[12] أهمية العناية بالقلب تحلية وتخلية - الجزء الأول - عمل القلب - الفريضة الغائبة - خالد أبو شادي
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
العناية بالقلب لها جانبان:التحلية: وذلك بالقيام بالطاعات القلبية.
والتخلية: وذلك بتطهير القلب عن أدناس المعاصي القلبية.
وإضافة لما تقدم ذكره في المطالب السابقة، فإن هذه العناية بشقيها تبرز أهميتها من خلال ما يأتي:
أولاً: قيام بفرض عيني
العناية بالقلب وتحليته بالأعمال القلبية، كالتوكل والمحبة والإخلاص والخشية ونحوها كل ذلك من الفروض العينية، وهكذا تطهيره من أدران الرياء والكبر وسوء الظن بالله والحسد ونحو ذلك.
وقد تقدم تقرير ذلك في المبحث الأول.
ثانيًا: صلاح الجوارح بصلاح القلب
القلب بصلاحه تصلح الجوارح وتستقيم على سبيل الهدي، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "القلب هو الأصل فإذا كان فيه معرفة وإرادة، سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، لا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب» ( صحيح مسلم [1599])، وقال أبو هريرة: القلب ملك والأعضاء جنوده، فإذا طاب الملك طابت جنوده، وإذا خبث الملك خبثت جنوده، وقول أبي هريرة تقريب وقول النبي صلى الله عليه وسلم أحسن بيانًا، فإن الملك وإن كان صالحًا، فالجند لهم اختيار قد يعصون ملكهم وبالعكس، فيكون فيهم صلاح مع فساده، أو فساد مع صلاحه، بخلاف القلب فإن الجسد تابع له، لا يخرج عن إرادته قط.
فإذا كان القلب صالحًا بما فيه من الإيمان علمًا وعملاً قلبيًا لزم ضرورة صلاح بالجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة أهل الحديث: قول وعمل.
قول باطن وظاهر وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد.
وبهذا كان الأصل في التقوى والفجور القلب قال تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا، ولو كانوا على أفجر قلب رجل منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا» (صحيح مسلم[2577]).
قال ابن رجب في شرحه لهذا الحديث: "وفي هذا دليل على أن الأصل في التقوى والفجور هو القلب، فإذا بر القلب واتقى، برت الجوارح، وإذا فجر القلب فجرت الجوارح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التقوى ها هنا، وأشار إلى صدره» (صحيح الجامع[6706]).
ومن الناس من يجد في إقامة جوارحه على طاعة الله، وكفها عما حرم الله جهدًا وثقلاً، حتى إن بعضهم تحدثه نفسه بالاستقامة، لكن ما إن يسلك طريقها حتى يرجع القهقري.
ولو أتى هؤلاء البيوت من أبوابها، واجتهدوا مع العمل الظاهر في إصلاح قلوبهم، لهان عليهم سلوك سبيل الاستقامة ، بل لوجدوا فيه اللذة والسعادة، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إنما الأعمال كالوعاء، إذا طاب أسفله، طاب أعلاه، وإذا فسد أسفله، فسد أعلاه» (صحيح الجامع[2320]).