خطب ومحاضرات
شرح صحيح مسلم - كتاب الطب والرقى [4]
الحلقة مفرغة
قال: [حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن عاصم بن عمر بن قتادة قال: جاءنا جابر بن عبد الله في أهلنا ورجل يشتكي خراجاً].
الخراج: شيء من الورم يكون بين الجلد واللحم.
[أو به جرحاً فقال: ما تشتكي؟ قال: خراج بي قد شق عليّ. فقال: يا غلام ائتني بحجام. فقال له: ما تصنع بالحجام يا أبا عبد الله ؟ قال: أريد أن أُعلق فيه محجماً].
قوله: (أريد أن أعلق فيه محجماً)، المحجم المقصود به هنا: الآلة التي تحجم البدن وتمص الدم.
قال: [قال: والله إن الذباب ليصيبني أو يصيبني الثوب فيؤذيني ويشق عليّ، فلما رأى تبرمه من ذلك قال: إني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم)].
المحجم المقصود به هنا: الآلة التي يُشق بها الجلد، والشرط: هو الشق.
[(ففي شرطة محجم أو شربة، أو شربة من عسل، أو لذعة بنار، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: وما أحب أن أكتوي)، قال: فجاء الحجام فشرطه فذهب عنه ما يجد].
هذا الحديث فيه مسائل، من مسائله: زيارة أهل العلم والأكابر للناس؛ لأن جابر بن عبد الله كما ذكر عاصم بن عمر بن قتادة أنه جاءه في أهله، وذلك كي يستفيدوا من علمه وتوجيهه، وكما حصل من جابر رضي الله عنه.
وفي هذا أيضاً أن الشكوى جائزة، والشكوى هي الإخبار بالمرض, والشكوى تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: شكوى جائزة وهي التي لا يلحقها شكوى للمخلوق.
الأصل أن تكون الشكوى إلى الله عز وجل، لكن الشكوى للمخلوق وإخبار المخلوق بالمرض، هذا ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: شكوى جائزة، وهي التي لا يصحبها شيء من التبرم والتأفف أو كراهة قضاء الله وقدره ونحو ذلك، فهذه جائزة، والنبي صلى الله عليه وسلم اشتكى, وعائشة رضي الله تعالى عنها اشتكت فقالت عائشة : (وا رأساه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وا رأساه) إلى آخره.
والقسم الثاني: شكوى مذمومة، وهي الشكوى التي يلحقها شيء من التبرم وإظهار التكلف أو كراهة قضاء الله وقدره إلى آخره، فنقول بأن هذه شكوى مذمومة.
خلاف العلماء في حكم الحجامة
والعلماء رحمهم الله اختلفوا في الحجامة: هل هي مستحبة أو مباحة؟ على رأيين:
فالرأي الأول قالوا: بأن الحجامة مستحبة، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضلها قال: (إن كان في أدويتكم خير ففي شرطة محجم) إلى آخره، وحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وثانياً قال: لما يترتب عليها من المنافع والمصالح، ففيها إصلاح للبدن بإخراج هذا الدم الفاسد، فهي سبب لدفع كثير من الأمراض قبل وقوعها، وسبب أيضاً للشفاء من كثير من الأمراض بعد وقوعها كما في هذا الحديث، فقالوا بأنها مستحبة.
والرأي الثاني: قالوا بأنها مباحة؛ لأنها من قبيل العادات، وإذا كان كذلك فالأصل في ذلك الإباحة.
والذي يظهر -والله أعلم- أن الاستحباب أقرب؛ لما يترتب عليها من منافع وفوائد كثيرة جداً.
والحجامة كانت موجودة ومعروفة قبل الإسلام، كانت موجودة عند قدماء المصريين من الفراعنة، كذلك كانت موجودة عند الصينيين، وكذلك عند العرب في الجاهلية كانت الحجامة موجودة، وجاء الإسلام وأقرها لما يترتب عليها من منافع ومصالح كثيرة.
أفضل أوقات الحجامة
والعلماء يقولون: إن أفضلها في اليوم السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين إلى اليوم السابع والعشرين، هذه أفضل أيام الحجامة؛ لأن الدم يهيج وذلك عند إبدار القمر، وإذا كان كذلك فإن الحجامة هنا تكون أفضل.
أيضاً قالوا: بأن أفضل أوقاتها ما كان في الصباح الباكر عند شروق الشمس على الريق قبل أن يأكل شيئاً؛ لأنها إذا كانت على الريق يكون ذلك سبباً لإخراج الدم الفاسد، بخلاف ما إذا كان على الشبع فإنه يكون سبباً لإخراج الدم النقي.
مواضع الحجامة
والكاهل: هو أعلى الظهر مما يلي الرقبة، نعم. أعلى الظهر مما يلي الرقبة، وأيضاً حجم على الأخدعين، والأخدعان: عرقان في جانبي العنق، وأيضاً حجم على الورك وعلى وسط القدم، فيتحرى هذه المحاجم التي حجمها النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (والله إن الذباب ليصيبني أو يصيبني الثوب فيؤذيني)، وهذا يدل على شدة ما وقع به من ألم.
(فلما رأى تبرمه من ذلك قال: إني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم).
وفي هذا فضيلة هذه الأدوية الثلاثة شرطة المحجم، وكما سلف أن شرطة المحجم يعني في القديم وفي الحاضر حتى الآن، رجع إليه كثير من الأمم الكافرة ورجعوا إلى ما يتعلق بالحجامة، ووجد الآن في كثير من المصحات ما يتعلق بالحجامة.
(أو شربة من عسل)، في هذا أيضاً فضيلة العسل.
(أو لذعة بنار)، فيه أن الاكتواء جائز ولا بأس به، وهل التداوي بالكي جائز أو مكروه؟
للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان، وهذا الحديث يدل على الجواز، والرأي الثاني: أنه مكروه لما سبق من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وما أحب أن أكتوي)، وأيضاً يدل على الكراهة لأنه ينافي التوكل.
ففي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قال: (لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)، فالاكتواء هذا سبب لنقص التوكل على الله عز وجل، فالصواب في ذلك: أنه مكروه, وأنه سبب لنقص التوكل؛ لكن الحديث يدل على أنه جائز؛ لكنه مكروه ليس محرماً.
قال: (فشرطه فذهب عنه ما يجد)، وفي هذا أيضاً فضيلة جابر رضي الله عنه حيث بث هذه السنة وطبق أيضاً هذه السنة, وهذا من تعظيم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث احتجام أم سلمة وما يستفاد منه
في هذا أيضاً: أن الحجامة ليست خاصة بالذكور دون الإناث، بل المرأة لها أن تحتجم.
وفي هذا الحديث والحديث السابق إباحة التداوي, وتقدم أن تكلمنا عن التداوي وذكرنا أقسام التداوي إلى آخره.
وفي هذا أيضاً: استئذان المرأة زوجها عند التداوي إلى آخره.
[قال: حسبت أنه قال: كان أخاها من الرضاعة أو غلاماً لم يحتلم]، يعني: حجمها لأنه كان أخاً لها من الرضاعة؛ لأنها ستكشف شيئاً من بدنها.
في هذا أيضاً: أنه لا بأس أن المرأة تكشف شيئاً من بدنها للطبيب, وأن هذا جائز ولا بأس به، لأنه حتى ولو كان أخاها من الرضاعة قد تحتاج إلى أن تحتجم في الظهر وليس له أن يرى الظهر، فنقول: عند الحاجة هذا جائز ولا بأس به، لكن يشترط أن لا يكون هناك امرأة، فإذا لم يكن هناك امرأة فإن هذا جائز ولا بأس به.
قوله: (خراج بي قد شق عليّ قال: يا غلام! ائتني بحجام): وفي هذا دليل لمن قال بأن الحجامة مستحبة، والحجامة هي حجم الدم كيفية وكمية وإخراجه من البدن بما يناسب البدن.
والعلماء رحمهم الله اختلفوا في الحجامة: هل هي مستحبة أو مباحة؟ على رأيين:
فالرأي الأول قالوا: بأن الحجامة مستحبة، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضلها قال: (إن كان في أدويتكم خير ففي شرطة محجم) إلى آخره، وحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وثانياً قال: لما يترتب عليها من المنافع والمصالح، ففيها إصلاح للبدن بإخراج هذا الدم الفاسد، فهي سبب لدفع كثير من الأمراض قبل وقوعها، وسبب أيضاً للشفاء من كثير من الأمراض بعد وقوعها كما في هذا الحديث، فقالوا بأنها مستحبة.
والرأي الثاني: قالوا بأنها مباحة؛ لأنها من قبيل العادات، وإذا كان كذلك فالأصل في ذلك الإباحة.
والذي يظهر -والله أعلم- أن الاستحباب أقرب؛ لما يترتب عليها من منافع وفوائد كثيرة جداً.
والحجامة كانت موجودة ومعروفة قبل الإسلام، كانت موجودة عند قدماء المصريين من الفراعنة، كذلك كانت موجودة عند الصينيين، وكذلك عند العرب في الجاهلية كانت الحجامة موجودة، وجاء الإسلام وأقرها لما يترتب عليها من منافع ومصالح كثيرة.
وأفضل أوقات الحجامة عند الاحتياج إليها وعند هيجان الدم، وقد جاء في ذلك أحاديث فيها مقال، لكن أفضل شيء ما ذكر ابن القيم رحمه الله أنها من بعد النصف الأول، ثم بعد ذلك الربع الثالث.
والعلماء يقولون: إن أفضلها في اليوم السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين إلى اليوم السابع والعشرين، هذه أفضل أيام الحجامة؛ لأن الدم يهيج وذلك عند إبدار القمر، وإذا كان كذلك فإن الحجامة هنا تكون أفضل.
أيضاً قالوا: بأن أفضل أوقاتها ما كان في الصباح الباكر عند شروق الشمس على الريق قبل أن يأكل شيئاً؛ لأنها إذا كانت على الريق يكون ذلك سبباً لإخراج الدم الفاسد، بخلاف ما إذا كان على الشبع فإنه يكون سبباً لإخراج الدم النقي.
وأيضاً ينبغي لمن حجم أن يتحرى المواقع التي حجمها النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم حجم في وسط الرأس، وحجم على الكاهل، وفي الأخدعين، وفي الورك، ووسط القدم؛ هذه خمسة مواضع حجم فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
والكاهل: هو أعلى الظهر مما يلي الرقبة، نعم. أعلى الظهر مما يلي الرقبة، وأيضاً حجم على الأخدعين، والأخدعان: عرقان في جانبي العنق، وأيضاً حجم على الورك وعلى وسط القدم، فيتحرى هذه المحاجم التي حجمها النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: (والله إن الذباب ليصيبني أو يصيبني الثوب فيؤذيني)، وهذا يدل على شدة ما وقع به من ألم.
(فلما رأى تبرمه من ذلك قال: إني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم).
وفي هذا فضيلة هذه الأدوية الثلاثة شرطة المحجم، وكما سلف أن شرطة المحجم يعني في القديم وفي الحاضر حتى الآن، رجع إليه كثير من الأمم الكافرة ورجعوا إلى ما يتعلق بالحجامة، ووجد الآن في كثير من المصحات ما يتعلق بالحجامة.
(أو شربة من عسل)، في هذا أيضاً فضيلة العسل.
(أو لذعة بنار)، فيه أن الاكتواء جائز ولا بأس به، وهل التداوي بالكي جائز أو مكروه؟
للعلماء رحمهم الله في ذلك رأيان، وهذا الحديث يدل على الجواز، والرأي الثاني: أنه مكروه لما سبق من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وما أحب أن أكتوي)، وأيضاً يدل على الكراهة لأنه ينافي التوكل.
ففي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب قال: (لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)، فالاكتواء هذا سبب لنقص التوكل على الله عز وجل، فالصواب في ذلك: أنه مكروه, وأنه سبب لنقص التوكل؛ لكن الحديث يدل على أنه جائز؛ لكنه مكروه ليس محرماً.
قال: (فشرطه فذهب عنه ما يجد)، وفي هذا أيضاً فضيلة جابر رضي الله عنه حيث بث هذه السنة وطبق أيضاً هذه السنة, وهذا من تعظيم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح صحيح مسلم - كتاب الفضائل [5] | 2274 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الرؤيا [2] | 2222 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الألفاظ | 2043 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الرؤيا [1] | 2039 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الشعر | 1895 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الطب والرقى [2] | 1767 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الطب والرقى [7] | 1764 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الفضائل [4] | 1724 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الطب والرقى [10] | 1717 استماع |
شرح صحيح مسلم - كتاب الطب والرقى [3] | 1702 استماع |