شرح سنن أبي داود [579]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الديك والبهائم.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة) ].

أورد أبو داود : [ باب ما جاء في الديك والبهائم ] وأورد فيه حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة) يعني: أنه يوقظ للصلاة بصياحه، فينبه الناس بأن يقوموا من نومهم ومن رقادهم، وذلك أنه في آخر الليل يحصل منه صياح، فيكون في هذا مصلحة للناس؛ ولهذا نهى عن سبه؛ لأن صوته فيه مصلحة للناس.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد ].

هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن صالح بن كيسان ].

صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ].

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زيد بن خالد ].

هو زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله تعالى من فضله ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله تعالى من فضله؛ فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطاناً) ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله تعالى من فضله؛ فإنها رأت ملكاً، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان؛ فإنها رأت شيطاناً).

وهذا يدلنا على أن صياح الديكة علامة على خير، وأن نهيق الحمار علامة على شر؛ لأن الديك يرى ملكاً والحمار يرى شيطاناً، وهذا مما يدل على قدرة الله عز وجل، وأن من المخلوقات من ترى ما لا يراه الإنسان، فإن هذا فيه أن الديك رأى ملكاً وأن الحمار رأى شيطاناً، والناس لا يرون الملائكة ولا يرون الشياطين.

وكذلك أيضاً من ناحية السماع، فهي تسمع ما يحصل في القبور من العذاب، فقد جاء في الحديث أنه يسمع صوت الميت كل شيء إلا الجن والإنس، يعني: والملائكة والحيوانات تسمع ما يجري في القبور، والرسول صلى الله عليه وسلم أسمعه الله ما يجري في القبور، كما قال: (لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع) .

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سمعتم صياح الديكة فسلوا الله من فضله ...)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ].

هو الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جعفر بن ربيعة ].

هو جعفر بن ربيعة الجمحي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأعرج ].

هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

أبو هريرة وقد مر ذكره.

وجه كون الدعاء عند حضور الملائكة له أثر

سؤالنا لله معلق بسماع الديك، وتعوذنا بالله معلق بسماع صوت الحمار، والناس يسمعون الديكة ويسمعون صوت الحمير، فيتعوذون بالله عند هذا ويسألون الله عند هذا.

وفي هذا الحديث دليل على أن الدعاء له أثر عند نزول الملائكة، فالملائكة تحضر مجالس الذكر، وتطوف تبحث عنها فإذا وجدتها دعت بعضها بعضاً فيأتون ويسمعون الذكر، والناس لا يعلمون من أحوال الملائكة إلا ما علموه وما جاءهم به نص، وما لم يأتهم فيه نص فهم لا يعلمون.

وما ذكره صاحب عون المعبود: قال القاضي : سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء واستغفارهم وشهادتهم بالتضرع والإخلاص، قاله النووي .

هذا محتمل والله أعلم، لكن هل يؤمنون على هذا الدعاء؟ لا ندري، والله أعلم بذلك، لكن الملائكة تؤمن عند قراءة الفاتحة؛ لأنه من قال: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وقال: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، فهنا نص على أنها تؤمن والله أعلم.

أما من قال: إن في الحديث دلالة على نزول الرحمة عند حضور أهل الصلاح، فيستحب الدعاء في ذلك الوقت، فهذا غير مستقيم؛ لأن علم ذلك عند الله عز وجل.

و النووي رحمه الله ممن يجوز التبرك بالصالحين وبآثار الصالحين، وهذا غير مستقيم.

شرح حديث (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل، فتعوذوا بالله؛ فإنهن يرين ما لا ترون) ].

أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله : (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله؛ فإنهن يرين ما لا ترون) وهذا الإجمال الذي في هذا الحديث يفسره الحديث الذي قبله، وأنها رأت شيطاناً، وفيه إضافة نباح الكلاب.

وهذا الحديث فيه تقييد التعوذ بالليل، ولكن الحديث الذي قبل هذا ليس فيه تقييد فهو عام، لكن إذا سمع الناس نهيق الحمار في النهار فإنهم يقولون مثل هذا الكلام؛ لأنه يمكن أن تكون صفة كاشفة، وأن الشياطين غالباً ما يكون انتشارها في الليل.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمر بالليل فتعوذوا بالله ...)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ].

هو هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبدة ].

هو عبدة بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إسحاق ].

هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن محمد بن إبراهيم ].

هو محمد بن إبراهيم التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عطاء بن يسار ].

عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر بن عبد الله ].

هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (أقلوا الخروج بعد هدأت الرجل فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن زياد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ح وحدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي حدثنا أبي حدثنا الليث بن سعد حدثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن علي بن عمر بن حسين بن علي وغيره قالا: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أقلوا الخروج بعد هدأت الرجل؛ فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض، قال ابن مروان : في تلك الساعة، وقال: فإن لله خلقاً) ثم ذكر نباح الكلب والحمير نحوه، وزاد في حديثه، قال ابن الهاد : وحدثني شرحبيل الحاجب عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مثله ].

أورد أبو داود حديث جابر رضي الله تعالى عنهما: (اقلوا الخروج بعد هدأت الرجل) يعني: الحث على السكون وترك الخروج؛ لأنه قد جن الليل، والناس يبقون في بيوتهم.

قوله: [ (فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض) ].

يعني: مثل الحديث السابق فيما يتعلق بنباح الكلاب، ونهيق الحمر.

قوله: [ قال ابن الهاد : وحدثني شرحبيل الحاجب عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ].

يعني: هذا الحديث فيه رجال متكلم فيهم، وفيه إرسال، ومع الاتصال فيه ضعف، لكن مجموع هذه الطرق يثبت بها الحديث، والحديث الذي قبله فيما يتعلق بنباح الكلاب ونهيق الحمر شاهد له.

تراجم رجال إسناد حديث (أقلوا الخروج بعد هدأت الرجل فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض ...)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن خالد بن يزيد ].

هو خالد بن يزيد الجمحي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن أبي هلال ].

سعيد بن أبي هلال وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد بن زياد ].

سعيد بن زياد مجهول، أخرج له البخاري تعليقاً، وأبو داود والنسائي

[ عن جابر بن عبد الله ].

هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وقد مر ذكره.

[ ح وحدثنا إبراهيم بن مروان الدمشقي ].

إبراهيم بن مروان الدمشقي، صدوق أخرج له أبو داود .

[ حدثنا أبي ].

أبوه ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا الليث بن سعد حدثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد ].

الليث مر ذكره.

ويزيد بن عبد الله بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علي بن عمر بن حسين بن علي ].

علي بن عمر بن حسين بن علي، وهو مستور، أخرج له أبو داود ، وعند البخاري في الأدب المفرد عن عمر وهو صدوق الرواية عن عمر وليست عن علي .

[ قال ابن الهاد : وحدثني شرحبيل الحاجب ].

هو شرحبيل بن سعد وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود وابن ماجة .

[ عن جابر بن عبد الله ].

جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الديك والبهائم.

حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة) ].

أورد أبو داود : [ باب ما جاء في الديك والبهائم ] وأورد فيه حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا الديك؛ فإنه يوقظ للصلاة) يعني: أنه يوقظ للصلاة بصياحه، فينبه الناس بأن يقوموا من نومهم ومن رقادهم، وذلك أنه في آخر الليل يحصل منه صياح، فيكون في هذا مصلحة للناس؛ ولهذا نهى عن سبه؛ لأن صوته فيه مصلحة للناس.