خطب ومحاضرات
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 422-425
الحلقة مفرغة
معاني ألفاظ الحديث
قوله: ( أفضل من صلاة الفذ )، (الفذ): هو الفرد الواحد، يقال: فذ الرجل عن قومه إذا انفرد عنهم، وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأصله في الصحيح، جاء في بعض طرقه ورواياته: ( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة ).
وكذلك جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تفضل صلاة الجميع على صلاة الواحد بخمس وعشرين ).
إذاً: الفذ: هو الواحد، هو المنفرد.
قوله: (بسبع وعشرين درجة)، هكذا جاء في عامة روايات حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: ( بسبع وعشرين درجة )، أو يذكر العدد مهملاً من غير تحديد، فيقول: ( بسبع وعشرين ).
ذكر الأحاديث والألفاظ المخالفة لبعض ألفاظ حديث الباب
إذاً: جاءت أربعة ألفاظ مترادفة: (درجة) (جزءاً) (ضعفاً) (صلاة)، وهذه الألفاظ يفسر بعضها بعضاً، فنفسر ما جاء في حديث ابن عمر : (بسبع وعشرين درجة) بأن المقصود بسبع وعشرين صلاة، فتكون صلاة الرجل في جماعة أفضل من سبع وعشرين صلاة صلاها منفرداً، وهذا هو الضعف والجزء، كما جاء في بعض الألفاظ.
(بسبع وعشرين)، هكذا جاء في عامة طرق حديث عبد الله بن عمر : (بسبع وعشرين درجة)، ولم يخالف في ذلك بروايته عن عبد الله بن عمر إلا بطريقين:
الطريق الأول: ما رواه عبد الرزاق في مصنفه، عن عبد الله العمري، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري، من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإن عبد الله هذا روى عنه عبد الرزاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( بخمس وعشرين درجة )، بدلاً من قوله في الرواية الأخرى: ( بسبع وعشرين ) فهذه الرواية عن عبد الرزاق عن عبد الله العمري المكبر انفرد فيها، وخالف في العدد فقال: (بخمس وعشرين).
وعبد الله العمري هذا مر معنا حاله، أنه ضعيف عبد الله عبد الله المكبر بن عمر بن حفص بن عاصم يسمى: عبد الله المكبر، وهو مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، وكانوا يسألونه عن الحديث في حياته فيقول: أما وأبو عثمان حي -يعني: أخاه المصغر عبيد الله - فلا. يعني: لا أحدثكم، بخلاف عبيد الله فهو إمام ثقة. هذه رواية، ويتبين أنها ضعيفة.
الرواية الثانية التي خالف فيها في العدد: هو ما رواه أيضاً أبو عوانة في مستخرجه، عن أبي أسامة، عن عبيد الله المصغر وهو عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: ( بخمس وعشرين )، وقد خالف في ذلك أبو أسامة عن عبيد الله الرواة الثقات الأثبات الأكثرين.
ولهذا حكم الأئمة على هذه الرواية بأنها رواية شاذة؛ لأنها مخالفة للمحفوظ عن عبيد الله عن نافع أنه قال: ( بسبع وعشرين درجة ).
إذاً: هذه الرواية هي من طريق أبي أسامة وهو حماد بن أسامة بن زيد القرشي مولاهم، وهو ثقة إمام، روى له الجماعة، ولكنه خالف في هذا الحرف، فردت روايته، والأكثرون رووه عن ابن عمر ( بسبع وعشرين درجة ).
إذاً: الصحيح في هذا الحديث أنه عن ابن عمر بلفظ: ( بسبع وعشرين درجة ): ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة )، أما رواية: ( بخمس وعشرين ) فهي إما ضعيفة، كما عند عبد الرزاق، وإما شاذة، كما عند أبي عوانة في مستخرجه .
وقد جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر بلفظ: (بضع): ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ ببضع وعشرين درجة )، ورواية: (البضع) هذه صحيحة؛ لأنها في مسلم، ولكنها غير مخالفة؛ لأن السبع من البضع، فيطلق عليها بضع، فلا تغاير حينئذٍ؛ لأنه عدد مبهم.
هذا فيما يتعلق برواية ابن عمر، ونخلص من هذا الكلام إلى أن الحديث لا يصح عن ابن عمر إلا بلفظ: (بسبع وعشرين درجة) أو بلفظ: (بضع وعشرين)، وهما يفسر بعضهما بعضاً، فيكون البضع محمولاً على السبع.
أما عن غير ابن عمر، فإنه أكثر الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ذكر: (خمس وعشرين)، كما أشار إليه الترمذي قبل فيما نقلته عنه، فقد جاء ذلك من حديث أبي هريرة المتفق عليه: (بخمس وعشرين) وسوف يأتي، وجاء من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري وغيره، برواية: (خمس وعشرين) وسوف يأتي، وجاء أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود عند الإمام أحمد وابن خزيمة، وجاء من حديث أبي بن كعب عند الحاكم وابن ماجه، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وجاء أيضاً عن عائشة وأنس رضي الله عنهما في مسند السراج، كلهم قالوا: (بخمس وعشرين درجة)، وهذه هي الطرق المعتمدة القوية، أما الروايات الضعيفة فيمكن أن تذكر إضافة إلى ما سبق، إذا أردنا أن نذكر روايات ضعيفة، يمكن أن يذكر ما خرجه الطبراني عن جماعة من الصحابة: منهم: معاذ بن جبل، وصهيب بن سنان، وعبد الله بن زيد، وزيد بن ثابت .. وغيرهم.
أوجه الجمع بين رواية: (سبع وعشرين) ورواية: (خمس وعشرين) والترجيح بينهما
قال بعضهم: ترجح رواية: (خمس وعشرين)؛ لأنها أكثر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رواها عدد من الصحابة هم:
أبو هريرة ، أبو سعيد ، ابن مسعود ، أبي بن كعب .
ورواية ابن عمر التي ذكرنا أنها شاذة لا يعتد بها، وعائشة ، وأنس بن مالك فصاروا ستة.
إذاً: جاء عن طريق ستة من الصحابة، فضلاً عن الطرق الضعيفة التي توصلها إلى عشرة، إذا قلنا: إنها تشهد لها وتقويها، فرجح بعضهم رواية: (خمس وعشرين)؛ لأنها أكثر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ورجح بعضهم رواية: (سبع وعشرين)، قالوا: لأنها فيها زيادة علم، ولا مانع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بخمس وعشرين، ثم تجدد له بعد ذلك زيادة فضل، فأخبر بسبع وعشرين. هذا وجه، وعلى هذا يكون ذلك نسخاً، فكأن رواية: (سبع وعشرين) ناسخة لرواية: (خمس وعشرين)، وهذا ينبغي أن ينظر فيه إلى مسألة: هل يجوز النسخ في الفضائل أو لا يجوز؟ وهي مسألة أصولية.
وبعضهم قالوا: إن رواية: (سبع وعشرين) يؤخذ بها؛ لأنها أشمل فيدخل فيها الخمس والعشرون وزيادة؛ فيؤخذ بها لأنها الأكثر.
وقال قوم: يختلف ذلك باختلاف الأحوال، فيختلف باختلاف الجماعات، ويختلف باختلاف أوصاف الصلاة، فما كثرت فضيلته كان أكثر مضاعفة مما قلت فضيلته، فمثلاً قال بعضهم: الجهرية أفضل من السرية، والصلاة في المسجد البعيد أفضل، والصلاة التي أكثر جماعة.. وهكذا. وقد أوصل الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح أوجه اختلاف الفضائل في الصلوات إلى أحد عشر وجهاً، فقالوا: يختلف ذلك باختلاف الجماعات، وأوصاف الصلاة.
وقيل: يختلف باختلاف الأماكن، كالمسجد أو غيره .. وقيل غير ذلك من الأقوال.
والذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أن أحسن وأسلم ما يمكن أن يقال: هو ما أومأ إليه الترمذي رحمه الله فيما أسلفت، أن رواية: (خمس وعشرين) ترجح؛ لأنها رواية الأكثرين، حيث رواها عشرة من الصحابة، ويمكن أن يقال: إنها جاءت عن ابن عمر، وإن كانت الرواية عن ابن عمر في ذلك ضعيفة، كما أسلفت، بخلاف الذين رووا رواية: (خمس وعشرين) لم يختلف عليهم فيها فيما أعلم.
المعنى الإجمالي لحديث: (صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)
ومسألة منح الفضيلة وكتابتها لمن استحقها، هذا من علم الله تعالى، وينبغي أن يؤخذ من الحديث ما دل عليه من فضل صلاة الجماعة، والحث عليها، وأن فيها مضاعفة كثيرة عظيمة في الأجور والحسنات، فهذا هو المقصود.
أما الخلاف بين: (سبع وعشرين) و(خمس وعشرين)، فهو أمر إن شاء الله تعالى يسير.
فوائد الحديث
ومن فوائده أيضاً: أن صلاة المنفرد صحيحة، ولو لم تكن صلاة المنفرد صحيحة لم يكن للمفاضلة وجه في قوله: (أفضل من صلاة الفذ)؛ لأنه لا يفاضل إلا بين أمرين اشتركا في أصل الفضيلة، فالحديث يدل على أنه إذا كان لصلاة الفذ درجة، كانت لصلاة الجماعة سبع وعشرون درجة، وحمل بعضهم ممن قالوا بشرطية صلاة الجماعة، وأن صلاة الفذ لا تصح، حملوا الحديث على من صلى منفرداً لحاجة أو عذر، وهذا فيه نظر، فإن الظاهر من النصوص أن من صلى منفرداً لعذر أنه يدرك الفضيلة كاملة، كما في قوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمله مقيماً صحيحاً )، وإنما يصح الحديث والله تعالى أعلم فيمن صلى منفرداً لغير عذر.
وأخذ بعضهم من الحديث أن صلاة الفذ جائزة لا إثم فيها، ولو كان غير معذور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاضل بينهما، فدل ذلك على أن المنفرد لم يأت بإثم، وهذا فيه نظر، محله إن شاء الله تعالى في الجلسة القادمة، حينما أعرض لأقوال الأئمة في حكم صلاة الجماعة.
فيما يتعلق بألفاظ الحديث:
قوله: ( أفضل من صلاة الفذ )، (الفذ): هو الفرد الواحد، يقال: فذ الرجل عن قومه إذا انفرد عنهم، وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأصله في الصحيح، جاء في بعض طرقه ورواياته: ( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة ).
وكذلك جاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تفضل صلاة الجميع على صلاة الواحد بخمس وعشرين ).
إذاً: الفذ: هو الواحد، هو المنفرد.
قوله: (بسبع وعشرين درجة)، هكذا جاء في عامة روايات حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: ( بسبع وعشرين درجة )، أو يذكر العدد مهملاً من غير تحديد، فيقول: ( بسبع وعشرين ).
أما الأحاديث الأخرى فقد جاء فيها التعبير بألفاظ غير هذه، ففي حديث أبي هريرة مثلاً عبر في بعض طرقه بلفظ: ( بخمس وعشرين ضعفاً )، بدل قوله: (درجة)، وفي بعضها: ( بخمس وعشرين جزءاً )، وفي بعضها: ( بخمس وعشرين صلاة )، وفي بعضها كما في حديث ابن عمر : ( بخمس وعشرين درجة ).
إذاً: جاءت أربعة ألفاظ مترادفة: (درجة) (جزءاً) (ضعفاً) (صلاة)، وهذه الألفاظ يفسر بعضها بعضاً، فنفسر ما جاء في حديث ابن عمر : (بسبع وعشرين درجة) بأن المقصود بسبع وعشرين صلاة، فتكون صلاة الرجل في جماعة أفضل من سبع وعشرين صلاة صلاها منفرداً، وهذا هو الضعف والجزء، كما جاء في بعض الألفاظ.
(بسبع وعشرين)، هكذا جاء في عامة طرق حديث عبد الله بن عمر : (بسبع وعشرين درجة)، ولم يخالف في ذلك بروايته عن عبد الله بن عمر إلا بطريقين:
الطريق الأول: ما رواه عبد الرزاق في مصنفه، عن عبد الله العمري، وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري، من ذرية عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإن عبد الله هذا روى عنه عبد الرزاق عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( بخمس وعشرين درجة )، بدلاً من قوله في الرواية الأخرى: ( بسبع وعشرين ) فهذه الرواية عن عبد الرزاق عن عبد الله العمري المكبر انفرد فيها، وخالف في العدد فقال: (بخمس وعشرين).
وعبد الله العمري هذا مر معنا حاله، أنه ضعيف عبد الله عبد الله المكبر بن عمر بن حفص بن عاصم يسمى: عبد الله المكبر، وهو مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب، وكانوا يسألونه عن الحديث في حياته فيقول: أما وأبو عثمان حي -يعني: أخاه المصغر عبيد الله - فلا. يعني: لا أحدثكم، بخلاف عبيد الله فهو إمام ثقة. هذه رواية، ويتبين أنها ضعيفة.
الرواية الثانية التي خالف فيها في العدد: هو ما رواه أيضاً أبو عوانة في مستخرجه، عن أبي أسامة، عن عبيد الله المصغر وهو عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: ( بخمس وعشرين )، وقد خالف في ذلك أبو أسامة عن عبيد الله الرواة الثقات الأثبات الأكثرين.
ولهذا حكم الأئمة على هذه الرواية بأنها رواية شاذة؛ لأنها مخالفة للمحفوظ عن عبيد الله عن نافع أنه قال: ( بسبع وعشرين درجة ).
إذاً: هذه الرواية هي من طريق أبي أسامة وهو حماد بن أسامة بن زيد القرشي مولاهم، وهو ثقة إمام، روى له الجماعة، ولكنه خالف في هذا الحرف، فردت روايته، والأكثرون رووه عن ابن عمر ( بسبع وعشرين درجة ).
إذاً: الصحيح في هذا الحديث أنه عن ابن عمر بلفظ: ( بسبع وعشرين درجة ): ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة )، أما رواية: ( بخمس وعشرين ) فهي إما ضعيفة، كما عند عبد الرزاق، وإما شاذة، كما عند أبي عوانة في مستخرجه .
وقد جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر بلفظ: (بضع): ( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ ببضع وعشرين درجة )، ورواية: (البضع) هذه صحيحة؛ لأنها في مسلم، ولكنها غير مخالفة؛ لأن السبع من البضع، فيطلق عليها بضع، فلا تغاير حينئذٍ؛ لأنه عدد مبهم.
هذا فيما يتعلق برواية ابن عمر، ونخلص من هذا الكلام إلى أن الحديث لا يصح عن ابن عمر إلا بلفظ: (بسبع وعشرين درجة) أو بلفظ: (بضع وعشرين)، وهما يفسر بعضهما بعضاً، فيكون البضع محمولاً على السبع.
أما عن غير ابن عمر، فإنه أكثر الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ذكر: (خمس وعشرين)، كما أشار إليه الترمذي قبل فيما نقلته عنه، فقد جاء ذلك من حديث أبي هريرة المتفق عليه: (بخمس وعشرين) وسوف يأتي، وجاء من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري وغيره، برواية: (خمس وعشرين) وسوف يأتي، وجاء أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود عند الإمام أحمد وابن خزيمة، وجاء من حديث أبي بن كعب عند الحاكم وابن ماجه، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وجاء أيضاً عن عائشة وأنس رضي الله عنهما في مسند السراج، كلهم قالوا: (بخمس وعشرين درجة)، وهذه هي الطرق المعتمدة القوية، أما الروايات الضعيفة فيمكن أن تذكر إضافة إلى ما سبق، إذا أردنا أن نذكر روايات ضعيفة، يمكن أن يذكر ما خرجه الطبراني عن جماعة من الصحابة: منهم: معاذ بن جبل، وصهيب بن سنان، وعبد الله بن زيد، وزيد بن ثابت .. وغيرهم.
إذاً: جاء عندنا ثلاث روايات: (سبع وعشرين)، (خمس وعشرين)، (بضع وعشرين)، (البضع): لا إشكال فيه فيبقى الخلاف بين: (سبع وعشرين) و(خمس وعشرين) جمع بينهما أهل العلم بوجوه:
قال بعضهم: ترجح رواية: (خمس وعشرين)؛ لأنها أكثر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رواها عدد من الصحابة هم:
أبو هريرة ، أبو سعيد ، ابن مسعود ، أبي بن كعب .
ورواية ابن عمر التي ذكرنا أنها شاذة لا يعتد بها، وعائشة ، وأنس بن مالك فصاروا ستة.
إذاً: جاء عن طريق ستة من الصحابة، فضلاً عن الطرق الضعيفة التي توصلها إلى عشرة، إذا قلنا: إنها تشهد لها وتقويها، فرجح بعضهم رواية: (خمس وعشرين)؛ لأنها أكثر ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ورجح بعضهم رواية: (سبع وعشرين)، قالوا: لأنها فيها زيادة علم، ولا مانع أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بخمس وعشرين، ثم تجدد له بعد ذلك زيادة فضل، فأخبر بسبع وعشرين. هذا وجه، وعلى هذا يكون ذلك نسخاً، فكأن رواية: (سبع وعشرين) ناسخة لرواية: (خمس وعشرين)، وهذا ينبغي أن ينظر فيه إلى مسألة: هل يجوز النسخ في الفضائل أو لا يجوز؟ وهي مسألة أصولية.
وبعضهم قالوا: إن رواية: (سبع وعشرين) يؤخذ بها؛ لأنها أشمل فيدخل فيها الخمس والعشرون وزيادة؛ فيؤخذ بها لأنها الأكثر.
وقال قوم: يختلف ذلك باختلاف الأحوال، فيختلف باختلاف الجماعات، ويختلف باختلاف أوصاف الصلاة، فما كثرت فضيلته كان أكثر مضاعفة مما قلت فضيلته، فمثلاً قال بعضهم: الجهرية أفضل من السرية، والصلاة في المسجد البعيد أفضل، والصلاة التي أكثر جماعة.. وهكذا. وقد أوصل الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح أوجه اختلاف الفضائل في الصلوات إلى أحد عشر وجهاً، فقالوا: يختلف ذلك باختلاف الجماعات، وأوصاف الصلاة.
وقيل: يختلف باختلاف الأماكن، كالمسجد أو غيره .. وقيل غير ذلك من الأقوال.
والذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أن أحسن وأسلم ما يمكن أن يقال: هو ما أومأ إليه الترمذي رحمه الله فيما أسلفت، أن رواية: (خمس وعشرين) ترجح؛ لأنها رواية الأكثرين، حيث رواها عشرة من الصحابة، ويمكن أن يقال: إنها جاءت عن ابن عمر، وإن كانت الرواية عن ابن عمر في ذلك ضعيفة، كما أسلفت، بخلاف الذين رووا رواية: (خمس وعشرين) لم يختلف عليهم فيها فيما أعلم.
والمقصود على كل حال: تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، أما تفضيل ذلك فهو: عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى [طه:52].
ومسألة منح الفضيلة وكتابتها لمن استحقها، هذا من علم الله تعالى، وينبغي أن يؤخذ من الحديث ما دل عليه من فضل صلاة الجماعة، والحث عليها، وأن فيها مضاعفة كثيرة عظيمة في الأجور والحسنات، فهذا هو المقصود.
أما الخلاف بين: (سبع وعشرين) و(خمس وعشرين)، فهو أمر إن شاء الله تعالى يسير.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 38-40 | 4761 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة الجماعة والإمامة - حديث 442 | 4393 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 57-62 | 4212 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 282-285 | 4094 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 727-728 | 4045 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صلاة التطوع - حديث 405-408 | 4019 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الصلاة - باب صفة الصلاة - حديث 313-316 | 3972 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الوضوء - حديث 36 | 3916 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب المياه - حديث 2-4 | 3898 استماع |
شرح بلوغ المرام - كتاب الحج - باب فضله وبيان من فرض عليه - حديث 734-739 | 3877 استماع |