شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [7]


الحلقة مفرغة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب العرايا وغير ذلك:

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها )، ولـمسلم: ( بخرصها تمراً, يأكلونها رطباً ).

عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق، أو دون خمسة أوسق ).

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع, إلا أن يشترط المبتاع ). ولـمسلم: ( ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع )].

الشرح:

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (باب العرايا) العرية في اللغة: فعيلة، بمعنى مفعولة، والعري بمعنى التجرد، وسميت هذه المسألة بالعرية؛ لأنها انفردت بالرخصة عن أخواتها.

وصورة العرايا هي صورة المزابنة، والمزابنة هي أن يشتري الرطب على رؤوس النخل بالتمر اليابس، والعرية صورة من صور المزابنة، لكن العرية مقيدة بشروط، إذا اختل شرط من هذه الشروط أصبحت مزابنة، فالعرايا مستثناة من المزابنة بشروط.

سبق أن ذكرنا: أنه عندما تبادل مالاً ربوياً بجنسه فإنه يشترط التساوي والتماثل، لابد من التساوي في الرطوبة، والتساوي في اليبوسة، والتساوي في الخشونة، وفي النعومة ونحو ذلك، فالعرايا هنا مستثناة، العرايا أن تبيع تمراً يابساً برطب على رؤوس النخل لكن بشروط:

الشرط الأول: أن يخرص الرطب الذي على رؤوس النخل بما يئول إليه إذا جف كيلاً، ويعطيه المشتري مثل قدر هذا الخرص يابساً.

وأهل الخبرة يعرفون كم يساوي إذا جف بالكيل وبالصاع، فمثلاً قالوا: يساوي مائة صاع، فيسلمه المشتري للبائع مائة صاع من التمر اليابس.

الشرط الثاني: أن يكون المشتري محتاجاً إلى أكل الرطب لكي يتفكه مع الناس؛ لأن سبب العرية أن فقراء من الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له أنهم ليس عندهم دراهم يشترون بها رطباً، لكن عندهم تمر يابس من العام الماضي، فرخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتروا بالتمر اليابس رطباً.

الشرط الثالث: أن لا يكون معه نقود، فإن كان معه نقود فيشتري بالنقود ولا يشتري بالتمر.

الشرط الرابع: القبض، فالبائع يخلي بين المشتري والنخل، والمشتري يكيل التمر اليابس للبائع صاحب النخل.

الشرط الخامس: أن يكون في أقل من خمسة أوسق.

الشرط السادس: أن يكون هذا في الرطب.

وهل يجوز في بقية الثمار أو أنه خاص بالرطب، يعني: لو أراد أن يشتري مثلاً بالزبيب عنباً، فهل هذا جائز، أو نقول: هذا خاص بالرطب؟

هذا موضع خلاف بين العلماء رحمهم الله:

فبعض العلماء قصر المسألة على الرطب، وبعض العلماء شرع على التمر اليابس في التمر الرطب.

وبعض العلماء عمم المسألة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [عن زيد بن ثابت رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها )، ولـمسلم: ( بخرصها تمراً, يأكلونها رطبا )].

في هذا الحديث: تحريم التمر الرطب باليابس، إلا أننا نستثني العرية.

وقوله: ( يأكلونها رطباً ) فيه أنه لابد أنه يحتاج أن يتفكه بأكل الرطب، أما إذا كان يريد أن يأخذ الرطب لكي يبيع أو يهدي، أو لا يهمه أن يأكل رطباً أو يأكل يابساً، فنقول: لا يجوز، إذ لابد أن يكون بحاجة إلى أن يأكل رطباً.

وقوله: ( بخرصها تمراً )، هذا ذكرناه في الشروط: أن الرطب يخرص بما يؤول إليه إذا جف كيلاً، ويعطيه من التمر اليابس مثل هذا الكيل.

قال المصنف رحمه الله: [عن أبي هريرة رضي الله عنه ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق، أو دون خمسة أوسق )] (أو) هذه شك من الراوي، وسبق أن ذكرنا أن من شروط صحة العرية أن تكون في أقل من خمسة أوسق، وهذا رأي جمهور العلماء رحمهم الله تعالى.

الرأي الثاني: رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى: أنه يجوز في خمسة أوسق، ويستدلون على هذا برواية الشك: (أو في خمسة أوسق)، قالوا: وهذا يدل على جواز العرية في خمسة أوسق، وأيضاً حديث سهل رضي الله تعالى عنه أنه قال: (العرية ثلاثة أوسق، أو أربعة أو خمسة).

والوسق يساوي ستين صاعاً، وإذا قلنا: خمسة أوسق فإن حد العرية يساوي ثلاثمائة صاع، يعني: لك أن تشتري من الرطب بالتمر اليابس إلى ثلاثمائة صاع على رأي الإمام مالك .

وعلى رأي الجمهور أربعة أوسق، ونضرب أربعة في ستين فإنها تساوي مائتين وأربعين، والصاع الواحد بالكيلوات يساوي كيلوين وأربعين جراماً.

قال رحمه الله تعالى: [عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للبائع, إلا أن يشترط المبتاع )].

قوله: ( قد أبرت )، بمعنى: لقحت، من باع ثمراً قد أبر، بمعنى: لقح.

(فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع)، يعني: يشترط المشتري.

ولـمسلم: (ومن ابتاع عبداً فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع).

قوله: ( من باع نخلاً قد أبرت ) نأخذ من هذا الحديث أنه إذا بيع النخل، فالثمرة لمن تكون؟ نقول: هذا فيه تفصيل، إن كان البائع لقح النخل، والتلقيح أن يأخذ من طلع الفحل ويضعه في الأنثى، فإن كان البائع قد لقح النخل فالثمرة تكون له، وإن كان البائع لم يلقح فالثمرة تكون للمشتري.

ونأخذ من هذا الحديث أيضاً: أنه يجوز أن تبيع الثمرة قبل بدو صلاحها؛ لأنه حتى الآن ما بدا صلاحها إذا كان مع الأصل، يعني الذي ينهى عن بيعه قبل بدو صلاحه إذا كان مفرداً، أما إذا بعته مع الأصل فإنه يدل على أن هذا جائز ولا بأس به.

أما بالنسبة للأشجار التي لا تلقح فالعبرة فيها بالظهور، فالثمرة التي ظهرت تكون للبائع، والثمرة التي لم تظهر تكون للمشتري.

سجود السهو في صلاة الجنازة

السؤال: هل يشرع سجود السهو في صلاة الجنازة، وما الضابط في ذلك؟

الجواب: الصلاة التي يشرع فيه سجود السهو: هي كل صلاة ذات ركوع وسجود، هذا الضابط، وعلى هذا صلاة الجنازة ليس فيها ركوع ولا سجود، فلا يشرع فيها سجود السهو.

حكم تطويل الشعر

السؤال: هل تطويل الشعر من السنة؟

الجواب: تطويل الشعر من قبيل العادات.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [27] 2828 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [22] 2551 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [17] 2543 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [1] 2444 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب الصيد [1] 2355 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [3] 2236 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [28] 2210 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب الحدود [2] 2179 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب اللعان [3] 2149 استماع
شرح عمدة الأحكام - كتاب البيع [23] 2142 استماع