طريق السلامة
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
طريق السلامةالحمد لله الهادي إلى سواء السبيل، والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيِّدِنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
فهذه (مجلة) سنوية تعوَّدَت الإدارةُ العامَّة للمرور بالقصيم إصدارها، بمناسبة الاحتفال بأسبوع المرور في دول مجلس التعاون الخليجي، والأمَل يحدونا أن تُسهم هذه (المجلة) في ترسيخ مفاهيم الأمن المروري في نفوس المواطنين والمقيمين، وهي عطاءٌ متواضعٌ نُلبِّي به نداءَ الواجبِ من جهة، ودعوةَ الإدارةِ العامَّة للمرور بالقصيم للمشاركة في هذه المناسبة الجليلة من جهة أخرى.
ومِن اللهِ تعالى نَستمدُّ العونَ، ونَستلهِم الرشد، ونحن نشارك في هذه (المجلة) راجين أن يَتوَالى صدورُها كلَّ عامٍ، وأن تكُون في كلِّ مرةٍ تصدر فيها أفضلَ مِن سابقتها في الشكل والمضمون.
وأجدُها فرصةً مواتيةً لأن أقرِّر هنا: أن ثمة حقيقة لا بد من إيضاحها، والتأكيد عليها؛ تلك هي أننا نعيش في عالم سيطرَت فيه المرْكباتُ على وسائل النقل، وأضحَت ضرورةً مِن ضروراتِ الحياةِ اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
وها هي السيارة تُستَعمَل في كلِّ مناحي الحياة؛ في الإسعاف الفوريِّ والإطفاء، في المكتبات الثقافية المتنقِّلة، في العمَل والنقل، والترويح والسياحة والعبادة، في التجارة الداخلية والخارجية، حتى الحروب غيَّرت السيارة مَجْراها وأسلوبَ تعبِئتِها، وخُططَها ونتائجَها.
وعلى ذلك يمكن القول والحالة هذه: إن السيارة نعمةٌ يجب أن نشكر اللهَ عليها، وأن نعترف بأن القيادة المهذَّبة الواعية لها فرضٌ يجب علينا الالتزامُ به، ومَظهَر حضاريٌّ لِواقِعِنا الإسلامي، ومَعْلم مِن معالم ثقافتِنا الاجتماعيةِ التي يجب الحفاظ عليها.
فإذا لم نفعل ذلك، تحوَّلَت السيارة في غمضة عينٍ إلى آفةٍ خطرةٍ تُهَدِّد حياتنا وسلامتنا وراحتنا، وهذا ما أحذِّر منه، وأودُّ أن ألفِتَ الأنظارَ إليه.
ففي الوقت الذي غيَّرَت السيارةُ فيه مجرى حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وطوَّرَت مُدُنَنا، وقدَّمَت لنا الخِدْماتِ الجليلة، جَلَبَت إلينا عندما أسأنا استخدامها فيضًا مِن الأضرار، وكثيرًا مِن المصائب والأخطار.
ولا شك أنَّ أفظَعَها جميعًا، ذلك الذي يَقَعُ بأرواحِ الناسِ التي لا تُقَدَّر بثمَن، وأيُّ ثمنٍ يُقَدَّر به حياةُ شابٍّ أُعِدَّ لخدمة بلاده، ذهب ضحية الطريق؟ وأيُّ ثمنٍ يُكافئ عجْز أمٍّ في ريعانِ شبابها؟ وأيُّ ثمن يُعوِّض رجلًا دهمتْه سيارةٌ مجنونة وتركتْه في عرض الطريق، أرملتُه وأطفالُه ينتظرون عودته؟
علينا أن نتَّقي اللهَ في أرواحنا، وأرواح غيرنا، وأن نَعْلَم أنَّ ((المسلم مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده))؛ كما روى البخاري، ومسلم عن المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم، وأن نُدْرِكَ أن الإسلام قد ضَمِنَ للإنسان حقَّ الحياة، ونتذكر في ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ [الإسراء: 33].
فلنرجع إلى منهج الإسلام كتابًا وسُنَّةً، لِنَجِدَهُ دائمًا يَبحث عن الأمن للإنسان في مجتمعه وطريقه وبيتِه، ولنَعْمَل بما أَمَرَنا الله في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29].
فالمستَهتَرُ أو عديمُ الشعورِ بالمسؤولية تجاه نفسِه، وتجاه الآخرين، عندما يخالف أصول المرور وقواعد القيادة، يتعرَّض للحوادث أكثرَ مِن غيره، وحُكْمُ المجتمعِ عليه أنه شخص أنانيٌّ، ضعيفُ الإيمان، متهوِّر، لا يستحق النعمة.
فلنتمسَّكْ بأخلاقِ الإسلامِ فنصُون دماءنا ودماء المسلمين، ونحمي أرواحنا وأرواح المسلمين، ونحفظ أموالَنا وأموال المسلمين، فيتحقَّق للمسلمين الأمن والسلامة، ودوام النعمة.
نسألُ اللهَ العونَ وسدادَ الخُطَى، واللهُ الهادي إلى سواء السبيل.