من صفات أهل الفردوس [2]


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

أما بعد: فقد شيء من صفات المفلحين الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون، وذكرنا من صفاتهم قول الله عز وجل: والَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [المؤمنون:2-3].

تزكية القلوب بالتوحيد

وأما الصفة الثالثة من صفات المفلحين، فبينها الله عز وجل بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:4].

والزكاة في اللغة تطلق على معان منها المدح والثناء والزيادة والبركة، والزكاة في الشرع زكاتان، أما الزكاة الأولى فزكاة معنوية، وهي أن يزكي المسلم قلبه بالتوحيد الخالص والعقيدة الصافية، بأن ينبذ الشرك والبدع وشوائبهما، قال الله عز وجل: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:116].

والشرك هو تسوية غير الله بالله في ما هو من خصائص الله، من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وحكى الله عز وجل عن المشركين قولهم: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:97-98]، وقال سبحانه: ثمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، أي: يسوون به غيره، وقال الله عز وجل: قل، أي: يا محمد، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، فليس له سبحانه نظير ولا شبيه ولا كفؤ في العبادة ولا في الربوبية ولا في أسمائه وصفاته.

وتوحيد الألوهية هو إفراد الله عز وجل بالعبادة، فلا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عز وجل، من دعاء القبور أو الذبح لها، أو الاستغاثة بالأولياء أو الطواف حول الأضرحة وغير ذلك، وتوحيد الربوبية هو إفراد الله عز وجل بأفعاله من الخلق والملك والتدبير والرزق والإحياء والإماتة، فلا يجوز أن نجعل لله عز وجل شريكاً في هذه المعاني العظيمة، فالخلق المطلق والملك المطلق والتدبير المطلق، هذا كله مما يختص الله عز وجل به.

وتوحيد الأسماء والصفات أن نسمي الله وأن نصفه بما سمى ووصف به نفسه، من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل.

تزكية القلوب بمحاسن الأخلاق

ومن الزكاة المعنوية أيضا أن يزكي المسلم قلبه بمحاسن الأخلاق ومكارم الصفات، من الأمانة والعفاف والصدق والمحبة والرحمة واللطف والألفة، وأن يطهر قلبه من مساوئ الأخلاق، من الحسد والكبر والبغضاء والشحناء والعجب والرياء والسمعة، هذا هو المعنى الأول من معاني الزكاة في الإسلام.

وأما الصفة الثالثة من صفات المفلحين، فبينها الله عز وجل بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ [المؤمنون:4].

والزكاة في اللغة تطلق على معان منها المدح والثناء والزيادة والبركة، والزكاة في الشرع زكاتان، أما الزكاة الأولى فزكاة معنوية، وهي أن يزكي المسلم قلبه بالتوحيد الخالص والعقيدة الصافية، بأن ينبذ الشرك والبدع وشوائبهما، قال الله عز وجل: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7]، وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا [النساء:116].

والشرك هو تسوية غير الله بالله في ما هو من خصائص الله، من الألوهية والربوبية والأسماء والصفات، وحكى الله عز وجل عن المشركين قولهم: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:97-98]، وقال سبحانه: ثمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1]، أي: يسوون به غيره، وقال الله عز وجل: قل، أي: يا محمد، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، فليس له سبحانه نظير ولا شبيه ولا كفؤ في العبادة ولا في الربوبية ولا في أسمائه وصفاته.

وتوحيد الألوهية هو إفراد الله عز وجل بالعبادة، فلا يجوز صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله عز وجل، من دعاء القبور أو الذبح لها، أو الاستغاثة بالأولياء أو الطواف حول الأضرحة وغير ذلك، وتوحيد الربوبية هو إفراد الله عز وجل بأفعاله من الخلق والملك والتدبير والرزق والإحياء والإماتة، فلا يجوز أن نجعل لله عز وجل شريكاً في هذه المعاني العظيمة، فالخلق المطلق والملك المطلق والتدبير المطلق، هذا كله مما يختص الله عز وجل به.

وتوحيد الأسماء والصفات أن نسمي الله وأن نصفه بما سمى ووصف به نفسه، من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل.

ومن الزكاة المعنوية أيضا أن يزكي المسلم قلبه بمحاسن الأخلاق ومكارم الصفات، من الأمانة والعفاف والصدق والمحبة والرحمة واللطف والألفة، وأن يطهر قلبه من مساوئ الأخلاق، من الحسد والكبر والبغضاء والشحناء والعجب والرياء والسمعة، هذا هو المعنى الأول من معاني الزكاة في الإسلام.

وأما المعنى الثاني للزكاة: فالزكاة الحسية، فيجب على المسلم أن يبادر بإخراج زكاة أمواله، ولا يجوز له أن يتحيل على إسقاطها، قال الله عز وجل: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، وقال الله سبحانه: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34].

وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا صفحت له صفائح يوم القيامة، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت ردت عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).

وهنا لابد من ملاحظة أمرين يتعلقان بالزكاة.

أما الأمر الأول: فيجب على المسلم أن يبادر بإخراج الزكاة، ولا يجوز له أن يسوف في إخراجها.

وأما الأمر الثاني: فلا بد أن يتحرى الفقراء والمساكين، فالزكاة ليست هدية ولا مجاملة يهدى أو يجامل بها بعض الناس، فالله سبحانه وتعالى بين مصارفها في كتابه، ولم يكل ذلك إلى ملك مقرب، ولا إلى نبي مرسل، قال الله عز وجل: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].

وأما الصفة الرابعة من صفات المفلحين فبينها الله عز وجل في قوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ [المؤمنون:5-7]، أي: أراد الاستمتاع بغير الزوجة والأمة ملك اليمين، فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:7]، أي: المتجاوزون لحدود الله وشرعه، فيجب على المسلم لكي يكون من المفلحين أن يحفظ فرجه من الزنا ومن اللواط، وقد استدل الشافعي رحمه الله تعالى بهذه الآية على تحريم الاستمناء.

فالزنا فاحشة عظيمة، حرمها الله عز وجل في سائر الشرائع السماوية، قال الله عز وجل: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]، وقال سبحانه: وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].

وثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وثبت في صحيح البخاري من حديث سمرة رضي الله تعالى عنه في قصة الرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، فمن تلكم الرؤيا (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجالاً ونساء عراة في تنور من نار، وإذا لهب يأتيهم من أسفل منهم)، فقال عليه الصلاة والسلام للملكين: (سبحان الله! ما هذا؟ قالا: انطلق انطلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانطلقنا -وفي آخر الرؤيا عبر الملكان للنبي صلى الله عليه وسلم ما رآه- قالا: أما الرجال والنساء العراة الذين في تنور من نار فأولئك هم الزناة والزواني).

فهؤلاء الذين يقترفون الفاحشة تكون عقوبتهم في البرزخ أنهم يكونون في تنور من نار حتى يبعثون يوم القيامة، نسأل السلامة بمنه وكرمه.

وأما اللواط فأجمع العلماء على تحريمه، واتفق الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به، ولكن اختلفوا رضي الله عنهم في كيفية قتله، ولشدة قبحه كانت عقوبته حداً، بمعنى أنه يقتل الفاعل وكذا يقتل المفعول إذا كان راضياً مختاراً.

ولعظم الزنا وشدة قبحه، حرم الله عز وجل كل الوسائل التي تؤدي إليه، ولهذا قال سبحانه:وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32]، فالله سبحانه وتعالى نهى عن قربان الزنا، وهذا نهي عن كل طرقه ووسائله، من النظر المحرم واستماع الغناء والنظر إلى الأفلام والمسلسلات التي تحتوي على النساء العاريات، وكذا مصافحة المرأة الأجنبية والخلوة بالمرأة الأجنبية، وسفر المرأة بلا محرم، فكل ما كان سبيلاً إلى هذه الفاحشة، فإن الإسلام حاء بمنعه وسده.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
أحكام الصيام 2891 استماع
حقيقة الإيمان - تحريم التنجيم 2513 استماع
مداخل الشيطان على الإنسان 2493 استماع
الأمن مطلب الجميع [2] 2437 استماع
غزوة الأحزاب 2375 استماع
نصائح وتوجيهات لطلاب العلم 2364 استماع
دروس من قصة موسى مع فرعون 2352 استماع
دروس من الهجرة النبوية 2350 استماع
شهر الله المحرم وصوم عاشوراء 2209 استماع
حقوق الصحبة والرفقة 2179 استماع