الروض المربع - كتاب الصلاة [85]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً, وبعد:

فقد المؤلف رحمه الله: [ وإمامة النساء تقف في صفهن ندباً, روي عن عائشة و أم سلمة رضي الله تعالى عنهما: فإن أمت واحدة وقفت عن يمينها، ولا يصح خلفها, ويليه أي: الإمام من المأمومين الرجال الأحرار، ثم العبيد الأفضل فالأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى )، رواه مسلم, ثم الصبيان الأحرار، ثم العبيد, ثم النساء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أخروهن من حيث أخرهن الله ).

ويقدم منهن البالغات الأحرار، ثم الأرقاء، ثم من لم تبلغ من الأحرار، فالأرقاء الفضلى فالفضلى, وإن وقف الخناثى صفاً لم تصح صلاتهم كالترتيب في جنائزهم إذا اجتمعت، فيقدمون إلى الإمام وإلى القبلة في القبر على ما تقدم في صفوفهم، ومن لم يقف معه في الصف إلا كافر أو امرأة أو خنثى، وهو رجل أو من علم حدثه أو نجاسة أحدهما أي: المصلي أو المصافف له, أو لم يقف معه إلا صبي في فرض ففذ, أي: فرد, فلا تصح صلاته ركعة فأكثر، وعلم منه صحة مصافة الصبي في النفل أو من جهل حدثه أو نجسه حتى فرغ ].

موقف إمامة النساء في الصلاة

قول المؤلف رحمه الله: (وإمامة النساء تقف في صفهن ندباً)، هذا مذهب الجمهور أنه يجوز للمرأة أن تؤم مثلها من النساء، ولكنها إذا صلت فإن الأفضل في حقهن أن تقف وسطهن.

وأفادنا المؤلف في ذلك على أن إمامة المرأة جائز أو مستحب أحياناً، وإلا فالأصل أن المرأة تصلي وحدها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن )، والحديث متفق عليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( وبيوتهن خير لهن ) دليل على أنها لو صلت وحدها في بيتها فهذا هو الأصل, ودليل أيضاً على أن الانفراد في حقها هو الغالب والأصل.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أهل السنن: ( وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في غيره، وصلاتها في حجرتها أفضل من صلاتها في بيتها )، وهذا يدل على أن صلاة المرأة منفردة هو الأصل, ولكن لا بأس أن تصلي بالنساء أحياناً.

وقولنا: أحياناً لفعل الصحابة, فقد ثبت عند عبد الرزاق و الدارقطني : أن عائشة رضي الله عنها أمت النساء وسطهن، وكذلك رواه ابن المنذر في الأوسط, وهذا الحديث إسناده جيد، وكذلك رواه عبد الرزاق و الدارقطني من حديث أم سلمة , وحديث أم سلمة في سنده جهالة حيث إن الراوي عن أم سلمة هي مولاة لـأم سلمة ، وقد تكلم العلماء فيها، وإن كان الحديث قد حسنه النووي و ابن الملقن , ولكن الأحسن هو حديث عائشة .

وقد روى ابن حزم في (المحلى) عن ابن عباس رضي الله عنه أنه أفتى بذلك, واحتج به ابن حزم .

إذاً عندنا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجوزون أن تصف المرأة المرأة, وأن تكون المرأة إماماً إلا أن الأفضل أن تقوم وسطهن، ولا مانع أن تتقدم المرأة الإمامة قليلاً.

قال المؤلف رحمه الله: (وسطهن) أي: أنها لو تقدمت بحيث صارت مثل الإمام الرجل فإن ذلك محل نظر؛ لأن هذا ليس هو موقفها، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أخروهن من حيث أخرهن الله )، والحديث تكلم فيه, والذي يظهر -والله أعلم- أن إمامة المرأة إنما جاء عن الصحابة ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما الحديث الوارد الذي رواه الإمام أحمد و أبو داود من حديث أم ورقة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها )، فهذا الحديث تكلم فيه، فإن في سنده الوليد بن جميع , وكذلك في سنده رجل يقال له: عبد الرحمن وأمه ليلى تكلم الناس فيه، ولو صح فإنما يفيد إمامة المرأة في أهل بيتها, والغالب أن أهل البيت إنما هم من النساء.

وعلى فرض صحة الحديث فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تؤم في وسط النساء أم في الأمام. فهذا مما يدل على أن المرأة لو تقدمت فإن الصلاة صحيحة.

وهذه هي طريقة الاستدلال؛ أنك تنظر إذا وجدت أن المسألة فيها خلاف عند أهل العلم ووجدت دليلاً عاماً لأحد الأقوال فلا حرج أن تستدل به في العمومات، لكن إذا وجدت أئمة السلف على معنى وبعض الأحاديث ظاهرها على معنى آخر فاعلم أن هذا المعنى الذي فهمته من عموم اللفظ لم يكن مراداً عند أئمة السلف.

وعليه فيخطئ بعض الفضلاء حينما يستدل بهذا العموم على مخالفة أئمة السلف لقول الشافعي في الرسالة: وقد أجمع الناس على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يدعها لقول أحد من الناس, هذه السنة الظاهرة، ووقت التشريع غير وقتنا نحن، فهذا لا بد أن يلاحظ؛ لأنني وجدت بعض الإخوة المعتنين بالسلسلة الصحيحة للشيخ العلامة الإمام الألباني رحمه الله يأخذون بمثل هذه الأدلة ويتركون مفهوم السلف، وربما فهموا وتركوا القياس، وهذا ينبغي أن يلحظ؛ لأنه ربما يأخذ الإنسان أقوالاً مهجورة عند السلف كأقوال لـابن حزم لم يكن السلف عليها فيخطئ وهو يظن أنه قد تمسك بالسنة، ولم يخف ذلك على أئمة السلف رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

موقف المأمومة عن يمين الإمامة في الصلاة

قال المؤلف رحمه الله: (فإن أمت واحدةً وقفت عن يمينها)، يعني: وقفت المأمومة عن يمين الإمامة التي هي المرأة قال: (ولا يصح خلفها)، يعني: أن المرأة هنا كالرجل مع الرجل، فكما أنه لا يصح أن يقف المأموم عن يسار الإمام مقدار ركعة فأكثر فكذلك لا يصح أن تقف المأمومة عن يسار الإمامة مقدار ركعة فأكثر كما مر سابقاً.

وكذلك لا يصح أن تقف خلفها على المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة خلف الصف منفرداً، وهذا واضح وبين، وعلى الراجح أنها لو صلت عن يسارها جاهلة أو ناسية أو معذورة لعذر فالصلاة صحيحة كما رجحنا ذلك وهو رواية عن أحمد وهو مذهب مالك ، فـمالك يجوزها مطلقاً، و ابن تيمية يجوزها للحاجة, والجمهور يمنعون.

قول المؤلف رحمه الله: (وإمامة النساء تقف في صفهن ندباً)، هذا مذهب الجمهور أنه يجوز للمرأة أن تؤم مثلها من النساء، ولكنها إذا صلت فإن الأفضل في حقهن أن تقف وسطهن.

وأفادنا المؤلف في ذلك على أن إمامة المرأة جائز أو مستحب أحياناً، وإلا فالأصل أن المرأة تصلي وحدها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن )، والحديث متفق عليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ( وبيوتهن خير لهن ) دليل على أنها لو صلت وحدها في بيتها فهذا هو الأصل, ودليل أيضاً على أن الانفراد في حقها هو الغالب والأصل.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أهل السنن: ( وصلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في غيره، وصلاتها في حجرتها أفضل من صلاتها في بيتها )، وهذا يدل على أن صلاة المرأة منفردة هو الأصل, ولكن لا بأس أن تصلي بالنساء أحياناً.

وقولنا: أحياناً لفعل الصحابة, فقد ثبت عند عبد الرزاق و الدارقطني : أن عائشة رضي الله عنها أمت النساء وسطهن، وكذلك رواه ابن المنذر في الأوسط, وهذا الحديث إسناده جيد، وكذلك رواه عبد الرزاق و الدارقطني من حديث أم سلمة , وحديث أم سلمة في سنده جهالة حيث إن الراوي عن أم سلمة هي مولاة لـأم سلمة ، وقد تكلم العلماء فيها، وإن كان الحديث قد حسنه النووي و ابن الملقن , ولكن الأحسن هو حديث عائشة .

وقد روى ابن حزم في (المحلى) عن ابن عباس رضي الله عنه أنه أفتى بذلك, واحتج به ابن حزم .

إذاً عندنا ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يجوزون أن تصف المرأة المرأة, وأن تكون المرأة إماماً إلا أن الأفضل أن تقوم وسطهن، ولا مانع أن تتقدم المرأة الإمامة قليلاً.

قال المؤلف رحمه الله: (وسطهن) أي: أنها لو تقدمت بحيث صارت مثل الإمام الرجل فإن ذلك محل نظر؛ لأن هذا ليس هو موقفها، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( أخروهن من حيث أخرهن الله )، والحديث تكلم فيه, والذي يظهر -والله أعلم- أن إمامة المرأة إنما جاء عن الصحابة ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما الحديث الوارد الذي رواه الإمام أحمد و أبو داود من حديث أم ورقة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها )، فهذا الحديث تكلم فيه، فإن في سنده الوليد بن جميع , وكذلك في سنده رجل يقال له: عبد الرحمن وأمه ليلى تكلم الناس فيه، ولو صح فإنما يفيد إمامة المرأة في أهل بيتها, والغالب أن أهل البيت إنما هم من النساء.

وعلى فرض صحة الحديث فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تؤم في وسط النساء أم في الأمام. فهذا مما يدل على أن المرأة لو تقدمت فإن الصلاة صحيحة.

وهذه هي طريقة الاستدلال؛ أنك تنظر إذا وجدت أن المسألة فيها خلاف عند أهل العلم ووجدت دليلاً عاماً لأحد الأقوال فلا حرج أن تستدل به في العمومات، لكن إذا وجدت أئمة السلف على معنى وبعض الأحاديث ظاهرها على معنى آخر فاعلم أن هذا المعنى الذي فهمته من عموم اللفظ لم يكن مراداً عند أئمة السلف.

وعليه فيخطئ بعض الفضلاء حينما يستدل بهذا العموم على مخالفة أئمة السلف لقول الشافعي في الرسالة: وقد أجمع الناس على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يدعها لقول أحد من الناس, هذه السنة الظاهرة، ووقت التشريع غير وقتنا نحن، فهذا لا بد أن يلاحظ؛ لأنني وجدت بعض الإخوة المعتنين بالسلسلة الصحيحة للشيخ العلامة الإمام الألباني رحمه الله يأخذون بمثل هذه الأدلة ويتركون مفهوم السلف، وربما فهموا وتركوا القياس، وهذا ينبغي أن يلحظ؛ لأنه ربما يأخذ الإنسان أقوالاً مهجورة عند السلف كأقوال لـابن حزم لم يكن السلف عليها فيخطئ وهو يظن أنه قد تمسك بالسنة، ولم يخف ذلك على أئمة السلف رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله: (فإن أمت واحدةً وقفت عن يمينها)، يعني: وقفت المأمومة عن يمين الإمامة التي هي المرأة قال: (ولا يصح خلفها)، يعني: أن المرأة هنا كالرجل مع الرجل، فكما أنه لا يصح أن يقف المأموم عن يسار الإمام مقدار ركعة فأكثر فكذلك لا يصح أن تقف المأمومة عن يسار الإمامة مقدار ركعة فأكثر كما مر سابقاً.

وكذلك لا يصح أن تقف خلفها على المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة خلف الصف منفرداً، وهذا واضح وبين، وعلى الراجح أنها لو صلت عن يسارها جاهلة أو ناسية أو معذورة لعذر فالصلاة صحيحة كما رجحنا ذلك وهو رواية عن أحمد وهو مذهب مالك ، فـمالك يجوزها مطلقاً، و ابن تيمية يجوزها للحاجة, والجمهور يمنعون.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2629 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2587 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2546 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2543 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2522 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2451 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2386 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2373 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2357 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] 2354 استماع