خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [499]
الحلقة مفرغة
شرح حديث رجم ماعز بن مالك من طريق عاشرة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه زاد: واختلفوا علي، فقال بعضهم: ربط إلى شجرة، وقال بعضهم: وقف ].
أورد أبو داود هذه الطريق لحديث رجم ماعز وهي والطريق التي قبلها فيهما عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة ، وهو ضعيف، فما كان من حديثه جاء متفقاً مع أحاديث أخرى فيكون له شواهد، وما كان منفرداً به فإنه يضعف به.
وقد مر في الحديث السابق ذكر القصة التي ساق متنها مطولاً، وبقي منه ما يتعلق بالطريق الثانية التي فيها ذكر الاختلاف، وأنهم اختلفوا في الهيئة التي كان عليها ماعز بن مالك حين رجم، هل هو قد ربط أو حفر له، أو أنه لم يحصل ربطه؟
وقد سبق أن مر أنه لم يكن مربوطاً ولا محفوراً له، وإنما كان مطلقاً، ولهذا هرب، ولو كان مربوطاً أو محفوراً له لم يتمكن من الهرب، فالصحيح في ذلك أنه كان مطلقاً وأنهم احتوشوه من جميع الجهات يرجمونه بالحجارة وغيرها، وأنه هرب منهم وكان ذلك بالمصلى الذي هو عند البقيع بين المسجد النبوي والبقيع، وهو مصلى الجنائز، وأنه هرب حتى أدركوه بالحرة فتم قتله برميه في الحرة، وقد كان رمي بالمصلى الذي هو عند البقيع، فالبداية كانت عند البقيع والنهاية التي كان بها موته وانتهاء حياته كانت بالحرة، وهنا ذكر أنه حصل الاختلاف في حاله وقت الرجم هل ربط أو وقف؟ والصحيح أنه لم يربط ولم يحفر له، وإنما كان واقفاً ورموه بالحجارة حتى قتلوه في آخر الأمر في الحرة.
تراجم رجال إسناد حديث رجم ماعز بن مالك من طريق عاشرة
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، كنيته: أبو عاصم ، ولقبه: النبيل ، واسمه: الضحاك بن مخلد ، وهو من كبار شيوخ البخاري الذين روى عنهم الثلاثيات؛ لأن الثلاثيات رواها عن بعض شيوخه وفيهم هذا الذي هو أبو عاصم ، ومكي بن إبراهيم ومحمد بن عبد الله المثنى هؤلاء هم الذين روى عنهم الثلاثيات، وإذاً فهو من كبار شيوخه، ولهذا يروي عنه أبو داود بواسطة، ولا يروي عنه مباشرة، وأما البخاري فيروي عنه بلا واسطة، وهو من أتباع التابعين الذين أدركوا التابعين؛ لأن الإسناد الثلاثي الذي عند البخاري صحابي وتابعي وتابع تابعي فـأبو عاصم النبيل هو من أتباع التابعين.
[ حدثنا ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: أخبرني أبي الزبير ].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عم أبي هريرة ].
ابن عم أبي هريرة هو عبد الرحمن بن الصامت، وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي .
وفيه هذا المقبول، وفيه عنعنة أبي الزبير .
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث رجم ماعز بن مالك من طريق حادية عشرة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني والحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله : (أن رجلاً من أسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فأعرض عنه، ثم اعترف فأعرض عنه، حتى شهد على نفسه أربع شهادات فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبك جنون؟ قال: لا. قال: أحصنت؟ قال: نعم. قال: فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرجم في المصلى، فلما أذلقته الحجارة فر، فأدرك فرجم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً، ولم يصل عليه) ].
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، أن رجلاً من أسلم -وهو ماعز بن مالك الأسلمي - جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بالزنا، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم حتى شهد على نفسه أربع شهادات، يعني: كرر ذلك أربع مرات، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (أبك جنون؟) يعني: يريد أن يعرف هل هو سليم العقل؟ وأن هذا الاعتراف الذي حصل منه وهو في سلامة من عقله أو أن به جنوناً؟
وهذا من الاحتياط والتوثيق والاطمئنان، ولهذا جاء هنا أنه سأله: (أبك جنون؟)، وسأل قومه عنه: (هل به جنون؟)، وفي بعض الروايات سيأتي أمر من يستنكهه، يعني: يشمه هل فيه رائحة خمر؟ فكونه يسأله: هل به جنون؟ وكونه يستنكهه، وكونه يسأل عنه من يعرفه من قومه: هل به جنون؟
كل ذلك إنما هو احتياط منه؛ لأن الأمر خطير؛ ولأن الأمر يتعلق به رجم، وهي عقوبة من أكبر العقوبات التي جاءت بها الشريعة، وهي الرجم فيمن زنى وهو محصن.
ثم إنه بعد ذلك قال: (أحصنت؟) يعني: هل حصل الإحصان؟ وهل أنت متزوج؟ فقال: نعم، فأمر به فرجم؛ لأنه كان أقر على نفسه وهو محصن، فحده الرجم، ومعلوم أن الذي لم يحصن حده جلد مائة وتغريب سنة، والجلد جاء في القرآن في أول سورة النور: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]، والتغريب جاء في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ (فلما أذلقته الحجارة فر، فأدرك فرجم حتى مات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً ولم يصل عليه) ].
يعني: فلما أصابته الحجارة بحدها وشعر بالألم هرب من شدة ما أصابه من هذه الحجارة، فأدركوه فقتلوه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيه خيراً ولم يصل عليه، وجاء في عدة روايات أنه لم يصل عليه، لكنه ما منع الصلاة عليه، ومعلوم أن ترك الصلاة على من ارتكب أمراً محرماً من أجل التخويف، ومن أجل زجر غيره، بحيث يعرف أن من له شأن ومكانة ومنزلة يتخلف عن الصلاة عليه؛ فيفوته شفاعته والصلاة عليه، يعني: هذا أمر خطير وليس بالهين، فيحرص الناس على ألا يقعوا في مثل هذا الذي وقع فيه؛ حتى لا تفوتهم تلك الشفاعة التي هي شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك غيره ممن يحرص على أن يكون من المصلين على الجنازة، فإذا امتنع أمثال هؤلاء عن الصلاة على العاصي من أجل أن يكون في ذلك ردع وزجر وتخويف، فذلك فيه اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم.
وجاء في بعضها أنه صلى عليه، وقد صلى على المرأة فيكون معنى ذلك أن الإمام له أن يصلي وله ألا يصلي، والذي له منزلة له أن يصلي وله ألا يصلي، ولكن حيث يترتب على ذلك مصلحة وفائدة، وهو أن الناس يحذرون من الوقوع في الأمر المحرم.
تراجم رجال إسناد حديث رجم ماعز بن مالك من طريق حادية عشرة
قوله: [ حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ].
محمد بن المتوكل العسقلاني هو ابن أبي السري ، وهو صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .
[ والحسن بن علي ].
الحسن بن علي مر ذكره، وهو قرين لهذا العسقلاني ؛ لأن كلاً منهما شيخ لـأبي داود .
[ قالا: حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو صحابي جليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إسناد حديث رجم ماعز بن مالك من طريق ثانية عشرة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - قال: ح وحدثنا أحمد بن منيع عن يحيى بن زكريا وهذا لفظه عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: (لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أن ماعز بن مالك رضي الله عنه لما زنى وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه خرجوا به إلى البقيع، وقد جاء في بعض الروايات أنه المصلى، ولا تنافي بين ذلك كما أشرت لذلك من قبل؛ لأن البقيع المقصود به قرب البقيع وليس في المقبرة، وإنما هو في المصلى، ومعلوم أنه قد يطلق على الشيء اسم ما يكون عنده وإن لم يكن فيه، واللفظ الآخر جاء في المصلى الذي هو ليس في البقيع وإنما هو دون البقيع، فرجموه هناك؛ فهرب.
قوله: [ (فرميناه بالعظام والمدر والخزف) ].
وهذا يدل على أن الرمي بالحجارة ليس بمتعين، وأنه لا يرمى إلا بها، بل يمكن أن يرمى بغير ذلك، كما رموه بالحجارة وبالخزف -وهو: الطين المتحجر الذي أحرق حتى صار فخاراً- وكذلك رموه بالمدر الذي هو عبارة عن طين يابس، فيرمونه بما أمكنهم، فتعين على أن الرمي لا يكون خاصاً بالحجارة بل يكون بالعظام وغيرها.
قوله: [ (فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا) ].
(فاشتد) يعني: أسرع هارباً (واشتدوا خلفه) يعني: أسرعوا وراءه يتبعونه حتى أدركوه بالحرة (فانتصب لهم) يعني: وقف فرموه بأحجار الحرة (حتى سكت) يعني: حتى مات، وبهذا يتبين أن ما جاء في بعض الروايات من ذكر المصلى، والبقيع، والحرة، أنه لا تنافي بين ذلك، فبالنسبة للبقيع والمصلى المعنى واحد؛ لأن المصلى بجوار البقيع، وبالنسبة للحرة لم يكن بدئ الرمي بالحرة وإنما هرب إلى الحرة فأدركوه بها، فكان بدء الرمي في المصلى، ونهايته في الحرة، فما جاء بأنه كان بالحرة العبرة بالنهاية، وما كان في المصلى فالمعتبر البداية.
تراجم رجال إسناد حديث رجم ماعز بن مالك من طريق ثانية عشرة
قوله: [ حدثنا أبو كامل ].
هو الفضيل بن حسين الجحدري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا أحمد بن منيع ].
أحمد بن منيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن زكريا ].
هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهذا لفظه عن داود ].
(وهذا لفظه) يعني: الطريق الثاني هو لفظ يحيى بن زكريا .
و داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي نضرة ].
هو المنذر بن مالك بن قطعة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي سعيد ].
هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، واسمه: سعد بن مالك بن سنان ، صحابي جليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إسناد حديث رجم ماعز بن مالك من طريق ثالثة عشرة، وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي نضرة قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وليس بتمامه، قال: ذهبوا يسبونه فنهاهم، قال: ذهبوا يستغفرون له فنهاهم، قال: هو رجل أصاب ذنباً حسيبه الله) ].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وهو مرسل، وفيه: (ذهبوا يسبونه فنهاهم، وذهبوا يستغفرون له فنهاهم وقال: إنه أصاب ذنباً حسيبه الله)، ولكن هذا مرسل ليس بمتصل؛ لأن أبا نضرة لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا زيادة بطريق مرسلة.
قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام ].
مؤمل بن هشام ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا إسماعيل ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية نسبة إلى أمه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الجريري ].
هو سعيد بن إياس الجريري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي نضرة ].
أبو نضرة قد مر ذكره.
شرح حديث (أن النبي استنكه ماعزاً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث حدثنا أبي عن غيلان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استنكه
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استنكه
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي استنكه ماعزاً)
قوله: [ حدثنا محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة ].
هو محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود ، والحافظ ابن حجر ما حكم عليه، ولكن أبو الأشبال وضعها بين قوسين وزادها وقال: كان في أمنية الحافظ أن يكتب ترجمته فقال في ترجمته: يأتي، ولكن نسي أن يكتبها فكتبناها حسب أمنيته، وقال محمد عوامة : محمد بن أبي بكر بن أبي شيبة ، وهو الذي في التحفة، وهو الذي يساعد عليه رموز المزي في ترجمته محمد هذا، وترجمة يحيى بن يعلى في التهذيب، بل هو الذي يستفاد من ترجمتهما في تهذيب التهذيب أيضاً، ومحمد بن أبي بكر هذا قال عنه في الكاشف: لا يكاد يعرف، وكون أبي داود لا يروي إلا عن ثقة لا يسمح بتوثيقه كما فعل من عبث بتقريب التهذيب، وانظر ما كتبته في دراسات الكاشف، أما قول صاحب الخلاصة: موثق فقد يقبل منه على تجوز أيضاً.
لأنه لا يوجد لا في تهذيب الكمال ولا في تهذيب التهذيب شيء يفيد التوثيق.
وعلى كل: الشيخ ناصر صحح الحديث، لكن الاستنكاه لعله له شواهد، وجاء في مسلم بطوله وفيه: (فقام رجل فاستنكهه).
[ حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث ].
يحيى بن يعلى بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا أبي ].
هو يعلى بن الحارث ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن غيلان ].
هو ابن جامع ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن علقمة بن مرثد ].
علقمة بن مرثد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن بريدة ].
هو سليمان بن بريدة ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وما له إلا حديث واحد عند أبي داود .
شرح حديث بريدة (كنا أصحاب رسول الله نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي حدثنا أبو أحمد حدثنا بشير بن مهاجر حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: (كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أن
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، قال: (كنا أصحاب رسول الله نتحدث أن
يعني: شك في أنهما لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، يعني: هذا مثلما تقدم فيما مضى أن الرسول قال: (هلا تركتموه)، وليس المقصود من ذلك أنه يخلى سبيله، وإنما المقصود من ذلك أنه إن رجع عن اعترافه فإنه يقبل رجوعه، وكذلك أيضاً قد يكون عنده شبهة يذكرها فيعول على ذلك كما سبق أن مر، وقد سبق كلام الصحابي الذي قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قال: (هلا تركتموه؟) من أجل الاستثبات، وأما في ترك الحد فلا، يعني: ليس معنى ذلك أنه ليس عليه حد، وإنما المقصود من ذلك أنه إن رجع عن اعترافه أو ذكر شبهة تدرأ عنه الحد فيقبل منه ذلك.
قوله: [ (وإنما رجمهما عند الرابعة) ].
يعني: بعد الاعتراف في المرة الرابعة، وهذا ضعفه الألباني ولعله بسبب بشير بن المهاجر الذي في إسناده.
والغامدية سيأتي أنها قالت له: (لا ترددني كما رددت
فالترداد بالنسبة لها قد حصل، ولكنها طلبت منه ألا يفعل كما فعل بـماعز لكن هل بلغت أربعاً؟ لا ندري!
تراجم رجال إسناد حديث بريدة (كنا أصحاب رسول الله نتحدث أن الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما...)
قوله: [ حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ].
أحمد بن إسحاق الأهوازي صدوق، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا أبو أحمد ].
هو أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا بشير بن مهاجر ].
بشير بن مهاجر صدوق لين الحديث، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه ].
عبد الله بن بريدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه مر ذكره.
شرح حديث الرجل الذي اعترف بنسبة ولد الزنا إليه
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبدة بن عبد الله ومحمد بن داود بن صبيح قال عبدة : أخبرنا حرمي بن حفص قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أن خالد بن اللجلاج حدثه: أن اللجلاج أباه أخبره : (أنه كان قاعداً يعتمل في السوق فمرت امرأة تحمل صبياً فثار الناس معها وثرت فيمن ثار، فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من أبو هذا معك؟ فسكتت فقال شاب حذوها: أنا أبوه يا رسول الله! فأقبل عليها فقال: من أبو هذا معك؟ قال الفتى: أنا أبوه يا رسول الله! فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض من حوله يسأل
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير عن ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه زاد: واختلفوا علي، فقال بعضهم: ربط إلى شجرة، وقال بعضهم: وقف ].
أورد أبو داود هذه الطريق لحديث رجم ماعز وهي والطريق التي قبلها فيهما عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة ، وهو ضعيف، فما كان من حديثه جاء متفقاً مع أحاديث أخرى فيكون له شواهد، وما كان منفرداً به فإنه يضعف به.
وقد مر في الحديث السابق ذكر القصة التي ساق متنها مطولاً، وبقي منه ما يتعلق بالطريق الثانية التي فيها ذكر الاختلاف، وأنهم اختلفوا في الهيئة التي كان عليها ماعز بن مالك حين رجم، هل هو قد ربط أو حفر له، أو أنه لم يحصل ربطه؟
وقد سبق أن مر أنه لم يكن مربوطاً ولا محفوراً له، وإنما كان مطلقاً، ولهذا هرب، ولو كان مربوطاً أو محفوراً له لم يتمكن من الهرب، فالصحيح في ذلك أنه كان مطلقاً وأنهم احتوشوه من جميع الجهات يرجمونه بالحجارة وغيرها، وأنه هرب منهم وكان ذلك بالمصلى الذي هو عند البقيع بين المسجد النبوي والبقيع، وهو مصلى الجنائز، وأنه هرب حتى أدركوه بالحرة فتم قتله برميه في الحرة، وقد كان رمي بالمصلى الذي هو عند البقيع، فالبداية كانت عند البقيع والنهاية التي كان بها موته وانتهاء حياته كانت بالحرة، وهنا ذكر أنه حصل الاختلاف في حاله وقت الرجم هل ربط أو وقف؟ والصحيح أنه لم يربط ولم يحفر له، وإنما كان واقفاً ورموه بالحجارة حتى قتلوه في آخر الأمر في الحرة.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2893 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2845 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2839 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2733 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2704 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2695 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2690 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2681 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2656 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2652 استماع |