سبب هزائم المسلمين بالـ 200 سنة الأخيرة؟ - عبد المنعم منيب
مدة
قراءة المادة :
15 دقائق
.
الحلقة الأولى من هذا الموضوع أوضحت أن المسلمين لم يقصروا فى التضحية بالنفس والمال والجهد فى الجهاد المسلح ضد الغزاة ورغم هذا حاقت بهم الهزيمة سواء فى الغزو الفرنسى لمصر 1798م أو فى الغزو البريطانى لمصر 1882م، فالادعاء المنتشر بأن سبب الهزيمة والاحتلال هو القعود عن الجهاد والاستشهاد وترك السلاح هو ادعاء باطل ولا أساس علمى له، ولكن نحن الآن فى مواجهة السؤال المصيرى وهو سؤال: "لماذا انهزمنا؟" لنفهم من إجابته تعميما تجريديا أو فلسفيا عاما وهو ما يمثل إجابة سؤال أكبر هو "لماذا ننهزم حتى الآن؟"، وهذان السؤالان نبحث اجاباتهما الصحيحة فى هذه الحلقة.ودعونا فى البداية نقفز فوق الأدلة وفوق أحداث التاريخ ونعلن الإجابة واضحة لا لبس فيها ثم بعدها نسرد الأدلة التى تتثبت صحة هذه الإجابة.
سبب هزيمتنا هو خلل فى منهجية التفكير بشكل عام (سياسيا وإداريا وعسكريا وفى معظم المجالات) وخلل فى منهجية ومستوى التفكير السياسى والعسكرى بشكل خاص.
تدهور التفكير السياسى:
والدليل على تدهور التفكير السياسى فى المثال المضروب بالغزو الفرنسى لمصر 1798 هو ما ذكره الجبرتى فى تاريخه عندما قال: "في يوم الخميس ثامنه حضر إلى الثغر عشرة مراكب من مراكب الانكليز ووقفت على البعد بحيث يراها أهل الثغر وبعد قليل حضر خمسة عشر مركبا أيضا فانتظر أهل الثغر ما يريدون وإذا بقارب صغير وأصل من عندهم وفيه عشرة انفار فوصلوا البر واجتمعوا بكبار البلد والرئيس إذ ذاك فيها والمشار إليه بالإبرام والنقض السيد محمد كريم الآتي ذكره فكلموهم واستخبروهم عن غرضهم فأخبروا أنهم انكليز حضروا للتفتيش على الفرنسيس لانهم خرجوا بعمارة عظيمة يريدون جهة من الجهات ولا ندري أين قصدهم فربما دهموكم فلا تقدرون على دفعهم ولا تتمكنوا من منعهم فلم يقبل السيد محمد كريم منهم هذا القول وظن أنها مكيدة وجاوبوهم بكلام خشن فقالت رسل الانكليز نحن نقف بمراكبنا في البحر محافظين على الثغر لا نحتاج منكم إلا الأمداد بالماء والزاد بثمنه فلم يجيبوهم لذلك، وقالوا: هذه بلاد السلطان وليس للفرنسيين ولا لغيرهم عليها سبيل فاذهبوا عنا فعندها عادت رسل الانكليز واقلعوا في البحر ليمتاروا من غير الأسكندرية وليقضى الله امرا كان مفعولا" ج 2 ص 179-180.
وكى نتفهم هذا الخطأ السياسى الفادح الذى وقع فيه محمد كريم رحمه الله وقادة الاسكندرية نورد حقيقتين هما:
الأولى- عندما رحل الأسطول الانجليزى عن سواحل الاسكندرية بأوامر محمد كريم جاء نابليون وقواته واحتلوا مصر وأنزلوا قواتهم البرية بها وظل أسطولهم رابضا بميناء الاسكندرية وعندما سمع الانجليز بوصول نابيلون لمصر عادوا للإسكندرية فاشتبكوا مع الأسطول الفرنسى ودمروه وضربوا حصارا على سواحل مصر بالبحر المتوسط ما قطع خط المواصلات بين قوات الغزو الفرنسى بمصر وقاعدتها فى فرنسا فاضطر الفرنسيون لإقامة مصانع وورش بمصر كى تمدهم باحتياجاتهم التى لم تعد فرنسا قادرة على ايصالها لهم.
الثانية- تحالف العثمانيون مع البريطانيين ضد قوات الغزو الفرنسى فى مصر فوفر البريطانيون القوة البحرية ووفر العثمانيون القوات البرية وأطبقا على مصر فى النهاية وأجبرا الفرنسيين على الانسحاب فى 1801.
إذن لو لم يرفض محمد كريم والمصريون وجود الأسطول البريطانى بسواحل مصر لالتقى البريطانيون بحملة نابليون فى عرض البحر وقضوا عليها أو هربت منهم على أسوأ تقدير ورجعت إلى فرنسا ولم يجر احتلال مصر ولتغير التاريخ، ولعل قائل يقول وكيف له أن يعرف هذا فهذا مستقبل فى طى الغيب؟؟..
ولكن حقيقة الأمر أنه يجب على أى قائد أن يستشرف المستقبل ويتوقع قدرا ما منه كما أن المصريين لم ينكروا على الانجليز معلومة أنه قد يكون هناك غزو فرنسى قادم لكن استنكفوا أن يستعينوا بالانجليز وهذه الاستعانة لو كانت حدثت فهى جائزة وأبسط دليل على جوازها فى ذلك الوقت هو تعاون العثمانيين أنفسهم مع الانجليز لاحقا أى بعده بشهور ضد الفرنسيين.
وهنا من الوارد أن يعترض معترض بأن محمد كريم رحمه الله خشى من مغبة الوجود الانجليزى قبالة الساحل المصرى وأن يكون هذا مقدمة غزو، وهذا أيضا تقدير مرفوض لأن من يرد غزوك لن يستأذنك ويطلب أن يشترى منك الماء والطعام بثمنهما، ويستأذنك أن يظل واقفا فى المياه الدولية..الخ كما أنك وانت تواجه تهديدا بغزو فرنسى لن يضيرك أن تستعد له وتترك الانجليز وإن هاجموك فيمكنك التصدى لهم حينئذ أى نقسم الموقف لأجزاء: الجزء الأول هم فى البحر يتربصون بالفرنسيين فندعهم فإن حاربونا فهنا ننتقل للجزء الثانى حيث نحاربهم وهو ما حدث فعلا عام 1807 فى موقعة رشيد كما سيأتى فى السطور التالية.
ومن هنا يتضح لنا أن قصورا فى التفكير السياسى أدى لانتصار نابليون وقواته فى غزو مصر واحتلال الإسكندرية بدلا من أن كنا بمجرد كلمة سنجعل الانجليز يدافعون عن مصر وسيحطمون القوات الفرنسية وبعدها نرى أمرنا ونحدد الموقف ونختار العمل التالى المناسب للموقف.
لكن هل هذه انتهازية؟
فى الواقع أن هذا هو التفكير السياسى السليم ونجد أن ما قاله النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى تفاوضه مع قريش فى غزوة الحديبية يدل بدلالة التنبيه على أن هذا تفكير سديد وجدير بالاتباع عندما أرسل لمشركى قريش فى الحديبية: «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا، وَإِلاَّ فَقَدْ جَمُّوا، وَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ الله أَمْرَهُ» (رواه البخارى وأبو داوود، راجع جمع الفوائد رقم 6606) ودلالة الايماء والتنبيه التى نقصدها هنا هى: "ترك خصومك أو أعدائك يتقاتلون وأنت تراقب وتستريح فإن قضى ذلك على عدوك الرئيسى فبها ونعمت وإن انتصر عدوك الرئيسى فانت قد استرحت وصرت أكثر تجهزا لمواجهته"، فالنبى صلى الله عليه وآله وسلم دعاهم لعقد الهدنة معه بناء علي هذه القاعدة فلو لم تكن تمثل تفكيرا سياسيا صحيحا ومقبولا عند كل عاقل لما استخدمها النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى إقناعهم، ويشهد لعملية الاستفادة من تناقضات الأعداء واختلافاتهم ما فعله النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى غزوة الحديبية سواء مع غطفان أو مع اليهود فسعى مع كليهما ليخلق تناقضا بينهم وبين قريش كل من جهته وسعى لهذا بطريقة مختلفة مع كل منهم وهذا ثابت فى السنة ولا خلاف على صحة ثبوته اذ عرض على غطفان ثلث ثمار المدينة ليتركوا قريشا وينسحبوا كما أحدث وقيعة بين اليهود من جهة وقريش وحلفائها العرب من جهة أخرى.
إذن فالقيادة المصرية بالإسكندرية تشددت بأكثر مما يطلب الشرع ومن ثم أوقعت مصر فى مرمى الغزو الفرنسى، وبشكل عام فصناعة التناقضات بين الأعداء أو ضرب بعضهم ببعض هو من بديهات السياسة وهو مشروع فى فقه السياسة الشرعية كما تبين من الأدلة الثلاثة المذكورة آنفا، كما أن هذا الأسلوب هو أحد أساليب السياسة فى تجنب الحرب أو فى الانتصار فى حرب بلا قتال أو بقتال أقل عناء أو أقل خسائر.
وعلى كل حال فهذا ليس هو مكمن الخلل فى تفكيرنا السياسى فقط بل لدينا كثير من جوانب الخلل فى التفكير السياسى ولا يمكن حصر هذه الجوانب كلها فى مقال واحد وإنما ذكرنا مثالا من الواقعة التاريخية التى ندرسها وانما ندرسها وحدها كمثال أيضا، وكلها إشارات تنبه للسبيل الصحيح لتحقيق النصر وتلافى الهزائم.
تدهور التفكير العسكرى:
وعن تدهور التفكير العسكرى فدعونا نذكر فى البداية دليلا شديد الوضوح وهو: عندما غزا الانجليز مصر فيما اشتهر باسم حملة فريزر (وهو قائد الحملة) عام 1807 هزمهم المصريون فى رشيد وكبدوهم خسائر فادحة فى القتلى والأسرى، وإذا كان الأمر هكذا فلماذا هزم نابليون المصريين قبلها (1798) وهزم الانجليز المصريين بعدها (1882)؟؟ إذ كلاهما هزما المصريين واحتلوا مصر.
وعندما انتفض المصريون فى ثورتى القاهرة الأولى (1798) والثانية (1800) لماذا انتصروا فى بداية كل منهما ودحروا الفرنسيين وطردوهم من القاهرة فى البداية ثم انهزموا فى النهاية وعاد الفرنسيون لاحتلال القاهرة؟
السبب فى انتصار رشيد هو الفكر العسكرى السليم الذى أنتج استراتيجية عسكرية مناسبة للموقف العسكرى بمواجهة حملة فريزر بينما فكر عسكرى آخر غير سليم أنتج الانهزام أمام نابليون فى الاسكندرية ثم بموقعة إمبابة حيث جرى اختيار استراتيجية عسكرية غير مناسبة، ففى رشيد اختفى جنود الحامية المصرية بالبيوت والأسطح وتركوا جنود فريزر يدخلون المدينة دون مقاومة واسترخى البريطانيون بشوارع رشيد ظنا منهم أن الأمر قد انتهى وان المدافعين قد فروا قبل قدومهم وعندها فوجئوا باطلاق النار وكل أنواع الأسلحة والحجارة من جميع نوافذ وأسطح بيوت المدينة بكافة الشوارع فقتل وأسر منهم الكثير وفر الباقون، ونفس الاستراتيجية العسكرية (وهى استراتيجية الاقتراب غير المباشر عبر حرب شوارع مباغتة) سلكها المصريون فى بداية ثورة القاهرة الأولى والثانية ضد الفرنسيين ولذلك انتصروا بهذه البداية، وإنما فى معركة امبابة وقبلها الاسكندرية وبعدهما فى مواجهة الغزو البريطانى للإسكندرية 1882 استخدم المصريون استراتيجية المواجهة المباشرة، فكيف تتنتصر على عدو بحرب مواجهة بينما هو متفوق عليك فى النيران -كما ونوعا- ومتفوق عليك فى الدروع؟؟
وهذا نفسه سبب هزيمة المصريين فى ثورتى القاهرة الأولى والثانية لأنهم بعدما طردوا الفرنسيين من القاهرة تحصنوا بالقاهرة وأغلقوها وأقاموا المتاريس حولها وحاربوا حرب مواجهة مباشرة وجلبوا وصنعوا مدفعية وتبادلوا القصف المدفعى مع الفرنسيين.
وهو ما جرى فى الغزو البريطانى للإسكندرية 1882 حيث كان هناك ثلاثة أراء لدى القيادة المصرية لمواجهة الغزو:
الأول- رأى فريق الخدوى توفيق وهو التفاهم مع الانجليز للتسليم، وهذا رفضه مندوب السلطان العثمانى يقول مسيو بيوفيس فى كتابه (الفرنسيون والانجليز فى مصر): "لقد كان الخديو توفيق يرغب في عقد إتفاقية صلح شريفة بينه وبين الإنكليز ولكن هذا المطمح أثار غضب المشير (درويش باشا) الذي ضرب المائدة بقبضة يده وصاح قائلًا: لا تنسوا أنكم جميعًا عبيد السلطان الذي مقره بالآستانة، وليس هنا محل للمداولة، وتسليم الحصون المصرية أمر يكسو المسلمين ثوب الخزي والعار".
ا.هـ.
(من كتاب الأمير عمر طوسون ص 57).
الثانى- القتال بأى حال، قتال مواجهة ودفاع عن الحصون والتمسك بها مع الغرور بأن حصون الاسكندرية ومدافعها ستصمد أمام القصف البريطانى لثلاثة أشهر قتال، وتبنى هذه الرأى قادة الجيش من مجموعة أحمد عرابى..
(راجع عمر طوسون مرجع سابق ص 53 وما بعدها).
الثالث- هو رأى مرعشلي باشا مدير التحصينات العام السابق بالجيش وكان متقاعدا وقتها لكنه استدعى لاجتماع قادة الجيش والحكومة والخديو بالاسكندرية لاستطلاع رأيه ومحصلة ما قاله هو"إن سفن الانجليز ليست من الخشب كما كان فى السفن القديمة وإنما هى من الزرخ (أى مدرعة) ولن تؤثر فيها قذائف المدفعية المصرية لا سيما وأن المدفعية المصرية من طرارزات قديمة وضعيفة كما أن حصون الإسكندرية نظرا لأنه فرض على مصر منذ اتفاقية لندن 1840 عدم تجديدها او تحصينها فكلها متهالكة ولن تصمد أمام القصف أكثر من 24 ساعة وستمثل مذبحة للجنود والضباط الذين سيدافعون عنها" واعتبر مرعشلى باشا أن "الحل هو الانسحاب من التحصينات وتركها فارغة والانتشار بعيدا عنها حتى إذا انتهى القصف وهم الانجليز بالنزول إلى الشاطىء بصنادل ونحوها (يقصد سفن الإنزال الصغيرة وغير المدرعة) فوقتها يمكن للمدافعين الانقضاض عليهم لأن الميزة العسكرية حينئذ ستكون للمدافعين ولن يكون هناك ميزة وقتها للسفن الانجليزية الضخمة المدرعة لأنها لا يمكن استخدامها بالاقتراب للشاطىء بسبب عدم عمقه ولابد من استخدام صنادل للانزال البرى" (راجع عمر طوسون نفس المصدر السابق).
وكما هو معلوم انتصر رأى مجموعة عرابى باشا وحدثت (بسبب الأخذ به) مذبحة للقوات المصرية داخل تحصينات الإسكندرية، هذه التحصينات التى لم تصمد سوى 24 ساعة حسبما حذر مرعشلى باشا بدقة قبل المعركة.
وليس المقصود بكل هذه الأمثلة أن يظن أحد أن كاتب هذا التحليل يتبنى إستراتيجية الاقتراب غير المباشر أو تكتيك حرب الشوارع أو العصابات فى كل زمان ومكان وأيا كانت متغيرات الواقع، فمن ظن هذا فهو لم يفهم شيئا من هذا التحليل بحلقتيه فليعد قراءة الحلقتين معا وليستعن بمن يشرحهما له أو يناقشهما معه، لأن الإستراتيجية السياسية وتكتيكاتها وكذا الاستراتيجية العسكرية وتكتيكاتها ليست معلبات مسبقة التجهيز يصلح استخدامها بأى زمان او مكان بل هى أمور تتغير باختلاف الوقت وباختلاف المتغيرات السياسية والعسكرية والاجتماعية والجغرافية والتقنية والاقتصادية، ولكل مقام مقال ولكل وقت أذان، والمفكر السياسى أو العسكرى كالمهندس الميكانيكى يحل المشكلات ولكن لكل مشكلة حل مختلف فلو المشكلة هى الحاجة للحفر فإنه يصنع حفار وإن احتاجات لنقل يصنع سيارة وإن احتاجت لرفع مياه يصنع طلمبات رفع..الخ وهكذا كافة المشكلات فلكل منها حل مختلف وإن ارتكزت كلها على علم الهندسة الميكانيكية، وبالتالى فإن هذا التحليل يهدف ليأخذ يد القارىء إلى عدة مفاهيم ويثبتها له وهى بالترتيب:
-الجماهير لم تقصر فى بذل مال وجهد ودم.
-القصور الذى يسبب الهزائم لم يكن (فى الأغلب) بسبب تقصير فى بذل مال وجهد ودم من القيادة أيضا وإنما كان بسبب قصور فى الفكر السياسي والعسكرى لدى القيادة السياسية والعسكرية.
-هذا الفكر السياسى والعسكرى الذى يصنع النصر ليس قالبا جامدا محددا بل هو أمر يختلف باختلاف الزمان والمكان ومتغيرات الواقع المتعددة.
ولأن الشىء بالشىء يذكر فعلى هامش هذا التحليل نذكر التالى:
-هناك قصور فى بعض القادة ناتج عن عمالتهم للعدو أو هم تخاذلوا فخانوا كحال الخديو توفيق ويوجد لدينا مثله بكل زمان ومكان ودولة وحزب وجماعة.
-هناك قصور فى بعض القادة لأنهم يريدون الدنيا وليس الدين (وإن توسلوا للدنيا بالدين) بكل زمان ومكان ودولة وحزب وجماعة والدليل قوله تعالى "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة" وقوله صلى الله عليه وآله وسلم «فمن كانت هجرته لله ورسوله فهجرته لله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته لما هاجر إليه».
-هناك قصور فى بعض الجماهير لأنهم من نفس نوعى القادة الآنفين (الخونة أو المتخاذلين وطلاب الدنيا).
ولكن هذا التحليل لم يتعرض لطبيعة الخلل فى كل هذه الأنواع لأن هؤلاء آفتهم معروفة، ولو أصلح المخلصون الصادقون الخلل فى أنفسهم فيما يخص فكرهم السياسى والعسكرى لتحقق النصر ولانتهى عصر الهزائم، لأن الصادقين المخلصين هم من يصنعون تاريخ أمة الإسلام.
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.