خطب ومحاضرات
حقوق الطريق وآدابه
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
اتقوا الله ربكم وأطيعوه، وراقبوه ولا تعصوه، فاتقوه جل وعلا حق التقوى، فليس بغير التقوى حبل يقوى، ولا أمل يبقى، نحمد الله عز وجل على ما منّ به علينا بالأمس من إنزال المطر، ومنح البركات، فنسأله سبحانه أن يجعله صيباً نافعاً.
عباد الله! إن الإسلام دين كامل وشرع شامل، إن الإسلام دين يبني أمةً ذات رسالة لتبقى قائدةً رائدة، وإن ديناً هذا شأنه لا يدع مجالاً في السلوك العام أو السلوك الخاص إلا وجاء فيه بأمر السداد، ومن هنا فلا عجب أن تدخل توجيهات الإسلام وأحكامه في تنظيم المجتمع، في دقيقه وجليله، في أفراده ومجموعه، في شأنه كله.
ولا تزال مدونات أهل الإسلام في الفقه والأخلاق مشحونةً بالحكم والأحكام في فكر أصيل ونظر عميق، واستبحار في فهم الحياة، وشؤون الإنسان وسياسة المجتمع.
وإن مما يظهر فيه شمول هذا الدين وجلاء حكمه وأحكامه، ما أوضحه القرآن وجاءت به السنة من أحكام المراكب من سيارات متنوعة، ومن آداب الطريق ومجالس الأسواق، وحقوق المارة، وأدب المشي، قال الله عز وجل: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا [الفرقان:63]، وقال: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55]، وقال: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا * وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [الإسراء:36-38].
وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله! ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر) خرجاه في الصحيحين.
وروى الترمذي والبخاري في الأدب المفرد وابن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة) حسنه الألباني.
التواضع وعدم السرعة أثناء قيادة المركبات
فأين هذا الهدي من حال بعض الناس اليوم؟ يطرقون في مشيتهم، وخصوصاً في مراكبهم من سيارات ودراجات، ويتصفون بصفات الشيطان، يتصفون بالسرعة والعجلة والطيش، بدلاً من الاتصاف بصفة عباد الرحمن وهي الرفق واللين، فكم سفكت الدماء، وترملت النساء، وتيتم الأطفال، وحصلت الكسور والجروح والعاهات، وأتلفت الأموال، وما كان ذلك إلا بسبب مخالفة قواعد السلامة وأنظمة المرور، ليتذكر أولئك قوله سبحانه وتعالى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]، وليتذكر قوله عليه الصلاة والسلام: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا).
وروى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مرّ بشيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه، أن يصيب أحداً من المسلمين بشيء) خرجاه في الصحيحين، فكيف بمن يمر بسيارته في طرق المسلمين وهو يسرع فيها، أو يحرفها يمنةً أو يسرة، أو يزعج الناس بمنبهاتها وإطاراتها؟ فهذا ممن لا يرحم عند الله، ولا عند خلقه، ليعلم أنه من أعظم الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، (وإياك ودعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
من أعظم الظلم: إصابة المسلمين في أبدانهم وأموالهم بهذه المراكب، ولتعلم -قائد المركبة- أن من ركب معك قد ائتمنك على نفسه وماله، والله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، ومقتضى الأمانة: أن تحافظ على هذا الذي ركب معك، أن تحافظ على ماله، فلا تسرع ولا تتعدى.
تولية من لا يحسن قيادة المركبات
الالتزام بقواعد السلامة المرورية
ومما ينبغي أن ينبه له أيضاً: أن بعض الناس يتشاغل عن القيادة بأمور أخرى خارجية، كاستخدام الهاتف النقال أو حمل الأطفال، أو نحو ذلك مما يكون سبباً للوقوع في الحادث.
إن مراعاة هذه القواعد التي وضعت من أجل مصلحة الجميع أمر واجب، وسبب للخروج من العهدة أمام الله عز وجل وأمام خلقه، وسواء كان ذلك في المراكب الصغيرة أو الكبيرة، أو الدراجات الهوائية أو النارية.
فعباد الرحمن يمشون في الطريق هوناً لا تَصَنُّعَ ولا تكلف، لا كبر ولا خيلاء، بل مشية تعبر عن شخصية متزنة، ونفس سوية مطمئنة، تظهر ثباتها في مشية صاحبها وقار وسكينة، من غير تماوت أو مذلة؛ تأسياً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو غير صخاب في الأسواق، حين يمشي يتكفأ تكفياً، فهو أحسن الناس مشيةً وأسكنها، هكذا وصفه الواصفون، مشية أولو العدل والهمة والشجاعة، لا يصعر خده استكباراً، ولا يمشي في الأرض مرحاً، لا خط بالنعال، ولا ضرب بالأقدام، لا يقصدون مزاحمة ولا سوء أدب في الممازحة، بل يحترم نفسه في أدب جم وخلق عال، فلا يسير سير الجبارين، ولا يضطرب في خفة الجاهلين، إنه الأدب المناسب للرحمة في عباد الرحمن، هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
فأين هذا الهدي من حال بعض الناس اليوم؟ يطرقون في مشيتهم، وخصوصاً في مراكبهم من سيارات ودراجات، ويتصفون بصفات الشيطان، يتصفون بالسرعة والعجلة والطيش، بدلاً من الاتصاف بصفة عباد الرحمن وهي الرفق واللين، فكم سفكت الدماء، وترملت النساء، وتيتم الأطفال، وحصلت الكسور والجروح والعاهات، وأتلفت الأموال، وما كان ذلك إلا بسبب مخالفة قواعد السلامة وأنظمة المرور، ليتذكر أولئك قوله سبحانه وتعالى: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32]، وليتذكر قوله عليه الصلاة والسلام: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا).
وروى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مرّ بشيء من مساجدنا أو أسواقنا ومعه نبل فليمسك أو ليقبض على نصالها بكفه، أن يصيب أحداً من المسلمين بشيء) خرجاه في الصحيحين، فكيف بمن يمر بسيارته في طرق المسلمين وهو يسرع فيها، أو يحرفها يمنةً أو يسرة، أو يزعج الناس بمنبهاتها وإطاراتها؟ فهذا ممن لا يرحم عند الله، ولا عند خلقه، ليعلم أنه من أعظم الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، (وإياك ودعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
من أعظم الظلم: إصابة المسلمين في أبدانهم وأموالهم بهذه المراكب، ولتعلم -قائد المركبة- أن من ركب معك قد ائتمنك على نفسه وماله، والله عز وجل يقول: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، ومقتضى الأمانة: أن تحافظ على هذا الذي ركب معك، أن تحافظ على ماله، فلا تسرع ولا تتعدى.
عباد الله! ومن التفريط: تولية الصغار لهذه المراكب، تولية الصغار والذين لا يحسنون قيادتها من العمال ونحوهم لهذه المراكب، فإن هذا من التفريط والتعدي الذي نهى الله عز وجل عنه.
عباد الله! إن من أهم قواعد السلامة التي يجب اتباعها: التقيد بأنظمة المرور، ومن ذلك ما يتعلق بالإشارات الضوئية التي وضعت لتنظيم سير المركبات، فكم حصل بمخالفتها من حوادث وآفات، وذلك عند تجاوز الضوء الأحمر، فإن هذا لا يجوز؛ لما يترتب عليه من التعدي على الآخرين.
ومما ينبغي أن ينبه له أيضاً: أن بعض الناس يتشاغل عن القيادة بأمور أخرى خارجية، كاستخدام الهاتف النقال أو حمل الأطفال، أو نحو ذلك مما يكون سبباً للوقوع في الحادث.
إن مراعاة هذه القواعد التي وضعت من أجل مصلحة الجميع أمر واجب، وسبب للخروج من العهدة أمام الله عز وجل وأمام خلقه، وسواء كان ذلك في المراكب الصغيرة أو الكبيرة، أو الدراجات الهوائية أو النارية.
عباد الله! كف الأذى عن الطريق من أبرز الحقوق، والأذى كلمة جامعة لكل ما يؤذي المسلمين من قول وعمل، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في صحيحه: (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس).
وحينما طلب أبو برزة رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه شيئاً ينتفع به، قال: (اعزل الأذى عن طريق المسلمين).
وفي صحيح مسلم أيضاً: (بينما رجل يمشي في طريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله عز وجل له فغفر له).
فإذا كان هذا الثواب العظيم لمن يكف الأذى، فكيف تكون العقوبة لمن يتعمد إيذاء الناس في طرقاتهم ومجالسهم بجلب المستقذرات، وترك المخلفات، ونشر الأذى في منتزهاتهم وأماكن استظلالهم.
روى الطبراني من حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم). وقال الهيثمي : حديث حسن.
وفي حديث أبي هريرة في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟! قال: الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم).
عباد الله! ومن حق الطريق إفشاء السلام ابتداءً ورداً، فأدب كريم يتخلق به أبناء الإسلام، وحق يحفظونه لإخوانهم، يغرس المحبة، ويزرع الألفة، ويغسل الأحقاد، ويزيل المحن، ويستجلب به رضا الله وغفرانه.
وفي الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
وإفشاء السلام يكون للصغير والكبير، ولمن تعرف ومن لا تعرف، وليس السلام للمعرفة فقط.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحكام الصيام | 2892 استماع |
حقيقة الإيمان - تحريم التنجيم | 2514 استماع |
مداخل الشيطان على الإنسان | 2495 استماع |
الأمن مطلب الجميع [2] | 2438 استماع |
غزوة الأحزاب | 2376 استماع |
نصائح وتوجيهات لطلاب العلم | 2366 استماع |
دروس من قصة موسى مع فرعون | 2354 استماع |
دروس من الهجرة النبوية | 2351 استماع |
شهر الله المحرم وصوم عاشوراء | 2211 استماع |
حقوق الصحبة والرفقة | 2181 استماع |