شرح سنن أبي داود [158]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (صلوا قبل المغرب ركعتين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة قبل المغرب

حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن الحسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء خشية أن يتخذها الناس سنة) ].

أورد أبو داود رحمه الله: [ باب الصلاة قبل المغرب ]، يعني أن الصلاة قبل المغرب سائغة ومستحبة، ولكنها ليست راتبة، فالرواتب التي جاءت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي اثنتا عشرة ركعة.

وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب لمن شاء خشية أن يتخذها الناس سنة) ]. يعني: لئلا يتخذها الناس سنة ويعتقد أن هذا شيء ثابت ومستقر، وأن هذه الصلاة كغيرها من الرواتب التي يحافظ ويداوم عليها، فدل ذلك على مشروعية الصلاة قبل المغرب بعد أذان المغرب وقبل صلاة المغرب، فيشرع للإنسان أن يصلي ركعتين لهذا الحديث، وللحديث الآخر: (بين كل أذانين صلاة) الذي ليس خاصاً بالمغرب، بل يشمل المغرب والعصر والعشاء وكل الصلوات، فبين كل أذان وإقامة صلاة، لكن منها سنن راتبة كسنة الفجر والظهر، ومنها سنن غير راتبة كالتي تكون قبل العصر، والتي تكون قبل المغرب، والتي تكون قبل العشاء، كلها تدخل تحت قوله: (بين كل أذانين صلاة) وأما بالنسبة للمغرب بخصوصها ففيها هذا الحديث الذي هو: (صلوا قبل المغرب).

تراجم رجال إسناد حديث (صلوا قبل المغرب ركعتين...)

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر ].

هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد الوارث بن سعيد ].

هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسين المعلم ].

هو حسين بن ذكوان المعلم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن بريدة ].

هو عبد الله بن بريدة بن حصيب رضي الله عنه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله المزني ].

عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (صليت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله...)

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز أخبرنا سعيد بن سليمان حدثنا منصور بن أبي الأسود عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (صليت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلت لـأنس : أرآكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم رآنا فلم يأمرنا ولم ينهنا) ].

أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه قال: [ (صليت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقيل له: أرآكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم رآنا فلم يأمرنا ولم ينهنا) ]. يعني: سكت، ومعلوم أن سكوت النبي صلى الله عليه وسلم إقرار، فهذا يؤيد ما جاء في الحديث السابق من الصلاة قبل المغرب.

تراجم رجال إسناد حديث (صليت الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله...)

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزاز ].

محمد بن عبد الرحيم البزاز هو الملقب بـ: صاعقة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ أخبرنا سعيد بن سليمان ].

سعيد بن سليمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور بن أبي الأسود ].

منصور بن أبي الأسود صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن المختار بن فلفل ].

المختار بن فلفل صدوق له أوهام أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ عن أنس بن مالك ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (بين كل أذانين صلاة...)

قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن علية عن الجريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء) ].

سبق أن حصل البدء بترجمة الصلاة قبل المغرب، ومر بعض الأحاديث في ذلك، ومنها حديث أنس الذي فيه أنهم كانوا يصلون في زمنه صلى الله عليه وسلم، وكان يراهم فلا يأمرهم ولا ينهاهم، أي: يقرهم على ذلك، وأورد أبو داود رحمه الله هنا حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء) ] والمقصود بالأذانين: الأذان والإقامة؛ لأن الإقامة يقال لها أذان لأنها إعلام بالقيام إلى الصلاة، والأذان: إعلام بدخول الوقت، ودعوة الناس إلى الحضور إلى المساجد بقول: (حي على الصلاة حي على الفلاح) والإقامة إعلام بالقيام للصلاة، وأن الناس يقومون لها، أي: الذين هم حاضرون.

ولذا قيل: إن كلاً منهما يقال له: أذان، وبعض أهل العلم يقول: إنه تغليب، يعني أن الإقامة قيل لها أذان تغليباً، فغلب الأذان فأتي بلفظه فقيل: (أذانان)، كما يقال: العمران والقمران، وما إلى ذلك من الأشياء التي يؤتى بها مثناة، ويغلب أحد الشيئين فيهما على الآخر، لكن الأذان والإقامة ليسا من هذا القبيل؛ لأن كل واحد منهما يعتبر أذاناً، إلا أن هذا أذان إعلام بدخول الوقت، وهذا إعلام بالقيام إلى الصلاة.

وقوله: [ (صلاة) ] مطلق، ولكن أقل ما يتنفل به ركعتان.

وإذا حصلت زيادة على ذلك فلا بأس، وأما بالنسبة للفجر فلا يصلى قبلها إلا ركعتان خفيفتان، ولا يتطوع ويؤتى بنوافل، فقوله صلى الله عليه وسلم: [ (بين كل أذانين صلاة) ] يدل على أن كل صلاة من الصلوات الخمس يصلى بين أذانها وإقامتها، إلا أن الظهر ورد فيه أربع، وهي راتبة، والفجر ورد قبلها ركعتان، وأما العصر والمغرب والعشاء فلم يأت شيء يدل على الرواتب فيها، ولكن ورد ما يدل على فضل الصلاة قبل العصر، كقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً) . وهذا الحديث أيضاً يدل على ذلك، وهو قوله صلى الله عليه وسلم [ (بين كل أذانين صلاة) ].

وكذلك بعد المغرب ورد أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرهم على ذلك، وقبل العشاء يدخل تحت عموم هذا الحديث الذي هو قوله: [ (بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء) ]. فثلاث من الصلوات -وهن العصر والمغرب والعشاء- يصلى بين أذانها وإقامتها، لكن ذلك ليس من الرواتب، وإنما الرواتب هي قبل الفجر ركعتان، وقبل الظهر أربع ركعات.

وقد يقال: هل يستفاد من هذا الحديث أن يردد خلف المقيم؟

والجواب: الإقامة يقال عندها مثلما يقال عند الأذان، وليس هذا الحديث هو الدليل على هذا، وإنما الدليل قوله: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن)؛ لأن هذا نداء وأذان، والإنسان يقول كما يقول المؤذن، إلا عند: (حي على الصلاة حي على الفلاح) فإنه يقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وأما حديث: (أقامها الله وأدامها) . فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة، وليس بثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي هو ثابت هو قوله: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن) والنداء هو إعلام بالقيام إلى الصلاة، فيقال فيه مثلما يقول المؤذن.

تراجم رجال إسناد حديث (بين كل أذانين صلاة...)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا ابن علية ].

ابن علية هو: إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي البصري المشهور بـابن علية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الجريري ].

الجريري هو: سعيد بن إياس الجريري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن بريدة ].

هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب ، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن مغفل ].

هو عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (ما رأيت أحداً على عهد رسول الله يصليهما...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي شعيب عن طاوس قال: سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن الركعتين قبل المغرب، فقال: (ما رأيت أحداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما. ورخص في الركعتين بعد العصر) قال أبو داود: سمعت يحيى بن معين يقول: هو شعيب. يعني: وهم شعبة في اسمه ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: [ (ما رأيت أحداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما) ].

أي: الركعتين قبل المغرب [ (ورخص في الركعتين بعد العصر) ].

فهذا الحديث يخالف الأحاديث السابقة قبله؛ لأن الأحاديث السابقة كلها تدل على إثبات الصلاة قبل صلاة المغرب وبعد الأذان كحديث أنس بن مالك ، وكذلك حديث عبد الله بن مغفل (صلوا قبل المغرب) وفيه التنصيص على صلاة المغرب، والحديث الثاني الذي فيه: (بين كل أذانين صلاة) ومن ذلك ما بين الإقامة والأذان في المغرب، فتلك الأحاديث دالة على ثبوت الصلاة، وأنس رضي الله عنه يقول: كنا نصلي والرسول صلى الله عليه وسلم يرانا فلم يأمرنا ولم ينهنا. يعني أنه أقرهم على ذلك، وعلى هذا فحديث عبد الله بن مغفل فيه أمر بالصلاة قبل المغرب وخصوصاً في قوله: (صلوا قبل المغرب) ثم قال: (لمن شاء) وهذا خاص بالمغرب، وعموماً في قوله: (بين كل أذانين صلاة). لأنه يشمل المغرب وغير المغرب.

فهذا الحديث بخلاف ذلك، فهو ضعيف لا يحتج به؛ لأنه مخالف لما تقدمه من أحاديث، وإسناده فيه أبو شعيب الذي قيل: هو شعيب ، وبعض أهل العلم قال: لا يعرفان، وبعضهم قال: إن شعيباً هو بياع الطيالسة، وهو لا بأس به، لكن لو كان الإسناد صحيحاً وثابتاً وليس فيه أي إشكال فإنه يكون شاذاً، أي: مخالف لروايات الثقات الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على الصلاة بين الأذان والإقامة قبل صلاة المغرب.

تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت أحداً على عهد رسول الله يصليهما...)

قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ].

هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

[ حدثنا محمد بن جعفر ].

هو محمد بن جعفر البصري الملقب: غندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن شعبة ].

هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي شعيب ].

هو أبو شعيب، وقيل: هو شعيب بياع الطيالسة، وهو لا بأس به، وهي بمعنى (صدوق) عند الحافظ ابن حجر، وحديثه أخرجه أبو داود .

وبعض أهل العلم قال: إن أبا شعيب وشعيب لا يعرفان.

[ عن طاوس ].

هو: ابن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ سئل ابن عمر ].

هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة قبل المغرب

حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن الحسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء خشية أن يتخذها الناس سنة) ].

أورد أبو داود رحمه الله: [ باب الصلاة قبل المغرب ]، يعني أن الصلاة قبل المغرب سائغة ومستحبة، ولكنها ليست راتبة، فالرواتب التي جاءت بها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي اثنتا عشرة ركعة.

وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (صلوا قبل المغرب ركعتين، ثم قال: صلوا قبل المغرب لمن شاء خشية أن يتخذها الناس سنة) ]. يعني: لئلا يتخذها الناس سنة ويعتقد أن هذا شيء ثابت ومستقر، وأن هذه الصلاة كغيرها من الرواتب التي يحافظ ويداوم عليها، فدل ذلك على مشروعية الصلاة قبل المغرب بعد أذان المغرب وقبل صلاة المغرب، فيشرع للإنسان أن يصلي ركعتين لهذا الحديث، وللحديث الآخر: (بين كل أذانين صلاة) الذي ليس خاصاً بالمغرب، بل يشمل المغرب والعصر والعشاء وكل الصلوات، فبين كل أذان وإقامة صلاة، لكن منها سنن راتبة كسنة الفجر والظهر، ومنها سنن غير راتبة كالتي تكون قبل العصر، والتي تكون قبل المغرب، والتي تكون قبل العشاء، كلها تدخل تحت قوله: (بين كل أذانين صلاة) وأما بالنسبة للمغرب بخصوصها ففيها هذا الحديث الذي هو: (صلوا قبل المغرب).

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر ].

هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا عبد الوارث بن سعيد ].

هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسين المعلم ].

هو حسين بن ذكوان المعلم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن بريدة ].

هو عبد الله بن بريدة بن حصيب رضي الله عنه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله المزني ].

عبد الله بن مغفل رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.