مهلاً دعاة التحرير [1، 2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله ملء السماوات والأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله على كل حال، الحمد لله على نعم لا تحصى، وعلى آلاء لا تنسى، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واحد في ربوبيته، فهو المشرع، وهو المدبر والمقدر، وهو المتصرف، ألا له الحكم والأمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واحدٌ في ألوهيته، فلا يجوز التعظيم والركوع والسجود والخوف إلا منه وحده لا شريك له، ولا يجوز الذبح والنذر إلا له، ولا الحلف والتعظيم إلا به وله، ولا الخوف إلا من عذابه، ولا الرجاء إلا في ثوابه، أشهد أن لا إله إلا الله واحدٌ في أسمائه وصفاته، جل عن الشبيه وعن الند وعن المثيل وعن النظير: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].

أشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أيها الأحبة في الله: أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بادئ ذي بدء أستحضر وتستحضرون نية الجلوس في مثل هذه المجالس الطيبة، لعل الله جل وعلا أن يمن علينا فتغشانا الرحمة، وتحفنا الملائكة، وتتنزل علينا السكينة، ويذكرنا الله في ملأ عنده، نسأل الله ألا يحرمنا هذا الأجر، وهذا الثواب باجتماعنا بادئ ذي بدء.

أحبتي في الله: وقبل أن أدخل في موضوعي هذا، والله لو علم العلمانيون أن بعض سيارات دارت في الأسواق ستجمعكم هذا الاجتماع، وستؤلف قلوبكم هذه الألفة، وستوحد صفوفكم هذه الوحدة، وستجمع شملكم، وستعينكم على ترتيب عملكم واجتهادكم، لما فعلوا هذا الأمر، رب ضارة نافعة:

وربما كان مكروه النفوس إلى     محبوبها سببٌ ما بعده سبب

والله إن تلك الحادثة التي فجرت الأوضاع تفجيراً مزرياً ما زادت الطيبين إلا صلابةً وعودةً ورجوعاً وأوبةً وصدقا ونصحاً، وزادتهم تآلفاً والتفافاً حول علمائهم وولاة أمرهم.

أيها الأحبة في الله: حديثنا اليوم "مهلاً يا دعاة التحرير" وكما قال فضيلة الشيخ المقدم -جزاه الله خير الجزاء- وبكلمات موجزة جمع كثيراً من هذه الأفكار التي سأطرحها بين أيديكم، وعلى أية حال أشاركه ويشاركني فيما نقول.

أحبتنا في الله: قضية المرأة ينبغي أن نتناولها من مبدأ العقيدة، من الذي خلقنا؟ هو الله جل وعلا، وهذا الإله سبحانه عظيم في ذاته، عظيم فيما خلق حكيم عليم: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] وهذا الإله الحكيم، ما شرع لعباده شيئاً إلا لحكمةٍ يعلمها، وما أمرهم بأمرٍ إلا لحكمةٍ يعلمها، وما نهاهم عن أمرٍ إلا لحكمةٍ يعلمها، تعالى الله أن يأمر أو ينهى عبثاً، والله إن كل حرف في الآيات التي وردت في الحجاب كلها عن حكمة بالغة، لأن الله عليم حكيم، ينبغي أن نربط قضية الحجاب بالعقيدة، لماذا؟ لأننا يوم أن نتناولها من باب العقيدة ندرك أن الإله الحكيم العليم في تدبيره وتقديره؛ لحكمة أرادها أمر المرأة أن تحتجب، وأمرها أن تقر في بيتها، وأمرها ألا تخضع بقولها، وأمرها ألا تضرب برجلها ليعلم ما تخفي من زينتها، وأمرها إذا سألها الرجال متاعاً ألا يسألوها إلا من وراء حجاب، هل يقدر الله عبثاً؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

نقول: مهلاً يا دعاة التحرير، إما أن تعلنوا أنكم كفار أعراضكم مستباحة -أي: بالسبي- ورقابكم مستباحة -أي: بالقتل- وأموالكم لا عصمة لها، لأننا نبدؤكم أولاً بمسألة مهمة ألا وهي: إما أن تسلموا أن الله حكيم وعليم، وله الخلق والأمر، فحكمته وعلمه وخلقه وأمره اقتضى أن تحتجب المرأة، وأن تلتزم بيتها، وألا تضع خمارها عن وجهها، أو أن تعلنوا أن الله ليس بحكيم، وأن الله ليس بعليم، وأن الله قدر هذا الحجاب عبثاً، وأن الله قدر هذا الحجاب تعنتاً وتضييقاً على خلقه، أو لأمر لا حكمة له ولا طائل تحته، وهذا عين الكفر والإلحاد والزندقة.

ينبغي أن نقف في أعلى الجبل لكي نوجه الراجمات على الذين يعيشون في حضيض الساحة، إننا يوم أن نخاطب العلمانيين، أو دعاة تحرير المرأة لا نخاطبهم بمنطق المدافعة، أو منطق الضعف، وإنما نبدؤهم بالعقيدة وننتهي إلى الفروع، عقيدتنا أن إلهنا حكيم، وأن إلهنا عليم، وأنه سبحانه له وحده الخلق والأمر: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36] ما لنا خيار، فقهنا أو لم نفقه، أدركنا الحكمة أو لم ندرك.

بادئ ذي بدء مع أن الحكمة واضحة جلية، لكن نقول: لا خيار لنا إذا جاء أمر الله بل سمعنا وأطعنا.

المسألة الثانية أيها الأحبة! ينبغي أن ندرك أن دعاة تحرير المرأة الذين نقول لهم: مهلاً قبل أن تستباح رقابكم، وقبل أن تهدر دماؤكم، نقول لهم: إن مكمن الخطر تجاه هذه القضية هو هزيمة نفسية في قلوبكم، لو تأملنا أولئك الذين أرادوا ونعقوا وصاحوا وقلدوا ورددوا خلف كل ناعق يريدون إخراج المرأة، أو يريدون ما يسمى بتحريرها، لوجدناهم من ضعفاء الشخصية، ضعفاء النفوس الذين درسوا في بلاد الغرب، ولا يدل هذا على أن الدراسة في بلاد الغرب حرام، أو أنها لا تجوز، بل التفصيل فيها له مقام غير هذا، ولكن أولئك الذين نعقوا ورددوا وراء الناعقين والببغاوات، ونادوا بإخراج المرأة، أولئك من الذين عاشوا هزيمة نفسية وضعفاً في الإيمان، وجهلاً بالعلوم الشرعية، ثم نزلوا بلاداً أهلها في تمدن وتطور ورقي، ورأوا أفلاماً الابتسامات تعلو رجالها وأبطالها، ورأوا مسلسلات ظاهرها الود والوئام، فظنوا أن الحياة السعيدة هي ما يعيشه أولئك، وظنوا أن سبب السعادة في مجتمع أولئك القوم هو الحرية المطلقة التي يزعمونها، أو هي الإباحية على حقيقة أمرها، ظنوا أن سعادة ذلك المجتمع الموهومة التي تظهر على الشاشة وليست على الحقيقية، لأن ذلك مجتمع شقي، وصدق الله العظيم: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طـه:124] إنهم في ضنك من عيشهم، لكن أولئك الذين لا يعرفون إلا الصور والمشاهد اللامعة البراقة ظنوا أن هذه هي الحياة السعيدة، وظنوا أن سبب السعادة هي الإباحية والانحلال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

أولئك الذين ضعفت نفوسهم، وهزموا في معركة الذات ومعركة النفس، عادوا ليصيحوا بأعلى صوتهم: أين المرأة المظلومة؟ أين المرأة حبيسة البيت؟ أين رئة المجتمع المعطلة؟ أين النصف المعطل؟ فبدءوا يصيحون ويرددون لكي يخلقوا قضية اسمها قضية المرأة، وليس عندنا في الحقيقة قضية اسمها قضية المرأة؛ لأن القضايا توحي بالمرافعة، وتوحي بالخصومة، وتوحي باللجاج والجدل، وأما مجتمعنا فالمرأة فيه فوق هذا المستوى؛ لأنها آمنة سعيدة مطمئنة، أخذوا يصيحون: أين المرأة؟ لماذا لا تعمل؟ لماذا نصف مجتمعنا معطل؟ لماذا لا تحسب حسابات جهود المرأة في الدخل القومي للمجتمع؟ لماذا تهدر هذه الطاقات الاقتصادية؟ العامل البشري من عوامل الإنتاج نصفه معطل في هذا المتجمع، وأخذوا يرددونها تارةً اسمها قضية الأسبوع في مجلة، وتارةً زاويةٌ في صحيفة، وتارةً عمودٌ في جريدة، وتارةً مقالةٌ في إذاعة، وتارةً مسلسل أو فيلم في شاشة، أو غير ذلك.

من هنا بدءوا يطنطنون ويصيحون لكي يغرسوا في فكر المجتمع أن هناك قضية اسمها قضية المرأة، ثم نقول لهم: يا من أشغلتمونا بالنباح، وعندنا قناعة:

إذا الكلب لم يؤذيك إلا بنبحه     فدعه إلى يوم القيامة ينبح

ماذا يضير السحاب نبح الكلاب؟

ما يضير البحر أمسى زاخـراً     إن رمى فيه غلامٌ بحجر

والله ما كدروا شيئاً، ولا حركوا شيئاً بالنسبة لأولئك الذين إيمانهم بحكمة ربهم عظيمة جليلة وهم واثقون بها، ما هي قضية المرأة في مجتمعنا؟

أيها الأحبة! قضية المرأة في مجتمعنا التي يريدونها ويريدون أن يصنعوا منها شكلاً وحجماً وطولاً وعرضاً، يقولون: نريد للمرأة أن تتعلم، من قال أننا رفضنا تعليم المرأة؟ يريدون للمرأة أن تعمل، من الذي قال برفض عمل المرأة عند الحاجة إليه بضوابطه المشروعة؟ لكن لم يقف عند ذلك، وبعيني قرأت في مجلة من مجلاتنا ذات يوم في تحقيقٍ صحفي متى يأتي ذلك اليوم الذي يظهر فيه مجالات جديدة غير المجالات التقليدية بين قوسين الطب والتعليم؟

متى يظهر للمرأة مجالات جديدة غير هذه المجالات؟

في الحقيقة وبكل صراحة المجالات التي يريدونها مجالات الوظيفة أن يغلق الباب على الرجل والمرأة في مكتب واحد، مجال المضيفة أن تحلق بها الطائرة في السماء، فتسافر الساعات والأيام ويخلو بها من يخلو من الربان والقبطان، وتسكن في الفنادق، ويخلو بها من يخلو بها.

يريدونها في التمريض الذي نسأل الله تعالى أن يمرض قلوبهم به، التمريض الذي أشغلوا المجتمع به، أي تمريض هذا؟ والله لو كان نساء يمرضن نساء، وبنات يمرضن بنات، لقلنا على العين والرأس، ولكن قد أعلنوا باطنهم، وأخرجوا المجلات وفيها صور المتطوعات في التمريض يفرحن وبكل نشاط في مزاولة هذا الأمر، ومريض من الرجال والذكور ويحيط به جمع من الفتيات، هذا التمريض الذي تريدون لبناتنا؟ يريدون بناتنا أن تقلب فرج الرجل وعورته، وهل قل الرجال؟ وهل مات الشباب؟ وهل وظفنا جميع الشباب حتى نقول إننا بحاجة أن نوظف المرأة في مجال التمريض، ولكن الأكليشة المعتادة في حدود الشريعة الإسلامية وفي إطارها ونظامها حتى يأتي نهاية اليوم الذي يزنى فيه على الشريعة الإسلامية، ويشرب الخمر على الشريعة الإسلامية، بهذه الطريقة والنغمة التي أخذوا يعبثون بها على عقول المسلمين.

إن كانوا يقولون: إن قضية المرأة تعلم وتوظيف في مجال مناسب، بضابط مشروع، فليست قضية إذ أن الأمر موجود، ولا حاجة إلى تحصيل حاصل، أما إن كانت القضية غير ذلك، فنقول هنا: مهلاً يا دعاة التحرير.

قولهم: الملتزمون يسيئون الظن دائماً

يقول أولئك العلمانيون دعاة التحرير: أنتم يا علماء الدين! أنتم يا معاشر المطوعين! أنتم يا معاشر الملتزمين! أنتم يا من لا تسمحون لبناتكم أن يسهرن الليلة الطويلة في المستشفى مرافقة للطبيب المناوب! يا من لا تسمح لابنتك أن تداوم الدوام الكامل عشر ساعات، أو اثنتي عشرة ساعة مع طبيب، أو مع جمع من الرجال مختلط بالنساء، يقولون: أنتم تسيئون الظن.

لو أن رجلاً قال لآخر: أعطني ابنتك البالغة سن الزواج، وأقفل علينا الباب أنا وإياها أربع ساعات، واتركنا -الله يخليك- أربع ساعات على انفراد، فيقول وليها: لا يمكن، لا يجوز، ماذا تفعل بها؟ أقول: يا أخي! أنت لماذا هكذا تسيء ظنك؟ دعني أعلمها البخاري ، دعني أخرج معها البخاري ، دعني أقرأ معها التفسير، هل يعقل أن هذا الذي سيخلو ببنتي أو ابنتك، أو أختي أو أختك، أو زوجتي أو زوجتك في ردهات المستشفى ساعات طوال في ليل بهيم، في هجيع الليل، ونيام الناس، وسبات عميق، هل يعقل أنه سيخلو بها يتهجدون يتناوبون الحراسة في سبيل الله؟ ماذا سيفعل بها هذا؟

يا إخوان! نريد أن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير، فلا تظنوا أن المجتمع غبي إلى هذه الدرجة، لا تظنوا أن الناس أصبحوا ديوثين، لا تظنوا أن الناس أصبحوا لا يغارون على محارمهم، ولكن كما قلت في الخطب والمحاضرات: ظن دعاة التحرير أن المجتمع انقسم إلى قسمين: قسم يوفر لحيته ويقصر ثوبه، فهذا لن يرضى بتمريض البنات مختلطات مع الرجال، ولن يرضى بقيادة المرأة، ولن يرضى باختلاط المرأة، وقسم آخر من الذين يحلقون لحاهم مثلاً أو يسبلون ثيابهم، أو قد يسمعون شيئاً من الغناء قالوا: هؤلاء الذين يسمعون الغناء أو يحلقون اللحى أو يسبلون الثياب هؤلاء سيوافقوننا بأن نخلو ببناتهم، حاشا وكلا، والله إننا لعلى ثقة بأن الحليق والمسبل، أو من سمع الغناء ما بلغ به ضعف الإيمان إلى درجة أن يصبح ديوثاً، فيرضى أن تقود بنته، أو أن ينفرد بأخته وزوجته ليلة طويلة في مناوبة في مستشفى بدعوى التمريض، أو غير ذلك، يقولون: أنتم تسيئون الظن دائماً، وكلما طرحنا قضية، أول ما يخطر على بالكم -أنتم يا هذا المجتمع السعودي- الفاحشة والجريمة، لماذا يا أخي؟ بإمكاننا أن نوجد العمل في ظل الضوابط الشرعية والشريعة الإسلامية، والقيم والآداب والأخلاق والتقاليد، والله ما عهدنا رجلاً ألقي في الماء فسلمت ثيابه من البلل:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقـال له     إياك إياك أن تبتل بالماء

هل يعقل هذا؟ لا. والله لا يعقل.

إذاً فنحن على ثقة ويقين، ونقول: كذبتم يا دعاة التحرير، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما) قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على المحارم) حتى المحارم نهينا أن ندخل عليهن من غير محرم، فما بالك يوم أن تجعل ابنتك وأختك في وظيفة أو في عمل مختلط، أو في معمل الجامعة أو في مكان لتختلط بالأجنبي، إذا كان المحارم قد نهينا عن الاختلاط بهن: (إياكم والدخول على المحارم، قالوا: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ -أخو الزوج لا يظن أن يقع منه السوء إلا في النادر القليل- فقال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت) فنقول: أنت يا رسول الله ما صدقت، أنت يا رسول الله لا تعرف، أنت تطلق الأحكام على عواهنها، أنت يا رسول الله لا تعرف تطور المجتمع، أنت لا تعرف إلى أي درجة ستتمدن البشرية، ونقول: صدقتم ووفقتم يا دعاة العلمانية، بأنه يمكن للمرأة أن تختلط مع الرجل في الوظيفة، ويغلقان المكتب عليهما، ويمكن أن تختلط مع الفتى في معمل الجامعة، ويمكن أن تختلط بالتمريض مع الممرضين والممرضات، ويمكن ويمكن.. إلى آخره! نصدق من ونكذب من؟ نكذب نبينا ونصدق القردة والخنازير؟!! حاشا لله، لا والله بل صدق رسول الله، وكذب أولئك المفسدون المجرمون، الحمد لله الذي أظهر باطنهم، وكشف خزيهم، وبين دسيستهم وحقيقتهم.

هذه مغالطة دائماً يأتي بها دعاة التحرير، فنقول لهم: مهلاً هذه مغالطة مرفوضة قولكم: لماذا تسيئون الظن؟ لماذا تتهمون الناس بالجريمة؟ لماذا يتبادر إلى أذهانكم الفاحشة في أول لقاء مختلط، وعلى انفراد بين الرجل والأنثى، وبين الفتى والفتاة؟

تجاهل العلمانيين لامتهان المرأة الغربية

المغالطة الثانية مع أن أولئك العلمانيين الذين يدعون إلى تحرير المرأة درسوا في أوروبا ، وهم يعرفون ما يسمى بـ(نايتك لبز) بالأندية الليلية، وهم يعرفون ماذا يحصل فيها من امتهان للمرأة، ويعرفون ماذا حصل للمرأة الغربية من احتقار، أنها إن لم تؤجر فرجها مرحاضاً تقضى فيه الحاجة، فلن تجد ما تأكل أو تشرب أو تلبس، يعرفون هذا جيداً، ومع ذلك: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89] مع أنهم عرفوا ورأوا ودرسوا هناك، وأدركوا ما حل بالمرأة الغربية إلا أنهم مع إدراكهم ومعرفتهم لهذا يغالطون المجتمع، ويريدون نقل التجربة الغربية إلى بلاد الإسلام، وإلى قلعة الإسلام الصامدة المملكة العربية السعودية ، يريدون أن ينقلوا هذه المعركة إلى هذه البلاد، أخزاهم الله وفضحهم.

المسألة الثالثة، وقبل أن أنتقل إليها أذكر كلاماً لـسيد قطب رحمه الله لما تكلم عن آيات الحجاب، وفي موضع آخر في حديثه عن أدب الإسلام في الدخول على النساء، وفي تنظيم ضوابط المجتمع المسلم في ظل الأسرة المسلمة، قال: إن المرأة في المجتمع الغربي أصبحت كالمرحاض يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم.

تصوروا -يا إخوان- حمامات -أجلكم الله- على الطريق العام، على الخط الدائري، وكل من حصره بوله -أجل الله المسجد والملائكة والسامعين- أو حقبه غائطه، اضطر أن يقف ليقضي الحاجة في ذلك المرحاض ثم يمضي،إن المرأة في المجتمع الغربي ما هي إلا مرحاضٌ يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم، فمن ذا الذي يرضى أن ينقل التجربة إلى هذا المجتمع ليجعل نساء المجتمع العفيفات الطاهرات مراحيض يقضي فيها المجرمون والغادون والرائحون حوائجهم؟!

من الذي يحفظ هذه المسكينة يوم أن تكون نوبتها الطويلة في الليل ولا رقيب ولا حسيب إلا الله، مع تسلط الهوى، وتحكم الشهوة، وغيبة الضمير، وتسلط الغريزة، وحينئذٍ يخلو بها هذا الممرض، فيقضي حاجته في فرجها، وفي ليلة أخرى ممرض آخر، وفي ليلة أخرى ممرض آخر، ألم تصبح حماماً؟ بلى والله، جعلوها مرحاضاً كل يقضي حاجته فيها.

إننا نعرف أن للمرأة مكانةً ومنـزلةً ليس هذا بيان تفصيلها، لكن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير إن كنتم تريدون أن نجعل من المرأة مرحاضاً يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم، فإن هذا لا يمكن أن يكون في مجتمع لا يزال دم الإباء والغيرة، وقبل دم الإباء لا يزال الانقياد لأمر الله في قلوبهم ونفوسهم.

قولهم: الهدف من عمل المرأة خدمة الوطن

المغالطة الثالثة: يقولون: إننا يوم أن ندعو للاستفادة من المرأة، ومن تحريك النصف المعطل ... وإلى آخره، يقولون: هذا من أجل الوطن، هذا من أجل الدفاع عن الوطن، من أجل خير الوطن، من أجل أن نشارك الأمة، إن الأمة قد شاركت في مجالات عديدة، ورغبة منا أن نشارك في وطننا، فلا بد أن نفعل كذا، والذي يؤزونهم إلى الفساد أزاً، ويدفعونهم إلى الهاوية دفعاً، يقولون: من أجل أن تشارك المرأة وتشعر بكيانها وسيادتها على أرض مجتمعها وحدود بلادها، فلا بد أن تشارك في الوطن، وهل هناك مشاركة أعظم مما ذكره فضيلة الشيخ في مقدمته؟ أن تتولى بيتها، وأن تخدم زوجها، وأن ترعى أولادها، وأن تحفظ نفسها: (إذا المرأة أطاعت بعلها، وصلت فرضها، وصامت شهرها -إلى آخر الحديث- قيل لها: ادخلي الجنة من أي باب شئت من أبوابها الثمانية) أي منـزلة وأي كرامة للمرأة أعظم من هذا؟! نعم. لا يريدونها أن تدخل الجنة من واحد مع هذه الأبواب، ولكنهم يريدونها أن تدخل النار مع أي باب يفضي بها إلى الهاوية.

تقول أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية الأنصارية ، وكانت تسمى خطيبة النساء، قالت: (يا رسول الله! إن للرجال فيك حظاً ليس لنا، يحجون معك، يغدون معك، يسمعون كلامك، يجلسون ... إلى آخر ما قالت، فما لنا منك حظٌ يا رسول الله، أو ما حظنا منك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا أسماء ! يا أسماء ! يا أسماء ! بلغي من وراءك أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله).

والتبعل يعني: الخدمة، والرقة في المعاملة واللطف، والعناية بفراشه، والعناية ببيته وبنفسه، والعناية بطعامه وشرابه، وكل ما فيه خدمة الزوج وطلب رضاه في رضى الله، فإنه يعدل ذلك كله.

أي فضل، وأي أجر، وأي منزلة جعلها الإسلام لك أيتها الأخت المسلمة، أيتها البنت المسلمة، أيتها الأم المسلمة؟! ولكن أولئك يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً، يريدون أن تنحرفوا انحرافاً بيناً.

المهم أيها الأحبة هذه مغالطات ثلاث:

المغالطة الأولى: ألا وهي أنتم تسيئون الظن.

المغالطة الثانية: يتجاهلون ما حل بالمرأة في المجتمع الغربي.

المغالطة الثالثة: نريد المرأة أن تخدم الوطن.

وكل هذه مغالطات ودعاوى وشنشنة نعرفها من أخزم، دعاوى باطلة، قيل: أكبر شاهد للثعلب، ما هو؟ فقيل: ذيله، هي ذيول الثعالب التي ظهرت بالمكر والخديعة، فحسبنا الله ونعم الوكيل!.

يقول أولئك العلمانيون دعاة التحرير: أنتم يا علماء الدين! أنتم يا معاشر المطوعين! أنتم يا معاشر الملتزمين! أنتم يا من لا تسمحون لبناتكم أن يسهرن الليلة الطويلة في المستشفى مرافقة للطبيب المناوب! يا من لا تسمح لابنتك أن تداوم الدوام الكامل عشر ساعات، أو اثنتي عشرة ساعة مع طبيب، أو مع جمع من الرجال مختلط بالنساء، يقولون: أنتم تسيئون الظن.

لو أن رجلاً قال لآخر: أعطني ابنتك البالغة سن الزواج، وأقفل علينا الباب أنا وإياها أربع ساعات، واتركنا -الله يخليك- أربع ساعات على انفراد، فيقول وليها: لا يمكن، لا يجوز، ماذا تفعل بها؟ أقول: يا أخي! أنت لماذا هكذا تسيء ظنك؟ دعني أعلمها البخاري ، دعني أخرج معها البخاري ، دعني أقرأ معها التفسير، هل يعقل أن هذا الذي سيخلو ببنتي أو ابنتك، أو أختي أو أختك، أو زوجتي أو زوجتك في ردهات المستشفى ساعات طوال في ليل بهيم، في هجيع الليل، ونيام الناس، وسبات عميق، هل يعقل أنه سيخلو بها يتهجدون يتناوبون الحراسة في سبيل الله؟ ماذا سيفعل بها هذا؟

يا إخوان! نريد أن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير، فلا تظنوا أن المجتمع غبي إلى هذه الدرجة، لا تظنوا أن الناس أصبحوا ديوثين، لا تظنوا أن الناس أصبحوا لا يغارون على محارمهم، ولكن كما قلت في الخطب والمحاضرات: ظن دعاة التحرير أن المجتمع انقسم إلى قسمين: قسم يوفر لحيته ويقصر ثوبه، فهذا لن يرضى بتمريض البنات مختلطات مع الرجال، ولن يرضى بقيادة المرأة، ولن يرضى باختلاط المرأة، وقسم آخر من الذين يحلقون لحاهم مثلاً أو يسبلون ثيابهم، أو قد يسمعون شيئاً من الغناء قالوا: هؤلاء الذين يسمعون الغناء أو يحلقون اللحى أو يسبلون الثياب هؤلاء سيوافقوننا بأن نخلو ببناتهم، حاشا وكلا، والله إننا لعلى ثقة بأن الحليق والمسبل، أو من سمع الغناء ما بلغ به ضعف الإيمان إلى درجة أن يصبح ديوثاً، فيرضى أن تقود بنته، أو أن ينفرد بأخته وزوجته ليلة طويلة في مناوبة في مستشفى بدعوى التمريض، أو غير ذلك، يقولون: أنتم تسيئون الظن دائماً، وكلما طرحنا قضية، أول ما يخطر على بالكم -أنتم يا هذا المجتمع السعودي- الفاحشة والجريمة، لماذا يا أخي؟ بإمكاننا أن نوجد العمل في ظل الضوابط الشرعية والشريعة الإسلامية، والقيم والآداب والأخلاق والتقاليد، والله ما عهدنا رجلاً ألقي في الماء فسلمت ثيابه من البلل:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقـال له     إياك إياك أن تبتل بالماء

هل يعقل هذا؟ لا. والله لا يعقل.

إذاً فنحن على ثقة ويقين، ونقول: كذبتم يا دعاة التحرير، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثهما) قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على المحارم) حتى المحارم نهينا أن ندخل عليهن من غير محرم، فما بالك يوم أن تجعل ابنتك وأختك في وظيفة أو في عمل مختلط، أو في معمل الجامعة أو في مكان لتختلط بالأجنبي، إذا كان المحارم قد نهينا عن الاختلاط بهن: (إياكم والدخول على المحارم، قالوا: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ -أخو الزوج لا يظن أن يقع منه السوء إلا في النادر القليل- فقال صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت) فنقول: أنت يا رسول الله ما صدقت، أنت يا رسول الله لا تعرف، أنت تطلق الأحكام على عواهنها، أنت يا رسول الله لا تعرف تطور المجتمع، أنت لا تعرف إلى أي درجة ستتمدن البشرية، ونقول: صدقتم ووفقتم يا دعاة العلمانية، بأنه يمكن للمرأة أن تختلط مع الرجل في الوظيفة، ويغلقان المكتب عليهما، ويمكن أن تختلط مع الفتى في معمل الجامعة، ويمكن أن تختلط بالتمريض مع الممرضين والممرضات، ويمكن ويمكن.. إلى آخره! نصدق من ونكذب من؟ نكذب نبينا ونصدق القردة والخنازير؟!! حاشا لله، لا والله بل صدق رسول الله، وكذب أولئك المفسدون المجرمون، الحمد لله الذي أظهر باطنهم، وكشف خزيهم، وبين دسيستهم وحقيقتهم.

هذه مغالطة دائماً يأتي بها دعاة التحرير، فنقول لهم: مهلاً هذه مغالطة مرفوضة قولكم: لماذا تسيئون الظن؟ لماذا تتهمون الناس بالجريمة؟ لماذا يتبادر إلى أذهانكم الفاحشة في أول لقاء مختلط، وعلى انفراد بين الرجل والأنثى، وبين الفتى والفتاة؟

المغالطة الثانية مع أن أولئك العلمانيين الذين يدعون إلى تحرير المرأة درسوا في أوروبا ، وهم يعرفون ما يسمى بـ(نايتك لبز) بالأندية الليلية، وهم يعرفون ماذا يحصل فيها من امتهان للمرأة، ويعرفون ماذا حصل للمرأة الغربية من احتقار، أنها إن لم تؤجر فرجها مرحاضاً تقضى فيه الحاجة، فلن تجد ما تأكل أو تشرب أو تلبس، يعرفون هذا جيداً، ومع ذلك: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89] مع أنهم عرفوا ورأوا ودرسوا هناك، وأدركوا ما حل بالمرأة الغربية إلا أنهم مع إدراكهم ومعرفتهم لهذا يغالطون المجتمع، ويريدون نقل التجربة الغربية إلى بلاد الإسلام، وإلى قلعة الإسلام الصامدة المملكة العربية السعودية ، يريدون أن ينقلوا هذه المعركة إلى هذه البلاد، أخزاهم الله وفضحهم.

المسألة الثالثة، وقبل أن أنتقل إليها أذكر كلاماً لـسيد قطب رحمه الله لما تكلم عن آيات الحجاب، وفي موضع آخر في حديثه عن أدب الإسلام في الدخول على النساء، وفي تنظيم ضوابط المجتمع المسلم في ظل الأسرة المسلمة، قال: إن المرأة في المجتمع الغربي أصبحت كالمرحاض يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم.

تصوروا -يا إخوان- حمامات -أجلكم الله- على الطريق العام، على الخط الدائري، وكل من حصره بوله -أجل الله المسجد والملائكة والسامعين- أو حقبه غائطه، اضطر أن يقف ليقضي الحاجة في ذلك المرحاض ثم يمضي،إن المرأة في المجتمع الغربي ما هي إلا مرحاضٌ يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم، فمن ذا الذي يرضى أن ينقل التجربة إلى هذا المجتمع ليجعل نساء المجتمع العفيفات الطاهرات مراحيض يقضي فيها المجرمون والغادون والرائحون حوائجهم؟!

من الذي يحفظ هذه المسكينة يوم أن تكون نوبتها الطويلة في الليل ولا رقيب ولا حسيب إلا الله، مع تسلط الهوى، وتحكم الشهوة، وغيبة الضمير، وتسلط الغريزة، وحينئذٍ يخلو بها هذا الممرض، فيقضي حاجته في فرجها، وفي ليلة أخرى ممرض آخر، وفي ليلة أخرى ممرض آخر، ألم تصبح حماماً؟ بلى والله، جعلوها مرحاضاً كل يقضي حاجته فيها.

إننا نعرف أن للمرأة مكانةً ومنـزلةً ليس هذا بيان تفصيلها، لكن نقول: مهلاً يا دعاة التحرير إن كنتم تريدون أن نجعل من المرأة مرحاضاً يقضي فيه الغادون والرائحون حوائجهم، فإن هذا لا يمكن أن يكون في مجتمع لا يزال دم الإباء والغيرة، وقبل دم الإباء لا يزال الانقياد لأمر الله في قلوبهم ونفوسهم.

المغالطة الثالثة: يقولون: إننا يوم أن ندعو للاستفادة من المرأة، ومن تحريك النصف المعطل ... وإلى آخره، يقولون: هذا من أجل الوطن، هذا من أجل الدفاع عن الوطن، من أجل خير الوطن، من أجل أن نشارك الأمة، إن الأمة قد شاركت في مجالات عديدة، ورغبة منا أن نشارك في وطننا، فلا بد أن نفعل كذا، والذي يؤزونهم إلى الفساد أزاً، ويدفعونهم إلى الهاوية دفعاً، يقولون: من أجل أن تشارك المرأة وتشعر بكيانها وسيادتها على أرض مجتمعها وحدود بلادها، فلا بد أن تشارك في الوطن، وهل هناك مشاركة أعظم مما ذكره فضيلة الشيخ في مقدمته؟ أن تتولى بيتها، وأن تخدم زوجها، وأن ترعى أولادها، وأن تحفظ نفسها: (إذا المرأة أطاعت بعلها، وصلت فرضها، وصامت شهرها -إلى آخر الحديث- قيل لها: ادخلي الجنة من أي باب شئت من أبوابها الثمانية) أي منـزلة وأي كرامة للمرأة أعظم من هذا؟! نعم. لا يريدونها أن تدخل الجنة من واحد مع هذه الأبواب، ولكنهم يريدونها أن تدخل النار مع أي باب يفضي بها إلى الهاوية.

تقول أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية الأنصارية ، وكانت تسمى خطيبة النساء، قالت: (يا رسول الله! إن للرجال فيك حظاً ليس لنا، يحجون معك، يغدون معك، يسمعون كلامك، يجلسون ... إلى آخر ما قالت، فما لنا منك حظٌ يا رسول الله، أو ما حظنا منك يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا أسماء ! يا أسماء ! يا أسماء ! بلغي من وراءك أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعدل ذلك كله).

والتبعل يعني: الخدمة، والرقة في المعاملة واللطف، والعناية بفراشه، والعناية ببيته وبنفسه، والعناية بطعامه وشرابه، وكل ما فيه خدمة الزوج وطلب رضاه في رضى الله، فإنه يعدل ذلك كله.

أي فضل، وأي أجر، وأي منزلة جعلها الإسلام لك أيتها الأخت المسلمة، أيتها البنت المسلمة، أيتها الأم المسلمة؟! ولكن أولئك يريدون أن تميلوا ميلاً عظيماً، يريدون أن تنحرفوا انحرافاً بيناً.

المهم أيها الأحبة هذه مغالطات ثلاث:

المغالطة الأولى: ألا وهي أنتم تسيئون الظن.

المغالطة الثانية: يتجاهلون ما حل بالمرأة في المجتمع الغربي.

المغالطة الثالثة: نريد المرأة أن تخدم الوطن.

وكل هذه مغالطات ودعاوى وشنشنة نعرفها من أخزم، دعاوى باطلة، قيل: أكبر شاهد للثعلب، ما هو؟ فقيل: ذيله، هي ذيول الثعالب التي ظهرت بالمكر والخديعة، فحسبنا الله ونعم الوكيل!.

أيها الأحبة في الله! لا يستطيع أعداء المرأة في مجتمع كهذا، مجتمع لا زالت المآذن تصدح فيه خمس مرات، ولا زال أهله أهل صلاة وعبادة، ولا زال الناس أهل غيرة على فرشهم وعلى محارمهم وعلى أعراضهم لا يستطيعون أن يقولوا: أعطونا بناتكم نخلو بهن، لا. أعطونا بناتكم نفعل بهن، لا يستطيعون أن يتجرءوا ويقولوا هذا الكلام، إذاً فلا بد من التدرج دعاة التحرير يريدون أن يتدرجوا حتى يحصلوا على ما يريدون، فيبدءون بمختلف الوسائل وشتى المجالات.

يبدءون مثلاً: لماذا لا نستفيد من الفتاة لكي تدرس الشباب الصغار، أو الأطفال الصغار في المرحلة الابتدائية، الطفل في المرحلة الابتدائية أيضاً -يا (مطاوعة)- تشكون في هذا الطفل الذي عمره ست سنوات، لا تريدونه يختلط مع البنية الصغيرة، لا تريدون المدرسة تدرسه، يبدءون من هنا، وما المانع أن تكون المرحلة الأولى الابتدائية والثانية الابتدائية والثالثة الابتدائية؟ ما المانع أن تكون المرأة هي التي تدرس هؤلاء الصغار؟ وما المانع أن يختلط الصغار إناثاً وذكوراً في هذه المراحل؟ هذه بداية من أسفل، وهناك بداية من فوق، يقولون: والله يصعب علينا أن نعد معامل للبنات ومعامل للذكور، فنضطر أن نخلط الرجال والبنات، الشباب والشابات، الفتيان والفتيات في المعامل، يصعب علينا أن ننـزل محاضرات معينة في الدائرة المغلقة للبنات ومحاضرات للرجال، لا بأس أن يختلطن، ما الذي يمنع أن نختلط؟ ما الذي يمنع أن نشاهد هذا الدرس العملي، فبدأ الاختلاط من أين؟ من فوق، وبدأ من المراحل الأولى الابتدائية والمرحلة الجامعة، وما يزال هذا الاختلاط ينـزل ويرتفع، ينـزل ويرتفع حتى يلتقي في قمة الجنون والمراهقة في المراحل المتوسطة والثانوية ويستوي على سوقه في المرحلة الجامعية، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

لا يستطيعون من البداية أن يفتحوا ويقولوا: الثانوية المائة والخمسون المختلطة للبنين والبنات، لا. لا يقدرون على قول هذا، لكن ما الذي يمنع أن يتربى الأولاد مع البنات في الابتدائية إلى السنة الأولى والثانية والثالثة، طيب ما هو الفرق بين الثالثة والرابعة؟ أضيفوا الرابعة، وما هو الفرق بين الرابعة والخامسة؟ أضيفوا الخامسة، ورويداً رويداً حتى يلتقي الاختلاط بين نزول من أعلى وارتفاع من أسفل، فيلتقي في مرحلة زمنية هي قمة الجنون والمراهقة، ويقولون أيضاً: في حدود الشريعة، وفي ظل الضوابط الشرعية إلى آخره.

وقبل أن نفيض في هذا الموضوع نريد أن نسأل سؤالاً: كيف ظلمت المرأة الغربية وكيف حررت؟ المرأة الغربية؟

أيها الأحبة! كان المجتمع الغربي حتى المجتمع الفرنسي والمجتمع الألماني في عصور غابرة كانوا يشكون هل هي إنسان، أو لا.

وقرروا في زمن ما أنها إنسان، ولكن خلقت لخدمة الرجل، ووافقهم الألمان في هذه الفكرة، ومورست أبشع صور الإقطاع في عصور الإقطاع على المجتمع الأوروبي، ومارس الرهبان والقسس والكاردينلات في تسلطهم عبر الكنيسة أبشع ألوان التسلط على المرأة، ثم بعد ذلك أرغمت المرأة بالعمل الشاق، فأصبحت تعمل في المناجم، وأصبحت تعمل عملاً طويلاً، ومع ذلك لا تنال نفس الأجر الذي يناله الرجل، فأصبحت المرأة تصيح: نريد أن نساوى مع الرجل في الأجر، فبدأت قضية للمرأة، نعم المرأة تعمل عمل الرجل، ولكنها لا تأخذ الأجر ذاته، فتبنى من تبنى هذه القضية، وقامت ثورات لتحرير المرأة ومساواتها مع الرجل في الأجر، فتمت المساواة، ثم بعد ذلك لماذا لا تساوى المرأة مع الرجل في المجالات الأخرى؟ وقالوا: لا حرج، وفتحوا هذا الباب.

إذاً قضية المرأة الأوربية إنما هي بسبب تشريع البشر القاسي الذي لم يراعِ فيها الأنوثة، ولم يراعِ فيها طبيعة التكوين أبداً، فالمرأة تحررت من ظلم، ولكن إلى ظلم أشد منه، ولا حول لا قوة إلا بالله!

لكن المرأة في المجتمع المسلم أي ظلم أصابها، إن الظلم الذي يقع الآن على المرأة المسلمة، وعلى الفتاة المسلمة، وعلى الأخت المسلمة هو تسلط عبر الإعلام .. عبر الشاشة .. عبر الإذاعة .. عبر المجلة .. عبر الجريدة .. عبر الصحيفة .. عبر مختلف المجالات، تسلط على هذه المرأة من أجل إبعادها عن المنهج الرباني، لكي يقولوا لها: لا تطيعي هذا الذي خلقك بلسان الحال أو بلسان المقال، وإلا ما معنى مقابلة مع مجموعة من الفتيات والأخوات: كيف وجدت نفسك مع تقاليد المجتمع الذي يرفض هذه الظاهرة؟ تقول: بحمد الله أنا فتاة في مجتمع متحرر وأسرتي مقتنعة، والأخرى تقول: لا. أمي واجهتني ببعض الصعوبات، ولكن جدتي أقنعتها، وهلم جراً، يعني: محاولة لمسخ الفتاة المسلمة عن التزامها وعن عقيدتها، ومن هنا يوم أن نعرف أن قضية المرأة التي يصيحون بها في المجتمع المسلم هي قضية إبعادها عن المنهج الرباني، وعن شريعة الله جل وعلا، يريدون إبعادها من الحصن الحصين والدرع المكين إلى مسبعة الذئاب، وإلى صحراء الكلاب؛ حينئذٍ نعرف أن عندنا قضية ولكن بلا قضية، قضية امرأة، لكن ما هي القضية؟ في الحقيقة ما عندنا، بالنسبة لنا في نظرنا ما هناك قضية، المرأة كل ما يتعلق بها موجود في كتاب الله، وما عقمت أذهان وعقول علماء الأمة ومفكريها وقضاتها أن يجعلوا لكل أمر جديد ما يناسب هذا الأمر في حدود الضوابط الشرعية، أما أن يحدد الضوابط الشرعية من لم يعرف الصلاة، أو من عاش زمناً طويلاً وعهداً طويلاً في بلاد الغرب، وأشرب حب الغرب وسلوكهم، وهو الذي يقرر المصالح الشرعية، لا. العلماء قالوا: المصالح المرسلة التي لم يشهد لها الشرع باعتبار ولا بإلغاء يقررها المجتهدون والعلماء، فكيف يقرر أولئك الذين هم من مجمعات زبالات أذهان الغرب وحثالات أفكارهم، هل هم الذين يقررون مجال المرأة، أو يقررون عملها وهم لا يعرفون الأصول ولا الضوابط الشرعية التي يقوم عليها مجال المرأة؟ تباً وسحقاً لهم.

حينما يراد تخريب وإفساد الأمة في أمر من الأمور، لا بد للمخرب أن يستتر بقضية؛ القضية .. الخدمة .. المشاركة .. الدفاع .. الوطنية .. الإخلاص .. إلى غير ذلك، وخذوا مثالاً، وما أشبه الليلة بالبارحة، وهذا أمرٌ عرفتموه أنتم من خلال الخطب والندوات والمحاضرات وما قرأتم، مثال ذلك: أول مظاهرة في مصر في ميدان قصر النيل أمام ثكنات الجيش الإنجليزي، قامت النساء وهتفت ضد المستعمر الإنجليزي، طيب ما هي علاقة المستعمر الإنجليزي بإزالة الحجاب عن الوجه؟

إذاً لا بد أن يكون لمن أراد أن يفرض على المجتمع أو أن يغزو المجتمع بحدث قذر خطير لا بد أن يلوح بقضية، أو أن يطير بالونة ترتفع الأبصار إليها، وحينئذٍ هو يعمل من تحت، حينما يريد مجرم أن يفسد المجتمع، أو لص من اللصوص حينما يريد أن يسرق بنكاً من البنوك، لا بد أن يسحب في جيبه قنبلة، فيفجر سيارة في الطريق، فينشغل الناس بالسيارة المتفجرة، ثم هو يدخل إلى هذا البنك ويسرق فيه، لا بد أن ترفع قضية وأن تثار إما لإشغال الناس بها، والعمل في غفلة الناس عنها، أو لكي يصبح للمخرب قضية يتستر بها.

دعاة التحرير في مصر

عند المرأة المصرية كانت المظاهرة بقيادة هدى شعراوي هتفت في شارع النيل أو في ذلك الميدان ضد الاستعمار الإنجليزي، وأخذت تنـزع الحجاب، وتزيله وتميطه عن الوجه، وتهتف ضد المستعمر، وعندنا الذين أرادوا أن يجعلوا من أنسفهم منطلقاً وتاريخاً يؤرخ به تحرير المرأة، أو تخريب المرأة على الصحيح، قالوا: نريد الدفاع عن الوطن، ونريد المشاركة، ونريد ونريد إلى آخره، وحينئذٍ لا بد أن يصنع من ذلك الذي رفع الشعار بطلاً، وفاتني أن أحضر قصاصة أوصلها لي أحد الإخوة جزاه الله خيراً بقلم تافهٍ نزقٍٍ حقيرٍ اسمه/ فهمي هويدي كتب في جريدة الأهرام كتاباً نال فيه من عرض والدنا وحبيبنا سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز ، نسأل الله أن ينتقم لشيخنا وحبيبنا منه، نسأل الله أن يري هذا الكاتب في نفسه بلاءً ومكروهاً حتى يأتي محمولاً ليتحلل من شيخنا، وليكون آية وعبرة لكل من سولت نفسه أن يهزأ، أو أن ينال من علمائنا وأحبابنا، حينئذٍ لا بد أن يكون هذا المخرب بطلاً، كيف يصنع من المخرب بطلاً؟ اطمئنوا ما على المجرم إلا أن يفجر الحادثة ويتولى بقية المهمة وكالات الأنباء، التغطية الصحفية .. الـ (السي إن إن) .. المقالات .. الكتابات .. التأييد .. القصائد التي تفيد بهذا الأمر، فحينئذٍ يصبح المجرم في عرف بعض الساقطين بطلاً، ولكن بحمد الله جل وعلا في مجتمعنا هذا لم يحصل من قام بهذه الجريمة على لقب البطولة، أو لقب يسره، بل نال الدعاء بالويل والثبور إن هو أصر على ضلالته، ولم يرجع، ولم يتب إلى الله، نسأل الله الهداية لجميع المسلمين.

في الحقيقة -أيها الأحبة!- وبالتدريج حينما تثار قضية من القضايا، ويكون لهذه القضية من يتبناها، إما امرأة معينة أو مجموعة من الفتيات شعارنا المشاركة في الوطن، المشاركة في الدفاع، من الذي يصنع منا أبطالاً؟ وكالات الإعلام، ووسائل الإعلام الأجنبية هي التي تلمع هذه الحادثة، بالتدريج نبدأ الدخول في قضايا جديدة.

الهدف من محاربة الزواج المبكر

إذاً كانت القضية أولاً: من يعلق الجرس؟ فإذا علق الجرس في هذه الحادثة، بعد ذلك انتقلت المرحلة إلى مجال آخر تتنقل بعد ذلك إلى التعليم، ثم تنتقل بأسلوب مغلف إلى قضية أخرى وهي الزواج، لماذا تزوج الفتاة المسكينة في سن ست عشرة سنة وسبع عشرة سنة؟ لماذا لا يوجد قانون يمنع الفتاة من الزواج في ذلك السن حتى تصبح عاقلة؟ ومن الذي قال لكم إنها مجنونة؟ لماذا تتزوج الفتاة؟ هذا ظلم، هذه مسكينة ... إلى آخره.

لماذا كل هذا؟ حتى تطول فترة المراهقة، وأثناء هذه الفترة قد تسلطت الجرائد والمجلات والأفلام والمسلسلات التي جعلت من الفتاة سجينةً في قفص بين أربعة أبواب، أتدرون كيف تتصور الفتاة المسكينة أنها سجينة؟

فيلم من الأفلام يخرج أسرة في حدائق غناء، وتلقى الفنانين والمشاركين من أطفر عباد الله، لكن مستأجرين هذا القصر من أجل أن يمثلوا للناس فيه، المهم أسرة في هذا المجتمع والحدائق الغناء، وهذه الفتاة التي تبلغ من العمر سبع عشرة وثمان عشرة سنة تطل من الشرفة إذ بالشاب يمر يضرب لها بوق السيارة، فتنـزل تحدثه، ثم تتساطع النظرات، وتتبادل الآهات والأنات، ثم تبدأ قصة الحب، ثم ماذا بعد ذلك؟ تبدأ البنت تحدث أمها: أنا والله تعلقت بفلان، ما المانع أني أخرج معه؟ ولماذا؟ وما له؟ واذهبي معه يا ابنتي، وهلم جرا.

ثم تخرج معه، ورويداً رويداً قارن بين مجتمع الشاشة ومجتمع الأربع جدران، فتاة جالسة في أربع جدران تنظر إلى فتاة تطل في الشرفة، وتقول: أنا لو أطل من على هذه الشرفة فستأتيني لعنة هذا الحين من الشارع، تبدأ تقارن المسكينة في حين غيبة من التربية، وغفلة من الأولياء، وبعد في المناهج عن تأصيل الكرامة، وبيان العزة التي أكرمها الله بها؛ تبدأ تقارن بين نفسها العزيزة الكريمة الأصيلة، تبدأ تقارن نفسها بالحقيرة المبذولة التافهة، وتغبط هذه التافهة على ما هي عليه، تقول: أنا بين أربع جدران، وهذه تخرج في أي وقت، ومع ذلك جعلها تقود السيارة هي وإياه، أنا لو أريد أن أسوق فلن يسمحوا لي أن أسوق، ويحدثها بالهاتف في كل وقت، يرن التلفون وتأخذ التلفون وتنتقل إلى حجرة، وكيف حالك؟ وما رأيناك؟ والجامعة وما الجامعة، وهلم جرا.

مصيبة المصائب! ما معنى أن هذه تتحدث مع صديقها وأنا لا أتحدث مع صديقي؟ من هنا تبدأ قضية المقارنات الغير منضبطة، أو بالأحرى المقارنات التي ليست أصلاً بمحل للمقارنة، وتشعر الفتاة بأنها بحاجة إلى مجتمع غير هذا المجتمع الذي هي فيه، طبعاً الزواج في هذا السن، الفتاة تتحرك غريزتها، يدنو مجتمع الشاشة، أو مجتمع الفيلم والمسلسل يدنو الفتى من الفتاة، ويحدثها حتى لو شئت أن تدخل ورقة بين أنفها وأنفه، ما استطعت، فهما قريبان جداً من بعض، والفتاة هل هي جماد لا تتحرك، وليست بدون مشاعر؟ تتمنى أن لو كانت مكان تلك الفتاة في بعض المشاهد وبعض المواقف، ومن هنا يكون عندها رغبة في الزواج، لكن عيب أن تتزوج وعمرها ست عشرة سنة، أو في نظر المجتمع لو تصارح أهلها بأن لها رغبة في الزواج: يا أبي، يا أمي لو تقدم إلي فتى يريد الزواج مني وافقوه، فيقولون: ما هذه المجنونة التي تموت على الزواج؟

إذاً من خلال زرع بغض تزويج البنات المبكر في نفوس المجتمع تبدأ تتولد الرغبة في الاتصال، هناك ضغطٌ عبر الوسائل الإعلامية وهناك غريزة، فيتدافع الأمران، ماذا يحصل؟ تبدأ العلاقات السرية، من أين؟ من الهاتف، وهي ما تسمى بالمعاكسة والمغازلة، كثير من البنات لما تزوجت انتهت من شيء اسمه المعاكسة.

إذاً ما هي القضية؟ هل هو حب في الانحراف ذاته، أو مجرد غريزة ودوافع ومثيرات وأشياء تؤجج الشهوة والفتنة، وما عندها ما يقضي حاجتها ووطرها؟ إذ تريد أن تتزوج، والأدهى من ذلك يوم أن يأتي البنية نصيب فيقال: اصبري، دعي أختك الكبيرة تتزوج، طيب فلتتزوج وليكن ذلك، لكن تعلمنا أنه عيب تزويج الصغيرة قبل الكبيرة، المسألة قسمة ونصيب، فمن كتب لها النصيب فلتتزوج، لكن من خلال التحقيق الصحفي، من خلال العمود، من خلال المقابلة:

السؤال: ما رأي سعادة الدكتورة الفلانية في الزواج المبكر؟

الجواب: أنا لا أرى الزواج المبكر، لأنه دائماً ينتهي بالفشل.

السؤال : ما رأي المعيدة الفلانية في الزواج المبكر؟

الجواب: الزواج المبكر مصائب لا حدود لها.

السؤال: ما رأي المحاضرة التي تعمل في مركز الخدمة الفلانية؟

الجواب: هذه خطورة، هاوية الأولياء يقذفون بالفتاة المسكينة إليها.

ومن ثم نبدأ نعتقد أنه لا يمكن أن يحصل الزواج إلا في سن متأخرة، والمطلوب ما هو بالضبط؟ إيجاد فترة انحراف وفساد وإباحية قبل الدخول في عقد الزوجية، هذا هو المطلوب بالذات، وذلك مجال أو جبهة من جبهات النزاع في قضية تحرير المرأة، ولا حول لا قوة إلا بالله!

الهدف من تعليم المرأة في مجالات لا وظيفة لها عند التخرج

هنا مسألة جديدة، ونقول لدعاة التحرير، ونقول للعلمانية أيضاً: فتح التعليم الجامعي في مختلف المجالات، ونحن نعلم أن هناك مجالات فتح التعليم الجامعي فيها وهي مجالات لا تناسب عمل المرأة، هناك مجالات محدودة وبناءة ومثمرة حينما تتعلمها المرأة، وتنال بها الشهادات، يكون من صالح المجتمع، ومن صالح بني جنسها، ومن صالح المرأة أن تتعلمها، لكن مجالات لا علاقة لها بالمرأة، ما الفائدة من التخصصات فيها؟

عندما يتخرج عندي هذه السنة ألف فتاة إدارة أعمال، وإدارة خاصة، واقتصاد زراعي وهندسة وكيمياء وفيزياء وما يتعلق بذلك، ما الفائدة من هذه التخصصات؟ أليس من الأولى أن أعين الشباب الذين هم بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم لردهم إلى سلك التعليم ببرامج تنشيطية تدريبية، وإعادتهم إلى سلم التعليم سواءً كان مهنياً، أو كان تقنياً، أو أكاديمياً بحتاً، أو في أي مجال من المجالات، أليس الشباب أولى من الفتيات في هذه التخصصات؟

القضية -أيها الإخوة- هي والله نتيجة حتمية لتوظيف المرأة، أو هي مقدمة تفضي حتماً إلى توظيف المرأة، عندما يكون عندي جامعة، وعندي حوالي ألف فتاة في تخصصات، ما عندنا مجال نوظف الفتاة فيها، عندنا الآن مثلاً مجال التعليم ومجال الطب، ونسمع أن هناك دسائس وبعض المكاتب التي ما بين المكتب والمكتب إلا زجاجة، أو فاصل أقل من الزجاج، لكن مجموعة من ذوات الشهادات في مختلف التخصصات ما هناك مجال يناسب تخصصها، طيب ماذا نفعل؟ تتخرج الدفعة الثانية، صار عندي ألفا فتاة، تتخرج الدفعة الثالثة، ثلاثة آلاف فتاة، الدفعة الرابعة، أربعة آلاف فتاة، تبدأ الفتيات اللائي يحملن المؤهل الجامعي في المجالات التي لا وظيفة لها في المجتمع يصرخن بصوت واحد: وظفونا وظفونا، درسنا وعندنا شهادة (ليسنس)، أو بكالوريوس في مختلف التخصصات، لماذا نعطل؟ لماذا نهمل؟ أين مجال العمل؟ وحينئذٍ حتماً ستفتحون توظيف المرأة.

هذا التخطيط الذي فتح مجالات تخصصية في التعليم تخرج شهادات لا مجال وظيفي لها في المجتمع هو في الحقيقة يعني: بناء تراكمي لإيجاد كمية هائلة من الخريجات اللائي يحملن مختلف التخصصات لكي يأتي اليوم الذي ينصاع فيه من ينصاع، لكي توظف المرأة، وهنا نسأل سؤالاً، وليكن هذا السؤال صريحاً، والصراحة صابون القلوب، نقول: هل الفساد في التخطيط والتعليم أم أن هناك أمراً مبيتاً اسمه توظيف المرأة؟ هل الذي خطط لتعليم الفتاة في المجتمع يجهل معنى إيجاد تخصصات لا وجود وظيفي لها في المجتمع، أم أنه يراهن على توظيف المرأة في يومٍ ما؟

ليجب كل واحد منكم على هذا السؤال، وليسأل من يعنيه الأمر في هذه المسألة، هذا أمرٌ لا مفر منه، هي واحدة من اثنتين: الذي خطط لتعليم الفتاة، وجعل هناك مجالات معينة حينما تتخرج الفتاة بعدها لا تجد مجالاً وظيفياً لها، نقول له: إما أنك خططت تخطيطاً عشوائياً، فلا تصلح للتخطيط في التعليم، وإما أنك تريد توظيف المرأة في يوم من الأيام، وكلا الأمرين منبوذ مرفوض.

قد يقول قائل: ونحن نقترح أن ليس من شرط تعليم المرأة وظيفتها، ليس بالضرورة أن كل من تعلمت أن نعطيها المرتبة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة، ويوجد عدد من المتعلمات اللائي تعلمن وآثرن البقاء في بيوتهن وتربية أولادهن وخدمة أزواجهن، لكن نقول: هلا إذا كان هذا قصدك الشريف يا من خططت للتعليم، هلا جعلت هذه المجالات مناسبةً فيما يتعلق بفقه النساء، طهارة النساء، أحكام العشرة الزوجية، العناية بالأطفال، رعاية الأطفال، أمور أولية لعناية المرأة بأولادها وزوجها وبيتها، إذا كان المقصود هو أننا نعلم المرأة لنرفع عنها الجهل، ولكي نفيدها في إطار منزلها وأسرتها، فعندنا فنون وعلوم، الفنون يراد بها العلوم، فعندنا مجالات نستطيع أن نجعل دراسة المرأة متخصصة في هذه المجالات التي تخدمها.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور سعد البريك - عنوان الحلقة اسٌتمع
أهمية الوقت في حياة المسلم 2802 استماع
حقوق ولاة الأمر 2664 استماع
المعوقون يتكلمون [2] 2652 استماع
توديع العام المنصرم 2647 استماع
فلنحول العاطفة إلى برنامج عمل [1] 2552 استماع
من هنا نبدأ 2495 استماع
أحوال المسلمين في كوسوفا [2] 2461 استماع
أنواع الجلساء 2460 استماع
الغفلة في حياة الناس 2437 استماع
إلى الله المشتكى 2436 استماع