شرح سنن أبي داود [283]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم الدهر تطوعاً.

حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا: حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة رضي الله عنه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، فلما رأى ذلك عمر قال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، نعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله، فلم يزل عمر يرددها حتى سكن غضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر -قال مسدد : لم يصم ولم يفطر أو ما صام ولا أفطر. شك غيلان - قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: أويطيق ذلك أحد؟ قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: ذلك صوم داود، قال: يا رسول الله فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوقت ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، وصيام عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصوم يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في صوم الدهر تطوعاً].

يعني: هل هو سائغ أو غير سائغ؟

صيام الدهر جاء ما يدل على منعه وذلك في بعض الأحاديث، ومنها: ما أورده أبو داود هنا، وذلك أن صوم الدهر فيه مشقة على الإنسان، وكونه يقصر في الأمور الأخرى الواجبة عليه، يعني: فيما يتعلق بالصلاة والنوافل، وما يتعلق بحقوق الأهل، وما يتعلق بحقوق من له حقوق عليه، فإن استمرار الصيام يلحق الضرر بجسمه، ويعيقه عن الإتيان بالأمور التي عليه أن يأتي بها، هذا هو التعليل للمنع منه، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه أحاديث تدل على أن الإنسان إذا عمل بها فإنه يحصل له ثواب صوم الدهر، وتفضيل ذلك أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر -والحسنة بعشر أمثالها- وصيام رمضان وإتباعه بست من شوال يكون كصيام الدهر، فإنه يحصل الأجر للسنة كلها بهذا العمل، وأما كونه يصوم الدهر كله فإن هذا يترتب عليه المحاذير التي أشرت إليها آنفاً.

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: كيف تصوم يا رسول الله؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: من هذا السؤال، وكان ينبغي له أن يقول: كيف أصوم؟ يعني: هو نفسه يسأل عن صيامه، وماذا ينبغي له أن يفعله في الصيام؟ وأما أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تصوم؟ فهذا هو الذي غضب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغضبه عليه الصلاة والسلام إما لأن هذا الشخص قد يتقال عمله صلى الله عليه وسلم، ويحصل منه عمل كثير يلحقه به مضرة ومشقة، مثل قصة الثلاثة الذين جاءوا وسألوا عن حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أعماله، فكأنهم تقالوها، فقالوا لبعضهم: الرسول صلى الله عليه وسلم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأما نحن فنحتاج إلى عمل، فقال بعضهم: (أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أقوم الليل فلا أنام، وقال الثالث: وأنا لا أتزوج النساء، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما علم بخبرهم قال: أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له، أما إني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) وسنته صلى الله عليه وسلم هي صيام وإفطار، وصلاة ونوم، وتزوج للنساء، فمثل هذا السؤال يمكن أن يبنى عليه أن يتقال العمل، أو يحاول أن يلزم نفسه بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم فيعجز عن ذلك، مثلما جاء في قضية الوصال، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يواصل لما نهى الصحابة عن الوصال، قالوا: إنك تواصل، قال: (إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى) كما مر بنا الحديث قريباً.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يوقفهم على مشقة ذلك الشيء الذي أرادوه فواصل بهم في آخر الشهر يومين أو ثلاثة، وقال: (لو تأخر الشهر لزدتكم) كالمنكل لهم، فهذا السؤال إما أن يترتب عليه كون الإنسان يلزم نفسه بشيء يشق عليه مثل الوصال ولا يستطيعه، أو أنه يتقال العمل فيلزم نفسه بشيء قد يطيقه في الحال ولكنه يشق عليه مع الاستمرار ومع طول الزمن، ومع مضي الأيام يلحقه بذلك مضرة ومشقة، فالرسول صلى الله عليه وسلم غضب لذلك، وعندما غضب قال عمر رضي الله عنه: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وجعل يرددها حتى سكن غضبه صلى الله عليه وسلم، وغضبه صلى الله عليه وسلم إنما هو للشفقة على أمته، والرفق بها، والحرص على ألا يحصل لها شيء يلحقها فيه مضرة ومشقة، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم لأمته، وأنه رءوف رحيم بها، كما وصفه الله عز وجل بقوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] وهذا الذي قاله عمر رضي عنه جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث العباس بن عبد المطلب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ذاق طعم الإيمان من رضي الله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً) وجاء في الدعاء عند الأذان: (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً) وجاء في أدعية الصباح والمساء: (رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً)وهذه الأمور الثلاثة التي جاءت في هذه الأحاديث هي الأمور التي يسأل عنها في القبر؛ لأن العبد يسأل في قبره عن ربه، ودينه، ونبيه، وهذه الأمور الثلاثة هي التي بنى عليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه كتابه الأصول الثلاثة وأدلتها، وهي:

الأول: معرفة العبد ربه.

الثاني: معرفة العبد دينه.

الثالث: معرفة العبد لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

فهذا الكتاب المختصر المفيد العظيم لا يستغني عنه الخاص والعام، ولا العامي ولا طالب العلم؛ لأنه مبني على هذه الأمور الثلاثة التي هي مدار السؤال في القبر: سؤال الإنسان عن ربه، ودينه، ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يستغني طالب العلم عن هذا الكتاب الصغير الحجم العظيم الفائدة .. القليل المبنى، الواسع المعنى، وهو كتاب مشتمل على الأمور الثلاثة التي جاءت في الحديث، والتي جاءت في كلام عمر رضي الله عنه وأرضاه هنا، والتي بقي يرددها حتى سكن غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

التحذير من صيام الدهر واستحباب الاقتصار على ما يطاق من العمل

قوله: [ (قال: كيف بمن يصوم الدهر كله؟) ].

انتقل السائل إلى هذا السؤال: كيف بمن يصوم الدهر كله؟ وهذا يبين أو يدل على أن السائل عنده جانب يعني: الزيادة أو الإكثار من العمل، والنبي صلى الله عليه وسلم قد جاء عنه أنه قال: (عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا) وقال عليه الصلاة والسلام (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، وقال: (أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل) ويقال في الحكم: (قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه) وقد يجد الإنسان في نفسه النشاط في بعض الأوقات، فيقدم ويلزم نفسه بشيء، ثم بعد ذلك يندم أنه ألزم نفسه بشيء عجز عنه، كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه كان كثير العبادة والصيام، ولكنه بعد ذلك جاء عنه أنه تمنى أن يكون أخذ بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالصيام وبقراءة القرآن، والحد الذي حده له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الحاصل أن الإنسان قد يجد في نفسه نشاطاً فيلزم نفسه بشيء، ثم يقصر فيما التزم به، أو يعجز عن الالتزام به، ولكنه كونه يحافظ على الشيء ولو كان قليلاً هذا هو الذي يعود عليه بالمصلحة، وهو الذي فيه الإبقاء على الشيء وبالمداومة عليه وإن كان قليلاً، والمداومة على الشيء ولو كان قليلاً يكون الإنسان على صلة بالله دائماً؛ لأن الموت إذا جاءه يأتيه وهو ملازم للعبادة ولو كانت قليلة، أما إذا نشط في بعض الأحيان وأكثر ثم أهمل في بعض الأوقات فقد يأتيه الموت وهو في وقت الإهمال؛ ولهذا قيل لـبشر الحافي : إن أقواماً يجتهدون في رمضان فإذا خرج تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.

قوله: [ (قال: كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر) ].

يعني: لم يصم ولم يفطر؛ لأنه ما حصل منه الصيام الذي يحصل معه الإتيان بالأمور الواجبة (ولا أفطر) يعني: ولا حصل منه الارتياح في الإفطار الذي يتمكن من أداء العبادات.

وقيل: إنه دعاء عليه، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ينشد الضالة قال: (لا ردها الله عليك) يعني: دعاء عليه بأن لا يرد الله تعالى عليه ضالته التي ينشدها في المسجد، وكذلك ما جاء في القبر من قول الملكين: (لا تليت ولا دريت).

يعني: قيل: إنه دعاء عليه، فقوله: (لا ردها الله عليك) مثل قوله: (لا صام ولا أفطر) يعني: دعاء عليه بأنه ما حصل له ذلك الشيء الذي يعود عليه بالخير.

قوله: [ قال مسدد : (لم يصم ولم يفطر) أو (ما صام ولا أفطر) شك غيلان ].

يعني: مسدد الذي هو أحد الشيخين شك في أنه: (لم يصم ولم يفطر) أو (لا صام ولا أفطر) وأما الشيخ الثاني الذي هو سليمان بن حرب فإنه قال: (لا صام ولا أفطر) يعني: بدون شك، وأما هذا شك: هل قال هذه الكلمات كما قال سليمان بن حرب أو قال كلمة أخرى، وهي: (لم يصم ولم يفطر).

قوله: [ (قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: أويطيق ذلك أحد؟) ].

يعني: معناه يصوم ثلثي الدهر، فسأله عن صيام الدهر، ثم سأله عن صيام ثلثيه، يعني: يصوم من الشهر عشرين يوماً ويترك عشرة قال: (أويطيق ذلك أحد؟) يعني: هناك مشقة في الاستمرار على ذلك، أما كونه يطيقه في شهر أو في شهرين فهذا وارد، لكن مع الدوام والاستمرار وطول الحياة فإن في ذلك مشقة.

قوله: [ (قال: يا رسول الله! فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: ذلك صوم داود) ].

يعني: هو خير الصيام كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: حين يصوم يوماً ويفطر يوماًً فإن في ذلك ارتياحاً وصياماً، وليس صياماً مستمراً لا راحة معه، ولا إفطاراً مستمراً لا صيام معه، وإنما صوم يوم وإفطار يوم.

قوله: [ (فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوقت ذلك) ].

يعني: يصوم عشرة أيام من الشهر، وكون الإنسان يلازم على صيام عشرة أيام فهو يصوم ثلث الدهر، قال: (وددت أني طوقت ذلك) قيل: معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لانشغاله بأهله وضيوفه، وبأعماله وبالناس يجعله لا يصوم هذا المقدار باستمرار.

وقيل: إن المقصود بذلك أمته.

بيان النبي للأيام التي يستحب صيامها

قوله: [ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث من كل شهر) ].

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ما ينبغي أن يفعل فقال: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، الحسنة بعشر أمثالها، فيكون الإنسان كأنه صام الدهر؛ لأن كل يوم عن عشرة أيام، والحسنة بعشر أمثالها، فيكون صام ثلاثين يوماً في رمضان وكل يوم عن عشرة أيام، فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام يكون قد صام ستة وثلاثين يوماً، وكل يوم بعشرة أيام، وعلى اعتبار أن الأشهر كاملة، والحسنة بعشرة أمثالها، فيكون بذلك له أجر صيام الدهر، مثلما جاء في فرض الصلوات خمسين صلاة ثم خفضت إلى خمس صلوات، ثم قال الله عز وجل: (هن خمس في العمل وخمسون في الأجر)؛ لأن الحسنة بعشرة أمثالها، والصلاة عن عشر صلوات، واليوم عن عشرة أيام، وهنا يكون كأنه صام الدهر.

وكما سيأتي في الحديث: (من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) أو (فكأنما صام الدهر) لأن رمضان بثلاثين يوماً، فيكون المجموع مع شوال ستة وثلاثين يوماً والحسنة بعشر أمثالها، فإذا صام رمضان وستاً من شوال، وصام ثلاثة أيام من كل شهر يكون بذلك كأنه صام الدهر مرتين، وحصل أجر صيام السنة مرتين؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها.

قوله: [ (ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله، وصيام عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) ].

ويوم عرفة هو يوم من أيام السنة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وصيامه يستحب لغير الحجاج، وأما الحجاج فالأولى في حقهم أن يكونوا مفطرين لا أن يكونوا صائمين، وإنما الفضل في الصيام في حق من كان في غير عرفة وليس من الحجاج، فالحجاج بحاجة إلى أن يتقووا على الدعاء والذكر في ذلك اليوم، والصوم قد يحصل لهم معه كسل يحول بينهم وبين الإتيان بذلك الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل في تلك الساعات النفيسة العظيمة التي ينزل الله عز وجل ويباهي بأهل الموقف الملائكة.

قوله: [ (إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) ] يعني: هذا يدل على أن أفضل يوم يصام تطوعاً هو يوم عرفة، وذلك لغير الحجاج.

والتكفير إنما هو تكفير الصغائر، وأما الكبائر فإنها تحتاج إلى التوبة حتى تكفرها، أما أن يكون الإنسان مصراً على الكبائر ومداوماً عليها، ثم يصوم يوماً في السنة ويقول: هذا ينهي كل ما تقدم، فهذا لا بد فيه من التوبة؛ ولهذا يقول الله عز وجل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31].

ويقول صلى الله عليه وسلم: (الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر) فهذا التقييد بقوله: (ما اجتنبت الكبائر) يدل على أن التكفير إنما هو للصغائر، وإذا صامه مع توبة نصوح، فإنه يكفر الكبائر والصغائر، أما صيام مع الإصرار على الكبائر وعدم التوبة منها فهذا لا يحصل منه تكفير الكبائر.

قوله: [ (وصوم يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) ].

وهذا يدل على فضل صيام يوم عاشوراء، ولكنه يضاف إليه يوم آخر حتى يسلم من المشابهة لليهود، فيصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، والأولى أن يصوم يوماً قبله؛ لأن الأحاديث وردت بذلك، حديث قال صلى الله عليه وسلم: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع) فهذا يدلنا على أنه يصام معه، ولكن كما جاء في الحديث هنا: (أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية) وهذا يدل على فضله، وأنه مثل يوم عرفة في الفضل؛ فعرفة يكفر السنة الماضية والآتية، وهذا يكفر السنة الماضية.

تراجم رجال إسناد حديث (ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله..)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ].

سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومسدد ].

هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ قالا: حدثنا حماد بن زيد ].

حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن غيلان بن جرير ].

غيلان بن جرير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن معبد الزماني ].

عبد الله بن معبد الزماني ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن أبي قتادة ].

هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (أرأيت صوم يوم الإثنين ويوم الخميس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مهدي حدثنا غيلان عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة رضي الله عنه بهذا الحديث زاد: (قال: يا رسول الله! أرأيت صوم يوم الإثنين ويوم الخميس؟ قال: فيه ولدت وفيه أنزل علي القرآن) ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، حديث أبي قتادة ، وأنه فيه زيادة: أنه سئل عن صوم يوم الإثنين والخميس فقال: (فيه ولدت، وفيه أنزل علي القرآن) وهذا في يوم الإثنين لا في يوم الخميس، وقيل: إن زيادة الخميس وهم؛ لأن الذي فيه ولادته وفيه إنزال القرآن عليه -أي: البدء في إنزال القرآن عليه- كان يوم الإثنين، وهذا يدلنا على فضل صيام يوم الإثنين، وأما صيام يوم الخميس فقد جاءت أحاديث أخرى تدل على صيام الإثنين والخميس، وأن الأعمال تعرض فيهما على الله عز وجل، وأنه صلى الله عليه وسلم يحب أن يعرض عمله وهو صائم، وقد جاء ما يدل على صوم الإثنين والخميس أحاديث عديدة، ولكن كونه يعلل بأنه يوم ولد فيه وأنزل عليه فيه القرآن هذا يدلنا على فضل صيام يوم الإثنين.

ثم إن بعض الذين فتنوا بالموالد يستدلون على إقامة مولد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، وفي الحقيقة هذا الحديث ليس فيه دليل لهم؛ لأنهم في المولد لا يصومون، وإنما يأكلون الأطعمة ويتنافسون فيها، ويكثرون من أنواع الطعام، وهو خلاف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: [ (ذاك يوم ولدت فيه) ] معناه: من أراد أن يحصل منه احتفاء بذلك اليوم فإن الطريق إلى ذلك بأن يصومه؛ لأنه يوم ولد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن فيه، أما أن يجتمع الناس فيه للتلاوة وقول المدائح وغيرها فهذا من الأمور المحدثة المبتدعة التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، ولم تأت فيها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما فعلها الصحابة الكرام ولا التابعون ولا أتباع التابعين، ومضت ثلاثمائة سنة كاملة لا يوجد شيء اسمه الاحتفال بالموالد، حتى جاء الرافضة العبيديون الذين حكموا مصر في القرن الرابع فأحدثوا بدعة الموالد، وقبل إحداث الرافضة العبيديين لها في القرن الرابع لم يكن لها وجود؛ ولهذا الكتب التي ألفت في تلك الحقبة وفي تلك الأزمان لا ذكر للموالد فيها أبداً لا مضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا إلى خلفائه الراشدين، ولا الصحابة أجمعين، ولا التابعين ولا أتباع التابعين.

فلو قال قائل: النصارى يحتفلون بميلاد عيسى، ونحن أولى أن نحتفل بميلاد محمد صلى الله عليه وسلم.

فنقول له: نحن مأمورون بمخالفة أهل الكتاب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) فهذا تنفير لنا عن متابعتهم والأقتداء بهم، وإنما أمرنا بأن نقتدي بما جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فالمولد بدعة في الدين ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، والرسول صلى الله عليه وسلم بين للناس كل ما أمر بتبليغه، ولم يكن من ذلك هذه البدعة التي ابتدعها الرافضة العبيديون، وقلدهم من قلدهم فيها إلى هذا اليوم، ومنذ ذلك الوقت والناس بين فاعل لها ومنكر لها، ولكن قال عليه الصلاة والسلام: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) وهؤلاء الخيار لا وجود لهذا العمل عندهم أبداً، بل هو من محدثات الأمور، والنبي صلى الله عليه وسلم محبته يجب أن تكون في قلب كل مسلم، وفوق محبة كل محبوب بعد الله سبحانه وتعالى، فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله) ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبة الله، ويجب أن تكون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في قلب كل مسلم أعظم من محبته لنفسه، ومحبته لأبيه وأمه وابنه وبنته، وزوجته وصديقه وأقاربه، والناس أجمعين، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) لماذا؟ لأن نعمة الهداية إلى الصراط المستقيم.. نعمة الخروج من الظلمات إلى النور، هي أعظم وأجل نعمة، لا يساويها نعمة ولا يماثلها نعمة، أعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على المسلمين أن هداهم للإسلام، وهذه النعمة ساقها الله للناس على يدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

فإذاً: محبته يجب أن تكون أعظم من محبة الأب والأم والابن والبنت وسائر الناس.. أعظم من محبته لأصوله وفروعه وكل من له به علاقة، بل ومن سائر الناس أجمعين، فهذه هي المحبة التي يجب أن تكون، لكن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم بإقامة الموالد أو بالتمسح بالجدران والشبابيك لا يصح، بل محبته صلى الله عليه وسلم باتباعه، وهناك آية في القرآن يسميها بعض العلماء: آية الامتحان والاختبار، وهو أن من يدعي محبة الله ورسوله فعليه أن يقيم البينة، ومعلوم أن البينات لا بد منها في الدعاوى، فكون إنسان يدعي على إنسان مالاً فمجرد الدعوى لا يثبت له بها الحق أبداً حتى يقيم البينة، والبينة شهود عدول أو اعتراف المدعى عليه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لو أعطي الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) فكذلك في أمور الدين كمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لا بد فيها من إقامة البينة على أن العبد محب للرسول صلى الله عليه وسلم، فما هي البينة؟

البينة هي اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الآية هي قول الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]، هذه آية الامتحان والاختبار، وهي أن من يدعي محبة الله ورسوله عليه أن يقيم البينة، والبينة هي اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أن تكون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد دعاوى وغلو، ثم يعصى الرسول صلى الله عليه وسلم ويخالف، ويعبد الله فيما ابتدع مما لم يكن جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا لا يجوز، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) وقال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وبعض الناس يمكن أن يقول: إن الإنسان الذي يفعل هذا قصده طيب، والإنسان يؤجر على قصده ونيته، والإنسان هو على خير ما دام قصده طيباً، فلو أنه فعل أمراً ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع له حسن قصده.

نقول: هذا كلام غير صحيح؛ لأنه لا بد مع حسن القصد أن يكون العمل مطابقاً للسنة؛ لأن العمل الذي يقبل عند الله لا بد فيه من أمرين اثنين:

الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله.

الثاني: أن يكون مطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن فقد شرط الإخلاص رد على صاحبه، وإن فقد شرط الاتباع رد على صاحبه، ودليل رده على صاحبه إذا فقد شرط الإخلاص قول الله عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]ودليل رد العمل إذا كان غير مطابق للسنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه، وفي لفظ لـمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

فإذاً: لا بد من الأمرين: إخلاص، ومتابعة، لا بد من تجريد الإخلاص لله وحده، ولا بد من تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو مقتضى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ لأن مقتضى أشهد أن لا إله إلا الله الإخلاص، ومقتضى أشهد أن محمداً رسول الله اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، وأن يكون العمل مطابقاً لسنته صلى الله عليه وسلم.

ومما يوضح أن حسن القصد لا يكفي ما جاء في الصحيح عن أحد الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم أنه في يوم عيد الأضحى ذبح أضحيته قبل الصلاة؛ لأنه يعلم أن الناس بحاجة إلى اللحم، وأنهم مشتهون للحم، فأراد أن تذبح أضحيته قبل الصلاة وتطبخ فإذا جاء الناس من المصلى وإذا اللحم قد طبخ، فتكون أضحيته أول ما يؤكل منها، فيقدمها للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع قال: (شاتك شاة لحم) ؛ لأنها ما وقعت في الوقت المحدد؛ لأن الذبح لا يكون إلا بعد صلاة العيد بعد أن يرجع الناس من المصلى، وقبل أن يخرجوا المصلى لا يذبحون، ولو ذبحوا ما أجزأهم ذلك، فهذا الصحابي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (شاتك شاة لحم) فكان قصده طيباً وحسناً، ولا إشكال في حسن القصد هذا، لكن العمل لما وقع غير مطابق للسنة لم يعتبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (شاتك شاة لحم) يعني: مثل الذبيحة التي تذبح في أي يوم من السنة للأكل، وأما أيام الذبح والنحر فهي أربعة: يوم العيد- عيد الأضحى - وثلاثة أيام بعده التي هي أيام التشريق.

نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن بعض أهل العلم قال: وفي هذا دليل على أن العمل لا يعتبر إلا إذا وقع مطابقاً للسنة، ولا يكفي حسن قصد الفاعل.

يعني: إن العمل لا يعتبر إلا إذا كان مطابقاً للسنة ولو كان قصد صاحبه حسناً، وليس معناه: أنه يصير سنة وإن كان بدعة، والرسول صلى الله عليه وسلم بين للصحابي أن شاته شاة لحم.

الدليل الثاني على ذلك: أن أبا عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه جاء إلى أناس في المسجد متحلقين وكل واحد منهم معه حصى، وفي كل حلقة واحد يقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، ثم يقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة، ثم يقول كبروا مائة، فيكبرون مائة، وعند ذلك وقف على رءوسهم أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقال: ما هذا يا هؤلاء؟!! إما أن تكونوا على طريقة أهدى مما كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو أنكم مفتتحو باب ضلالة.

يعني واحدة من اثنتين: إما أنكم أحسن من الصحابة، أو أنكم مفتتحو باب ضلالة، ومعلوم أنهم لا يمكن أن يكونوا أحسن من الصحابة، وهم فهموا أنهم لن يكونوا أحسن من الصحابة، فبقيت الثانية، فقالوا: سبحان الله! يا أبا عبد الرحمن ! ما أردنا إلا الخير، فقال رضي الله عنه: وكم من مريد للخير لم يصبه.

فالعمل يجب أن يكون على السنة ولا يكون على بدعة، والرسول حذر من البدع فقال: (إياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وقال: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وكل هذا يبين لنا أن البدع يجب الحذر منها، وأن الإنسان يحرص على النصوص ويتبعها، ويسأل عن الأدلة: هل ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم يثبت؟ هل جاء في ذلك سنة عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؟ هل يوجد دليل من كتاب الله وسنة رسوله، أو عمل الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم؟ لأن الخير كل الخير في اتباعهم والسير على منهاجهم ومنوالهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

تراجم رجال إسناد حديث (أرأيت صوم يوم الإثنين ويوم الخميس ...)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا مهدي ].

هو مهدي بن ميمون ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا غيلان عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة ].

وقد مر ذكرهم.

شرح حديث (ألم أحدث أنك تقول: لأقومن الليل ولأصومن النهار؟)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: (لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألم أحدث أنك تقول: لأقومن الليل، ولأصومن النهار؟

قال: أحسبه قال: نعم يا رسول الله! قد قلت ذلك، قال: قم ونم، وصم وأفطر، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مثل صيام الدهر، قال: قلت: يا رسول الله! إني أطيق أكثر من ذلك، قال: فصم يوماً وأفطر يومين، قال: فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوماً وأفطر يوماً، وهو أعدل الصيام، وهو صيام داود، قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا أفضل من ذلك)].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه وقال: ألم أحدث أنك تقول: لأصومن النهار، ولأقومن الليل؟) قال: الرواي: أحسبه قال: نعم، الرسول أخبر بهذا، ولكنه سأله عن هذا الخبر الذي أخبر به، هل هو صحيح أو غير صحيح؟ قال: (ألم أحدث) ما قال له: إنك تقول كذا وكذا؛ لأنه قد يكون في الخبر شيء، فهذا يدل على الاحتياط والتثبت في الأخبار، وأنه لا يكفي مجرد نقل الأخبار، وأن يعول عليها دائماً وأبداً، فقد تكون الأخبار فيها وهم، وقد يكون فيها زيادة أو نقصان، وقد يكون فيها سهو أو خطأ، ولذا يقال:

وما آفة الأخبار إلا رواتها.

يعني: كثيراً ما تكون آفة الأخبار من رواة الأخبار، بأن يكون فيها خلل ونقص، فالرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (ألم أحدث) أراد أن يتثبت وأن يتحقق، وهل هذا الخبر الذي بلغه صحيح أو لا؟ (فقال: نعم) يعني: هذا الذي أخبرت به صحيح، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (صم وأفطر، وقم ونم) يعني: لا تصم صياماً مستمراً، ولا تصل صلاة مستمرة، وإنما اجمع بين هذا وهذا، وهذا مطابق لهديه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في قصة الثلاثة قال: (


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع