خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [362]
الحلقة مفرغة
شرح حديث (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ... وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا سمعتم به بأرضٍ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه، يعني: الطاعون) ].
ثم أورد أبو داود باب: الخروج من الطاعون، يعني: بسبب الطاعون، وهو وباء يكون مثل الموت العام، فيخرج من بلده فرراً من الطاعون، فهذا هو المقصود من الترجمة، والخروج من أجل الطاعون غير سائغ؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا وقع الطاعون في بلد فمن كان خارج البلد فلا يقدم عليه، ومن كان في داخل البلد فلا يخرج فراراً منه).
والمقصود: أنه لا يخرج فراراً من الطاعون، وأما إذا جاء لمهمة وانتهت مهمته ويريد أن يخرج إلى بلده وليس قصده الفرار، فلا بأس بذلك، ولا يلزمه أن يبقى؛ لأن المنع إنما هو من أجل الفرار منه، وأما الخروج من بلد الطاعون لانتهاء المهمة مثلاً فلا بأس به، فالتقييد بقوله: (فراراً منه) يدل على أنه ليس كل خروج يكون ممنوعاً منه، وإنما الخروج الممنوع هو ما كان على وجه الفرار.
فإذا كان الإنسان خارج البلد فلا يقدم عليه؛ لئلا يعرض نفسه للخطر، وعليه أن يأخذ بأسباب النجاة، ويتوقى أسباب الهلاك والضرر، وإذا كان في ذلك البلد فإنه لا يخرج منه، وإنما يتوكل على الله عز وجل ويبقى، ثم قد يترتب على خروجه إذا كان مصاباً بذلك المرض أن ينشره إلى الآخرين الذين لم يكونوا في بلد الطاعون.
وهذا الحديث جاء عن عبد الرحمن بن عوف ، وجاء عن غيره الصحابة. ولتحديث عبد الرحمن بن عوف بهذا قصة، وهي: أن عمر رضي الله عنه لما وقع الطاعون في الشام كان في طريقه إلى الشام، وفي أثناء الطريق لقيه أبو عبيدة وأمراء الأجناد، فكان منهم من يطلب منه أن يقدم على الشام وأن يواصل السير إليها؛ حتى ينتهي من مهمته، وبعضهم يرى أنه لا يدخلها؛ لئلا يعرض نفسه ومن معه من الصحابة للهلاك، فما كان من عمر إلا أن استشار المهاجرين الذين كانوا متواجدين معه، فانقسموا قسمين: فمنهم من يقول: ارجع، ومنهم من يقول: ادخل، ثم استشار الأنصار، فانقسموا قسمين: فمنهم من يقول: ادخل، ومنهم من يقول: ارجع، ثم استشار مُسلمة الفتح، فكان رأيهم أن يرجع، فكان الرأي الذي استقر عليه هو أن يرجع، فقال رضي الله عنه: (إني مصبح على ظهر) أي: إني في الصباح سأركب بعيري وأرجع إلى المدينة ، وكان أبو عبيدة رضي الله عنه ممن يرى الدخول وعدم الرجوع، فقال لـعمر : أتفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟! فقال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ! نفر من قدر الله إلى قدر الله، وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه موجوداً، ولكنه لم يكن موجوداً حال المحاورة، ولعله ذهب في مهمة، فلما جاء وعلم بالمحاورة التي حصلت قال رضي الله عنه: عندي فيها علمٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر الحديث، فبلغ ذلك عمر فَسُر وفرِح بذلك؛ لأن اجتهاده وقع مطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا يعتبر من موافقة عمر للحق، فقد كان يقول القول في أمر ما فيكون مطابقاً للسنة، وكان ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، فقد أشار في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بأمور متعددة فنزل الوحي مطابقاً لمشورته، وحصل أيضاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث، لكن هذا لا يعني أن يكون الحق معه دائماً، وأن كل قول يقوله ويخالف غيره فإن الحق معه، ففي بعض المسائل قد يكون الحق مع غيره، ومن ذلك: مسألة ميراث الجد مع الإخوة، فإن أبا بكر وبعض الصحابة رضي الله عنهم يرون أنه أب، لذلك فإنه يحجب الإخوة فلا يرثون معه، وكان عمر رضي الله عنه يرى أنهم يشتركون مع الجد في الميراث، والدليل مع أبي بكر رضي الله عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)، والجد أولى من الإخوة.
أن كل مرض يكون فيه موت عام فحكمه حكم الطاعون، والنهي في الحديث للتحريم.
إذا منع ولي الأمر من الخروج من هذا البلد الذي وقع فيه هذا الوباء فيستجاب قوله، ولو كان للشخص عمل في تلك البلد ثم انتهى عمله وأراد الخروج منها لا فراراً منه، فإنه يستجيب لكلام ولي الأمر ويبقى.
والمنع من الخروج من بلد الوباء مقيد بالفرار من الوباء، ولا يقال: إنه خرج مخرج الغالب، بل هو تعليل لا يهمل، ولا يقال أيضاً: إن النهي هو لتفادي العدوى، فإذا كان الرجل في بلد الطاعون وليس فيه عدوى فإنه يجوز له أن يفر من تلك البلد، لأنا نقول: إن العدوى -كما هو معلوم- بالنسبة للبلد الذي فيه الوباء أمرها واضح؛ لأن المرض موجود، ولكن ليس موجوداً في كل أحد، فقد يكون شخص منهم سلم من الطاعون، وليس كل من في البلد قد أصابهم الطاعون، فلا يخرج منه أحد فراراً بحجة أنه لم يصب بالعدوى، فقد يكون مصاباً وهو لا يدري، وعلى كل فالتعليل الشرعي قد منع الخروج فراراً منه، وإلا فإنه لا يلزم أن يكون كل الذين في البلد قد أصابهم الطاعون، وإذا خرج قد لا يكون فيه عدوى، ولكن يحتمل أن يكون فيه هذا المرض.
وقد مات أبي عبيدة رضي الله عنه في طاعون عامواس، وقد كان من أمراء الأجناد الذين كانوا في الشام، وقد جاءوا لاستقبال عمر ومرافقته، فلا أدري هل رجع أو لا، فكونه توفي في طاعون عمواس هذا معروف، ولكن هل هو طاعون عمواس الذي كان في خلافة عمر في سنة ثمانِ عشرة؟ لا أدري.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه...وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)
هو القعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ].
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ].
عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن عبد الله بن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ عن عبد الرحمن بن عوف ].
عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه صحابي، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الخروج من الطاعون.
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا سمعتم به بأرضٍ فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه، يعني: الطاعون) ].
ثم أورد أبو داود باب: الخروج من الطاعون، يعني: بسبب الطاعون، وهو وباء يكون مثل الموت العام، فيخرج من بلده فرراً من الطاعون، فهذا هو المقصود من الترجمة، والخروج من أجل الطاعون غير سائغ؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا وقع الطاعون في بلد فمن كان خارج البلد فلا يقدم عليه، ومن كان في داخل البلد فلا يخرج فراراً منه).
والمقصود: أنه لا يخرج فراراً من الطاعون، وأما إذا جاء لمهمة وانتهت مهمته ويريد أن يخرج إلى بلده وليس قصده الفرار، فلا بأس بذلك، ولا يلزمه أن يبقى؛ لأن المنع إنما هو من أجل الفرار منه، وأما الخروج من بلد الطاعون لانتهاء المهمة مثلاً فلا بأس به، فالتقييد بقوله: (فراراً منه) يدل على أنه ليس كل خروج يكون ممنوعاً منه، وإنما الخروج الممنوع هو ما كان على وجه الفرار.
فإذا كان الإنسان خارج البلد فلا يقدم عليه؛ لئلا يعرض نفسه للخطر، وعليه أن يأخذ بأسباب النجاة، ويتوقى أسباب الهلاك والضرر، وإذا كان في ذلك البلد فإنه لا يخرج منه، وإنما يتوكل على الله عز وجل ويبقى، ثم قد يترتب على خروجه إذا كان مصاباً بذلك المرض أن ينشره إلى الآخرين الذين لم يكونوا في بلد الطاعون.
وهذا الحديث جاء عن عبد الرحمن بن عوف ، وجاء عن غيره الصحابة. ولتحديث عبد الرحمن بن عوف بهذا قصة، وهي: أن عمر رضي الله عنه لما وقع الطاعون في الشام كان في طريقه إلى الشام، وفي أثناء الطريق لقيه أبو عبيدة وأمراء الأجناد، فكان منهم من يطلب منه أن يقدم على الشام وأن يواصل السير إليها؛ حتى ينتهي من مهمته، وبعضهم يرى أنه لا يدخلها؛ لئلا يعرض نفسه ومن معه من الصحابة للهلاك، فما كان من عمر إلا أن استشار المهاجرين الذين كانوا متواجدين معه، فانقسموا قسمين: فمنهم من يقول: ارجع، ومنهم من يقول: ادخل، ثم استشار الأنصار، فانقسموا قسمين: فمنهم من يقول: ادخل، ومنهم من يقول: ارجع، ثم استشار مُسلمة الفتح، فكان رأيهم أن يرجع، فكان الرأي الذي استقر عليه هو أن يرجع، فقال رضي الله عنه: (إني مصبح على ظهر) أي: إني في الصباح سأركب بعيري وأرجع إلى المدينة ، وكان أبو عبيدة رضي الله عنه ممن يرى الدخول وعدم الرجوع، فقال لـعمر : أتفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟! فقال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ! نفر من قدر الله إلى قدر الله، وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه موجوداً، ولكنه لم يكن موجوداً حال المحاورة، ولعله ذهب في مهمة، فلما جاء وعلم بالمحاورة التي حصلت قال رضي الله عنه: عندي فيها علمٌ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر الحديث، فبلغ ذلك عمر فَسُر وفرِح بذلك؛ لأن اجتهاده وقع مطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا يعتبر من موافقة عمر للحق، فقد كان يقول القول في أمر ما فيكون مطابقاً للسنة، وكان ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، فقد أشار في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بأمور متعددة فنزل الوحي مطابقاً لمشورته، وحصل أيضاً بعد وفاته صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث، لكن هذا لا يعني أن يكون الحق معه دائماً، وأن كل قول يقوله ويخالف غيره فإن الحق معه، ففي بعض المسائل قد يكون الحق مع غيره، ومن ذلك: مسألة ميراث الجد مع الإخوة، فإن أبا بكر وبعض الصحابة رضي الله عنهم يرون أنه أب، لذلك فإنه يحجب الإخوة فلا يرثون معه، وكان عمر رضي الله عنه يرى أنهم يشتركون مع الجد في الميراث، والدليل مع أبي بكر رضي الله عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر)، والجد أولى من الإخوة.
أن كل مرض يكون فيه موت عام فحكمه حكم الطاعون، والنهي في الحديث للتحريم.
إذا منع ولي الأمر من الخروج من هذا البلد الذي وقع فيه هذا الوباء فيستجاب قوله، ولو كان للشخص عمل في تلك البلد ثم انتهى عمله وأراد الخروج منها لا فراراً منه، فإنه يستجيب لكلام ولي الأمر ويبقى.
والمنع من الخروج من بلد الوباء مقيد بالفرار من الوباء، ولا يقال: إنه خرج مخرج الغالب، بل هو تعليل لا يهمل، ولا يقال أيضاً: إن النهي هو لتفادي العدوى، فإذا كان الرجل في بلد الطاعون وليس فيه عدوى فإنه يجوز له أن يفر من تلك البلد، لأنا نقول: إن العدوى -كما هو معلوم- بالنسبة للبلد الذي فيه الوباء أمرها واضح؛ لأن المرض موجود، ولكن ليس موجوداً في كل أحد، فقد يكون شخص منهم سلم من الطاعون، وليس كل من في البلد قد أصابهم الطاعون، فلا يخرج منه أحد فراراً بحجة أنه لم يصب بالعدوى، فقد يكون مصاباً وهو لا يدري، وعلى كل فالتعليل الشرعي قد منع الخروج فراراً منه، وإلا فإنه لا يلزم أن يكون كل الذين في البلد قد أصابهم الطاعون، وإذا خرج قد لا يكون فيه عدوى، ولكن يحتمل أن يكون فيه هذا المرض.
وقد مات أبي عبيدة رضي الله عنه في طاعون عامواس، وقد كان من أمراء الأجناد الذين كانوا في الشام، وقد جاءوا لاستقبال عمر ومرافقته، فلا أدري هل رجع أو لا، فكونه توفي في طاعون عمواس هذا معروف، ولكن هل هو طاعون عمواس الذي كان في خلافة عمر في سنة ثمانِ عشرة؟ لا أدري.
قوله: [ حدثنا القعنبي ].
هو القعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ].
عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ].
عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن عبد الله بن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ عن عبد الرحمن بن عوف ].
عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه صحابي، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (اللهم اشف سعداً وأسلم له هجرته)
حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا الجعيد عن عائشة بنت سعد أن أباها رضي الله عنه قال: اشتكيت بمكة فجاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني، ثم قال: (اللهم! اشفِ
ثم أورد أبو داود باب: الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة، أي: أنه يدعو له عندما يعوده.
وعيادة المريض تشتمل على فوائد منها: أن يدعو له، وأنه يؤنسه ويدخل السرور عليه.
وأورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أنه قال: (اشتكيت بمكة فجاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني وقال: اللهم اشفِ
وقوله: (وأتم هجرته) أي أنه دعا له بألا يموت في البلد الذي هاجر منه، وقد كانوا يحرصون على ألا يموتوا في دار هجرتهم التي تركوها من أجل الله، ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المهاجرين في الحج أن يغادروا مكة، وألا يبقوا فيها بعد الحج.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم اشف سعداً وأسلم له هجرته)
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا مكي بن إبراهيم ].
مكي بن إبراهيم ثقة من كبار شيوخ البخاري ، ومن الذين أخرج عنهم الثلاثيات، وعدد ثلاثيات البخاري في الصحيح اثنان وعشرون حديثاً، وقد رواها عن عدد قليل من شيوخه، منهم: مكي بن إبراهيم هذا، ومنهم أبو عاصم النبيل ، فشيوخه في الثلاثيات قليلون جداً.
[ عن الجعيد ].
الجعيد ، ويقال له: الجعد بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن عائشة بنت سعد ].
هي عائشة بنت سعد بنت بن أبي وقاص ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن أبيها ].
وهو سعد بن أبي وقاص رضي تعالى الله عنه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني ] فيه دليل على أن الإنسان إذا زار مريضاً فإنه يُشرع له أن يلمس جسده وأن يمسح عليه؛ لأن هذا فيه إيناس له، وليس هذا خاصاً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم للبركة التي فيه، بل يجوز لكل أحد أن يلمس جسد المريض، وأن يلمس جبهته لينظر هل هناك حرارة أو لا؛ حتى يطمئن ويرتاح.
وأما بالنسبة للبركة والتبرك فهذا لا يكون إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يمسح من أجل تحصيل البركة، وأما إذا كان من أجل الاطمئنان على المريض وسلامته فلا بأس بذلك لكل أحد.
شرح حديث (أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني)
قال سفيان : والعاني: الأسير ].
ثم أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أطعموا الجائع) أي: الجائع المحتاج إلى الطعام، فهذا مأمورٌ بإطعامه.
وقوله: (وعودوا المريض) وهذا أمر بالعيادة، لذلك من أهل العلم من قال: إنها واجبة على الكفاية بناء على هذا الحديث، ومنهم من قال: إنها مستحبة، وقوله: (وفكوا العاني) العاني: هو الأسير، فالأسير يفك إذا أسَره الكفار، وذلك إما بدفع مقابل لتخليصه منهم، أو بمقابلته بمأسور من الكفار، أي: على سبيل المبادلة.
وليس في الحديث شيء يدل على الترجمة السابقة، وهي: الدعاء بالشفاء عند عيادة المريض.
[ قال سفيان : والعاني: الأسير ].
وقد ذكرنا هذا.
والأوامر في قوله: (أطعموا الجائع، وعودوا المريض) للوجوب، ولكنه على الكفاية، فإذا وجد من يقوم بذلك حصل المقصود.
وأما عيادة المريض فكما قلت إن العلماء قد اختلفوا في ذلك: فمنهم من قال: إنها مستحبة، ومنهم من قال: إنها فرض كفاية كإطعام الجائع، وفك العاني.
تراجم رجال إسناد حديث (أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني)
هو: محمد بن كثير ، وقد مر ذكره.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن سعيد الثوري ، وقد مر ذكره.
منصور مر ذكره، وأبو وائل هو: شقيق بن سلمة ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى الأشعري ].
أبو موسى الأشعري مر ذكره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة.
حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا الجعيد عن عائشة بنت سعد أن أباها رضي الله عنه قال: اشتكيت بمكة فجاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني، ثم قال: (اللهم! اشفِ
ثم أورد أبو داود باب: الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة، أي: أنه يدعو له عندما يعوده.
وعيادة المريض تشتمل على فوائد منها: أن يدعو له، وأنه يؤنسه ويدخل السرور عليه.
وأورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أنه قال: (اشتكيت بمكة فجاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني وقال: اللهم اشفِ
وقوله: (وأتم هجرته) أي أنه دعا له بألا يموت في البلد الذي هاجر منه، وقد كانوا يحرصون على ألا يموتوا في دار هجرتهم التي تركوها من أجل الله، ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المهاجرين في الحج أن يغادروا مكة، وألا يبقوا فيها بعد الحج.
قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ].
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا مكي بن إبراهيم ].
مكي بن إبراهيم ثقة من كبار شيوخ البخاري ، ومن الذين أخرج عنهم الثلاثيات، وعدد ثلاثيات البخاري في الصحيح اثنان وعشرون حديثاً، وقد رواها عن عدد قليل من شيوخه، منهم: مكي بن إبراهيم هذا، ومنهم أبو عاصم النبيل ، فشيوخه في الثلاثيات قليلون جداً.
[ عن الجعيد ].
الجعيد ، ويقال له: الجعد بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن عائشة بنت سعد ].
هي عائشة بنت سعد بنت بن أبي وقاص ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن أبيها ].
وهو سعد بن أبي وقاص رضي تعالى الله عنه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ ووضع يده على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني ] فيه دليل على أن الإنسان إذا زار مريضاً فإنه يُشرع له أن يلمس جسده وأن يمسح عليه؛ لأن هذا فيه إيناس له، وليس هذا خاصاً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم للبركة التي فيه، بل يجوز لكل أحد أن يلمس جسد المريض، وأن يلمس جبهته لينظر هل هناك حرارة أو لا؛ حتى يطمئن ويرتاح.
وأما بالنسبة للبركة والتبرك فهذا لا يكون إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يمسح من أجل تحصيل البركة، وأما إذا كان من أجل الاطمئنان على المريض وسلامته فلا بأس بذلك لكل أحد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن كثير ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني).
قال سفيان : والعاني: الأسير ].
ثم أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أطعموا الجائع) أي: الجائع المحتاج إلى الطعام، فهذا مأمورٌ بإطعامه.
وقوله: (وعودوا المريض) وهذا أمر بالعيادة، لذلك من أهل العلم من قال: إنها واجبة على الكفاية بناء على هذا الحديث، ومنهم من قال: إنها مستحبة، وقوله: (وفكوا العاني) العاني: هو الأسير، فالأسير يفك إذا أسَره الكفار، وذلك إما بدفع مقابل لتخليصه منهم، أو بمقابلته بمأسور من الكفار، أي: على سبيل المبادلة.
وليس في الحديث شيء يدل على الترجمة السابقة، وهي: الدعاء بالشفاء عند عيادة المريض.
[ قال سفيان : والعاني: الأسير ].
وقد ذكرنا هذا.
والأوامر في قوله: (أطعموا الجائع، وعودوا المريض) للوجوب، ولكنه على الكفاية، فإذا وجد من يقوم بذلك حصل المقصود.
وأما عيادة المريض فكما قلت إن العلماء قد اختلفوا في ذلك: فمنهم من قال: إنها مستحبة، ومنهم من قال: إنها فرض كفاية كإطعام الجائع، وفك العاني.
قوله: [ حدثنا ابن كثير ].
هو: محمد بن كثير ، وقد مر ذكره.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن سعيد الثوري ، وقد مر ذكره.
منصور مر ذكره، وأبو وائل هو: شقيق بن سلمة ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى الأشعري ].
أبو موسى الأشعري مر ذكره.
شرح حديث (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات...)
حدثنا الربيع بن يحيى حدثنا شعبة حدثنا يزيد أبو خالد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب الدعاء للمريض عند عيادته، والدعاء ههنا مطلق، وأما في الترجمة السابقة فهو مقيد بالشفاء، والأحاديث التي أوردها أبو داود في هذه الترجمة هي في الدعاء بالشفاء، فهي صالحة في الترجمة السابقة، والترجمة هنا ذكرها مطلقة، والأولى أن يأتي بها مقيدة، أو أن يأتي بأحاديث تدل على الترجمة، حتى تناسب المقام والترجمة.
قوله: (من عاد مريضاً لم يحضر أجله) أي: أن المريض إذا حضر أجله فلا ينفع فيه أي سبب من الأسباب.
وقوله: (إلا شفاه الله) هذا إذا كان المريض لم يحضر أجله، وأما إذا كان المريض قد حضر أجله فلا ينفع فيه ذلك، ولا يحصل له الشفاء من ذلك المرض، بل يحصل له الموت الذي قدر الله تعالى أن يكون له، فلا يستأخر عن وقته ولا يتقدم.
ويجوز أن يقول هذا الدعاء سراً وجهراً، فكل ذلك سائغ، ولكن إذا أسمع المريض فهو الأولى والأفضل؛ لأن فيه إدخال السرور عليه، وليس هناك دليل يدل على أن المريض يدعو بهذا الدعاء لنفسه، لكن له أن يسأل الله الشفاء.
تراجم رجال إسناد حديث (من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرات..)
الربيع بن يحيى صدوق له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ حدثنا شعبة حدثنا يزيد أبو خالد ].
هو يزيد أبو خالد الدهلاني صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن المنهال بن عمرو ].
المنهال بن عمرو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري ، وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
شرح حديث (إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشف عبدك!..)
قال أبو داود : وقال ابن السرح : إلى صلاة ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم! اشف عبدك؛ ينكأ لك عدواً، ويمشي لك إلى جنازة)، وفي رواية: (إلى صلاة) أي: أنه يمشي إلى الصلاة على جنازة، وهذا الحديث يدل على الدعاء للمريض بالشفاء.
قوله: (ينكأ لك) أي: يحدث منه نكاية في العدو، وذلك إذا شفاه الله ثم حصل منه جهاد أو غير ذلك، فإنه يفيد في النكاية في العدو.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشف عبدك!..)
يزيد بن خالد الرملي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حيي بن عبد الله ].
حيي بن عبد الله صدوق يهم، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبي عبد الرحمن الحُبلي ].
هو: عبد الله بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن والحُبلي هذا سبق أن مر ذكره، وقد كنا نبحث عن ضبطه: هل هو الحُبُلِّي أو الحُبُلِي، ولم نهتدِ إلى شيء.
[ عن ابن عمرو ].
هو: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : وقال: ابن السرح ].
هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2650 استماع |