خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1546"> الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1546?sub=65716"> شرح كتاب التوحيد
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح كتاب التوحيد [40]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله.
قوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11]، قال علقمة : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت ).
ولهما عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : ( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية ).
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة ).
وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط )، حسنه الترمذي ].
قال رحمه الله: (باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله)، من: هذه تبعيضية، والإيمان بالله: هو الإيمان بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته.
قال رحمه الله: (الصبر) الصبر في اللغة: الحبس والكف على أقدار الله، الصبر على أقدار الله المؤلمة أن يحبس قلبه عن كراهة قضاء الله وقدره، ولسانه وجوارحه عما نهي عنه، من اللعن والسب والشتم وإتلاف المال والضرب وسفك الدم ونحو ذلك.
في حديث ابن مسعود في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية )، هذا فيه ما يتعلق باللسان، وما يتعلق بالجوارح.
وقوله: (على أقدار الله) أقدار مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه، والأقدار جمع قدر، والقدر يطلق على أمرين:
الأمر الأول: اعتبار المفعول، وهو المقدور.
والأمر الثاني: اعتبار الفعل، وهو فعل الله عز وجل.
فباعتبار المقدور هذا مثل: المرض، والموت، والمصائب في البدن والأموال، ونحو ذلك.. إلى آخره، الصبر على هذه الأشياء واجب كما سيأتينا في المراتب، الرضا بهذه الأشياء مستحب، يعني: بالنظر إلى المقدور من مرض وموت ومصيبة في المال والأهل الرضا بهذا مستحب وليس واجباً، وباعتبار فعل الله عز وجل الرضا بهذا واجب، فيجب أن يرضى ويسلم.
مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن الصبر على أقدار الله المؤلمة من تمام توحيد الربوبية، وعدم الصبر نقص في توحيد الربوبية، فناسب أن يذكره المؤلف في كتابه.
قال رحمه الله: (وقوله تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11])، وفي قراءة (يهدأ قلبه).
يُؤْمِنْ بِاللَّهِ [التغابن:11]، بمعنى: أن يعتقد.
(قال علقمة : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم) يعني: يعتقد أن المصيبة بقضاء الله وقدره فيسترجع.
يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] بالصبر عليها، وفسرها علقمة رحمه الله، علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة من كبار التابعين.
الشاهد من هذا: أن قوله: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ [التغابن:11]، كما فسره علقمة : (هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم)، هذا من تمام الإيمان بالله، ومن تمام الإيمان بربوبية الله عز وجل.
الشاهد من هذا: أن الصبر على أقدار الله المؤلمة هو من تمام الإيمان بالله عز وجل، وأن عدم الصبر على أقدار الله المؤلمة نقص في الإيمان بالله عز وجل، فدل ذلك على وجوب الصبر.
قال رحمه الله تعالى: (وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اثنتان في الناس هما بهم كفر ).
المراد بالكفر هنا: الكفر الأصغر؛ لأن هذه من أعمال الجاهلية، وأيضاً مما يدل لذلك أن الكفر هنا لم يأت معرفاً بالألف واللام، وقد ذكر شيخ الإسلام أن الكفر إذا جاء معرفاً بالألف واللام فالمراد به: الكفر الأكبر، وإذا كان غير معرف بالألف واللام فالمراد به: الكفر الأصغر.
قال: ( هما بهم كفر: الطعن في النسب )، العيب والتنقص والقدح في أنساب الناس، والنسب هو أصل الإنسان، آباؤه وأجداده يعيبهم ويقدح بهم هذا الطعن بالنسب.
قال: ( والنياحة على الميت )، تقدم لنا النياحة للميت، قيل بأن النياحة مع الميت هو البكاء مع الندبة، وقيل: هو اجتماع النساء متقابلات للبكاء على الميت.
في هذا الحديث تحريم السخط، ووجوب الصبر؛ لأن النياحة على الميت من التسخط وعدم الصبر، فدل ذلك على أن النياحة على الميت محرمة ولا تجوز، وأن التسخط محرم، وأن الصبر واجب، ففيه وجوب الصبر.
تقدم أن عدم الصبر ينافي توحيد الربوبية، ووجود الصبر من تمام توحيد الربوبية.
قال رحمه الله: (ولهما عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: ( ليس منا من ضرب الخدود ).
الخد: صفقة الوجه، والوجه على وجه العموم لا يجوز ضربه؛ لأن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورته، وهذا مما يجهله ويتساهل فيه كثير من الناس؛ ولأن الوجه أيضاً يجمع كثيراً من المنافع، وربما أدى ضرب هذا الوجه إلى فوات شيء من هذه المنافع.
قال: ( ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب )، شق الجيب: هو الفتحة في الثوب يدخل منها الرأس ويشقها.
قال: ( ودعا بدعوى الجاهلية )، دعوى الجاهلية هي: الندبة، والدعاء بالويل والثبور، والنياحة هذه كلها من دعوى الجاهلية.
وقوله: (ليس منا) ظاهر هذا الكفر، لكن المقصود هنا: ليس منا في هذا العمل وهذه الخصلة، هذه من خصال أهل الجاهلية، ففي هذا تحريم التسخط ووجوب الصبر.
قال رحمه الله: (وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن عظم الجزاء مع عظم البلاء ).
يعني: من كان ابتلاؤه أعظم كان جزاؤه عند الله أعظم، ولهذا من ابتلي بحبيبتيه عوضه الله عز وجل عنهما الجنة، وإذا قبض ولد العبد واسترجع قال الله عز وجل: ( ابنوا لعبدي بيتاً، وسموه بيت الحمد ).
( وإن الله تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم )، يعني: اختبرهم بما يحصل لهم من المصائب.
( فمن رضي فله الرضا )، (من): هذه شرطية.
(رضي فله الرضا) هذا جواب الشرط.
يعني: من رضي بقضاء الله وقدره فله الرضا من الله سبحانه وتعالى، ولا شك أنه إذا حصل له الرضا من الله سيحصل له الثواب والأجر العظيم؛ ولهذا الصبر أجره وثوابه ليس محصوراً ولا مقيداً بعدد، وكثير من الأعمال تجد أن أجرها مقيد بعدد، لكن الصبر: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].
( ومن سخط فله السخط )، (من): هذه شرطية.
( ومن سخط فله السخط )، يعني من سخط وكره قضاء الله وقدره، فالتسخط: أن يكره قضاء الله وقدره، أو أن يأتي بلسانه وجوارحه ما نهي عنه، من السب والشتم والكسر والضرب ونحو ذلك.
( فله السخط )، من الله عز وجل، فإن الله يسخط عليه ويغضب عليه، وهذا لا شك أنه وزر عظيم.
الشاهد هنا: أنه إذا سخط له السخط من الله، والسخط محرم، والسخط ضد الصبر، يعني: إذا ترك الصبر فإن عليه هذا الإثم العظيم، مما يدل على وجوب الصبر، وأنه إذا صبر له هذا الفضل العظيم.
قال رحمه الله: (وقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا ).
الخير ينقسم إلى قسمين: خير كلي، وخير نسبي.
الخير الكلي: أن لا يعاقب في الدنيا ولا في الآخرة.
والخير النسبي -كما في هذا الحديث أن يلحقه شيء من العقوبة في الدنيا، لكن تكفر ما عليه من الذنوب والمعاصي.
قال: ( عجل له العقوبة )، العقوبة: هي مؤاخذة العاصي على معصيته، سميت بذلك لأنها تعقب الذنب.
قال: ( في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر )، الله سبحانه وتعالى لا يريد الشر لذات الشر، لكن يريد الشر لما يترتب عليه من المصالح، فالشر لله سبحانه وتعالى ليس مراداً لذاته، وإنما هو مراد لغيره؛ ولهذا جاء في حديث علي في صحيح مسلم : ( والشر ليس إليك )، فهو مرادٌ لغيره وليس مراداً لذاته؛ لما يترتب عليه من المصالح، من تكفير السيئات، ورفعة الدرجات، وزيادة الحسنات.
قال: ( وإذا أراد بعبده الشر أمسك )، يعني: لا يعاجل بعقوبة الذنب في الدنيا.
قال: ( أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة )، فيؤخر عنه عقوبة ذنبه حتى يجيء يوم القيامة مستوفى بالذنوب، فيستوفي ما يستحقه من العذاب، ولا شك أن عذاب الآخرة أعظم من عذاب الدنيا.
في هذا الحديث الحث على الصبر على المصائب، والرضا بالقدر؛ لأن ذلك في صالح العبد.
مسألة في المراتب عند حصول شيء من المصائب.
يعني: إذا حصل على المسلم شيء من أقدار الله المؤلمة، سواء في بدنه أو ماله أو في أهله، فله مراتب:
المرتبة الأولى: مرتبة الصبر، وهذه المرتبة واجبة، وهي أن يحبس قلبه عن كراهة قضاء الله وقدره، ولسانه وجوارحه عما نهي عنه كما سلف.
المرتبة الثانية: مرتبة التسخط، وهذه محرمة، ولا تجوز، والتسخط ضد الصبر، أي أن يكره قضاء الله وقدره، أو يفعل بلسانه وجوارحه ما نهي عنه.
المرتبة الثالثة: مرتبة الرضا، وهذه مستحبة، والرضا إنما هو بالمقدور وليس بالقدر الذي هو فعل الله. يعني: المفعول، يعني: كونك ترضى بالمرض والمصيبة في المال وفي الأهل وبالموت ونحو ذلك مستحب، فالرضاء بالقدر بمعنى المقدور مستحب، وأما الرضا بالقدر الذي هو فعل الله عز وجل فهذا واجب.
المرتبة الرابعة: الشكر، وهو أن يشكر الله عز وجل على ما حصل له من هذه المصيبة: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، وأيضاً إذا أصيب العبد بولده وحمد الله واسترجع قال الله عز وجل: ( ابنوا لعبدي بيتاً وسموه بيت الحمد )، فهذه المصيبة وإن كانت في ظاهرها مصيبة إلا أنها في باطنها منحة من الله عز وجل؛ لما يترتب عليها من تكفير السيئات ورفعة الدرجات.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.