شرح عمدة الأحكام [80]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمنا الله تعالى وإياه: [كتاب العتق.

عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شركاً له في عبدٍ فكان له مالٌ يبلغ ثمن العبد قُوم عليه قيمة عدلٍ فأعطى شركاءه حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعتق شقصاً له من مملوك فعليه خلاصه كله من ماله، فإن لم يكن له مالٌ قوم المملوك قيمة عدل، ثم استسعي العبد غير مشقوق عليه)].

تعريف الرق وبيان سببه

العتق: تحرير الرقاب، وإزالة الرق عنها، والرق: عجزٌ حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، أي: أن الكفار لما خرجوا من العبودية لله تعالى، وصاروا يعبدون غيره؛ سلط الله المسلمين عليهم، فاستولوا عليهم بالقتال، فلما استولوا عليهم ملكوا رقابهم، وجعلوهم أرقاء لهم، يتصرفون فيهم كما يتصرفون في سائر أموالهم، فيكون الرقيق مملوكاً لمن استولى عليه، يملك منافعه، ويسخره فيما يريد، ويملك كسبه، ويملك أمره ونهيه، ولا يجوز له أن يتصرف إلا بإذن سيده الذي يملكه، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما عبدٍ تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر) أي: زانٍ حيث إنه ليس له أن يزوج نفسه، ولو كان آدمياً وبشراً سوياً عاقلاً؛ وذلك لأن سيده يملك عليه منافعه، فليس له أن يتصرف بشيء يشغله عن استخدام سيده له، فسيده يستخدمه سواءً في خدمة نفسه، أو في حرثه، أو في ماشيته، أو في تجارته، أو في صناعته، أو إذا استغنى عنه مكنه من التكسب وجعل كسبه له، بشرط أن يكون كسبه من حلال، فدل على أن هذا مما ملكه الإسلام لهؤلاء.

هذا هو أصل الرق، ولما كان هذا أصله؛ فإن الرقيق الذي يملكه المسلمون وهو كافر ثم يسلم بعد ذلك يبقى بعد إسلامه مملوكاً؛ لأن هذا الذي ملكه قد يكون بذل فيه واشتراه بماله، ولما اشتراه بماله وأسلم بعد ذلك، فإسلامه لا يسقط حق الآدمي؛ لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحاة والمضايقة، ولهذا يبقى ملكه ورقه بيد سيده بعد الإسلام.

ولكن الشرع الشريف جاء بالترغيب في الإعتاق بوجوهٍ متعددة:

أولاً: جعل العتق من الكفارات؛ حيث جعل الله في كفارة القتل الخطأ تحرير رقبةٍ مؤمنة، وكذلك جعل في كفارة الظهار في قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3]، وكذلك في كفارة اليمين في قوله: أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89] يعني: عتقها حتى تكون حرةً لتكون كفارة لهذا الذنب الذي اقترفه، وذلك دليلٌ على أن العتق فيه أجر كبير؛ حيث إنه يكفر قتل النفس، ويكفر الظهار الذي هو منكر من القول والزور، ويكفر الأيمان والنذور.

والشرع عندما جعله من المكفرات يهدف إلى تحرير الرقاب حتى يزول عنها الرق؛ وذلك لأنه إذا أصبح حراً صار مكلفاً بما يكلف به الأحرار، فيجب عليه الجهاد إذا تعين، ويجب عليه الحج، وتجب عليه صلاة الجمعة، وصلاة العيد، وقد كانت ساقطة عنه عندما كان مملوكاً؛ لأن فعلها قد يفوت على سيده بعض المنافع، ونحو ذلك مما لا يجب عليه إذا كان رقيقاً، فالشرع يتشوف إلى إزالة الرق؛ حيث جعل الكفارات بالعتق الذي هو التحرير.

ثانياً: ورد في الحديث: (من مثل بعبده فقد عتق عليه)، (من مثل به) أي: من قطع منه إصبعاً أو جرحه في وجهه مثلاً، أو ضربه وأساء إليه، فكفارة ذلك أن يعتقه جزاءً له على اعتدائه على هذا المملوك.

وفي بعض الأحاديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً من أصحابه وهو يضرب عبداً له، فقال: اعلم أبا مسعود ! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فقال أبو مسعود : هو حرٌ لوجه الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار) أي: جعل ضربه له ذنباً، وجعل كفارته كونه حرره وأزال الرق عنه، مما يدل على أن الشرع يتشوف لإزالة الرق عن الرقاب.

ثالثاً: ورد أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أعتق شقصاً له في عبدٍ فإن عليه أن يخلص ذلك العبد)، ولو كان لا يملك إلا سدسه أو عشره، فإذا أعتق ذلك الجزء كلف وقيل له: عليك أن تشتري بقية العبد من مالكه وتعتقه، ولا تجعله مبعضاً حتى لا يتضرر؛ لأنه إذا كان بعضه حراً وبعضه مملوكاً تضرر بذلك، فهذا دليلٌ على تشوف الشرع إلى إزالة الرق عن الرقاب، والحرص على أن تبقى محررةً حتى يتمكن الحر مما يتمكن منه سائر المكلفين.

رابعاً: ورد الثواب والأجر الكبير في فضل العتق، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل أعتق عبداً مسلماً أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار، حتى فرجه بفرجه) أي: أنك إذا أعتقت هذا العبد الذي كان مملوكاً فإنك تستحق أن يعتقك الله بسبب تحريرك له، فينجيك من النار، فيعتق الله بكل عضو من المعتق عضواً من معتقه.

وهذا تعظيم في فضل العتق، وهناك أحاديث كثيرة تدل على فضل العتق، وفضل إزالة الرق عن الرقاب وفضل أفضلها، ففي الحديثٍ أنه: (سئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الرقاب عتقاً؟ فقال: أنفسها وأغلاها ثمناً) أي: من أراد أن يكون الأجر له أكثر فإنه يعتق من هو أكثر ثمناً، ومن هو أكثر نفعاً.

واستحبوا العتق إذا كان ذلك العتيق يقدر على أن يغني نفسه، وأن يقوم بشأنه، وأما إذا كان لا يقوم بشأنه ولا يغني نفسه فإن الأولى له أن يبقى رقيقاً عند سيده حتى يتكفل به، وحتى يقوم بأمره وينفق عليه، ويطعمه ويكسوه، ونحو ذلك؛ لأن عتقه قد يصير وبالاً عليه؛ حيث إنه لا منفعة فيه، ولا خير فيه لنفسه.

وعلى كل حال نعرف بذلك أنه كما أن الله تعالى أباح الرق فقد رغَّب في العتق، وجعل فيه ثواباً جزيلاً؛ حتى يزول هذا الرق أو يخف أمره.

وأما سببه فهو: أن الكفار عبيدٌ للشيطان، ولما كانوا عبيداً للشيطان في حالة كفرهم استولى عليهم المسلمون، فجعلوهم عبيداً لهم، فقالوا: بدل ما أنتم عبيدٌ للشيطان عبودية معنوية نجعلكم عبيداً لنا -أرقاء- عبوديةً ظاهرةً جلية، فتصيرون في ملكيتنا، وتحت تصرفنا.

مشروعية الرق

الأصل في الرق أنهم كانوا إذا قاتلوا المشركين واستولوا على ذراريهم، واستولوا على نسائهم، ملكوا الذراري والنساء، وسموا ذلك سبياً، فيقال: سبينا منهم كذا وكذا امرأةً، وكذا وكذا صبياً، ونحو ذلك.

ومن ذلك قصة بني قريظة، لما نقضوا العهد، وتعاونوا مع قريش وغطفان الذين جاءوا أحزاباً، فلما انصرفت الأحزاب حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم فيهم سعد بن معاذ: أن تقتل المقاتلة، وتسبى النساء والذرية، فكانوا يقتلون الرجال البالغين، وكانوا ينظرون من أنبت الشعر منهم فهو دليل على بلوغه فيقتل، ومن لم ينبت خلي سبيله، وجعل مع السبي، فصاروا سبياً، أي: مماليك.

وكذلك لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم خيبر قتل من قتل منهم، واستولى على النساء وعلى الذرية، وأصبحوا مماليك، وكان من جملتهم صفية التي اصطفاها لنفسه وتزوجها، وجعل عتقها صداقاً لها، فأصبحت من أمهات المؤمنين.

ومن ذلك أيضاً قصة بني المصطلق لما أغار عليهم وهم غارون، فقتل من قتل منهم، وهرب رجالهم، واستولى على أموالهم وعلى نسائهم وذراريهم وأصبحوا مماليك، وكان من جملتهم جويرية بنت الحارث التي كانت في سهم بعض الأنصار، فكاتبته؛ لأنها كانت بنتاً لسيد بني المصطلق، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه بكتابتها، فدفع عنها ثمنها وتزوجها، ولما تزوجها أعتق المسلمون جميع بني المصطلق وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتق بسببها مائة بيتٍ.

فهذه أمثلةٌ من الكفار الذي كان صلى الله عليه وسلم يقاتلهم ويسبيهم، وهذا دليل على أنه كان يسبي حتى العرب؛ لأن بني المصطلق من العرب، ومع ذلك سباهم واستباح ذراريهم.

ومن ذلك أيضاً قصة هوازن: لما أنهم تقاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين ثم انهزموا، استولى على أموالهم وعلى ذراريهم وعلى نسائهم، فقسم صلى الله عليه وسلم الأموال، وقسم النساء والذرية بين الغانمين، ولكن بعد مدةٍ جاء أهل هوازن مسلمين وقالوا: رد علينا ما أخذت، فخيرهم وقال لهم: اختاروا إما السبي وإما المال، فاختاروا السبي -الذي هو النساء والذرية- فرده صلى الله عليه وسلم عليهم.

بيان الوقت الذي انقطع فيه الرق وسبب ذلك

لما بدأ الصحابة في قتال فارس والروم، وفي قتال البربر والترك ونحوهم كثر السبي عند المسلمين، وكثر الرق، وصاروا يسترقون كثيراً حتى أصبح في كل بيت عددٌ من الأرقاء المملوكين، ولذلك تجد بعض الفقهاء يضربون المثل كثيراً بالرق وبشراء الرقيق وما أشبه ذلك مما يدل على كثرته، ولم يزل الرق موجوداً إلى سنة ست وثمانين من القرن الرابع عشر،

ثم رأت الحكومة أن الجهاد منقطع منذ زمن طويل، وأن هؤلاء المماليك يغلب أنهم منتهبون من البلاد التي تلي بلاد العرب من أفريقيا ونحوها، فرأى الملك رحمه الله أن يُحرروا كلهم، وأن يُمنع الاسترقاق إلا أن يحصل قتالٌ شرعي فيما بعد، فإذا حصل فيه سبيٌ وكان سبياً صحيحاً فإنه يعود الرق إلى ما كان عليه.

العتق: تحرير الرقاب، وإزالة الرق عنها، والرق: عجزٌ حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، أي: أن الكفار لما خرجوا من العبودية لله تعالى، وصاروا يعبدون غيره؛ سلط الله المسلمين عليهم، فاستولوا عليهم بالقتال، فلما استولوا عليهم ملكوا رقابهم، وجعلوهم أرقاء لهم، يتصرفون فيهم كما يتصرفون في سائر أموالهم، فيكون الرقيق مملوكاً لمن استولى عليه، يملك منافعه، ويسخره فيما يريد، ويملك كسبه، ويملك أمره ونهيه، ولا يجوز له أن يتصرف إلا بإذن سيده الذي يملكه، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما عبدٍ تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر) أي: زانٍ حيث إنه ليس له أن يزوج نفسه، ولو كان آدمياً وبشراً سوياً عاقلاً؛ وذلك لأن سيده يملك عليه منافعه، فليس له أن يتصرف بشيء يشغله عن استخدام سيده له، فسيده يستخدمه سواءً في خدمة نفسه، أو في حرثه، أو في ماشيته، أو في تجارته، أو في صناعته، أو إذا استغنى عنه مكنه من التكسب وجعل كسبه له، بشرط أن يكون كسبه من حلال، فدل على أن هذا مما ملكه الإسلام لهؤلاء.

هذا هو أصل الرق، ولما كان هذا أصله؛ فإن الرقيق الذي يملكه المسلمون وهو كافر ثم يسلم بعد ذلك يبقى بعد إسلامه مملوكاً؛ لأن هذا الذي ملكه قد يكون بذل فيه واشتراه بماله، ولما اشتراه بماله وأسلم بعد ذلك، فإسلامه لا يسقط حق الآدمي؛ لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحاة والمضايقة، ولهذا يبقى ملكه ورقه بيد سيده بعد الإسلام.

ولكن الشرع الشريف جاء بالترغيب في الإعتاق بوجوهٍ متعددة:

أولاً: جعل العتق من الكفارات؛ حيث جعل الله في كفارة القتل الخطأ تحرير رقبةٍ مؤمنة، وكذلك جعل في كفارة الظهار في قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا [المجادلة:3]، وكذلك في كفارة اليمين في قوله: أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89] يعني: عتقها حتى تكون حرةً لتكون كفارة لهذا الذنب الذي اقترفه، وذلك دليلٌ على أن العتق فيه أجر كبير؛ حيث إنه يكفر قتل النفس، ويكفر الظهار الذي هو منكر من القول والزور، ويكفر الأيمان والنذور.

والشرع عندما جعله من المكفرات يهدف إلى تحرير الرقاب حتى يزول عنها الرق؛ وذلك لأنه إذا أصبح حراً صار مكلفاً بما يكلف به الأحرار، فيجب عليه الجهاد إذا تعين، ويجب عليه الحج، وتجب عليه صلاة الجمعة، وصلاة العيد، وقد كانت ساقطة عنه عندما كان مملوكاً؛ لأن فعلها قد يفوت على سيده بعض المنافع، ونحو ذلك مما لا يجب عليه إذا كان رقيقاً، فالشرع يتشوف إلى إزالة الرق؛ حيث جعل الكفارات بالعتق الذي هو التحرير.

ثانياً: ورد في الحديث: (من مثل بعبده فقد عتق عليه)، (من مثل به) أي: من قطع منه إصبعاً أو جرحه في وجهه مثلاً، أو ضربه وأساء إليه، فكفارة ذلك أن يعتقه جزاءً له على اعتدائه على هذا المملوك.

وفي بعض الأحاديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً من أصحابه وهو يضرب عبداً له، فقال: اعلم أبا مسعود ! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، فقال أبو مسعود : هو حرٌ لوجه الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو لم تفعل للفحتك النار، أو لمستك النار) أي: جعل ضربه له ذنباً، وجعل كفارته كونه حرره وأزال الرق عنه، مما يدل على أن الشرع يتشوف لإزالة الرق عن الرقاب.

ثالثاً: ورد أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أعتق شقصاً له في عبدٍ فإن عليه أن يخلص ذلك العبد)، ولو كان لا يملك إلا سدسه أو عشره، فإذا أعتق ذلك الجزء كلف وقيل له: عليك أن تشتري بقية العبد من مالكه وتعتقه، ولا تجعله مبعضاً حتى لا يتضرر؛ لأنه إذا كان بعضه حراً وبعضه مملوكاً تضرر بذلك، فهذا دليلٌ على تشوف الشرع إلى إزالة الرق عن الرقاب، والحرص على أن تبقى محررةً حتى يتمكن الحر مما يتمكن منه سائر المكلفين.

رابعاً: ورد الثواب والأجر الكبير في فضل العتق، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل أعتق عبداً مسلماً أعتق الله بكل عضو منه عضواً منه من النار، حتى فرجه بفرجه) أي: أنك إذا أعتقت هذا العبد الذي كان مملوكاً فإنك تستحق أن يعتقك الله بسبب تحريرك له، فينجيك من النار، فيعتق الله بكل عضو من المعتق عضواً من معتقه.

وهذا تعظيم في فضل العتق، وهناك أحاديث كثيرة تدل على فضل العتق، وفضل إزالة الرق عن الرقاب وفضل أفضلها، ففي الحديثٍ أنه: (سئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الرقاب عتقاً؟ فقال: أنفسها وأغلاها ثمناً) أي: من أراد أن يكون الأجر له أكثر فإنه يعتق من هو أكثر ثمناً، ومن هو أكثر نفعاً.

واستحبوا العتق إذا كان ذلك العتيق يقدر على أن يغني نفسه، وأن يقوم بشأنه، وأما إذا كان لا يقوم بشأنه ولا يغني نفسه فإن الأولى له أن يبقى رقيقاً عند سيده حتى يتكفل به، وحتى يقوم بأمره وينفق عليه، ويطعمه ويكسوه، ونحو ذلك؛ لأن عتقه قد يصير وبالاً عليه؛ حيث إنه لا منفعة فيه، ولا خير فيه لنفسه.

وعلى كل حال نعرف بذلك أنه كما أن الله تعالى أباح الرق فقد رغَّب في العتق، وجعل فيه ثواباً جزيلاً؛ حتى يزول هذا الرق أو يخف أمره.

وأما سببه فهو: أن الكفار عبيدٌ للشيطان، ولما كانوا عبيداً للشيطان في حالة كفرهم استولى عليهم المسلمون، فجعلوهم عبيداً لهم، فقالوا: بدل ما أنتم عبيدٌ للشيطان عبودية معنوية نجعلكم عبيداً لنا -أرقاء- عبوديةً ظاهرةً جلية، فتصيرون في ملكيتنا، وتحت تصرفنا.