مقدمة في التفسير - أحكام البسملة [2]


الحلقة مفرغة

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فتدارسنا في الدرس الماضي بعض أحكام البسملة وننتقل هنا إلى بحث آخر يتعلق بالبسملة أيضاً، وأحكام البسملة يحتاج إليها كل مسلم لأنه يقرأ القرآن، فتحتاج إلى شيء من التفصيل، فننتقل إلى مبحث البسملة بين السورتين ما حكمها؟ إذا انتقل الإنسان من سورة إلى سورة إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:1-3]، قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] إذا أراد أن يصل سورة الكافرون بسورة الكوثر هل يأتي بالبسملة بينهما أم لا؟

وما هي الكيفيات؟

كل الكيفيات التي سأذكرها منقولة عن الأئمة القراء وهي مأخوذة عن خاتم الأنبياء على نبينا صلوات الله وسلامه وهي كيفيات مشروعة جائزة:

القول الأول: جواز الفصل بالبسملة والوصل بدون بسملة

ذهب الإمام أبو عمرو وابن عامر وهما من القراء السبعة، ويعقوب من القراء العشرة وقراءاتهم متواترة عن نبينا عليه الصلاة السلام إلى أنه يجوز للقارئ الفصل بالبسملة، والوصل بدون بسملة، والسكت على آخر السورة المتقدمة ثم البدء بالسورة التي بعدها أيضاً بدون بسملة، فالأوجه الثلاثة جائزة فليتخير القارئ ما يريد منها، وكلها منقولة عن النبي عليه الصلاة والسلام.

الإتيان بالبسملة. هذا قول.

والوصل والسكت، وهاكم أمثلة بالقراءة: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] لابد من التسمية في أولها عند من يريد أن يبتدئ القراءة بها فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:2-3]، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] أراد أن يصلها بما بعدها فلنصلها الآن بالبسملة إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] هذا وجه.

الوجه الثاني: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3]، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] هذا يقال له: السكت، أي: سكت على نهاية السورة المتقدمة بلا تنفس، ثم بعد ذلك يبتدئ بالسورة التي بعدها إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] ، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1].

والثالث: الوصل بدون بسملة إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] الأوجه الثلاثة جائزة عند هؤلاء القراء: أبي عمرو ، وابن عامر ، ويعقوب .. يجوز الفصل بين السورتين بالبسملة، ويجوز الوصل بلا بسملة، ويجوز السكت على آخر السورة المتقدمة ثم البدء بالسورة التي بعدها من غير تنفس.

القول الثاني: عدم الفصل بين السورتين والتخيير بين الوصل والسكت

القول الثاني: وذهب إليه الإمام حمزة بن حبيب الزيات وهو من القراء السبعة وقراءته منقولة عن نبينا عليه الصلاة والسلام متواترة.

عند حمزة لا يفصل بين السورتين بالبسملة، إنما القارئ يخير بين الوصل والسكت، وعليه عند حمزة هو مخير بين أمرين اثنين لا ثالث لهما إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] ، قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وهذا الذي يقال له: السكت.

والثاني: الوصل: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] ، فيصل السورتين ببعضهما من دون بسملة فلا يبسمل بين السور؛ لأنه بسمل في أول السورة الأولى، فعندما يصل السور ببعضها لا يأتي بالبسملة بينها إنما يختار الوصل أو السكت.

القول الثالث: وجوب الفصل بين السورتين بالبسملة

وأما بقية القراءات .. قراءة عاصم وهي التي نقرأ بها حفص عن عاصم وهكذا معه الإمام الكسائي وابن كثير وقالون في روايته عن نافع؛ لأن ورش وافق أبا عمرو وابن عامر ويعقوب في القول الأول.

إذاً: عاصم والكسائي وابن كثير وقالون قالوا: القارئ يفصل بين السورتين بالبسملة، لابد أن يأتي بالبسملة، لابد، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] ، وإذا وصل بالبسملة سيأتينا بعد ذلك إن شاء الله الأوجه الجائزة عندما يأتي بالبسملة بين السورتين، لكن هل يأتي بها أم لا؟ على القراءة التي يأتي بها لابد من البسملة عندما يصل سورة بسورة، كما أنه يأتي بها إذا ابتدأ القراءة بهذه السورة يأتي بها عندما يصلها بما سبقها، وهذا عند عاصم والكسائي وابن كثير وقرأ به قالون في قراءته عن نافع رحمة الله عليهم أجمعين، وأما حمزة بن حبيب الزيات فليس عنده البسملة بين السور عندما نصلها إنما يختار القارئ الوصل أو السكت، والقراء الثلاثة الآخرون: أبو عمرو وابن عامر ويعقوب ومعهم ورش في روايته عن نافع يتخير القارئ بين البسملة كما هو قول عاصم ومن معه وبين الوصل والسكت كما هو قول حمزة بن حبيب الزيات رحمهم الله أجمعين.

القول الرابع: وجوب البسملة عند الوصل بين الناس والفاتحة وجمع السورة بما قبلها أو السورة بأولها

واتفق القراء قاطبة أنه إذا وصل آخر الناس بأول الفاتحة لابد من البسملة في أول الفاتحة، وإن وصلها بأول الناس لأن السورة -سورة الفاتحة- لها حكم الابتداء فهي في بداية المصحف في أوله، وإن وصلت بسورة الناس فكأنه ليس قبلها شيء فينبغي أن يأتي بالبسملة في أولها، ولذلك إذا قرأ آخر الناس وأراد أن يقرأ الفاتحة وأن يصل بين السورتين لابد أن يأتي بالبسملة.

إذاً: مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ [الناس:4-6] بسم الله الرحمن الرحيم الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] لابد من أن يأتي بالبسملة إذا قرأ آخر الناس وأراد أن يقرأ أول الفاتحة، وهكذا أيضاً لابد من أن يأتي بالبسملة إذا وصل السورة بما قبلها ولم يصلها بما بعدها. وهذا أيضاً محل اتفاق بين القراء، إذا أراد أن يصل سورة الفلق بما قبلها لا بما بعدها، الذي قبلها قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق:5] قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] لابد أن يأتي بالبسملة هنا بالاتفاق أيضاً؛ لأنه وصل السورة بما سبقها لا بما بعدها، فإذا وصلها بما سبقها كأنه سيبتدئ القراءة من جديد بالسورة التي قبلها، فلابد من أن يأتي بالبسملة.

وحالة ثالثة لابد من إتيان بالبسملة أيضاً في أول السورة إذا وصل آخر السورة بأولها: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] فأراد أن يعيد السورة وأن يقرأها لورد أو لحفظ أو لما شاكل هذا فإذا أراد أن يصل الآخر بالأول لابد من التسمية؛ لأنه كأنه يقرأها من جديد مبتدئاً بها فلابد من التسمية بأولها.

وعليه؛ إذا أراد أن يصل سورة بما بعدها إما أن يأتي بالبسملة ولابد، وإما أن لا يأتي بها ووصل أو سكت وإما أن يأتي بها أو يتخير بينها وبين الوصل أو السكت .. الأمر فيه سعة إلا في ثلاثة أحوال:

1- إذا وصل آخر الناس بأول الفاتحة لابد من الإتيان بالبسملة.

2- إذا وصل السورة بالسور التي قبلها لا بالسور التي بعدها لابد من الإتيان بالبسملة.

3- إذا وصل آخر السورة بأولها وأعادها فلابد من الإتيان بالبسملة أيضاً.

ذهب الإمام أبو عمرو وابن عامر وهما من القراء السبعة، ويعقوب من القراء العشرة وقراءاتهم متواترة عن نبينا عليه الصلاة السلام إلى أنه يجوز للقارئ الفصل بالبسملة، والوصل بدون بسملة، والسكت على آخر السورة المتقدمة ثم البدء بالسورة التي بعدها أيضاً بدون بسملة، فالأوجه الثلاثة جائزة فليتخير القارئ ما يريد منها، وكلها منقولة عن النبي عليه الصلاة والسلام.

الإتيان بالبسملة. هذا قول.

والوصل والسكت، وهاكم أمثلة بالقراءة: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1] لابد من التسمية في أولها عند من يريد أن يبتدئ القراءة بها فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:2-3]، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] أراد أن يصلها بما بعدها فلنصلها الآن بالبسملة إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] هذا وجه.

الوجه الثاني: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3]، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] هذا يقال له: السكت، أي: سكت على نهاية السورة المتقدمة بلا تنفس، ثم بعد ذلك يبتدئ بالسورة التي بعدها إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] ، قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1].

والثالث: الوصل بدون بسملة إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] الأوجه الثلاثة جائزة عند هؤلاء القراء: أبي عمرو ، وابن عامر ، ويعقوب .. يجوز الفصل بين السورتين بالبسملة، ويجوز الوصل بلا بسملة، ويجوز السكت على آخر السورة المتقدمة ثم البدء بالسورة التي بعدها من غير تنفس.

القول الثاني: وذهب إليه الإمام حمزة بن حبيب الزيات وهو من القراء السبعة وقراءته منقولة عن نبينا عليه الصلاة والسلام متواترة.

عند حمزة لا يفصل بين السورتين بالبسملة، إنما القارئ يخير بين الوصل والسكت، وعليه عند حمزة هو مخير بين أمرين اثنين لا ثالث لهما إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] ، قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، وهذا الذي يقال له: السكت.

والثاني: الوصل: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] ، فيصل السورتين ببعضهما من دون بسملة فلا يبسمل بين السور؛ لأنه بسمل في أول السورة الأولى، فعندما يصل السور ببعضها لا يأتي بالبسملة بينها إنما يختار الوصل أو السكت.

وأما بقية القراءات .. قراءة عاصم وهي التي نقرأ بها حفص عن عاصم وهكذا معه الإمام الكسائي وابن كثير وقالون في روايته عن نافع؛ لأن ورش وافق أبا عمرو وابن عامر ويعقوب في القول الأول.

إذاً: عاصم والكسائي وابن كثير وقالون قالوا: القارئ يفصل بين السورتين بالبسملة، لابد أن يأتي بالبسملة، لابد، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر:3] بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] ، وإذا وصل بالبسملة سيأتينا بعد ذلك إن شاء الله الأوجه الجائزة عندما يأتي بالبسملة بين السورتين، لكن هل يأتي بها أم لا؟ على القراءة التي يأتي بها لابد من البسملة عندما يصل سورة بسورة، كما أنه يأتي بها إذا ابتدأ القراءة بهذه السورة يأتي بها عندما يصلها بما سبقها، وهذا عند عاصم والكسائي وابن كثير وقرأ به قالون في قراءته عن نافع رحمة الله عليهم أجمعين، وأما حمزة بن حبيب الزيات فليس عنده البسملة بين السور عندما نصلها إنما يختار القارئ الوصل أو السكت، والقراء الثلاثة الآخرون: أبو عمرو وابن عامر ويعقوب ومعهم ورش في روايته عن نافع يتخير القارئ بين البسملة كما هو قول عاصم ومن معه وبين الوصل والسكت كما هو قول حمزة بن حبيب الزيات رحمهم الله أجمعين.




استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة اسٌتمع
مقدمة في التفسير - أحكام البسملة [1] 3517 استماع
مقدمة في التفسير - أسماء سورة الفاتحة وآياتها [2] 2856 استماع
مقدمة في التفسير - أسماء سورة الفاتحة [1] 2766 استماع
مقدمة في التفسير - مقدمة في تفسير سورة الفاتحة - أين نزلت 2728 استماع
مقدمة في التفسير - موضوع سورة الفاتحة 2440 استماع
مقدمة في التفسير - أسماء سورة الفاتحة وآياتها [1] 1370 استماع