حديث إلى معتمر


الحلقة مفرغة

حمداً لله تعالى حمد الشاكرين، وصلوات الله وسلامه على نبيه سيدنا محمدٍ أفضل الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. أما بعد:

طلب مني كثيرٌ من الإخوة والأخوات، أن أتحدث عن بعض مسائل العمرة وما يتعلق بها. والكلام في موضوع العمرة طويلٌ وطويل، ولكنني أوجزه في عدة أمور منها:

فضل العمرة:

يقول الباري جلَّ وعلا: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] وهذا فيه إشارةٌ إلى فضل العمرة، ووجوب إتمامها على من دخل فيها، وكذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة} فذكر عليه الصلاة والسلام أن العمرة من كفارات الذنوب، والمقصود بذلك الصغائر من الذنوب، أما الكبائر فإن جمهور أهل العلم وأهل السنة والجماعة على أنه لا يكفِّرها إلا التوبة النصوح، لقوله عز وجلَّ: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً [النساء:31].

بل العمرة في رمضان خاصة لها مزيةٌ كبرى، ففي الصحيحين من حديث أم العلاء الأنصارية، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: {إذا كان رمضان فاعتمري، فإن عمرةً في رمضان تعدل حجة} وفي رواية للبخاري وغيره: {فإن عمرةً في رمضان تعدل حجة معي} أي: مع النبي صلى الله عليه وسلم.

فإنك إذا ذهبت معتمراً مُهلِّاً لذي الجلال والإكرام في هذا الشهر الكريم، قائلاً لبيك عمرة، كتبك الله تعالى -إن كُنت مخلصاً- كما لو كنتَ لبيت بالحج مع سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وكما لو كنت طُفتَ معه بالبيت، وسعيت معه بين الصفا والمروة، ورميت معه الجمار، ووقفت معه بـعرفة، وبِتَّ معه بـمزدلفة ومنى، فأي خيٍر أعظم؟ وأي فضلٍ أوسع وأوفر وأكرم من هذا الفضل العظيم، والخير الكثير الجزيل؟ قال تعالى: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الجمعة:4].

فلا يفوتنك -يا أخي المسلم- ولا تفوتنكِ -يا أختي المسلمة- هذه الفضائل في هذا الشهر الكريم، فإنه موسم الخيرات، وهو راحل عما قريب، وقد تدركه العام ولا تدركه عاماً آخر، فالبدار البدار إلى تدارك هذه الفرص وعدم تفويتها:

بادر الفرصة واحذر فـوتها     فبلوغ العز في نيـل الفُرص

واغتنم مسعاك واعلم أن من     بادر الصيد مع الصُبح قَنص

فهذا صيد الآخرة، فبادره مع الصباح، قبل أن تطير الطيور بأرزاقها، ويفوتك ما وعد الله مما وعد به العاملين المخلصين الجادين، فاحرص أن تكون منهم.

صفة العمرة باختصار:

الإحرام

أن يحرم الإنسان بالعمرة من أحد المواقيت المكانية المعروفة، وهي معروفة مشهورة، وأماكنها معروفة أيضاً، فيحرم بالعمرة بعد أن يتجرد من المخيط ويتطيب ويتنظف، قائلاً: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك عمرة.

فيُحرم بالعمرة، وكذلك المرأة حتى لو كانت حائضاً أو نفساء؛ فإنها تحرم بالعمرة من الميقات، ولكنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر من حيضها أو نفاسها، فإذا طهرت اغتسلت، ثم طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة، وهذا مما يخفى على كثير من النساء.

ومن تجاوز الميقات دون أن يُحرم، سواء كان بالطائرة أم بالسيارة، فإن عليه إذا وصل إلى جدة أو إلى أي مكان، وأراد العمرة -وقد كان نواها من الأصل- عليه أن يخرج إلى الميقات فيحرم منه، فإن لم يحرم من الميقات بل أحرم من موضعه، فقال كثيرٌ من أهل العلم: عليه دم، وهو بلا شك آثم بفعله ذاك.

أما من لم ينوِ العمرة أصلاً، فإنه يحرم من أدنى الحل، أي إذا طرأت عليه نية العمرة وهو بـمكة؛ فإنه يحرم من أدنى الحل كما قال أهل العلم.

فإذا أحرم الإنسان لبَّى حتى يصل إلى البيت، فإذا دخل إلى البيت قدَّم رجله اليمنى قائلاً: "بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم".

وهذا الدعاء يُشرع أن يقوله عند دخول كل مسجد، وكذلك عند دخول المسجد الحرام.

الطواف

ثم يأتي إلى البيت فيجعله عن يساره، مُبتدئاً من عند الحجر الأسود، ويطوف سبعة أشواط، ويبدأ الطواف بقوله: "بسم الله والله أكبر". ثم يكبر ويشير بيده اليمنى في بقية الأشواط، ويستحب أن يقول ما بين الركن والمقام: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، ويدعو في الطواف بما أحب من خير الدنيا والآخرة، وإن قرأ شيئاً من القرآن فحسن، وليس للطواف دعاء يخصه، وما يتناقله الناس أو يقرءونه من الكتب فهذا مما لا أصل له، وينبغي نهي الناس عنه وتعويدهم على تركه، وعلى أن يدعوا بما أحبوا من خير الدنيا والآخرة، من صدورهم لا من كتب يقرءونها قد خُصص فيها لكل شوط دعاءٌ خاص.

فإذا استطاع أن يستلم الركن اليماني؛ مسه بيديه وكبَّر، وإن لم يستطع مرَّ من عنده ولا يُكبر، فإذا أتى الحجر الأسود قبله واستلمه وكبر.

ركعتا الطواف والشرب من زمزم

ثم إذا انتهى من الأشواط السبعة؛ فإنه يذهب خلف المقام ويصلي ركعتين، وهما ركعتا الطواف، وهما سُنةٌ عند كثير من الفقهاء، ويقرأ -استحباباً- في الركعة الأولى بعد الفاتحة: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].

ثم يشرب من ماء زمزم، وهو كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: {طعام طُعمٍ وشِفاءُ سُقمٍ} كما في صحيح مسلم، وفي حديث آخر صحيح: {ماء زمزم لما شرب له} فيشربه ويتوكل على الله تعالى، ويدعو الله تعالى أن يكون خيراً له وبركةً في دينه ودنياه.

السعي بين الصفا والمروة

ثم يذهبُ إلى الصفا، فيرقاه ويقول: إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158] فإذا رقاه استقبل البيت، فرفع يديه وكبَّر وهلَّل، ودعا بما أحب، ثم كبر وهلل، ويقول: "الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". ثم يدعو، ثم يكرر هذا الدعاء، ثم يدعو، ثم يكرره ثم يدعو. ثم يمضي إلى المروة، فإذا حاذى العلم الأخضر ركض شدّاً، وهو في وادي الأبطح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {لا يقطع الأبطح إلا شدّاً} أي: ركضاً وبسرعة.

ثم يمشي إلى أن يصل إلى المروة، فيرقاها ويستقبل البيت، ويدعو كما دعا عند الصفا، وهكذا حتى ينتهي من الأشواط السبعة.

الحلق أو التقصير

ثم بعد ذلك يحلق أو يقصر، والحلق أفضل من التقصير، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً، وللمقصرين واحدة، فقال: {اللهم ارحم المحلقين. وفي روايةٍ: اللهم اغفر للمحلّقين. قالوا: والمقصرين، قال في الثالثة: والمقصرين}. فالحلقُ أفضل والتقصير مجزئٌ.

فإذا فعل ذلك فقد تمت عمرته، ويجب أن يكون متطهراً في الطواف، أما في السعي فلا يشترط فيه الطهارة، فلو سعى وهو غيرُ متطهرٍ جاز وأجزأه ذلك.

أن يحرم الإنسان بالعمرة من أحد المواقيت المكانية المعروفة، وهي معروفة مشهورة، وأماكنها معروفة أيضاً، فيحرم بالعمرة بعد أن يتجرد من المخيط ويتطيب ويتنظف، قائلاً: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك عمرة.

فيُحرم بالعمرة، وكذلك المرأة حتى لو كانت حائضاً أو نفساء؛ فإنها تحرم بالعمرة من الميقات، ولكنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر من حيضها أو نفاسها، فإذا طهرت اغتسلت، ثم طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة، وهذا مما يخفى على كثير من النساء.

ومن تجاوز الميقات دون أن يُحرم، سواء كان بالطائرة أم بالسيارة، فإن عليه إذا وصل إلى جدة أو إلى أي مكان، وأراد العمرة -وقد كان نواها من الأصل- عليه أن يخرج إلى الميقات فيحرم منه، فإن لم يحرم من الميقات بل أحرم من موضعه، فقال كثيرٌ من أهل العلم: عليه دم، وهو بلا شك آثم بفعله ذاك.

أما من لم ينوِ العمرة أصلاً، فإنه يحرم من أدنى الحل، أي إذا طرأت عليه نية العمرة وهو بـمكة؛ فإنه يحرم من أدنى الحل كما قال أهل العلم.

فإذا أحرم الإنسان لبَّى حتى يصل إلى البيت، فإذا دخل إلى البيت قدَّم رجله اليمنى قائلاً: "بسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم".

وهذا الدعاء يُشرع أن يقوله عند دخول كل مسجد، وكذلك عند دخول المسجد الحرام.

ثم يأتي إلى البيت فيجعله عن يساره، مُبتدئاً من عند الحجر الأسود، ويطوف سبعة أشواط، ويبدأ الطواف بقوله: "بسم الله والله أكبر". ثم يكبر ويشير بيده اليمنى في بقية الأشواط، ويستحب أن يقول ما بين الركن والمقام: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"، ويدعو في الطواف بما أحب من خير الدنيا والآخرة، وإن قرأ شيئاً من القرآن فحسن، وليس للطواف دعاء يخصه، وما يتناقله الناس أو يقرءونه من الكتب فهذا مما لا أصل له، وينبغي نهي الناس عنه وتعويدهم على تركه، وعلى أن يدعوا بما أحبوا من خير الدنيا والآخرة، من صدورهم لا من كتب يقرءونها قد خُصص فيها لكل شوط دعاءٌ خاص.

فإذا استطاع أن يستلم الركن اليماني؛ مسه بيديه وكبَّر، وإن لم يستطع مرَّ من عنده ولا يُكبر، فإذا أتى الحجر الأسود قبله واستلمه وكبر.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحاديث موضوعة متداولة 5096 استماع
حديث الهجرة 4993 استماع
تلك الرسل 4150 استماع
الصومال الجريح 4142 استماع
مصير المترفين 4109 استماع
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة 4047 استماع
وقفات مع سورة ق 3972 استماع
مقياس الربح والخسارة 3925 استماع
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية 3868 استماع
التخريج بواسطة المعجم المفهرس 3829 استماع