديث جاء من طريق أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق )، وقد أنكر الإمام أحمد على أفلح بن حميد هذا الحديث وبعض أحاديثه، فهو ممن ينكر عليه ما تفرد به ؛ ولذلك فإن هذا الحديث لا يصح .
و سائر ما ورد فيما يظهر -والله أعلم- ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ) لا يخلو من علة أو من مقال .
ومثله الحديث الذي بعده، وقد ساقه المصنف -رحمه الله- برقم (724)، قال: وأصله عند مسلم من حديث جابر , إلا أن راويه شك في رفعه.
فـمسلم روى حديث جابر في المواقيت أيضاً في الحج، وكذلك أبو عوانة في مستخرجه على مسلم، وابن ماجه وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي، وأحمد رواه في مسنده .
وهذا الحديث -حديث جابر - رواه مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر قال: أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا شك في رفعه، فلا يثبت رفعه إذاً.
وفي رواية ابن ماجه جزم بأنه مرفوع ولم يشك, قال: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن في إسناد ابن ماجه إبراهيم بن يزيد الخوزي , وقد ذكرته أمس، وهو ضعيف بل هو منكر الحديث، فحديث لا يصح .
وكذلك في رواية الإمام أحمد، الإمام أحمد روى حديث جابر نفسه جزماً من غير تردد، ولكن في سند الإمام أحمد أيضاً الحجاج بن أرطأة , وهو ضعيف .
وبناء على ذلك نقول: إن طرق الحديث كلها لا تصح أو لا تثبت، إما أنها ليست صحيحة أو ليست صريحة، فرواية مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر هي أمثل الروايات, ولكن ليس فيها الجزم بالرفع, وإنما قال: أحسبه قال، فهذا ليس مجزوماً به.
ورواية ابن ماجه فيها إبراهيم بن يزيد الخوزي , وهو متروك كما ذكرت، فلا يصح الجزم بالرفع إذاً.
ورواية الإمام أحمد فيها الحجاج بن أرطأة , وهو ضعيف، فلا يصح الجزم إذاً.
وكذلك أيضاً ورد عند البيهقي وفيه عبد الله بن لهيعة , وهو ضعيف .
فلا تصح الأحاديث الواردة بالجزم.
ومما يتبع هذا البحث الحديث الذي ساقه المصنف برقم (725)، قال: وفي البخاري: [ أن عمر هو الذي وقت ذات عرق ].
تخريج الأثر
معاني ألفاظ الأثر
تكرر فيها لفظ: (ذات عرق)، وهو اسم موضع يقع إلى الشمال الشرقي من مكة المكرمة، ويقرب اليوم مما يسمى بـالضريبة، وهي من أقرب المناطق ومن أقرب أماكن الإحرام إلى مكة، فهي قريبة جداً من قرن المنازل، يعني: نحو ثمانين كيلو متر أو تزيد قليلاً.
من الذي وقت ذات عرق لأهل العراق؟
ولذلك فإن المحققين لا يقولون بأن الذي وقَّت ذات عرق هو النبي صلى الله عليه وسلم، حتى الشافعي نفسه -رحمه الله- في كتاب الأم أشار إلى هذا المعنى، ومالك نص عليه كما في المدونة، والإمام أحمد أشار إليه أيضاً، وحاول بعضهم التوفيق، فقالوا: إن هذا مما وافق فيه عمر هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم، فقد جاء توقيت من النبي صلى الله عليه وسلم بتحديد ذات عرق , ولم يكن عمر اطلع على هذه السنة, فوقَّت لهم ذات عرق، ثم تبين أن ذلك يوافق ما كان حدده ووقته النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والأقرب أن هذا فيه نوع من التكلف؛ لأسباب:
منها: أن ابن عمر رضي الله عنه لما سئل -وقد ذكر حديث المواقيت- فقيل له: (والعراق؟ قال ابن عمر رضي الله عنه: لم يكن عراق يومئذ).
ومقصود ابن عمر أنه لم يكن يومئذ هناك مسلمون في العراق، وهذا فيه أيضاً معنى لطيف, أنه رضي الله عنه قصد أن السائل في الحديث كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم: من أين نهل؟
كانوا يسألون النبي عليه السلام: من أين نهل؟
فـابن عمر يقول: ما كان هناك مسلمون يسألون: (من أين نهل) آنذاك, ولم يكن مقصوده أن عدم التوقيت بسبب عدم وجود مسلمين، وإلا فـالشام أيضاً لم يكن شام يومئذ، لم يكن دخلها الإسلام أول الأمر, إلا عدد قليل من الناس لا يكادون يذكرون، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين هذه المواقيت لأهل المشرق ولأهل المغرب ولأهل الأرض كلها، وفيها علم من أعلام نبوته، وأخبر بما لم يقع مما سوف يقع من إسلام هؤلاء الناس, وكونهم يأتون إلى الحج وإلى العمرة.
فهذا معنى ينبغي أن يتفطن له، أن ابن عمر رضي الله عنه قال: (لم يكن عراق يومئذ)، أريد أن أقول: ما كان قصد ابن عمر أنه لم يكن عراق، ولهذا لم يوقت النبي عليه السلام، وإنما كان قصده أن الناس لم يسألوا، الذين سألوا سألوا عن: كيف نهل؟ ومن أين نهل؟ ولم يكن منهم أحد من أهل العراق، هكذا يظهر قصد ابن عمر .
أيضاً: أن ابن عمر رضي الله عنه لم يذكر هذا التوقيت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصحابة الذين ذكروا ما ذكروا من توقيت النبي عليه السلام لم يشيروا إلى أنه من موافقات عمر، وهذا الأمر يفترض أن يكون ذاع وشاع عند الصحابة.
فلهذا نقول: إن رواية البخاري هي أصح ما ورد في الباب, وهي المعتمدة، وإن كان الخطب يسيراً، لكن نقول: إن ذات عرق تم تحديدها باجتهاد من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، -كما في صحيح البخاري - لما (جاءه أهل العراق -أهل الكوفة والبصرة- وقالوا: إن قرناً جور عن طريقنا - قرن المنازل -، فقال: انظروا حذوها من طريقكم)، واجتهد رضي الله عنه فحدد لهم قرن المنازل.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4784 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4394 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4213 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4095 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4047 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4021 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3974 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3917 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3900 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3879 استماع |