خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [32]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصلٌ: الثالث: شركة الوجوه: أن يشتركا في ذمتيهما بجاهيهما فما ربحا فبينهما، وكل واحد منهما وكيل صاحبه وكفيل عنه بالثمن، والملك بينهما على ما شرطاه، والوضيعة على قدر ملكيهما، والربح على ما شرطاه.
الرابع: شركة الأبدان، أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما، فما تقبله أحدهما من عملٍ يلزمهما فعله، وتصح في الاحتشاش والاحتطاب وسائر المباحات، وإن مرض أحدهما فالكسب بينهما، وإن طالبه الصحيح أن يقيم مقامه لزمه.
الخامس: شركة المفاوضة: أن يفوض كلٌ منهما إلى صاحبه كل تصرف مالي وبدني من أنواع الشركة، والربح على ما شرطاه، والوضيعة بقدر المال، فإن أدخلا فيها كسبًا، أو غرامةً نادرين، أو ما يلزم أحدهما من ضمان غصبٍ ونحوه فسدت.
باب المساقاة: تصح على شجر له ثمرٌ يؤكل].
تقدم لنا فيما سلف شركة المضاربة، وذكرنا تعريف المضاربة في اللغة والاصطلاح، وأيضاً ما يتعلق بشروط المضاربة، وأيضاً ما يتعلق بقسمة الربح.
ضابط شركة الوجوه
هذا النوع الثالث من أنواع الشركة، وهي شركة الوجوه.
والمراد بالوجوه: الجاه، والجاه هو الشرف والقدر.
وأما في الاصطلاح: فهي أن يشتركا في ذمتيهما بجاهيهما.
وصورة شركة الوجوه هي كما عرفها المؤلف رحمه الله: أن يشتركا في ذمتيهما بجاهيهما، وذلك بأن يكون هناك شخصان فأكثر لهما قدر وشرف عند الناس، فيأخذا من الناس وليس عندهما مال يشتركان فيه، لكن يأخذا من التجار أموالاً في الذمة ويعملان بهذا المال، هذه تسمى شركة الوجوه.
وشركة الوجوه كما قال المؤلف رحمه الله: (فما ربحا فبينهما).
الربح كما في القاعدة على حسب الشرط، وأما الوضيعة فعلى قدر ملكيهما.
حكم العلماء في شركة الوجوه
في المشهور من مذهب الإمام أحمد أنها جائزة، وعند المالكية والشافعية أنها ليست جائزة، المذهب ومذهب الحنفية أنها جائزة؛ علتهم في ذلك يقولون: لأنها عبارة عن وكالة عن الشركاء الباقين في البيع والشراء، يعني: هي تتضمن الوكالة وتتضمن الكفالة، فكل من الشركاء كفيل عن الآخر بالثمن، ووكيل عن الآخر بالتصرف، هما الآن أخذا في ذمتيهما أموالاً يعملان بهذا المال، الشركاء اثنان أو ثلاثة، كل واحد من الشركاء كفيل للشريك الآخر، بمعنى: أن صاحب المال يطالب هذا الشريك أصالة عن نفسه.
وأيضاً كفالة عن شركائه، فهو كافل لشركائه، والكفالة جائزة، وأيضاً هي وكالة، فإن الشريك يتصرف بهذا المال بالنسبة لنفسه أصالة، وبالنسبة لنصيب شركائه هو وكيل عنهم يتصرف عنهم.
والرأي الثاني: رأي المالكية والشافعية، قالوا: ليست جائزة؛ لأن الشركة تقوم على المال والعمل، وكلاهما معدوم، ولكن هذا غير صحيح، فالمال موجود، وكذلك أيضاً العمل موجود.
تكييف تصرف الشريكين في شركة الوجوه
أي: في التصرف هو وكيل عنه، يعني: يتصرف في هذا المال بالنسبة لماله أصالةً، وبالنسبة لمال شريكه وكالة.
قال: (وكفيل عنه بالثمن).
يعني: أن صاحب المال الذي أقرض هؤلاء يطالب هذا الشريك أصالةً عن نفسه، وأيضاً يطالبه كفالةً عن شركائه، فهو كفيلٌ لشركائه، فهي تجمع بين الوكالة فيما يتعلق بالتصرف، وبين الكفالة فيما يتعلق بضمان المال، فصاحب المال يملك مطالبة كلٍ من الشركاء بجميع المال.
ضابط الملكية والخسارة في شركة الوجوه
يعني: هذان الرجلان اللذان لهما قدر وشرف عند الناس، إذا أخذا أموالاً في ذمتيهما يعملان فيهما على حسب الشرط، قال أحدهما: لي النصف ولك النصف، أو لي ثلاثة أرباع المال ولك الربع، فالملك على حسب الشرط، والوضيعة هي الخسارة على حسب قدر المال.
فلو خسرت، وأحدهما له ثلاثة أرباع، والآخر له ربع فعلى حسب قدر المال، والربح على ما شرطاه -كما سلف- لأن المسلمون على شروطهم؛ ولأن أحدهما قد يكون أخبر بالعمل والتجارة فيشترط أكثر، فنقول: هذا صحيح.
أو قد يكون أحدهما أكثر مالاً فيشترط أكثر ربحًا، فنقول: هذا صحيح أيضاً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فصلٌ: الثالث: شركة الوجوه: أن يشتركا في ذمتيهما بجاهيهما فما ربحا فبينهما).
هذا النوع الثالث من أنواع الشركة، وهي شركة الوجوه.
والمراد بالوجوه: الجاه، والجاه هو الشرف والقدر.
وأما في الاصطلاح: فهي أن يشتركا في ذمتيهما بجاهيهما.
وصورة شركة الوجوه هي كما عرفها المؤلف رحمه الله: أن يشتركا في ذمتيهما بجاهيهما، وذلك بأن يكون هناك شخصان فأكثر لهما قدر وشرف عند الناس، فيأخذا من الناس وليس عندهما مال يشتركان فيه، لكن يأخذا من التجار أموالاً في الذمة ويعملان بهذا المال، هذه تسمى شركة الوجوه.
وشركة الوجوه كما قال المؤلف رحمه الله: (فما ربحا فبينهما).
الربح كما في القاعدة على حسب الشرط، وأما الوضيعة فعلى قدر ملكيهما.
وشركة الوجوه هل هي جائزة أو ليست جائزة؟
في المشهور من مذهب الإمام أحمد أنها جائزة، وعند المالكية والشافعية أنها ليست جائزة، المذهب ومذهب الحنفية أنها جائزة؛ علتهم في ذلك يقولون: لأنها عبارة عن وكالة عن الشركاء الباقين في البيع والشراء، يعني: هي تتضمن الوكالة وتتضمن الكفالة، فكل من الشركاء كفيل عن الآخر بالثمن، ووكيل عن الآخر بالتصرف، هما الآن أخذا في ذمتيهما أموالاً يعملان بهذا المال، الشركاء اثنان أو ثلاثة، كل واحد من الشركاء كفيل للشريك الآخر، بمعنى: أن صاحب المال يطالب هذا الشريك أصالة عن نفسه.
وأيضاً كفالة عن شركائه، فهو كافل لشركائه، والكفالة جائزة، وأيضاً هي وكالة، فإن الشريك يتصرف بهذا المال بالنسبة لنفسه أصالة، وبالنسبة لنصيب شركائه هو وكيل عنهم يتصرف عنهم.
والرأي الثاني: رأي المالكية والشافعية، قالوا: ليست جائزة؛ لأن الشركة تقوم على المال والعمل، وكلاهما معدوم، ولكن هذا غير صحيح، فالمال موجود، وكذلك أيضاً العمل موجود.
قال المؤلف رحمه الله: (وكل واحد منهما وكيل صاحبه).
أي: في التصرف هو وكيل عنه، يعني: يتصرف في هذا المال بالنسبة لماله أصالةً، وبالنسبة لمال شريكه وكالة.
قال: (وكفيل عنه بالثمن).
يعني: أن صاحب المال الذي أقرض هؤلاء يطالب هذا الشريك أصالةً عن نفسه، وأيضاً يطالبه كفالةً عن شركائه، فهو كفيلٌ لشركائه، فهي تجمع بين الوكالة فيما يتعلق بالتصرف، وبين الكفالة فيما يتعلق بضمان المال، فصاحب المال يملك مطالبة كلٍ من الشركاء بجميع المال.
قال المؤلف رحمه الله: (والملك بينهما على ما شرطاه، والوضيعة على قدر ملكيهما).
يعني: هذان الرجلان اللذان لهما قدر وشرف عند الناس، إذا أخذا أموالاً في ذمتيهما يعملان فيهما على حسب الشرط، قال أحدهما: لي النصف ولك النصف، أو لي ثلاثة أرباع المال ولك الربع، فالملك على حسب الشرط، والوضيعة هي الخسارة على حسب قدر المال.
فلو خسرت، وأحدهما له ثلاثة أرباع، والآخر له ربع فعلى حسب قدر المال، والربح على ما شرطاه -كما سلف- لأن المسلمون على شروطهم؛ ولأن أحدهما قد يكون أخبر بالعمل والتجارة فيشترط أكثر، فنقول: هذا صحيح.
أو قد يكون أحدهما أكثر مالاً فيشترط أكثر ربحًا، فنقول: هذا صحيح أيضاً.
قال رحمه الله: (الرابع: شركة الأبدان: أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما، فما تقبله أحدهما من عملٍ يلزمهما فعله).
هذا النوع الرابع من أنواع الشركة وهي شركة الأبدان، وشركة الأبدان نوعان:
النوع الأول: الاشتراك في العمل. النوع الثاني: الاشتراك في الكسب.
أو نقول: النوع الأول: الاشتراك من قِبل أصحاب الحِرف والمهن.
والنوع الثاني: الاشتراك في الكسب.
اشتراك أصحاب الحرف والمهن
وهل يُشترط اتحاد الصناعة، أو نقول بأن هذا ليس شرطاً؟ للعلماء رأيان:
الرأي الأول: أنه يُشترط الاتحاد في الصناعة، فلا يصح أن يشترك الحدادون والبناءون، وهذا قال به المالكية رحمهم الله.
والرأي الثاني: وهو المشهور من المذهب، أنه لا يُشترط اتحاد الصناعة، فمثلاً: لو اشترك بناءٌ وكهربائي، أو سباك أو مهندس وطبيب، اشتركا أن يعملا وما يكتسبان فهو بينهما، نقول: هذا صحيح، وهذا هو الصواب؛ لأن الأصل في الشركات الحِل.
هذا النوع الأول من نوعي شركة الأبدان، وهي الاشتراك في الحِرف والمهن، وهذا باب واسع، وجواز مثل هذا من محاسن الشريعة؛ لأن هذا الشخص قد يجد عملاً والآخر قد لا يجد، قد يجد البناء عملاً لكن السباك ما وجد شيئاً اليوم، فما اكتسب أو اكتسب أحدهما فإنه يكون بينهما على حسب الشرط، وفي هذا من التعاون ما هو ظاهر.
الاشتراك في الكسب من المباحات
والرأي الثاني: رأي الشافعية والحنفية أن هذه غير جائزة.
والصواب في هذه المسألة: أن هذا جائز لا بأس به، لأن الأصل في الشركات الحِل، وهذا فيه من التعاون على الخير وعلى البر والتقوى ما هو ظاهر، ولا شك أنهما إذا خرجا للصيد جميعاً قد يُحصِّل أحدهما ولا يُحصِّل الآخر، فيشتركان فيه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فما تقبله أحدهما من عملٍ يلزمهما فعله). لأن شركة الأبدان لا تنعقد إلا على ذلك.
فمثلاً: إذا فتحا ورشةً لإصلاح السيارات، أو لإصلاح الآلات الكهربائية، فما تقبله أحدهما، يعني عقده أحدهما مع من يريد إصلاح هذه الآلة أو هذه المركبة فإنه يلزم جميع الشركاء؛ لأن كل واحد من الشركاء وكيل عن الآخر، فهو يتصرف بالنسبة لنفسه أصالةً، وأما بالنسبة لشريكه فعلى سبيل الوكالة، فهي كما تقدم تجمع الوكالة والكفالة، كل منهما وكيل بالنسبة للتصرف، وأيضاً كفيل بالنسبة للضمان.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وتصح في الاحتشاش والاحتطاب وسائر المباحات).
وهذا هو النوع الثاني من نوعي الشركة في اكتساب المباحات، وذكرنا كلام أهل العلم رحمهم الله تعالى فيها.
مآل الكسب إذا حصل مرض أو عذر لأحد الشريكين
إذا مرض أحدهما أو حصل له عذر في ترك العمل ثم حصل كسب فالكسب بينهما، فإذا ترك أحدهما العمل في شركة الأبدان فهذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يترك العمل لعذر، فإذا ترك العمل لعذر ثم حصل كسب فإن الكسب بينهما، لكن لغير المعذور أن يطالب المعذور أن يقيم مقامه من يعمل، إذا كان لا يتمكن من العمل بسبب مرض أو غير ذلك فله أن يطالبه، أو أنه يستقل بالربح هذا إذا كان معذورًا.
الأمر الثاني: أن يكون ترك العمل لغير عذر، فأيضاً المشهور من المذهب: أن الربح والكسب بينهما.
والذي يظهر والله أعلم: أنه إذا تعمد ترك العمل لا يستحق الربح إلا برضا الآخر، اللهم إلا إذا كان شيئًا يسيرًا، لكن كونه يتعمد ترك العمل فيظهر والله أعلم أنه لا يستحق.
ومن ذلك أيضاً لو اشتركا، أحدهما منه السيارة، والآخر منه العمل، يعني: يعطيه السيارة لكي يُحمل عليها، أو لكي يؤجر عليها وما كسب فهو بينهما، هذا له النصف وهذا له النصف، أو هذا له الربع وهذا له ثلاثة أرباع، فهذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2818 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2731 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2677 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2644 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2639 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2558 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2554 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2528 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2521 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2498 استماع |