خطب ومحاضرات
شرح العقيدة الطحاوية [83]
الحلقة مفرغة
المسلمون يترحمون على الصحابة ويترضون عنهم كما ترضى الله تعالى عنهم في قوله تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة [الفتح:18]، وإذا رضي الله عنهم فقد علم أنهم أهل للرضا فلا يسخط عليهم، كما وعد أهل الجنة بذلك في قوله: (أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً)، وكذلك يقول تعالى وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه [التوبة:100] أخبر بأنه رضي عنهم، وإذا رضي عنهم فلا يسخط عليهم، وهم أهل للرضا، وكذلك يقول تعالى: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ [التوبة:117]، وإذا تاب الله عليهم -ومنهم نبيهم صلى الله عليه وسلم- ومدحهم بأنهم اتبعوه في ساعة العسرة؛ فإنه تعالى هو التواب الرحيم، ولا شك أنه قبل توبتهم بعد أن كانوا مشركين في الجاهلية فأسلموا وتابوا فقبل منهم وبقوا على هذا الإسلام، ولا يمكن أن يتوب الله عليهم ويخبر بأنهم أهل للرضوان وهو يعلم سبحانه أن فيهم من يرتد، وأن فيهم من يكفر، وأنهم ليسوا أهلاً لذلك على حد زعم أعدائهم.
هذا هو مقتضى علم الله تعالى، فالله سبحانه عليم بما كان، عليم بما يكون، علم أن هؤلاء الصحابة خيرة خلق الله من هذه الأمة، اصطفاهم صحباً لنبيه، وحملة لشريعته، وأهلاً لرضاه، وأهلاً لدينه، وأهلاً لتوبته، فهم أهل لذلك في وقت نزول القرآن وفيما بعده، وفي حياة نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعد موته، لا يمكن أن يغيروا ولا أن يبدلوا، هذه سنة الله وهذا علم الله.
كذلك نترضى عنهم؛ لأنهم حملة شريعة الله التي وصلت إلينا، فهم الذين بلغوا أمر الله، وبلغوا أمر رسوله، بلغوا القرآن وبلغوا السنة، ونقلوها إلى من بعدهم كما هي عملاً بقول نبيهم صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) فمن حفظ منهم آية علمها وبلغها، ومن حفظ حديثاً أداه كما سمعه على ما قال نبيهم صلى الله عليه وسلم، حيث قال في حجة الوداع لما خطبهم: (ألا هل بلغت؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت، فقال: ليبلغ الشاهد منكم الغائب، فلعل بعض من يبلغه أوعى ممن سمعه) فأمر الشاهد الحاضر أن يبلغ الغائب، ولا شك أنهم امتثلوا هذا الأمر فبلغوا ما أمروا بأن يبلغوه وما تحملوه، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لهم على ذلك بقوله: (رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) فهذا البيان والبلاغ أول وأولى من قام به صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم، ولما كانوا حملة هذا القرآن، وحملة هذه الشريعة، وحملة السنة النبوية، والذين أدوها إلى تلامذتهم، وأدوها إلى من بعدهم؛ اعتقد أهل السنة أنهم أوفياء، وأنهم بررة أتقياء، وأنهم كلهم عدول ليس فيهم من يتهم بكذب، وليس فيهم من يقول كذباً أو يختلق حديثاً لا أصل له، وإنما حدث الكذب فيمن بعدهم، فعرفنا بذلك عدالة هؤلاء الصحابة وثقتهم، وأنهم حملة الشريعة، ولو طعن فيهم لبطلت الشريعة، ولبطل الدين، ولبطلت ثقتنا بالقرآن، لكن ثقتنا بكتاب ربنا ثقة قوية، وكذلك ثقتنا بالأحاديث، وثقتنا بالأعمال التي نحن نعملها ثقة راسخة وعقيدة ثابتة لا يمكن أن ننساها، ولا يمكن أن نتركها، ولا يمكن أن يتصدى لها طاعن أو نقبل فيها قول قائل؛ لأننا ما وثقنا بها إلا لأنها بلاغ أولئك الأصحاب، فهي بلاغ وبيان منهم، وهم أهل الثقة وأهل العدالة وأهل التقوى.
أعداء الله وأعداء صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم لم يتلقوا عقيدتهم عن موثوقين، وإنما تلقوها عن كذبة وعن فجرة وعن مولدين دخلوا في الإسلام نفاقاً كـابن سبأ الذي يقال له: ابن السوداء فإنه يهودي دخل في الإسلام نفاقاً، ولما دخل فيه أراد أن يفسد معتقد المسلمين، وأراد أن يفرق بينهم، فأدخل فيهم الكفر بخفية، وولد فيهم بغض الصحابة أو بعضهم والغلو في بعضهم إلى أن حصلت به فتنة عظيمة، فكذلك من تبعه.
ومن غلا في بعض الصحابة وتنقص بعضاً من أتباع هذا الرجل أو ممن هو على شاكلته، ما هو معتمده؟ أدلتهم ونصوصهم وبراهينهم جاءتهم من طريق أولئك الكذبة الكفرة الفجرة فلا يوثق بهم، فإذا عرفنا معتمد أهل السنة ومعتقدهم أنه عن طريق الصحابة الثقاة العدول، إيمانهم بالأحاديث، وإيمانهم بالآيات، وإيمانهم أيضاً بالأعمال التي تلقوها، وعرفنا معتقد الرافضة ومعتقد الباطنية والنصيرية والمكرمية كما يسمون، والنخاولة وما أشبههم؛ عرفنا معتقدهم، فما هو معتقدهم؟ وما هو معتمدهم؟ وما هو سندهم الذي اعتمدوه؟
لا نجد لهم سنداً صحيحاً، أسانيدهم ترجع إلى منافقين ويهود وكفرة دخلوا في الإسلام تستراً، وأرادوا بذلك إدخال الفساد على المسلمين، وقد تمكنوا من ذلك حيث انخدع بهم خلق كثير وللأسف، ولا يزال يدافع عن أولئك الكفرة ويسير على نهجهم الخلق الكثير والجمع الغفير، ولكن الله سبحانه وتعالى حفظ دينه كما ضمن ذلك بقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] فلا يضره كثرة من يطعن في هؤلاء الصحابة أو يطعن في هذه المعتقدات، ولا يضر المؤمنين طعن الطاعنين ما دامت أصولهم وأسسهم التي يعتمدونها موجودة، حيث عندهم كتاب الله الذين ضمن الله حفظه، فهو موجود محفوظ في المصاحف، ومحفوظ في الصدور، كذلك سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد تحرى العلماء لها وتثبتوا، ونقلوها بالأسانيد، واختاروا الرجال الأثبات، والعلماء العدول، واطرحوا الأحاديث التي في أسانيدها ضعفاء أو أهل كذب أو بدعة أو ما أشبه ذلك، واقتصروا على أحاديث الأئمة العدول الثقات الأثبات، وأثبتوها في الصحيحين وفي السنن وفي المسانيد، وبينوا أحوال رجالها، وتثبتوا منها، متى كان هذا التحري إلا عند أهل السنة؟! متى كان هذا التثبت إلا عند أهل السنة؟! إذا نظرنا في كتب الرافضة هل نجد فيها هذا التثبت؟
لا نجد فيها هذه الأسانيد القوية التي كان حملتها أعلاماً، وجبالاً في الحفظ، والعلم، وكانوا علماء ربانيين بررة حفاظاً يضرب بحفظهم المثل، حفظ الله تعالى بهم شريعته وتولى حفظ هذه الشريعة بواسطتهم، وذلك فضل الله ومنته على عباده، فعلى هذا فإن الطاعن في هؤلاء العلماء وهؤلاء الصحابة إنما هو في الحقيقة يطعن في الله، وفي شرع الله، وفي دين الله، وفي كتاب الله وسنة رسوله، فكأن هؤلاء الرافضة بطعنهم في الصحابة يطعنون في كتاب الله ويطعنون في سنة رسول الله، فلا يبقى للمسلمين شيء يتشبثون به ولا يعتمدون عليه. كتب الرافضة التي يعتمدون عليها ليس لها أسانيد صحيحة، ولا ما يعتمد عليها، فما لهم معتقد بخلاف أهل السنة.
وبذلك نعرف أدلة أهل السنة ومعتقدهم، وأدلة أعدائهم الرافضة ومعتقدهم، في الصحابة وفيمن بعد الصحابة من أهل السنة.
قال الشارح رحمه الله: [وقوله: (ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولاً لـأبي بكر الصديق رضي الله عنه تفضيلاً له وتقديماً على جميع الأمة).
اختلف أهل السنة في خلافة الصديق رضي الله عنه: هل كانت بالنص أو بالاختيار؟
فذهب الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث إلى أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة، ومنهم من قال: بالنص الجلي، وذهب جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشعرية إلى أنها ثبتت بالاختيار.
والدليل على إثباتها بالنص أخبار: من ذلك ما أسنده البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، قال: (أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت، قال: إن لم تجديني فاتئي
وحديث حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها قالت: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه، فقال: ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لـ
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منه ما شاء الله، ثم أخذها
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم. قال على منبره: (لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت
وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث عن حسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: (من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزاناً أنزل من السماء فوزنت أنت و
فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي رضي الله عنه؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه، بل كانوا مختلفين لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك، وروى أبو داود أيضاً عن جابر رضي الله عنه أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أري الليلة رجل صالح أن
وروى أبو داود أيضاً عن سمرة بن جندب أن رجلاً قال: (يا رسول الله! رأيت كأن دلواً دلي من السماء فجاء
وعن سعيد بن جمهان عن سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي ملكه من يشاء -أو- الملك)].
الأدلة العقلية والنقلية على أحقية أبي بكر بالخلافة
الرافضة يقولون: إن أبا بكر مغتصب، وأنه تجرأ على شيء ليس له، وأن الصحابة خانوا هذه الأمانة التي هي عهد لـعلي بالخلافة، ولكن خانوا في ذلك وكتموا، وبايعوا أبا بكر خيانة وضلالاً، وظلموا حق علي ، هكذا يقولون!
ومعناه: أنهم كلهم أجمعوا على هذا الظلم وحاشاهم من ذلك، ولا شك أنهم عندما بايعوا أبا بكر عملوا بهذه الإشارات التي سمعنا من الأحاديث الدالة عليها، فإن قوله صلى الله عليه وسلم لتلك المرأة لما قالت: (أرأيت إن لم أجدك؟ فقال: ائتي
كذلك هذا الحديث الذي روته عائشة وهي من أمهات المؤمنين، ولا يمكن أن تكذب في حق أهلها، ولا في حق غيرهم، تذكر أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب كتاباً بالولاية لـأبي بكر : (ائتوني بكتاب أكتب فيه عهداً لـ
ثبت أنه صلى الله عليه وسلم خطب في آخر حياته قبل مرضه بزمن قليل فقال: (إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده، فبكى
هذه الأدلة فيها إشارات، ولكن مجموعها يكون صريحاً، أما الإشارة الأولى فهي قصة القليب، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: (رأيتني على قليب -القليب هو: البئر التي فيها ماء- أنزع منها -يعني: أجتذب الماء بدلوي- فنزعت منها ما شاء الله أن أنزع، ثم أخذها
الإشارة الثانية: قصة ذلك الدلو الذي تدلى من السماء في رؤيا الرجل، حيث يقول: رأيت أن دلواً تدلى من السماء فشرب منه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أخذه أبو بكر فشرب منه، ثم أخذه عمر فشرب منه حتى تضلع، ثم عثمان ، ثم علي، إلا أنه انتزع منه فأصابه منه نضح، أليس في هذا دليل على ترتيبهم في هذه الخلافة، وأن الذي شرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم يكون خليفة بعده، وهو أبو بكر ، ثم بعد أبي بكر عمر ، ثم عثمان ثم علي؟ فهذه إشارة إلى خلافتهم.
كذلك أيضاً: بعض الإشارات التي تكون إما في صورة رؤيا أو قصص واقعية لا شك أن فيها إشارة واضحة إلى أن هؤلاء يكونون خلفاء بعده صلى الله عليه وسلم.
وبكل حال نقول: إن هذه الإشارات من مجموعها يجزم بأنها نص صريح في أنه صلى الله عليه وسلم قدم أبا بكر وجعله خليفة بعده، وسيأتي ذكر قصة بيعته وكيف اجتمع الصحابة على بيعته وفضلوه، ومعروف أنهم لم يختاروه إلا لميزة تميز بها.
إسلام أبي بكر ومرافقته للنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة
قالوا فمن بعد النبي خليفة قلت الموحد قبل كل موحد
حاميه في يوم العريش ومن له في الغار مسعد يا له من مسعد
فالجمهور على أن أول من أسلم من الرجال أبو بكر رضي الله عنه، إذ كان رجلاً عاقلاً عارفاً موثوقاً، كامل العقل، ولما عرض النبي صلى الله عليه وسلم عليه الإسلام لم يتوقف ولم يتردد، بل بادر وقبل الدعوة ودخل في الإسلام، ولما دخل في الإسلام صار أيضاً داعية لأكثر الصحابة الذين أسلموا بمكة، فبإسلامه أسلم عثمان ، وأسلم طلحة وأسلم الزبير وأسلم عبد الرحمن بن عوف وأسلم سعد بن أبي وقاص، فكلهم أسلموا بدعوة أبي بكر.
إذاً: فهو الذي دعا إلى الإسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أليس من فضائله أنه رفيق النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الهجرة؟
هاجر معه من مكة إلى المدينة، واختار النبي صلى الله عليه وسلم صحبته، وقد كان أبو بكر قد عزم على أن يهاجر وحده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (انتظر لعل الله يأذن لي) فلما أذن له قال: (إن الله أذن لي في الهجرة، فقال: الصحبة يا رسول الله؟! قال: الصحبة) أي: سوف تصحبني.
ومعروف أيضاً أنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار الذي قال الله فيه: إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَن [التوبة:40] ولا شك أن هذه الصحبة لم ينلها غيره، فهو رضي الله عنه جمع نفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعرض نفسه للقتل، أما المهاجرون غيره فقد هاجروا خفية أو بعلن ولم يتعرض لهم المشركون، أما أبو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم فإن المشركين قد عزموا على قتل محمد صلى الله عليه وسلم، وما كان الله ليسلطهم عليه، فلما اجتمع معه أبو بكر عزموا على أن يقتلوا أبا بكر معه، وجعلوا لمن أتاهم بكل منهما مائة من الإبل، فعند ذلك أمرهما الله بأن يخرجا بخفية، فخرجا ليلاً ودخلا في ذلك الغار المعروف بغار ثور، واختفيا فيه ثلاثة أيام، يأتيهما عامر بن فهيرة بغنم لـأبي بكر فيحلب لهما منها ويسقيهما، وكذلك يأتيهما عبد الرحمن بن أبي بكر بالأخبار في الليل ثم يرجع، أوليس مبيت أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم من التعرض للأذى؟ أليس ذلك من فدائه بنفسه؟
لا شك أن هذه ميزة لا يلحقه فيها غيره، كذلك أيضاً صحبته له من مكة إلى المدينة وليس معهما إلا رجل مشرك يدلهما على الطريق، كذلك أيضاً خروجه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر، ولما كان في الليلة التي وقعت الوقعة في صبيحتها بات النبي صلى الله عليه وسلم طوال الليل يصلي ويتهجد، وبات أبو بكر معه يحميه ويحفظه، وكلما سقط رداؤه عنه رده عليه أبو بكر ، وكان مما قال له: (كفاك مناشدتك لربك، سوف يوفي لك ربك ما وعدك)، ولا شك أن هذه ميزة ميزه الله تعالى بها، فكان بذلك أهلاً أن يقلد هذه الخلافة التي هي الولاية.
قوة أبي بكر وحزمه في تعامله مع المرتدين
فهذه الفضائل والميزات هي التي صار بها أهلاً أن يتولى أمر المسلمين، ولكن طمس الله على قلوب الرافضة وأعمى بصائرهم وحال بينهم وبين مائدة الحق، فولدوا أكاذيب بأنه مغتصب، وأن الصحابة كلهم خونة، وأن علياً مظلوم، حتى جعلوا علياً أيضاً من الظالمين؛ لأنه أقر بخلافة أبي بكر وبايعه وصبر على بيعته في زمانه، ولم يطالب بشيء من الخلافة، بل علي رضي الله عنه كان يصلي خلف أبي بكر مدة خلافته، إذلم يقل أحد من أهل السنة إن علياً كان يصلي وحده، أو كان له محراب يصلي فيه وحده، ولا قال أحد: إنه ترك الصلاة مع الجماعة وحاشاه.
إذاً: فقد كان يصلي خلف أبي بكر ، أوليس ذلك دليل على أنه أقر بخلافته، وأنه رضي به والياً كما رضي به بقية المسلمين؟
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العقيدة الطحاوية [87] | 2714 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [60] | 2630 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [1] | 2590 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [79] | 2564 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [93] | 2472 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [77] | 2408 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [53] | 2386 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [99] | 2373 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [71] | 2336 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [31] | 2300 استماع |