خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1546"> الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1546?sub=65710"> شرح زاد المستقنع
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [21]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله: [ ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب إلا بإذنه أو عذر، ومن صلى ثم أقيم فرض سن أن يعيدها إلا المغرب، ولا تكره إعادة جماعة في غير مسجدي مكة والمدينة، وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، فإن كانت في نافلة أتمها, إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها، ومن كبر قبل سلام إمامه لحق الجماعة، وإن لحقه راكعاً دخل معه في الركعة، وأجزأته التحريمة، ولا قراءة على مأموم, ويستحب في إسرار إمامه وسكوته، وإذا لم يسمعه لبعد لا لطرش، ويستفتح ويتعوذ فيما يجهر فيه إمامه، ومن ركع أو سجد قبل إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده، فإن لم يفعل عمداً بطلت، وإن ركع ورفع قبل ركوع إمامه عالماً عمداً بطلت وإن كان جاهلاً أو ناسياً بطلت الركعة فقط، وإن ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه بطلت ].
تقدم لنا ما يتعلق بصلاة الجماعة، وذكرنا أن صلاة الجماعة واجبة، وأن هذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله وأحمد ، وأن مذهب مالك أنها سنة، وعند الشافعية أنها فرض كفاية.
وتكلمنا أيضاً هل هي شرط أو ليست شرطاً؟ وذكرنا أن الصواب أنها ليست شرطاً. وذكرنا قاعدة أنه يفرق بين الواجب في الصلاة والواجب للصلاة، وأن الواجب للصلاة تركه لا يبطل الصلاة، وأما الواجب في الصلاة فتركه عمداً يبطل الصلاة.
وأيضاً ذكر المؤلف رحمه الله مسألة أخرى, وهي: هل له أن يفعلها في بيته, أو ليس له أن يفعلها في بيته؟ وذكرنا أن الصواب في هذه المسألة: أنه يجب أن تفعل الجماعة في المساجد. ويدل لذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، ولو كانت تجزئ في البيت لاحتمل النبي أن يؤديها هؤلاء المتخلفون في بيوتهم.
وذكرنا أيضاً أثر علي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ).
وأيضاً حديث أبي موسى وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ).
ثم بعد ذلك تكلم المؤلف رحمه الله على مسألة أخرى, وهي: أي المساجد أفضل لتأدية الصلاة؟ وتكلمنا على هذه المسألة، وذكرنا مراتب المساجد.
التقدم على الإمام الراتب في الصلاة بالناس
يقول المؤلف رحمه الله: (يحرم أن يؤم) أي: أن يتقدم إماماً في مسجد قبل إمامه الراتب، والإمام الراتب هو: من رتبه ولي الأمر أو رتبه جماعة المسجد، فإذا رتبه ولي الأمر فهو يقوم مقام ولي الأمر، أو وزارة الأوقاف أو رتبه جماعة المسجد, ولنفرض أن هذا المسجد ليس تابعاً للأوقاف ونحوها، فرتبته جماعة المسجد إماماً فإنه يحرم أن يتقدم أحد أمامه في إمامة الناس.
ويدل لذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه, ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه )، وإمام المسجد سلطان في مسجده.
وقول المؤلف رحمه الله: (قبل إمامه الراتب) يفهم منه أنه إذا لم يكن هناك إمام راتب لهذا المسجد فلا بأس أن يتقدم لإمامة الناس، لكن إذا كان له إمام راتب فليس له أن يتقدم على الناس.
واستثنى المؤلف رحمه الله قال: (إلا بإذنه أو عذر)، هاتان مسألتان يجوز فيهما التقدم على الإمام الراتب.
المسألة الأولى: الإذن، فإذا أذن فلا بأس، ويدل لذلك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض أذن أن يصلي بالناس
المسألة الثانية: العذر، يعني: إذا حصل له عذر يمنعه من المجيء فلا بأس أن يتقدم أحد على الإمام الراتب، ويدل لذلك: فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم فقدموا عبد الرحمن بن عوف , فصلى بهم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد فاته ركعة من الصلاة.
بقي مسألة أخرى، وهي: ذكر المؤلف رحمه الله الحكم التكليفي، وأنه يحرم أن يؤم أحد قبل الإمام الراتب، لكن بقي علينا الحكم الوضعي، ما حكم الصلاة إذا أم قبل الإمام الراتب؟ هل هذه الصلاة باطلة, أو نقول: بأنها ليست باطلة؟
المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه إذا أَم في مسجد قبل إمامه الراتب فإن الصلاة باطلة.
والرأي الثاني: أنها صحيحة مع الكراهة، وهذا ذهب إليه بعض الحنابلة كـابن حمدان رحمه الله.
وهذا القول هو الصواب؛ لأن النهي هنا لا يعود إلى ذات المنهي عنه، وإنما يعود إلى أمر خارج, وهو الافتئات على الإمام، وعليه فنقول: بأن الصلاة صحيحة؛ لأنها استكملت شروطها وأركانها... إلى آخره، والنهي إنما هو لأمر خارج.
إعادة الصلاة مع الجماعة
يعني: إذا صلى الإنسان ثم جاء المسجد وأقيم الفرض وهو في المسجد، أو جاء المسجد والناس يصلون, هاتان صورتان: إما أن الصلاة تقام وهو في المسجد, أو أن الصلاة تقام وهو خارج المسجد، ثم بعد ذلك يأتي إلى المسجد لحاجة، كأن جاء إلى المسجد لحضور درس، أو لزيارة شخص، أو لصلاة على جنازة ونحو ذلك، فنقول: يشرع له أن يصلي مع الناس.
ويدل لذلك: ما سبق من حديث يزيد بن الأسود , وأبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت وأنت في المسجد فصل، ولا تقل: إني صليت فلا أصلي )، رواه مسلم في صحيحه.
فنقول: يصلي في هاتين الصورتين.
وإعادة الجماعة هنا من ذوات الأسباب، فسواء أقيمت وهو في المسجد في وقت النهي، أو أقيمت وهو خارج المسجد في وقت النهي ثم جاء إلى المسجد لحاجة فنقول: يشرع له أن يعيد في هاتين الصورتين سواء كان الوقت وقت نهي أو كان الوقت ليس وقت نهي، وذكرنا الدليل على ذلك، وذكرنا أن الحنابلة يفصلون. سبق أن تكلمنا على هذه المسألة فيما يتعلق بإعادة الجماعة.
وكونه لا يعيد مع الجماعة هذا أقل أحواله الكراهة؛ لأن هذا يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر وقال: ( إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة )، هذا أمر.
وأيضاً كون الإنسان ينفرد والناس يصلون هذا فيه مخالفة وشذوذ والمراد من الجماعة الاجتماع والانضمام، فنقول: أقل أحواله أن يكون مكروهاً.
واستثنى المؤلف رحمه الله قال: (إلا المغرب) فلا يسن له أن يعيدها، وعلى هذا إذا جاء ثم أقيمت صلاة المغرب فلا يسن أن يعيده, بل يجلس، قالوا: لأن المغرب وتر النهار, وليس هناك وتران، وإنما هو وتر واحد، فالمغرب وتر النهار.
والصواب في هذه المسألة: أنه لا فرق بين المغرب وغيرها، فيجوز أن تعيد المغرب، وتعيد غير المغرب.
ويدل لذلك: عموم الأدلة, كما في حديث يزيد , وحديث أبي ذر .. إلى آخره.
وإذا أعاد المغرب مع الناس فهل يشفعها بركعة؛ لأن المغرب هي الوتر, فلا يوتر مرة أخرى، أو يقتصر على ركعتين, أو أنه يصلي ثلاثاً؟
هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، والصواب في هذه المسألة: أنه يصلي ثلاث ركعات كصلاة الإمام تماماً، وأما كونه أتى بوتر فهذا الوتر لم يأت به قصداً, وإنما جاء تبعاً، والقاعدة: أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فنقول: تعيد المغرب كهيئة المغرب ثلاث ركعات, وتسلم مع الإمام.
تكرر الجماعة في المسجد الواحد
المراد بإعادة الجماعة في هذه الصورة تختلف عن إعادة الجماعة في الصورة السابقة التي هي: أن يصلي المسلم ثم يأتي المسجد لحاجة فيجدهم يصلون فيعيد معهم الجماعة، وعلى كلام المؤلف رحمه الله لا بأس به، إلا أنهم يستثنون المغرب، ولهم تفصيل كما تقدم.
أما الصورة التي تكلم عليها المؤلف رحمه الله هنا وقال: (ولا تكره إعادة الجماعة), فهي أن تصلي جماعة، ثم تأتي جماعة أخرى لم تصل، هل يصلون أو لا يصلون؟ ولنفرض أننا صلينا وانتهينا من الصلاة ثم جاءت جماعة أخرى، يعني دخل اثنان .. ثلاثة لم يصلوا، هل يصلون في المسجد, أو نقول: انصرفوا ولا تصلوا في المسجد؟ إذا صلوا في المسجد هذا ما يسمى بإعادة الجماعة، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ هل يكره أو لا يكره.
نقول: إعادة الجماعة في هذه الصورة له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون أمراً راتباً، يعني: دائماً يصلي الإمام أو تصلي جماعة، ثم تأتي جماعة أخرى فتصلي، وهذا لاشك أنه مكروه، يعني: أن يكون هذا على سبيل الدوام، وأن يكون أمراً راتباً، وقد شاهدنا في بعض البلاد التي يحصل فيها التفرق والاختلاف يأتي ما يسمى بالسلفيين فيصلون، ثم يأتي ما يسمى بالإخوانيين فيصلون، فيكون هناك جماعتان في المسجد, هذا أقل أحواله إن لم نقل بأنه محرم فإنه مكروه، وكان في المسجد الحرام قبل الملك عبد العزيز أربعة مقامات: مقام للمذهب الحنفي, ومقام للمذهب المالكي, ومقام للمذهب الشافعي، ومقام للمذهب الحنبلي، الحنابلة يصلي بهم إمام الحنابلة، والحنفية يصلي بهم إمام الحنفية، وهكذا، وتجد أن الحنفية يؤخرون صلاة الفجر، والحنابلة يغلسون ويتقدمون... إلى آخره، وهذا لاشك أن أقل أحواله الكراهة إن لم نقل بأنه بدعة؛ لأن هذا ليس هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو ينافي الحكمة التي من أجلها شرعت الجماعة، فالجماعة شرعت للاجتماع والتآلف والتواد والتوحد, وما شرعت للتفرق، ولهذا كان من حسنات الملك عبد العزيز رحمه الله أنه ألغى هذه المقامات، وجمع الناس على إمام راتب واحد، هذه الصورة الأولى, إعادة الجماعة على إمام راتب دائم.
الحالة الثانية: أن يكون المسجد متخذاً لإعادة وتكرر الجماعات فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، مثل مساجد الطرق، فهي هيئت هكذا، ومساجد الأسواق هيئت هكذا، تأتي جماعة وتصلي، ويأتي الناس المسافرون فيصلون ثم يذهبون، ثم تأتي جماعة أخرى ويصلون ويذهبون, إلى آخره، فهذا جائز, ولا بأس به.
الحالة الثالثة: ماعدا هذين القسمين, وهي مساجد الأحياء، فإذا صلينا في هذا المسجد، ثم جاءت جماعة يريدون أن يصلوا فهل يكره أو لا يكره؟
يقول المؤلف رحمه الله: لا يكره، إلا أنهم يستثنون الحرم المكي والحرم المدني، فإذا دخلت الحرم المكي وقد صلى الإمام الراتب، فإذا دخلت ومعك أناس فإنه يكره أن تصلي جماعة، بل تصلي منفرداً, ولا تصلي جماعة.
ودليلهم على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل ). وهذا تقدم في السنن, وصححه ابن حبان رحمه الله.
والرأي الثاني ذهب إليه أكثر أهل العلم: أنه يكره، حتى في مساجد الأحياء تكره إعادة الجماعة، واستدلوا بحديث ضعيف عن أبي بكرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلوا، فذهب إلى منزله وجمع أهله وصلى بهم )، رواه الطبراني , وفي إسناده شيء.
وكذلك أيضاً قالوا بأنه وارد عن ابن مسعود , فإن ابن مسعود جاء والناس قد صلوا, فرجع وصلى بـالأسود وعلقمة .
والصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله من أنه لا يكره أن تعاد الجماعة في مثل هذه المساجد.
إلا أن المؤلف رحمه الله استثنى مسجدي مكة والمدينة، والعلة في ذلك قالوا: مسجد مكة والمدينة لهما مزية شرعية، ولهما شرف، فكوننا نقول: لا تكره إعادة الجماعة في مسجدي مكة والمدينة، هذا القول يحمل الناس على الكسل والتواني في حضور جماعة الإمام الراتب، وفضل الجماعة سبع وعشرون درجة، وهذا معلق بجماعة الإمام الراتب.
والصواب أن الحديث: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل )، عام يشمل جميع المساجد، فالصحيح: أنه لا تكره حتى في مسجدي مكة والمدينة.
ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويحرم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب, إلا بإذنه أو عذر).
يقول المؤلف رحمه الله: (يحرم أن يؤم) أي: أن يتقدم إماماً في مسجد قبل إمامه الراتب، والإمام الراتب هو: من رتبه ولي الأمر أو رتبه جماعة المسجد، فإذا رتبه ولي الأمر فهو يقوم مقام ولي الأمر، أو وزارة الأوقاف أو رتبه جماعة المسجد, ولنفرض أن هذا المسجد ليس تابعاً للأوقاف ونحوها، فرتبته جماعة المسجد إماماً فإنه يحرم أن يتقدم أحد أمامه في إمامة الناس.
ويدل لذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه, ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه )، وإمام المسجد سلطان في مسجده.
وقول المؤلف رحمه الله: (قبل إمامه الراتب) يفهم منه أنه إذا لم يكن هناك إمام راتب لهذا المسجد فلا بأس أن يتقدم لإمامة الناس، لكن إذا كان له إمام راتب فليس له أن يتقدم على الناس.
واستثنى المؤلف رحمه الله قال: (إلا بإذنه أو عذر)، هاتان مسألتان يجوز فيهما التقدم على الإمام الراتب.
المسألة الأولى: الإذن، فإذا أذن فلا بأس، ويدل لذلك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مرض أذن أن يصلي بالناس
المسألة الثانية: العذر، يعني: إذا حصل له عذر يمنعه من المجيء فلا بأس أن يتقدم أحد على الإمام الراتب، ويدل لذلك: فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم فقدموا عبد الرحمن بن عوف , فصلى بهم، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد فاته ركعة من الصلاة.
بقي مسألة أخرى، وهي: ذكر المؤلف رحمه الله الحكم التكليفي، وأنه يحرم أن يؤم أحد قبل الإمام الراتب، لكن بقي علينا الحكم الوضعي، ما حكم الصلاة إذا أم قبل الإمام الراتب؟ هل هذه الصلاة باطلة, أو نقول: بأنها ليست باطلة؟
المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى أنه إذا أَم في مسجد قبل إمامه الراتب فإن الصلاة باطلة.
والرأي الثاني: أنها صحيحة مع الكراهة، وهذا ذهب إليه بعض الحنابلة كـابن حمدان رحمه الله.
وهذا القول هو الصواب؛ لأن النهي هنا لا يعود إلى ذات المنهي عنه، وإنما يعود إلى أمر خارج, وهو الافتئات على الإمام، وعليه فنقول: بأن الصلاة صحيحة؛ لأنها استكملت شروطها وأركانها... إلى آخره، والنهي إنما هو لأمر خارج.
قال: (ومن صلى ثم أقيم فرض سن أن يعيدها ).
يعني: إذا صلى الإنسان ثم جاء المسجد وأقيم الفرض وهو في المسجد، أو جاء المسجد والناس يصلون, هاتان صورتان: إما أن الصلاة تقام وهو في المسجد, أو أن الصلاة تقام وهو خارج المسجد، ثم بعد ذلك يأتي إلى المسجد لحاجة، كأن جاء إلى المسجد لحضور درس، أو لزيارة شخص، أو لصلاة على جنازة ونحو ذلك، فنقول: يشرع له أن يصلي مع الناس.
ويدل لذلك: ما سبق من حديث يزيد بن الأسود , وأبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت وأنت في المسجد فصل، ولا تقل: إني صليت فلا أصلي )، رواه مسلم في صحيحه.
فنقول: يصلي في هاتين الصورتين.
وإعادة الجماعة هنا من ذوات الأسباب، فسواء أقيمت وهو في المسجد في وقت النهي، أو أقيمت وهو خارج المسجد في وقت النهي ثم جاء إلى المسجد لحاجة فنقول: يشرع له أن يعيد في هاتين الصورتين سواء كان الوقت وقت نهي أو كان الوقت ليس وقت نهي، وذكرنا الدليل على ذلك، وذكرنا أن الحنابلة يفصلون. سبق أن تكلمنا على هذه المسألة فيما يتعلق بإعادة الجماعة.
وكونه لا يعيد مع الجماعة هذا أقل أحواله الكراهة؛ لأن هذا يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر وقال: ( إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة )، هذا أمر.
وأيضاً كون الإنسان ينفرد والناس يصلون هذا فيه مخالفة وشذوذ والمراد من الجماعة الاجتماع والانضمام، فنقول: أقل أحواله أن يكون مكروهاً.
واستثنى المؤلف رحمه الله قال: (إلا المغرب) فلا يسن له أن يعيدها، وعلى هذا إذا جاء ثم أقيمت صلاة المغرب فلا يسن أن يعيده, بل يجلس، قالوا: لأن المغرب وتر النهار, وليس هناك وتران، وإنما هو وتر واحد، فالمغرب وتر النهار.
والصواب في هذه المسألة: أنه لا فرق بين المغرب وغيرها، فيجوز أن تعيد المغرب، وتعيد غير المغرب.
ويدل لذلك: عموم الأدلة, كما في حديث يزيد , وحديث أبي ذر .. إلى آخره.
وإذا أعاد المغرب مع الناس فهل يشفعها بركعة؛ لأن المغرب هي الوتر, فلا يوتر مرة أخرى، أو يقتصر على ركعتين, أو أنه يصلي ثلاثاً؟
هذا موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى، والصواب في هذه المسألة: أنه يصلي ثلاث ركعات كصلاة الإمام تماماً، وأما كونه أتى بوتر فهذا الوتر لم يأت به قصداً, وإنما جاء تبعاً، والقاعدة: أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فنقول: تعيد المغرب كهيئة المغرب ثلاث ركعات, وتسلم مع الإمام.
قال المؤلف رحمه الله: (ولا تكره إعادة جماعة في غير مسجدي مكة والمدينة).
المراد بإعادة الجماعة في هذه الصورة تختلف عن إعادة الجماعة في الصورة السابقة التي هي: أن يصلي المسلم ثم يأتي المسجد لحاجة فيجدهم يصلون فيعيد معهم الجماعة، وعلى كلام المؤلف رحمه الله لا بأس به، إلا أنهم يستثنون المغرب، ولهم تفصيل كما تقدم.
أما الصورة التي تكلم عليها المؤلف رحمه الله هنا وقال: (ولا تكره إعادة الجماعة), فهي أن تصلي جماعة، ثم تأتي جماعة أخرى لم تصل، هل يصلون أو لا يصلون؟ ولنفرض أننا صلينا وانتهينا من الصلاة ثم جاءت جماعة أخرى، يعني دخل اثنان .. ثلاثة لم يصلوا، هل يصلون في المسجد, أو نقول: انصرفوا ولا تصلوا في المسجد؟ إذا صلوا في المسجد هذا ما يسمى بإعادة الجماعة، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ هل يكره أو لا يكره.
نقول: إعادة الجماعة في هذه الصورة له ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون أمراً راتباً، يعني: دائماً يصلي الإمام أو تصلي جماعة، ثم تأتي جماعة أخرى فتصلي، وهذا لاشك أنه مكروه، يعني: أن يكون هذا على سبيل الدوام، وأن يكون أمراً راتباً، وقد شاهدنا في بعض البلاد التي يحصل فيها التفرق والاختلاف يأتي ما يسمى بالسلفيين فيصلون، ثم يأتي ما يسمى بالإخوانيين فيصلون، فيكون هناك جماعتان في المسجد, هذا أقل أحواله إن لم نقل بأنه محرم فإنه مكروه، وكان في المسجد الحرام قبل الملك عبد العزيز أربعة مقامات: مقام للمذهب الحنفي, ومقام للمذهب المالكي, ومقام للمذهب الشافعي، ومقام للمذهب الحنبلي، الحنابلة يصلي بهم إمام الحنابلة، والحنفية يصلي بهم إمام الحنفية، وهكذا، وتجد أن الحنفية يؤخرون صلاة الفجر، والحنابلة يغلسون ويتقدمون... إلى آخره، وهذا لاشك أن أقل أحواله الكراهة إن لم نقل بأنه بدعة؛ لأن هذا ليس هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو ينافي الحكمة التي من أجلها شرعت الجماعة، فالجماعة شرعت للاجتماع والتآلف والتواد والتوحد, وما شرعت للتفرق، ولهذا كان من حسنات الملك عبد العزيز رحمه الله أنه ألغى هذه المقامات، وجمع الناس على إمام راتب واحد، هذه الصورة الأولى, إعادة الجماعة على إمام راتب دائم.
الحالة الثانية: أن يكون المسجد متخذاً لإعادة وتكرر الجماعات فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، مثل مساجد الطرق، فهي هيئت هكذا، ومساجد الأسواق هيئت هكذا، تأتي جماعة وتصلي، ويأتي الناس المسافرون فيصلون ثم يذهبون، ثم تأتي جماعة أخرى ويصلون ويذهبون, إلى آخره، فهذا جائز, ولا بأس به.
الحالة الثالثة: ماعدا هذين القسمين, وهي مساجد الأحياء، فإذا صلينا في هذا المسجد، ثم جاءت جماعة يريدون أن يصلوا فهل يكره أو لا يكره؟
يقول المؤلف رحمه الله: لا يكره، إلا أنهم يستثنون الحرم المكي والحرم المدني، فإذا دخلت الحرم المكي وقد صلى الإمام الراتب، فإذا دخلت ومعك أناس فإنه يكره أن تصلي جماعة، بل تصلي منفرداً, ولا تصلي جماعة.
ودليلهم على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله عز وجل ). وهذا تقدم في السنن, وصححه ابن حبان رحمه الله.
والرأي الثاني ذهب إليه أكثر أهل العلم: أنه يكره، حتى في مساجد الأحياء تكره إعادة الجماعة، واستدلوا بحديث ضعيف عن أبي بكرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل من نواحي المدينة يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلوا، فذهب إلى منزله وجمع أهله وصلى بهم )، رواه الطبراني , وفي إسناده شيء.
وكذلك أيضاً قالوا بأنه وارد عن ابن مسعود , فإن ابن مسعود جاء والناس قد صلوا, فرجع وصلى بـالأسود وعلقمة .
والصواب في هذه المسألة: ما ذهب إليه الحنابلة رحمهم الله من أنه لا يكره أن تعاد الجماعة في مثل هذه المساجد.
إلا أن المؤلف رحمه الله استثنى مسجدي مكة والمدينة، والعلة في ذلك قالوا: مسجد مكة والمدينة لهما مزية شرعية، ولهما شرف، فكوننا نقول: لا تكره إعادة الجماعة في مسجدي مكة والمدينة، هذا القول يحمل الناس على الكسل والتواني في حضور جماعة الإمام الراتب، وفضل الجماعة سبع وعشرون درجة، وهذا معلق بجماعة الإمام الراتب.
والصواب أن الحديث: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل )، عام يشمل جميع المساجد، فالصحيح: أنه لا تكره حتى في مسجدي مكة والمدينة.
قال: (وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة).
هذا الكلام من المؤلف نص حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وجميل كون الإنسان إذا كتب أو ألف أن يتحرى الألفاظ الشرعية التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو الأسلم؛ لأنه يبحث في الألفاظ الشرعية، فكونه يتحرى الألفاظ التي جاءت على لسان الشارع أسلم وأبلغ في حصول المقصود، ولأن ألفاظ الشارع تحمل من المعاني والمصالح والحِكم والأسرار ما لا يحملها ألفاظ البشر.
هذا الحديث: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه مسلم في صحيحه.
وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة حتى ركعتي الفجر، وهذا ما عليه جماهير العلماء, خلافاً للحنفية فهم يستثنون سنة الفجر، فيقولون: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا سنة الفجر، فيصلي سنة الفجر حتى بعد إقامة الصلاة مادام أنه سيدرك التشهد الأخير مع الإمام، ولهذا تشاهد الذين هم على مذهب أبي حنيفة يأتون والناس يصلون فتجد أحدهم يصلي ركعتي الفجر، ودليلهم على ذلك: ما في الاستثناء الوارد في البيهقي: ( إلا ركعتي الفجر )، وهذا الاستثناء ليس ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالصواب: عموم الحديث.
قال: (فإن كان في نافلة أتمها, إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها) إذا أقيمت الصلاة وهو في نافلة فإنه يتم هذه النافلة خفيفة إلا أن يخشى فوات الجماعة فيقطعها تقديماً للفرض على المستحب، وسيأتينا إن شاء الله بما تدرك الجماعة، وبما لا تدرك الجماعة.
والرأي الثاني في هذه المسألة قول الإمام مالك رحمه الله: أنه إن صلى ركعة فإنه يصلي الركعة الثانية خفيفة، وإن أقيمت وهو لم يصل ركعة فإنه يقطعها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة ، وإن لم يصل ركعة فليقطع الصلاة؛ لما تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ).
وهذا القول هو الصواب.