شرح سنن أبي داود [467]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غباً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الترجل.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن هشام بن حسان عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غباً) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى كتاب الترجل.

والترجل هو تحسين الشعر ومشطه بالمشط ودهنه والعناية به، هذا هو المقصود بالترجل، وقد سبق أن مر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله، أي: أنه كان يبدأ بالميامن، فعند الترجل كان يبدأ بيمين الرأس ويبدأ بيمين اللحية، فهذا هو الترجل، والترجل مشروع وسائغ، ولكن لا يفرط الإنسان فيه ولا يبالغ فيه، أو يكون مستمراً عليه بحيث تكون عنايته في شعره، وفي تنعمه، وإنما يكون الإنسان معتدلاً وسطاً لا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا جفاء، وإنما توسط واعتدال.

وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن المغفل رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الترجل إلا غباً) يعني: لا يكون في كل الأيام، ولا يكون الإنسان مستمراً على ذلك؛ لأن هذا ديدن أهل الترفه والتنعم، فعلى الإنسان ألا يكون مشغولاً بهيئته، وتكون عنايته بذلك أكثر من غيره، فالاعتدال والتوسط هو المطلوب، ولهذا جاء النهي عن الترجل إلا غباً، يعني: لا ترك ولا مداومة، وإنما اعتدال وتوسط، والغب: هو فعل يوم وترك يوم، وقد يزيد على ذلك، ولكن الذي جاء فيه النهي هو المداومة على ذلك، وأن يكون ذلك باستمرار.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غباً)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام بن حسان ].

هشام بن حسان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن مغفل ].

عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد المازني أخبرنا الجريري عن عبد الله بن بريدة أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد رضي الله عنه وهو بمصر فقدم عليه فقال: أما إني لم آتك زائراً، ولكني سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه علم، قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا قال: فما لي أراك شعثاً وأنت أمير الأرض؟ قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه، قال: فما لي لا أرى عليك حذاءً؟ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً) ].

أورد أبو داود حديث فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه أنه كان أميراً وجاءه رجل من الصحابة، وهو مبهم هنا لم يسم، وكان قد سمع حديثاً هو وإياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحل إليه ليستثبت منه ذلك الذي سمعه هو وإياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء وأخبره بالمقصد، ثم قال: ما لي أراك شعثاً وأنت أمير الأرض؟

شعثاً يعني: غير مترجل وغير مستعمل الترجل.

فقال: (إن رسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن كثير من الإرفاه) يعني: التوسع والتنعم وكثرة الاشتغال بتحسين الجسد، وبتحسين الشعر، فيكون الإنسان يده فيه دائماً ويكون مشغولاً فيه بحيث يقضي جزءاً من أوقاته في هذه المهمة، وفي هذه الأغراض، فهذا من الترفه، والمطلوب هو أن يكون بين بين أي: وسطاً بحيث لا يكون تاركاً بالمرة، ولا متوسعاً مبالغاً، وإنما يكون معتدلاً، ولهذا قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن كثير من الإرفاه) يعني: عن التنعم كثيراً أو التوسع كثيراً، ولم ينههم عن الترجل وعن تحسين الهيئة، وإنما الذي نهاهم عنه هو التوسع في ذلك، ولهذا قال: (عن كثير من الإرفاه) ولم يقل: نهانا عن الإرفاه، وهذا معناه أن يكون هناك توسط، وأن يكون هناك اعتدال. ثم قال: (ما لي لا أرى عليك حذاءً؟ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً).

وهذا فيه إشارة إلى الانتعال والاحتفاء، وأن هذا ليس هو ديدنه وليست هذه هي طريقته، وإنما وافق أنه كان على هذه الحالة في هذا الحين من الأحيان الذي كان يحتفي فيه امتثالاً لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو من جنس الذي قبله، فالحديث الذي قبله فيه عدم توسع، وهنا كذلك فيه عدم توسع.

لكن إذا كانت الأرض فيها أمور تقتضي الانتعال فإن الإنسان ينتعل، فإذا كانت الأرض مثلاً فيها زجاج أو فيها حديد أو كان فيها حجارة أو شوك، أو رمضاء في شدة حرارة الشمس فإن الإنسان يجعل هذه الوقاية التي أنعم الله تعالى بها عليه وهي استعمال النعال، ولكن كونه يترك النعال في بعض الأحيان هذا هو الذي جاء في هذا الحديث عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يأمرهم بالاحتفاء أحياناً، وذلك حتى لا يحصل هناك تنعم زائد ومغالاة فيه وإنما يحصل شيء من الخشونة والبذاذة، ولكن لا يكون ذلك دائماً وأبداً، وإنما يكون في بعض الأحيان.

تراجم رجال إسناد حديث (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه...)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا يزيد المازني ].

هو يزيد بن هارون الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وكلمة المازني هذه لا أدري كيف جاءت؛ فهو واسطي، وقيل: أصله من بخارى، فلا أدري هل هذه الكلمة لها أصل أو جاءت خطأً.

[ أخبرنا الجريري ].

سعيد بن إياس الجريري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عبد الله بن بريدة ].

عبد الله بن بريدة بن الحصيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد ].

فضالة بن عبيد رضي الله عنه صحابي أخرج له البخاري في الأب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

وهذا الحديث هو عن فضالة ، وهو حديث طويل، ولكنه أشار إليه هنا إشارة، وأنه قال كذا وكذا، وأنه بعد ذلك سأله، والسؤال والجواب هما محل الشاهد لهذه الترجمة.

حكم الاهتمام بالمظهر

في بعض البلدان يهتم الناس بالمظاهر، ويحتقرون أصحاب الهيئات الرثة وخاصة من كان ملتزماً، والتوسط هو المطلوب في جميع الأحوال، فلا تفريط وإهمال، ولا إفراط وغلو وإسراف.

شرح حديث (..إن البذاذة من الإيمان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي قال حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي أمامة عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان) يعني: التقحل.

قال أبو داود : هو أبو أمامة بن ثعلبة الأنصاري].

أورد أبو داود حديث أبي أمامة وهو إياس بن ثعلبة الأنصاري رضي الله تعالى قال: (ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده الدنيا يوماً فقال: ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان) والمقصود بالبذاذة: التقحل، يعني: ألا يكون الإنسان متوسعاً ولا متنعماً، وألا يكون شغله الشاغل جسمه ومظهره، وكأنه ليس عنده إلا هذه المهمة، وليس له إلا هذه الغاية، وإنما يكون معتدلاً متوسطاً في هذه الأمور.

فالبذاذة هي التقشف، وكون الإنسان لا يكون معنياً بجسده حتى يكون في غاية النعومة وغاية التنعم، وإنما يتوسط ويعتدل.

وكون البذاذة من الإيمان معناه: أن الإنسان يكون معتدلاً متوسطاً في أموره، وذلك مما جاء به الإسلام، ومما جاء به الشرع، وكون الإنسان يتبع الشيء الذي أرشد إليه الشرع ودل عليه هو من إيمانه ومن استسلامه وانقياده للشرع.

فإن قيل: ما وجه الجمع بين حديث: (إن الله جميل يحب الجمال) وبين هذا الحديث: (البذاذة من الإيمان) ؟

فالجواب: أنه لا تنافي بينها؛ لأن الجمال بدون مبالغة وبدون إسراف وبدون غلو مطلوب، والبذاذة ليس المقصود بها سوء الهيئة، وأن الإنسان يكون على هيئة ليست بطيبة، وإنما المقصود أن يكون معتدلاً.

وهذا الحديث هو للنساء والرجال سواء، إلا أن النساء فيما بينهن وبين أزواجهن يتجملن بالشيء الذي هو سائغ.

تراجم رجال إسناد حديث (..إن البذاذة من الإيمان)

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا محمد بن سلمة ].

محمد بن سلمة الباهلي الحراني ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. ومحمد بن سلمة هو من شيوخ أبي داود ، وله شيخ آخر اسمه محمد بن سلمة وهو المرادي المصري ، وإذا جاء غير منسوب وهو في طبقة شيوخ أبي داود فيتعين أنه المصري وإذا كان في طبقة شيوخ شيوخه فيتعين أنه الحراني، وهذا علم من علوم الحديث، يسمونه المتفق والمفترق، يعني: تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم وتختلف أشخاصهم، فهذا الراويان كل منهما اسمه محمد بن سلمة إلا أن هذا شخص وهذا شخص، وكل منهما في طبقة: هذا في طبقة متقدمة وهذا في طبقة متأخرة، فالذي في الطبقة المتأخرة وهو من شيوخ أبي داود هو المرادي المصري ، والذي هو في طبقة شيوخ شيوخه هو الحراني الباهلي .

[ عن محمد بن إسحاق ].

محمد بن إسحاق المدني صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبد الله بن أبي أمامة].

هو عبد الله بن ثعلبة صدوق أخرج له أبو داود وابن ماجة .

[ عن عبد الله بن كعب بن مالك ].

عبد الله بن كعب بن مالك ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[عن أبي أمامة ].

أبو أمامة هو إياس بن ثعلبة صحابي أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وهو غير المشهور بالكنية فالمشهور بالكنية الذي يأتي ذكره كثيراً في الأحاديث هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي ، وهذا كنيته هي نفس كنية أبي أمامة الباهلي ولكنه لا يأتي كثيراً كما يأتي أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي .

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الترجل.

حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن هشام بن حسان عن الحسن عن عبد الله بن مغفل قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل إلا غباً) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى كتاب الترجل.

والترجل هو تحسين الشعر ومشطه بالمشط ودهنه والعناية به، هذا هو المقصود بالترجل، وقد سبق أن مر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله، أي: أنه كان يبدأ بالميامن، فعند الترجل كان يبدأ بيمين الرأس ويبدأ بيمين اللحية، فهذا هو الترجل، والترجل مشروع وسائغ، ولكن لا يفرط الإنسان فيه ولا يبالغ فيه، أو يكون مستمراً عليه بحيث تكون عنايته في شعره، وفي تنعمه، وإنما يكون الإنسان معتدلاً وسطاً لا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا جفاء، وإنما توسط واعتدال.

وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن المغفل رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الترجل إلا غباً) يعني: لا يكون في كل الأيام، ولا يكون الإنسان مستمراً على ذلك؛ لأن هذا ديدن أهل الترفه والتنعم، فعلى الإنسان ألا يكون مشغولاً بهيئته، وتكون عنايته بذلك أكثر من غيره، فالاعتدال والتوسط هو المطلوب، ولهذا جاء النهي عن الترجل إلا غباً، يعني: لا ترك ولا مداومة، وإنما اعتدال وتوسط، والغب: هو فعل يوم وترك يوم، وقد يزيد على ذلك، ولكن الذي جاء فيه النهي هو المداومة على ذلك، وأن يكون ذلك باستمرار.

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا يحيى ].

يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام بن حسان ].

هشام بن حسان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن ].

الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن مغفل ].

عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد المازني أخبرنا الجريري عن عبد الله بن بريدة أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد رضي الله عنه وهو بمصر فقدم عليه فقال: أما إني لم آتك زائراً، ولكني سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه علم، قال: وما هو؟ قال: كذا وكذا قال: فما لي أراك شعثاً وأنت أمير الأرض؟ قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه، قال: فما لي لا أرى عليك حذاءً؟ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً) ].

أورد أبو داود حديث فضالة بن عبيد رضي الله تعالى عنه أنه كان أميراً وجاءه رجل من الصحابة، وهو مبهم هنا لم يسم، وكان قد سمع حديثاً هو وإياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحل إليه ليستثبت منه ذلك الذي سمعه هو وإياه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء وأخبره بالمقصد، ثم قال: ما لي أراك شعثاً وأنت أمير الأرض؟

شعثاً يعني: غير مترجل وغير مستعمل الترجل.

فقال: (إن رسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن كثير من الإرفاه) يعني: التوسع والتنعم وكثرة الاشتغال بتحسين الجسد، وبتحسين الشعر، فيكون الإنسان يده فيه دائماً ويكون مشغولاً فيه بحيث يقضي جزءاً من أوقاته في هذه المهمة، وفي هذه الأغراض، فهذا من الترفه، والمطلوب هو أن يكون بين بين أي: وسطاً بحيث لا يكون تاركاً بالمرة، ولا متوسعاً مبالغاً، وإنما يكون معتدلاً، ولهذا قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن كثير من الإرفاه) يعني: عن التنعم كثيراً أو التوسع كثيراً، ولم ينههم عن الترجل وعن تحسين الهيئة، وإنما الذي نهاهم عنه هو التوسع في ذلك، ولهذا قال: (عن كثير من الإرفاه) ولم يقل: نهانا عن الإرفاه، وهذا معناه أن يكون هناك توسط، وأن يكون هناك اعتدال. ثم قال: (ما لي لا أرى عليك حذاءً؟ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحياناً).

وهذا فيه إشارة إلى الانتعال والاحتفاء، وأن هذا ليس هو ديدنه وليست هذه هي طريقته، وإنما وافق أنه كان على هذه الحالة في هذا الحين من الأحيان الذي كان يحتفي فيه امتثالاً لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو من جنس الذي قبله، فالحديث الذي قبله فيه عدم توسع، وهنا كذلك فيه عدم توسع.

لكن إذا كانت الأرض فيها أمور تقتضي الانتعال فإن الإنسان ينتعل، فإذا كانت الأرض مثلاً فيها زجاج أو فيها حديد أو كان فيها حجارة أو شوك، أو رمضاء في شدة حرارة الشمس فإن الإنسان يجعل هذه الوقاية التي أنعم الله تعالى بها عليه وهي استعمال النعال، ولكن كونه يترك النعال في بعض الأحيان هذا هو الذي جاء في هذا الحديث عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان يأمرهم بالاحتفاء أحياناً، وذلك حتى لا يحصل هناك تنعم زائد ومغالاة فيه وإنما يحصل شيء من الخشونة والبذاذة، ولكن لا يكون ذلك دائماً وأبداً، وإنما يكون في بعض الأحيان.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع